تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (3) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (3) 

تقرير لمحاضرة الشيخ الحبيب بعنوان: (كيف زُيِّفَ الإسلام؟) (3)

أعوذ بالله السميع  العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين , ثم اللعن الدائم على أعدائهم اجمعين الى قيام الدين..
عظم الله أجورنا و أجوركم باستشهاد سيدنا ومولانا باقر علم النبيين الإمام محمد بن علي  صلوات الله وسلامه عليهما وجعلنا الله تعالى ممن يثأثر له مع ولده المهدي المنتظر عجل الله  تعالى فرجه الشريف و أرواحنا فداه ..

في المحاضرة السابقة كنا بصدد التوطيد والتمهيد لإثبات حقيقة أنّ أبا بكر لعنة الله عليه هو رمز من رموز تحريف الإسلام , وبدأنا ذلك من خلال برهنتنا على أنه لم يدخل الإسلام إلا في مرحلة متأخرة من بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودللنا على أنّه لم يدخل الإسلام عن قناعة حقيقية وإيمان راسخ , وإنما دخل في الإسلام طمعاً لأنه قد بلغه عن اليهود والنصارى أنّ نبيا سوف يظهر هذا الزمان وسوف يتسلط على العرب ويصير اليه ملكهم. وقد بينّا انّ ابا بكر ليس كتابيا فهو لايؤمن لا بدين عيسى ولا بدين موسى ولا يؤمن بالانبياء والنبوة ولكنه يعتقد كغيره من المشركين بالكهانة فمن هذا الباب كان يسأل الاحبار والرهبان ويستفسر منهم ويُصدّق ما تخبر به كتبهم. فعقيدة المشركين في الانبياء أنّهم كهنة.

إذاً فأبو بكر دخل في الإسلام طمعا وكان يسعى للحصول على ولاية بلد في حكومة ذلك النبي الذي أخبرت به كتب اليهود والنصارى , وحينما لم يتم له ما اراد تآمر على قتل النبي  في محاولة ثانية عن طريق دس السم لرسول الله بواسطة ابنتيهما هو وصاحبه بإعياز منهما , بعد ان فشلت محاولته الاولى حينما اراد هو وجماعة ممن معه أن ينفروا برسول الله فيطرحوه من العقبة. اقدم على تلك الجريمة اللتي لم ولن تدانيها جريمة في الوجود شناعة وذلك بغرض الاستيلاء على الحكم من بعده صلى الله عليه وآله وسلم بإزاحة وصيه الشرعي وتنحيته عن الخلافة والحكم خلافا لوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد أقمنا الأدلة في المحاضرة السابقة من كتبنا ومن كتب المخالفين على كون ابي بكر قد دخل في الاسلام طمعا.
وفي هذه المحاضرة نحاول أن نجيب على السؤال الثالث الذي طرحناه في المحاضرة السابقة وهو التالي:
هل كان لأبي بكر دور في نصرة الإسلام والدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
وهل كانت له أفضال وأيادٍ بيضاء في مضمار  نصرة الاسلام, أم أنّ المخالفين هم من يشيعون ويروجون لذلك؟
هل صحيح ما يقولونه من أنّ أبا بكر كانت له افضال جمّة ومنن جزيلة على الإسلام وعلى النبي؟
هل صحيح ما يشيعونه عن منزلة ابي بكر في الجاهلية وما يصفونه به من انّه كان سيداً وجيهاً في مكة, وقد سخّر وجاهته وسيادته في سبيل الاسلام والدفاع عن نبي الاسلام؟
هل صحيح أنّه كان ثرياً جداً فبذل ماله في نصرة الاسلام, وكان يشتري العبيد المضطهدين ليدخلوا في الاسلام ويعتقهم لوجه الله؟
تلك جملة من التساؤولات اللتي سنجيب عليها..
 المخالفون حاولوا دائما  أنْ يصوروا شخصية أبي بكر على انها شخصية عظيمة جليلة القدر في مكة.
حتى أنهم يروون أنّ النبي عندما كان  يدعو الناس الى الإسلام فإن المشركين كانوا ينتظرون رجوع ذلك القرم ابن ابي قحافة اللذي كان في تجارة خارج مكة وليس لهم موئلٌ سواه فكانوا يتحرون رجوعه لينصفهم من ذلك النبي ويتوسط لهم عنده ليتخلى عن دعوته! وكأنه هو كبيرهم وصاحب الحل والعقد في قريش!
هنا نريد التحقق من مسألتين مهمتين والاجابة عليهما
الأمر الأول : هل كان أبو بكر صاحب مكانة عظيمة في مكة كما يزعمون ؟ أي هل كان رأسا من رؤوس قريش, أم ذنبا من أذنابها؟
الأمر الثاني : هل كان ثرياً حقاً كما يزعمون, أم أنّه كان لا يجد الكفاف؟
في حديثنا القادم سنجيب على السؤالين السابقين مستندين الى مصادرهم  ومصادرنا حسبما يقتضيه المقام.
نبدأ بالإجابة على السؤال الأول..
هل كان أبو بكر سيداً ذا مقام عظيم في مكة؟
الجواب :
 بل على العكس من ذلك تماما فقد كان ابو بكر كما تفصح وتصرح كتب التاريخ من أذل و أرذل بيت في مكة.
إنّ الأدلة التاريخية والشواهد والروايات كلها تشير إلى أنّ أبا بكر لم يكن ذا مكانة في مكة على الإطلاق , بل على العكس من ذلك جملة وتفصيلا , فقد كان أبو بكر في الواقع منتمياً إلى الطبقة الاجتماعية المتدنية وفق درجات السلم الاجتماعي المكي إن جاز التعبير , بل كان هو وقومه في موازين و مقاييس أهل مكة وساداتها و أشرافها من أرذل القبائل ومن أذل البيوت. كان أبو بكر من أذل و أحط البيوت ومن أرذل القبائل.
إنظروا إخوتي, كما نعلم فإنّ المجتمعات العربية كانت مقسمة الى طبقات.
الطبقة الأولى وهم علية القوم ثم الأدنى فالأدنى فالأدنى الى أن نصل الى اقل و أحط طبقة في المجتمع وهي اللتي تضم صغار القوم.
طبقة علية القوم في ذلك الزمان كان يمثلها بنو هاشم ومنهم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. أُمية ايضا كانت تنتمي للطبقة العليا
لكنْ أبو بكر من هو؟
من أي بيت؟ من أي عشيرة؟
المخالفون يذكرون في كتبهم أنّه حينما بُويع أبو بكر بالخلافة بعد حادثة السقيفة , ناداهم أبو سفيان قائلا:
( ما بال هذا الأمر في أقل قريشٍ قلة وأذلها ذلةً؟)
نعيد مجددا مقولة ابي سفيان وتأملوها جيدا.
(ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلةً)
ثم قال : (غلبكم على هذا الأمر أذلُ بيت في قريش)
تعليق : يقول ابو سفيان لعنه الله : ما بال هذا الحكم وهذه الرياسة في أقل قريش قله وأذلها ذلة؟. لقد غلبكم على هذا الامر يا معشر المسلمين من مهاجرين وأنصار أحط و أوضع بيت في قريش.
أبو سفيان ابن حرب ,بغض النظر عن كونه واحدا من أكبر أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله, و رجلا من ألد أعداء الإسلام ومن أكفر الناس, إلا أنّ شهادته في مثل هذا المورد والمقام لاشك أنها مقبولة, لماذا؟ لأنّ أبا سفيان يعتبر من سادة قريش , بصرف النظر عن فساد مُعتقده ودينه, ولكنه في الجنبة الاجتماعية كان يُعتبر من سادة مكة و أشرافها فهو بلا شك خبيرفي شأن الطبقات الاجتماعية المكية و يتمكن من التمييز بين الشريف والوضيع.
أبو سفيان الطبين في شأن قريش وأشرافها وطبقاتها الاجتماعية تأملوا مجددا بماذا نادى بعد أن بُويع لأبي بكر بالخلافة, و دققوا جيدا  مرة ة اخرى في ندائه..
قال أبو سفيان : (ما بال هذا الأمر ـ يعني الخلافة والحكم كما هو معروف في لغة قريش القديمة ـ في أقل قريش قلة وأذلها ذلة , غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش)
تعليق : قال أبو سفيان : (ما بال هذا الأمر ـ يعني الخلافة ـ في أقل قريش قلة وأذلها ذلة , غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش)
تعليق: كما ترون فقد تعجب أبو سفيان واستنكر قائلا : ما بال هذا الأمر وهو الخلافة والرياسة والحكم في أقل قريش قلة و أذلها ذلة؟!!
كيف انصرفت الخلافة إلى أذل بيت في قريش؟ ولاحظوا لم يقل إلى بيت ذليل من قريش! لا, بل قل أذل بيت في قريش ذلة. أي أذل بيت في قريش على الإطلاق.
أي لسان حال أبي سفيان وفق تعبيرنا الدارج (ما شفتوا غيرأطيح الناس وخمامها تولونه؟). باختصار فإنّ كلام أبي سفيان معناه وفق التعبير الدارج هو التالي:
(أبو بكر خمام من ساس خمة, و رخمة ولد رخوم)
لو كان أبو بكر كما يشيع المخالفون من عِلية القوم و ذا وجاهة وثراء وشرف ومكانة في مكة لما وجدنا أبا سفيان ينطق بمثل هذا الكلام المهين في حقه أو ينادي بمثل هذا النداء معترضا على تنصيبه حاكما وخليفة ومستنكراً ذلك. كلنا نعلم أنّ العرب في مثل هذه الأمور لا يجسرون على رمي الشريف الكريم العزيز بالضعة. اقرؤوا تاريخ العرب وسترون انهم مهما جرى وحدث بينهم من تناحر فإنك تجدهم إن كان خصمهم وجيها شريف الحسب والنسب من بيت عز ومجد وسؤدد لا يفترون عليه ويصفونه بالضعة.
إنّ جَزمَ أبي سفيان في كلامه عن أبي بكر بوصفه إياه بأنه من أذل بيت في قريش يدل على أنّ أبا بكر كان من حثالة القوم, ولم يكن له أي شأن أو جاه ومكانة في قريش. وإلا لما كان ابو سفيان يتجرأ على ذلك القول.
فإذاً احتقار أبي سفيان لابي بكر و وصفه إياه بأنه من أذل بيت في قريش كاشف عن كون أبي بكر كان رجلا حقيرا لا جاه ولا مكانة ولا حظ من شرف له في قريش.

ورد هذا في (مستدرك الحاكم الجزء الثالث الصفحة 78, مصنف عبد الرزاق الجزء الخامس الصفحة 451, تاريخ الطبري الجزء الثاني الصفحة 944) وغيرها من المصادر بالعشرات.
من هنا نكتشف أنّ بيت أبي بكر كان من أذل بيوت قريش ولم يكن من بيوت العز والشرف والوجاهة.
وإلا ما كان أبو سفيان ليصرّح بمثل هذا القول .
ابو سفيان كان عارفا بأحوال العرب و يميز بيوت الشرف والرفعة فيها, فهو كان ينتمي لعلية القوم آنذاك.
في نص آخر يرويه البلاذري في أنساب الأشراف صفحة 588 , يذكر فيه أنّ أبا سفيان لعنه الله جاء إلى علي صلوات الله عليه بعد مؤامرة السقيفة و وصول أبي بكر إلى الحكم بالحيلة والقهر والجبر وإكراه الناس على البيعة, وفي هذا تفصيل ليس هاهنا محله.
كما يروي البلاذري قال أبو سفيان "ياعلي بايعتم رجلاً من أذل قبيلة في قريش"
تعليق : قبيلة بني تيم هي قبيلة أبي بكر , وهنا يصرح أبو سفيان بأنّ هذه القبيلة أذل قبيلة في قريش على الإطلاق , ويصف بيت أبي بكر بن أبي قحافة بأنه أذل بيت في قريش . وكما سبق وبينا فإنّ شهادة أبي سفيان في هذا المورد مقبولة .
قد يقول قائل أنّ أبا سفيان في قلبه غِلٌ على الإسلام ويريدُ بذلك الإساءة إلى عُظمائه ولأنّ أبا بكر على رأي المخالفين هو رمز معظم فأبو سفيان يريد أن ينقص مقامه في أعين الناس.
نقول إنّ ذلك التعليل غير وادر إطلاقا وقد سبق و بينا أنّ العرب لا يقفزون على الحقيقة بهذا الشكل المفضوح , ولا يرمون الشريف بالضعة مهما بلغ عداؤهم له.
لا يمكن لأبي سفيان أن يصطدم بجدار الحقيقة بهذا الشكل وهذه الجرأة ويصم رجلا شريفا جليل القدر والمنزلة بمثل تلك النعوت الممعنة في التحقير والتوهين.
لو كان أبو بكر من الرجال الذين يُشار إليهم بالبنان في مكة ويُحسب لهم حساب ويُرعى لهم جناب و كان من قبيلة ذات سيادة وشرف لجعل الناس من أبي سفيان أضحوكة بينهم ولسخروا من كلامه. فإذاً لا يمكن أن يُعرّض أبو سفيان نفسه لموقف كهذا.
لاحظوا مثلا ما دوّنه التاريخ عن أبي سفيان حينما سُئل من قِبل هرقل عظيم الروم, وكان ذلك في إحدى رحلات أبي سفيان التجارية .
سأل هرقل أبا سفيان عن النبي الذي ادعى النبوة. ماذا تعرفون عنه و من أي قبيلة هو؟ أجابه أبو سفيان بكل صراحة وصدق وقال هو فينا ذو نسب. أي من قبيلة بني هاشم وهؤلاء من أشرافنا . وسأله ماهي صفاته؟ قال: نحن نسميه الصادق الأمين.
إذاً أبو سفيان لم يتمكن أن يبخس حق رسول الله صلى الله عليه وآله عند هرقل, رغم ما يحمله لرسول الله صلى الله عليه وآله من عداء وبغضاء ولكنه لم يملك إلا أن يُقر على مسمع من أصحابه الذيم كانوا معه في سفره و أمام عظيم الروم هرقل بأنّ رسول الله من الأشراف لاشك ولا ريب .لأنه لايتمكن من الكذب في مثل هذه الموارد فالأمر هو كالشمس في رابعة النهار. فكيف يقفز على الواقع و يصطدم بجداره و ينكر حقيقة واضحة واقعية لا يمكن التعتيم عليها أو نفيها؟
بكل صراحة قال لهرقل إنّ محمد بن عبد الله قومه هم سادات وأكابر قريش , والرجل كما يعرفه الجميع صادق أمين .
إذاً لم يتمكن أن يقفز على الحقيقة ولم يبخس رسول الله حقه في ذلك الموطن وأمام هرقل الكافر وعلى مسمع من رفاق أبي سفيان الكفرة. لذا يستحيل أن يبخس حق أبي بكر ويجانب الحقيقة على مسمع و مرأى من العرب الذين يعرف بعضهم بعضا جيدا.
عندما ينص أبو سفيان على أنّ أبا بكر هو من أذل القبائل في قريش وأرذلها, فهذا يجعلنا نطمئن ونركن إلى صدق وصحة ما ذكره. خصوصاً أننا لم نجد في التاريخ أنّ أبا بكر كان على عداء مع أبي سفيان. بل على العكس فقد وجدناهما على وئام إلى حد معقول جدا بعد السقيفة.
إنّ أبا سفيان لم يتحمل أنْ تؤول الرياسة إلى أبي بكر من واقع طبيعته الجاهلية.
لا شاك أنه من واقع أعرافهم الجاهلية كانت مسألة القبلية والمقام الاجتماعي أمرا ليس بالهين بالنسبة إليه. هو من بني أُمية التي تُعد من السادة في الجاهلية.
على أقل تقدير وفق أعرافهم في فترة الجاهلية لم يكن عبيدهم يتسلطون عليهم ولم يكن أراذلهم يترأسون عليهم. فليس يُلام أبو سفيان لعنه الله في تصريحه ذاك حول أبي بكر لعنه الله. الأمر بالنسبة لأبي سفيان ليس سهلا. فهو يحدث نفسه قائلا: تيم؟ !! قبيلة تيم تحكم وتتسلط على من؟ على بني أمية وهاشم وغيرهما من القبائل ذات الشرف والمكانة العالية في قريش؟!.
أي لسان حال أبي سفيان وفق تعبيرنا الدارج (متى صار و استوى ولد أبو قحافة؟! ما باقي إلا هالحثاله يتأمر علينا)
واقعا لو لاحظتم فهذا حال المخالفين إلى اليوم. منذ يوم السقيفة إلى اليوم لم يتأمر عليهم سوى الحثالة.
ألقوا نظرة على من يحكمون ما يسمى دول مجلس التعاون. هؤلاء هم من سَقط المتاع وحثالة الناس.
إذاً من هنا نتأكد بما لا يدع مجالا للشك أنّ أبا بكر لم يكن له حظ من وجاهة او مكانة أو شرف في قريش. و إلا لقال أبو سفيان أنّ أمر الخلافة قد ناله أحد ساداتنا وأشرافنا وأبدى لأبي بكر الخضوع على مرأى ومسمع من الناس واحتفى به وخطب بين الناس بمناسبة تنصيبه مادحا إياه ومثنيا عليه وذاكرا أمجاد قومه كما هي عادة العرب.
ولكنّ ما وقع هو العكس . لقد تصرف أبو سفيان بطبيعته الجاهلية المحضة وأبدى امتعاضه من تولي أبي بكر للرياسة وقال : (ما بال هذا الأمر في أذل قريش ذلة و أقلها قلة , غلبكم على هذا الأمر أذل بيت في قريش) .
لسان حاله وفق تعبيرنا الدارج ( شلون خليتوا هالخمه غلبوكم و شاخوا عليكم؟!)
إذاً كما تبين لنا فقبيلة أبي بكر بن أبي قحافة أذل قبيلة في قريش واسمها قبيلة تيم بن مُرّة.
اسمه: أبو بكر عبدالله بن أبي قحافة التيمي.
تيم هي قبيلة من أضعف قبائل قريش وأذلها..
أي لم يكن لها وزنٌ أو قدر بين القبائل..
بالطبع تعلمون أنّ أبا سفيان حالما استشهد النبي صلى الله عليه وآله راح يحاول التقرب من الإمام علي عليه السلام , حتى أنه قال له: مد يدك أبايعك.
كان يريد أن يبايع عليا لا عن حب وإخلاص وإنما لأنه سئم من كثرة معارضته للنبي الذي انتصر عليه و ازاحه عن الرئاسة في مكة.
فوجد في علي عليه السلام حبل الأمل الوحيد لاستعادة مكانته الاجتماعية والحصول على ولاية او رياسة في حكومة علي عليه السلام. أصلا لم يخطر ببال ابي سفيان انّ احدا غير علي سيصير اليه هذا الامر فهو وإن كان يبغض عليا الا انه لا يستطيع ان ينكر بينه وبين نفسه ما لعلي عليه السلام من خصائص وميزات لا يمتلكها احد غيره تؤهله للقيادة وتجعله الأجدر بها بصرف النظر عن كونه وصيا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كان ابو سفيان يتصور أنّ عليّ بدرٍ وحنين سيسير بعد رسول الله في خصومه بالسيف, فهو لا يتعامل مع علي على انّه امتداد لخط النبوة وأنّ تحركاته كلها بأمر من الله ورسوله وبخطة رسمها وحددها الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
تخيلوا على اي مستوى من الوضاعة الاجتماعية كان ابو بكر؟ لدرجة انّ رجلا  جشعا وصوليا تواقا للسلطة كابي سفيان لم يكن ليتنزل لابي بكر حتى من اجل السلطة.
فلما جاء أبو بكر ابدى أبو سفيان المعارضة لحكمه , بل رأى انّ الحكومة الجديدة  يمكن مقاومتها. ومن بعده جاء عمر ثم عثمان ابن عم أبي سفيان فقال ابو سفيان قولته الشهيرة: ( تلقفوها يا بني أميه تلقف الكرة).
وعلى  العموم ليس ذلك هو محل الشاهد في موضوعنا.
إنما  شاهدنا هو فيما قدمناه من شهادة لابي سفيان في حق ابي بكر ومنزلته الاجتماعية في قريش حيث بيّن ابو سفيان انّ ابا بكر لم يكن له اي وزن في قريش واي وجاهة او مكانة بين العرب , بل كان من أذل البيوت وأكثرها ضعة وانحطاطا.
روي في (أنساب الأشراف للبلاذري الصفحة 588)

وتأكيدا على ما قاله ابو سفيان من أنّ قبيلة تيم هي أذل قبيلة في قريش نورد قول الشاعر عُمير بن الأهلب الذي كان ممن شارك في حرب الجمل إلى جانب عائشة لعنها الله ضد أمير المؤمنين عليه السلام وبعد انتهاء المعركة أبدى الندم..
ورد في تاريخ الطبري عن عمير بن الأهلب الضبّي من بني ضبة الذي كان من جملة أنصار عائشة لعنها الله في معركة الجمل و له قصة في كتب التاريخ مضمونها أنه في معركة الجمل حينما جُرح وسقط أرضا وكان يجود بنفسه في لحظات الاحتضار قبل أن يذهب إلى جهنم وبئس المصير ندم على نصرته لعائشة, وحربه لأمير المؤمنين الخليفة الشرعي, وانسياقه وراء أكاذيب عائشة وخديعتها. وقد وردت قصته في مصادر منها ما رواه المدائني وهو نفس مضمون ما ورد في تاريخ الطبري.
ذكر المدائني أنه راى بالبصرة رجلا مصطلم الأُذن ـ أي أُذنه مقطوعة ـ فسأله عن قصته, فذكر أنه خرج يوم الجمل ينظر إلى القتلى , فنظر إلى رجل يخفض راسه ويرفعه ـ ذلك الرجل هو ابن الاهلب الضبي , فماذا كان يقول في آخر لحظات احتضاره تندما وتحسرا على نصرته لعائشة لعنها الله؟ ـ
يقول:
لقد أوردتنا حومة الموت أُمنا ـــــ فلم ننصرف إلا ونحن رواء.
لقد كان عن نصر ابن ضبة أُمه ـــــ وشيعتها مندوحة وغناء.
أطعنا بني تيم ابنَ مُرة شقوةً ـــــ وهل تيم إلا أعبدٌ و إماءُ ؟!
يقول الرجل , فقلت : سبحان اللّه أتقول هذا عند الموت ؟ قل : لا إله إلا اللّه .
تعليق : أي قال له انت تحتضر فحري بك أن تتشهد, فبماذا أجابه ابن الاهلب؟ لننظر..
فقال : يا ابن اللخناء
تعليق : اللخن قُبح ريح الفرج ويُطلق ايضا على المرأة التي لم تُختن
فقال : يا ابن اللخناء الـشهادة , فصرت إليه فلما قربت منه استدناني ـ اي طلب مني أن اقترب منه ـ ثم التقم أُذني فذهب بها ـ أي قضم أُذنه فقطعهاـ
يقول الرجل: فجعلت ألعنه و أدعو عليه
تعليق : أي هذا الرجل بعد أن قطع عمير ابن الأهلب أُذنه صار يلعنه ويدعو عليه. فماذا قال له عمير ابن الاهلب؟ فلننظر..
فـقال ابن الأهلب للرجل : إذا صرت إلى أُمك , فقالت : من فعل هذا بك ؟ فقل عمير بن الأهلب الضبي مخدوع المرأة التي أرادت ان تكون اميرة المؤمنين . وفي راوية الطبري قال له: إذا سالك الناس من فعل بك هذا ؟ فقل لهم مخدوع المرأة التي ارادت ان تكون أميرة للمؤمنين.
تعليق: قال عمير ابن الأهلب أنا قضمت أُذنك لتبقى هذه علامة و وسماً يجعلك تخبر كل من يصادفك بتلك الحقيقة.قال له إذا سألك الناس من فعل هذا بك فقل فعله ابن الاهلب مخدوع المرأة التي أرادت أن تكون اميرة المؤمنين ويعني بها عائشة لعنها الله.
فـي رواية الطبري : قال : ادنُ مني ولقنّي فإن في أذني وقرا فدنوت منه
تعليق : أي احتال على الرجل ليقضم أذنه فقال له اقترب مني لتلقنني الشهادة فإني لا أسمع جيدا فلما اقترب الرجل منه انقض عليه ابن الأهلب فقضم أُذنه وقطعها.
ولله در الفضل ابن العباس بن عبد المطلب إذا قال في أبيات وجهها ضد عائشة
آضت أمورُ الورى إلى امرأةٍ ** وليتها لم تكن إذاً آضت
مُبشّرٌ جــاءنا يُبشرُنا ** أميرةُ المؤمنين قد باضت
هبها تُصلي بنا إذا طَهُرت ** فمن يُصلي بنا إذا حاضت؟
تعليق: آضت أي رجعت وعادت وآلت أمور الناس إلى امرأة.
هذا كان كلام الفضل بن العباس , فعائشة بالفعل أرادت أن تكون أميرة المؤمنين والحاكمة المطلقة و لكن لم يتم لها ما أرادت .
موطن الشاهد هو أنّ هذا الرجل عمير بن الأهلب الضبي كان في حالة الاحتضار, والإنسان كما نعلم في حالة الاحتضار تنكشف أمامه الحقائق, فكان يرى أنّ مآله إلى جهنم لذلك ندم على نصرة عائشة والوقوف في وجه أمير صلوات الله عليه ولكن ولات حين مندم , فقال هذه الأبيات وهي مطلبنا في إثبات المكانة الاجتماعية الحقيقية لأبي بكر وتفنيد أكذوبة الوجاهة المزعومة له لأنه من قبيلة يعتبرها القرشيون قبيلة عبيد و إماء.
قال ابن الأهلب عند احتضاره للموت في اللحظات الأخيرة من حياته هذه الابيات :
لقد أوردتنا حومة الموت أُمنا ** فلم ننصرف إلا ونحن رُواءُ
تعليق : الحومة تكون أكثر موضع في حوض البحر ماءا وأعمق مكان فيه. فالرجل يقول أنّ عائشة قد أوردتهم أعمق وأغزر حياض الموت والهلكة فما انصرفوا من تلك الحياض إلا وقد ارتووا منها جميعا. وذلك كناية عن حتمية ورودهم على الموت.
أي قد أوردتهم أمهم حياض الموت والقتل في تلك المعركة حتى روتهم منه..
لقد كان عن نصرِ ابن ضبّةَ أُمّهُ ** وشيعتها مندوحةٌ وغِناءُ
تعليق: يقول ابن الأهلب متأسفا: لقد كنت في غنى عن توريط نفسي مع عائشة وأتباعها وكنت في سعة من ذلك الضيق الذي أوقعت نفسي فيه. فيقول ليت ابن ضبة لم ينصر أمه عائشة وشيعتها أي اتباعها, فقد كان في غنى عن ذلك كله.
إلى أن يقول وهنا موضع الشاهد..
أطعنا بني تيمَ ابنَ مُرّةَ شقوةً ** وهل تيمُ إلا أعبدٌ و إماءُ؟
تعليق: يقول لقد أطعنا بني تيم لأننا قوم تعساء الحظ أشقياء. شقاؤنا وحظنا العاثر قادانا إلى طاعة أمثال هؤلاء. وهل يفلح من يطيع جمعا من العبيد والإماء ويسلمهم زمام أمره؟
أي كما نقول في تعبيرنا الدارج (الشرهه على الي صدّق هالحثاله وطاوعهم)
فالشاهد أنّ ابن الأهلب الضبي يقول ما قيمة تيم؟ تيم ليسوا سوى جمع من العبيد و الإماء ( وهل تيم إلا أعبدٌ وإماءُ؟ )
 اي يقول عميرُ بن الاهلب في ذلك البيت أننا أطعنا عائشة وانضممنا الى معسكرها وتبعنا من لا حظ لهم من الشرف والنجابة فأوردنا اتباعنا لهم الهلكة والندامة. أطعنا عائشة اللتي خرجت من تيم أرذل بيوت قريش  وما قبيلة تيم إلا جمعٌ من العبيد والإماء لا حظ لهم من شرف أو رفعة او مكانة بين العرب..
تيم قبيلة عائشة غالبيتها عبيد وإماء بسبب كثرة الاستلحاق وتفشيه فيها فكانوا كلهم سودان لأنّهم يُلحقون العبيد الأحباش بهم أي يعطونَ العبيد نسبهم فيصيرون أفرادا من القبيلة , ويتناكحون معهم إلى أن غلبت عليهم السمات الوراثية الخَلقية والأخلاقية للعبيد. لهذا كانوا من أرذل القبائل في مكة, وتلك القبيلة وأمثالها يذكر التاريخ أنّ العشائر لم تكن تقبل بأنْ تساكنهم فيطردونهم إلى خارج مكة. القبائل الشريفة تنظر إليهم بشزر وتحتقرهم وتعاملهم بدونية. فيقولون لهم اسكنوا خارج مكة فنحن لا نساكن عبيدا وإماءا , وينفرون منهم كما تنفر بعض الشعوب المتحضرة من الغجر.
فإذاً هذه إشارة واضحة من عمير ابن الأهلب الذي كان نصيرا لعائشة فندم وصرح بحقيقة عائشة وأصلها الوضيع الذي تنتمي إليه, وحقارة قومها الذين تنتسب إليهم وهم عشيرة بني تيم. فيقول تلك المرأة الحبشية ابنة العبيد والإماء لا عجب أن يقودنا اتباعها إلى الخسران والهلكة فنحن نستحق ما حلّ بنا إذ جعلنا ابنة العبيد والإماء تلك حاكمة علينا وقائدة لنا.
هذا وارد في ( تاريخ الطبري الجزء الثالث صفحة 531)
يذكر التاريخ أنّ بني تيم قد كثُر فيهم الاستلحاق اي أنهم كانوا يشترون العبيد وبالأخص الأحباش منهم ثم يجعلونهم من أفراد القبيلة ويكسبونهم اسماءهم ويعتبرونهم بمثابة الابناء لهم. وهذا معنى الإستلحاق في النسب. فقبيلة بني تَيم كانت معروفة بكثرة المستلحقين فيها, و لقد كان من بين المستلحقين بقبيلة تيم ابو قحافة وعائلته اللتي ينتمي اليها أبو بكر بن ابي قحافة.
فلا نغفل عن أن قبيلة أبي بكر (تيْم) هي أصلا قبيلة شاع فيها الاستلحاق، أي اتخاذ العبيد الأحباش ثم استلحاقهم واعتبارهم أبناءً، ولذا قال الشاعر:
وإنَّك لوْ رأيتَ عبيدَ تَيْمٍ         وتَيْماً قلتَ: أَيُّهُمُ العبيدُ؟!
(ديوان جرير التميمي ص160).
 أبو بكر كان عبدا أسود اللون وكانت ابنته عائشة ايضا كذلك. لأنّ اصولهم غير عربية. السمرة الشديدة الضاربة الى السواد تسمي العرب صاحبها آدم و أدماء للانثى. وتسمي اللون المشرب بالسواد أُدمة.
ورد في معجم محيط المحيط
(الأُدْمةُ في الناس شُرْبةٌ من سَواد.)
وهذه الصفة واردة في وصف بلال بن رباح ولا احد يختلف على كونه حبشيا اسود اللون وقد وصف في التاريخ بأنه آدم شديد الادمة.
انتم تلاحظون مثلا أنّ بعض الزنوج الأفارقة اي من ينحدرون من اصل إفريقي يكون سوادهم ضاربا إلى الحُمرة.
نستطيع ان نقول بأنّ أبا بكر وأسرته كانوا هكذا , ولقد ورد  أنّ أبا بكر كان أسودا آدماً كما ورد في (عيون الأثر صفحة 494)
وأيضاً ابنته عائشة اكتسبت هذا اللون من أبيها
فقد جاء أنها ايضا أدماء
كما ورد في( لسان الميزان لابن حجر الجزء الثالث صفحة 421 ,البخاري الجزء الرابع الصفحة 104)
أيضا  الاسماء الحقيقية لابي بكر واخوته تؤكد حقيقة كونهم عبيدا.
أسماؤهم الحقيقية هي كالتالي:
 أبو بكر و اسمه: عتيق 
أخوا ابي بكر هما: مُعتَق وعُتَيق أو مُعيتق
وتلك الاسماء تشير الى العتق , اي انهم كانوا عبيدا وقد أُعتقوا..
اللطيف هو أنّ مايشيعه المخالفون عن سبب تسمية ابي بكر  بعتيق ليس ما بيناه, أي ليس لأنه كان عبداً مُسترقا فأُعتق
وإنما يدعون أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(من سرّه أنْ ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر)
 تعليق : معنى الحديث أنّ من يريد أن ينظر إلى شخص ليس من أهل النار فلينظر لأبي بكر فغلب عليه اسم عتيق!!
ولكنّ ذلك الأمر تكذبه عشرات الشواهد التاريخية ومنها راوية لابنته عائشة بنفسها ..
روى ابن حجر عن القاسم ابن محمد بن أبي بكر قال: ( سألت عائشة عن اسم أبي بكر , فقالت عبد الله , فقلت إنّ الناس يقولون عتيق , قالت إنّ أبا قحافة كان له ثلاثة أولاد فسمى واحدا عتيق والثاني مُعتق والثالث عُتيق)
هذا وارد في (الإصابة لابن حجر الجزء الرابع الصفحة 341)
تعليق :  فكيف يكون النبي سمّى أبا بكر وأيضا والد أبي بكر سماه؟
علما أنّ تسمية والده له كانت في فترة الجاهلية!
فمن أين اتيتم بقولكم أنّ النبي هو الذي سمّاه؟
إنّا وجدنا أن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يغيّر أسماء الناس للأحسن والأخْيَر لا العكس، والفرض أن اسم أبي بكر كان عبد الله وهو خير الأسماء لقوله صلى الله عليه وآله: ”إن خير الأسماء عبد الله“ (المعجم الكبير للطبراني ج7 ص118) وكثيرا ما كان يغيّر النبي أسماء بعض الناس إلى عبد الله، ولم يُعهد أنه غيّر اسم واحدٍ من الناس من عبد الله إلى غيره، فلماذا يغيّر اسم أبي بكر إلى عتيق ما دام اسمه بالأصل هو عبد الله وهو خير الأسماء؟!
وهنا تجدر بنا الاشارة الى نقطة مهمة..
إخوتي من هنا تعلمون لماذا كذبوا في صفات علي عليه السلام ورموه بالأدمة الشديدة! تماما على عكس ما يصفه به ابناؤه الاطهار. انّ المخالفين  دائما نهجهم  هو انّ كل عيب ومنقصة وجدوها في خلفائهم الاراذل يحاولون ان يرموا بها الائمة من آل رسول الله الاطهار الكرام.
من بين الادلة التي نقدمها على وضاعة قوم أبي بكر لعنه الله ما ورد في ديوان جرير التميمي في صفحة ,160 فماذا قال ؟
ويُقضى الأمرُ حينَ تغيبُ تيمٍ ** ولا يُستَأذَنونَ وهُم شهودُ
وإنّك لو رأيتَ عبيدَ تيمٍ ** و تيمٍ قُلتَ أيهُمُ العبيدُ؟
هذه أبيات من إحدى القصائد الجريرية لشاعر النقائض المعروف جرير التميمي. هنا يشير إلى حقيقة أنّ تيم لم يكن لها أي مقام أو منزلة اجتماعية على الإطلاق.
فلا يهم احدا من القبائل رأيهم ولا يدعونهم للتشاور معهم. فتقضي القبائل في الأمور دون الالتفات إلى غياب قبيلة تيم. و إن شهدت قبيلة تيم وحضرت تباحث القبائل في أمر من الأمور فلا أحد يستأذنهم في إنفاذ أمر من الأمور التي تتفق عليها القبائل ولا يُقيمون لهم وزنا على الاطلاق ولا يعتبرونهم شيئا. فلا قيمة لهم ولا لرأيهم ولا لحضورهم من عدمه.
وإنّك لو رأيت عبيد تَيمٍ ** وتَيمٍ قُلتَ أيهُمُ العبيدُ؟
تعليق : يقول جرير التميمي إنك إذا نظرت إلى عبيد تيم و أحرار تيم فإنك لا تفرق بينهم ولا تعرف السيد فيهم من العبد. فتجد السيد والحر من تيم كلاهما أسود اللون كالعبيد. وذلك كما بينا لأنّ تيم كثر عندهم الإستلحاق وتناكحوا مع العبيد كثيرا فغلبت عليهم صفات العبيد الخَلقية والأخلاقية.
فهذه الأبيات تشير إلى ما ذكرناه سابقا و تفصح عن كون قبيلة أبي بكر وهي (تيم) لم يكن لها شرف أو مكانة أو جاه بين القبائل في مكة, وأبو بكر كان من هذه القبيلة فمن أين له ذلك الشرف و تلك المكانة التي يدّعونها له؟! .
دليل  آخر  وجدناه في طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي الجزء الأول صفحة 59 , و الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن صفحة38.
ورد أنّ الحجناء بن جرير قال: قلت لأبي ماهجوتَ قوماً قط إلا فضحتهم إلا تيم.
تعليق : يقول لوالده يا أبتاه أنت شاعر ما هجوت قوماً قط إلا عرّيتهم وقد هجوت كل القبائل إلا قبيلة تيم لم تتعرض لها بالهجاء, لماذا ؟ هل لأنها قبيلة شريفة عظيمة لا يرقى إليها الخدش أم ماذا؟ فلنرَ بماذا أجابه والده..
فقال : يا بُني إنّي لم أجد بناءا فأهدمه, ولا حسباً فأضعه.
تعليق : أي إنّ تيم بلغت من الوضاعة درجة تغني عن مؤنة الهجاء. فالساقط لا يحتاج إلى تسقيط. يقول جرير إني ماوجدت شيئا عند تيم رفيعا منيفا لأضربه. لم أجد بناءا شامخا من المجد فأهدمه و لم أجد حسباً رفيعاً لأحط منه.
أي كما نقول في المثل الشعبي الدارج (الضرب في الميت حرام).
 هنا ايضا نذكر ما رواه الديلمي في إرشاد القلوب 381..
هي كلمة رواها عن قيس ابن سعد ابن عُبادة موجهة لأبي بكر في المسجد.
القصة مفصلة يرويها الديلمي في إرشاد القلوب مضمونها أنه لما جيئ بخالد ابن الوليد وقد لفّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه رقبة خالد ابن الوليد بحديدة , ولم يتمكن أحد من فك هذه الحديدة. طبعا علي عليه السلام صنع هذا بخالد ابن الوليد لأنه تطاول على أمير المؤمنين علي عليه السلام في قضية مفصلة حينما لقيه بعد أن حاول خالد ابن الوليد اغتيال علي عليه السلام بأمر من أبي بكر وذلك عندما كان علي عليه السلام ذات مرة يصلي ثم أحجم خالد عن ذلك بأمر أيضا من أبي بكر الذي خاف عواقب ذلك الفعل فتراجع في اللحظة الأخيرة. فبعد تلك الحادثة لقي علي عليه السلام خالدا فسأله: أكنت تفعل ذلك؟ فأجابه خالد بكل وقاحة بما مضمونه: كنت أقوم بذلك لو لم يتراجع أبو بكر , فأراد أمير المؤمنين عليه السلام أن يُعرّف خالدا حجمه فأمسكه و لف عنقه بتلك الحديدة. وهذا في حق المنافقين عدل فلا يبغض عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلا منافق بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ياعلي لا يبغضك إلا منافق او ابن زنا), وقد أمر القرآن بالغلظة على المنافقين (جاهد الكفار والمنافقين واغلُظ عليهم)
المهم بعد أن صارت الحديدة في عنق خالد ابن الوليد هرع لأبي بكر باكيا يريد حلا. حينها طلب أبو بكر أن يُحضروا له قيس ابن سعد ابن عبادة لأنّ قيسا كان معروفا بالقوة والبطولة.
حينما جاءوا بقيس ابن عبادة رفض فك تلك الحديدة عن عنق خالد فحصلت بينه وبين أبي بكر مشادة فخاطب قيس ابن سعد أبا بكر قائلا له:
أيتها النعجة العرجاء, والديك النافش, لا عزٌ صميم ولا حسبٌ كريم.
تعليق : قيس يقول لأبي بكر مهينا له محتقرا إياه, أيتها النعجة العرجاء والديك النافش ليس عندك عز صميم ورثته كابرا عن كابر, ولا حسب كريم فأنت من قوم أراذل.
لا بأس من الإطلاع على تفاصيل تلك الرواية والتعليق على بعض مقاطعها للفائدة.
عن جابر بن عبدالله الأنصاري و عبدالله بن عباس و اللفظ للإرشاد قالا :
كنا جلوسا عند أبي بكر في ولايته و قد أضحى النهار ، و إذا بخالد بن الوليد المخزومي قد وافى في جيش قام غباره و كثرت صواهل خيله ،و إذا بقطب رحى ملويّ في عنقه قد فُتل فتلا, فأقبل حتى نزل عن فرسه و دخل المسجد و وقف بإزاء أبي بكر ، فرمقه الناس بأعينهم و هالهم منظره ، ثم قال : إعدل يا ابن أبي قحافة حيث جعلك الناس في هذا الموضع الذي لست له بأهل ، و ما ارتفعت إلى هذا المكان إلا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء و إنما يطفو و يعلو حين لا حراك به, ما لك و سياسة الجيوش و تقويم العساكر ؟ و أنت بحيث أنت من لعين الحسب و منقوص النسب و ضعف القوى و قلة التحصيل لا تحمي ذمارا و لا تضرم نارا فلا جزى الله أخا ثقيف و ولد صهاك خيرا, إني رجعت منكفئا من الطائف إلى جدة في طلب المرتدين.
تعليق: هنا تجدون حتى خالد ابن الوليد بعد أن عنّف أبا بكر وقال له إنك تقلدت منصبا لست بأهل له, راح يعير أبا بكر بحقارة وضعة أصله قائلا له: ( وأنت بحيث أنت من لعين الحسب و منقوص النسب و ضعف القوى و قلة التحصيل لا تحمي ذمارا و لا تُضرم نارا)
أما قوله أنه ذهب في طلب المرتدين هو محض هراء فهؤلاء قوم لم يقروا لأبي بكر بالشرعية و رفضوا تسليمه الزكاة كتعبيرعن رفضهم له.
ثم يقول : (فرأيت ابن أبي طالب و معه رهط عتاة من اللذين شزرت أعينهم من حسدك و بدرت حنقا عليك و قرحت آماقهم لمكانك ، منهم ابن ياسر و المقداد و ابن جنادة و ابن العوام و غلامان أعرف أحدهما بوجهه و غلام أسمر لعله من ولد عقيل أخيه ، فتبين لي المنكر في وجوههم و الحسد من احمرار أعينهم ، و قد توشح علي بدرع رسول الله و لبس رداء السحاب و لقد أسرج له دابته العقاب و قد نزل على عين ماء اسمها روية فلما رآني اشمأز و بربر و أطرق موحشا يقبض على لحيته ، فبادرته بالسلام استكفاء شرّته و اتقاء وحشته و استغنمت سعة المناخ و سهولة المنزل ، فنزلت و من معي بحيث نزلوا إتقاء مراوغته ، فناداني ابن ياسر بقبيح لفظه و محض عداوته ، فقرعني هزوا بما قدمت به إليّ بسوء رأيك فالتفت إليّ الاصلع الرأس و قد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد أو كقعقعة الرعد فقال لي بغضب : أو كنت فاعلا يا أبا سليمان ؟
تعليق: طبعا ما وصف به خالد ابن الوليد أصحاب أمير االمؤمنين كلها افتراءات ذلك الخبيث, فعمار ابن ياسر والمقداد لا يرقى إلى إيمانهم الشك وليس مثلهم من يتطلع للرياسة.
في قوله: (الأصلع الرأس)
هذا يستحيل أن يكون بمعنى من كان أجرد الرأس من اشعر, كلا. فعلي نور من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كانت تلك صفة رسول الله صلى الله عليه وآله. علي نفس رسول الله بنص آية المباهلة في القرآن الكريم.
إنما هو لفظ محمول على الكناية. مثلا تقول العرب عن الداهية الدهياء والأمر الجلل (صلعاء).
ورد في لسان العرب..
وصِلاعُ الشمسِ: حرُّها، وقد صَلَعَتْ: تكبَّدَتْ وسَطَ السماء، وانْصَلَعَت وتصَلَّعَت: بدت في شدّة الحرّ (ليس دونها شيء يسترها).
علي عليه السلام كان هكذا, ينزل حاسر الرأس في الحروب وعند لقاء خصمه, ولا يغطي رأسه بشيء لشدة شجاعته وقوة بأسه.
وللعلم فإنّ هذا المعنى موجود ومُستخدم. مثلا في دولة الإمارات يقولون للرجل حاسر الرأس أي الذي لا يغطي رأسه ولا يضع شيئا على رأسه (أصلع) وإن كان له شعر.
مثلا يقولون (فلان يصلي أصلع) أي حاسر الرأس.
لم يصح من طرق أهل البيت أنه عليه السلام أصلع بمعنى سقوط شعر الرأس أبدا .
هناك روايات تقول أنه أنزع!. الأنزع يختلف عن الأصلع. ثم صفة الصلع هي صفة وراثية ولم يذكر لنا التاريخ أنّ احدا من آباء علي عليه السلام كان أصلعا
فإذاً المعنى محمول على المجاز كما في وصف أمير المؤمنين عليه السلام ب(الأنزع البطين).
من الجيد الإطلاع على هذه الإجابة وتجدونها على موقع القطرة..
صحيح أنه قد ورد في صفات وأوصاف مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه "أنزع بطين"، غير أن هذه الصفة لم تكن من قبيل الذم أوالعيب في صفاته (عليه السلام) الخَلقية؛ وإنما كانت تزكية ومديحا له (صلوات الله عليه)، تماما كلقب "أبي تراب" الذي هو عنوان فخره (عليه السلام)، غير أن رؤوس النواصب من بني أمية ومن سار مسارهم حرّفوا المعنى وصوّروه على أنه من قبيل الذم والحطّ من القدر!
والظاهر من التحقيق أن أصل إطلاق هذه الصفة "الأنزع البطين" إنما يعود إلى مولانا رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ورد في الخبر الذي رواه الصدوق وغيره من الأعلام أنه قال: "يا علي.. ان الله تعالى قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك، فابشر فإنك الأنزع البطين، منزوع من الشرك بطين من العلم". (عيون أخبار الرضا عليه السلام للصدوق ج1 ص52).
وعلى هذا يكون المعنى من الأنزع والبطين، غير المعنى الظاهر، وإنما هما كناية عن عمق الإيمان والوسعة في العلم.
ويؤيد ذلك ورود هاتين الصفتين في كثير من كلام الناس ونظم الشعراء عبر التاريخ؛ على أنهما تندرجان تحت عنوان المناقب والفضائل، ولو كانتا تندرجان تحت عنوان النقص – والعياذ بالله - لتغيّر الحال ولما وجدنا لها أثرا بهذا الاتجاه.
ففي مستدرك الوسائل روى الميرزا النوري قصة المعجزة الشهيرة لذلك الغلام الأسود الذي طبّق عليه الأمير (عليه السلام) حد السرقة فقطع يديه، ولما سأله ابن الكوا عمن فعل به ذلك أجاب: "قطع يميني الأنزع البطين، وباب اليقين، وحبل الله المتين، والشافع يوم الدين، المصلي إحدى وخمسين.. وذكر مناقب كثيرة، فلما فرغ الغلام من الثناء ومضى لسبيله، دخل عبد الله بن الكوا على الامام فقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): السلام على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى. فقال له : يا أبا الحسنين، قطعت يمين غلام أسود، وسمعته يثني عليك بكل جميل.."
فدقّق هنا أن الغلام استخدم وصف (الأنزع البطين) في مقام المدح والثناء، واعتبرها الراوي من باب المناقب، فيما اعتبرها ابن الكوا كذلك ثناءً جميلا. ولو لم تكن كذلك لما استُخدمت في هذا المقام.
وثمة معجزة أخرى نرى فيها النخل ناطقة بهذه الفضيلة والمنقبة! حيث روى الطبري الإمامي في نوادر المعجزات ما يأتي: "حدثنا الوزير محمد بن سعيد بن ثعلبة، يرفعه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كان لي ولد وقد اعتلّ علة صعبة، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدعو له، فقال: سل عليا فهو مني وأنا منه . فتداخلني قليل ريب، فجئته وهو يصلي. فلما فرغ من صلاته، سلمت عليه، فحدثته بما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي: نعم. ثم قام ودنا من نخلة كانت هناك فقا : أيتها النخلة! من أنا؟ فسمعت منها أنينا كأنين النساء الحوامل إذا أرادت أن تضع ما معها. ثم سمعتها تقول: يا أيها الأنزع البطين، أنت أمير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين. أنت الآية الكبرى، وأنت الحجة العظمى. وسكتت. فالتفت عليه السلام إليّ وقال: يا جابر قد زال الآن الشك من قلبك، وصفى ذهنك، اكتم ما سمعت ورأيت عن غير أهله.. إلى آخر الخبر".
ويكون المعنى المشرق أكثر وضوحا في كلام الشعراء.
قال محمد الاسكافي:
حبرٌ عليهم بالذي هو كائن وإليه في علم الرسالة يرجعُ
أصفاه أحمد من خفيِّ علومه فهو البطين من العلوم الأنزعُ
وقال أبو نؤاس:
وتيقنوا أن ليس ينفع في غد غير البطين الهاشمي الأنزعِ
(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب).
على أننا حتى لو سلّمنا جدلا بأن هاتين الصفتين إنما وردتا على وجه الحقيقة لا الكناية؛ فليس فيها عيب ولا منقصة لمولى الموحّدين (عليه السلام)، لأن الأنزع – كما في اللغة – هو الذي يكون شعره مبتدئا من نقطة تقترب إلى وسط الرأس، وليس هو الأصلع بالضرورة، بمعنى أن جبهته تظهر وكأنها ممتدة إلى أعلى الرأس. وقد كانت هذه الصفة محلّ تفاؤل العرب وتيّمنها، إذ يذكر ابن منظور في لسان العرب: "والعرب تحب النزع وتتيمن بالأنزع، وتذم الغمم وتتشاءم بالأغم، وتزعم أن الأغم القفا والجبين لا يكون إلا لئيما، ومنه قول هدبة بن خشرم:
ولا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا". (لسان العرب ج8 ص352).
والأغمّ أو الغمم هو من يكون على عكس الأنزع، أي الذي يمتد شعر رأسه إلى الجبين منبتا فيغطي عليه.
أما البطين، فهو صاحب البطن العريض، لا البطن المنتفخ كما يتوهّم الجهلة، فذاك هو المبطون ذو البطنة كمعاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليهما. والبطن العريض دلالة على قوة الجسم، وامتلائه، لا ترهّله. وأميرنا (أرواحنا فداه) كان رجل حرب وبطولة وشجاعة، فكان طبيعيا أن يكون أنزعَ بطينا، لأن تلك هي صفات الأبطال وأصحّاء الجسم عادةً.
أما عن كونه (عليه الصلاة والسلام) قصير القامة، فليس بثابت، بل هو منفي على لسانه (صلوات الله عليه). إذ ورد في خصال الصدوق: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لم يخلقني طويلا، ولم يخلقني قصيرا، ولكن خلقني معتدلا، أضرب القصير فأقدّه، وأضرب الطويل فأقطّه".
والقدّ، شقّ الرجل نصفين طولا. أما القطّ؛ فشقّ الرجل نصفين عرضا. وهنا ينفي الأمير (صلوات الله عليه) عن نفسه القصر، بل يصف جسده الشريف بالاعتدال، وكيف لا وقد خلقه الله تبارك الله وتعالى على أحسن المواصفات وأكملها.
وفي الآثار بضع روايات حول معنى البطين، والأنزع، ونحملها كلها على المعنى الأول المشار إليه.
أما النواصب ومن سار على دربهم القذر، فلا يتورّعون عن الإساءة لمقام ولي الله الأعظم (صلوات الله عليه) بتحميل كل كلمة وعبارة أكثر مما تحتمل، ولكن لا والله لا يسيئون إلا لأنفسهم، ولا يكشفون إلا عن سوءاتهم، وتبقى شمس أبي الحسن علي (صلوات الله عليه) مشرقة رغما عن أنوفهم. العاشر من شهر جمادى الأولى 1426 للهجرة الشريفة.
ثم يقول خالد : فقلت له : إي والله لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك ، فأغضبه قولي إذ صدقته و أخرجه إلى طبعه الذي أعرفه به عند الغضب فقال : يابن اللخناء أوَ مثلك يقدر على مثلي أن يجسر أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة .ويلك!! إني لست من قتلاك و لا من قتلى صاحبك و إني لأعرف بمنيتي منك بنفسك .
تعليق: عندما سأل أمير المؤمنين عليه السلام خالد ابن الوليد, أكنت تفعل ما أمرك أبو بكر وتقتلني؟ أجابه خالد لعنه الله : إي والله أفعل ولو بقي أبو بكر على رأيه ولم يتراجع عن أمره لي بقتلك لفعلت ذلك. فحينها غضب أمير المؤمنين من وقاحة خالد وتجاسره فصنع بخالد ما صنع وقال له أنا أعرف واعلم بمنيتي وعلى يد من تكون من معرفتك انت بنفسك. فقد أخبره رسول الله صلى الله عليه وآله باسم قاتله وساعة ويوم وكيفية استشهاده عليه السلام. وعلي عليه السلام هو إمام معصوم مطلع على الغيب بإذن الله تعالى.
يقول خالد : ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي و جعل يسوقني دعّا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي ، فعمد إلى القطب الغليظ فمد عنقي بكلتا يديه و أداره في عنقي ينفتل له كالعلك المسخن و أصحابي هؤلاء وقوف حولي ما أعنوا عني بسطوته ولا كفوا عني شرته ، فلا جزاهم الله عني خيرا فإنهم لما نظروا إليه كأنهم نظروا إلى ملك موتهم , فوالذي رفع السماء بلا أعماد فقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من أشد العرب فما قدروا على فكه ، فدلني عجز الناس عن فتحه أنه سحر منه أو قوة ملك قد ركبت فيه ففكه الآن عني إن كنت فاكّه و خذ لي بحقي إن كنت آخذه و إلا لحقت بدار عزّي و مستقر مكرمتي ،قد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار .
إلى أن تقول الرواية ..
ثم قال أبو بكر لمن حضر : ادعوا لي قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فليس لفك هذا القطب غيره . (و كان قيس رجلا طويلا طوله ثمانية عشر شبرا في عرض خمسة أشبار ، و كان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين )
فقال له: يا قيس إنك من شدة البدن بحيث أنت, ففك هذا القطب من عنق أخيك خالد.
فقال قيس : و لم لا يفكه خالد؟
قال : لا يقدر عليه
قال قيس :فما لا يقدر عليه أبو سليمان وهو نجم عسكركم و سيفكم على أعدائك

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp