تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (10) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (10) 

تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (10)

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا , ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى أحزان ومصائب أهل البيت عليهم السلام في شهر صفر, نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الطالبين بثأرهم مع ولدهم المهدي أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.
كثيرة هي التأكيدات النبوية التي صدرت من حضرة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم في شأن ولاية خليفته الشرعي الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما. ونلاحظ في التاريخ أنّ هذه التأكيدات كانت تتكرر مرارا وتتوالى وتتكثث بالأخص في المراحل الأخيرة من حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. حينما قرُب ارتحاله عن هذه الدنيا أخذ يكررتلك التأكيدات بشكل يسترعي الانتباه ويلفت الأنظار ويوقظ الأذهان.
السبب كما نعلم هو حرصه على أن لا تنحرف هذه الأمة وتضل من بعده وذلك من خلال أن يكون آخر عهده بها تأكيده على ولاية وإمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام خليفته الشرعي وإمامة أهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
حديثنا لا زال مستمر في هذه السلسلة التي نهدف من خلالها أن نبين كيف زيف لاسلام.
في هذه الحلقة سوف ننتقل بالبحث إلى مرحلة جديدة نستهلها بهذه الرواية..
عن عبد الله بن مسعود قال:كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة وفد الجن فلما انصرف تنفس
ـ أي تنفس بطريقة يُظهر بها همه وغمه.
فقلت ـ أي ابن مسعود ـ : ما شأنك يا رسول الله؟ فقال: نعيت إليّ نفسي يا ابن مسعود ـ أي اقترب أجلي ـ
قلت: إستخلف ـ أي اجعل وعين خليفة لك ـ
قال : من؟
قلتُ: أبو بكر
قال:فسكت
ثم مضى ساعة ثم تنفس, فقلت:ما شأنك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟
قال: نُعيت إليّ نفسي يا ابن مسعود
قلت : إستخلِف, قال:من؟
قلت:عمر
فسكت
ثم مضى ساعة ثم تنفس فقلت :ما شأنك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟
قال: نُعيت إليّ نفسي يا ابن مسعود
قلت: استخلف, قال:من؟
قلت : علي بن أبي طالب
قال: أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلنّ الجنة أجمعين أكتعين.
ـ أكتعين لفظ تأكيد ولا يُفرد لأنه تبع لأجمعين.
ورد في معجم الصحاح في اللغة ما نصه
(ولا يُقَدَّمُ كُتَعُ على جُمَعَ في التأكيد، ولا يُفْرَدُ لأنه إتباعٌ له.
ويقال إنَّه مأخوذ من قولهم: أتى عليه حَوْلٌ كَتيعٌ، أي تامٌّ)
(ورد ذلك الحديث  في تفسير ابن كثير الجزء 4 الصفحة 209 , مجمع الزوائد للهيثمي الجزء 5 الصفحة 23, معجم الطبراني الجزء 10 الصفحة 67, مصنف ابن عبد الرزاق الجزء 11 الصفحة 317)
ـ في الحديث السابق تقارير واضحة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثيرة للانتباه ومنها : سكوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر الاقتراحين الأولين من ابن مسعود وعدم رده بالإيجاب والقبول, وذلك دليل على عدم رضاه صلى الله عليه وآله وسلم بهاتين الشخصيتين, أي عدم قبوله باستخلاف أبي بكر وعمر لعنهما الله. وقد استمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذكر اسمهما في إبداء لوعته وهمه وحزنه لابن مسعود.
فإذاً ليس أبو بكر وعمر مستحقين لتولي الخلافة وليسا أهلا لها من بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
أيضا الإشارة الأخرى هي أنّ ابن مسعود قد فهم رفض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهاتين الشخصيتين ولذلك غير اقتراحه.
في بداية الأمر اقترح أبا بكر للخلافة ولكنه رأى أنّ رسول الله لم يقبل باقتراحه هذا ولم يرتضيه فاقترح عمر فرأى أنّ اقتراحه هذا أيضا لم يلقَ قبولا عند رسول الله صلى الله عليه وآله. حينها لم يجد أحدا يقترحه على رسول الله صلى الله عليه وآله سوى علي عليه السلام. ومن لها غير أبي الحسن؟

ما الذي نستفيده من النص السابق؟
نستفيد أنّ علياً عليه السلام جدير بالخلافة وإنْ رفض أصحاب المطامع والأهواء ذلك, وإنْ تخلى عنه من تخلّى أو خذله من خذله.
النبي يعلم أنّ قومه سوف يرفضون علياً عليه السلام ولكنه اختار ونصب عليا لأنّ الله تعالى قد اختاره وارتضاه وصيا وخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أيضاً هناك أمر مهم نلحظه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (نُعيت إليّ نفسي)
عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا الكلام فإنّه يوضح بأنه يتحدث عن خلافة الأمة فهو يؤكد على أنه لن يرحل عن هذه الأمة ويتركها من بعده بلا قائد, ويريد أن يقدم لهذه الأمة ضمانات سعادتها التي إن التزمت بها من بعده أفلحت.
 رسول الله في هذا النص يتحدث بلسان مفارق للحياة مودع لها. وهنا أراد أن يؤكد على حقوق أهل بيته الأطهار عليهم  الصلاة والسلام وقد فعل ذات الشيء في خطبة الغدير.
للأسف سعت زمرة المنافقين بقيادة أبي بكر وعمر لعنهما الله إلى لتعطيل هذا القرار النبوي الشريف والحؤول دون نفاذه.
إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ينقل عن أبي جعفر الإسكافي
هذا النص: (وكان عامة المهاجرين والأنصارلا يشكون بأنّ علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)
إذاً من غير المعقول أنّ أبا بكر وعمر يتمكنون من الحصول على الخلافة من غيرعمل انقلاب على الخليفة الشرعي.
عمر بن الخطاب الماكر يتظاهر بأنه هلع مصدوم بخبر موت رسول الله صلى الله عليه وآله ويمثل تلك المسرحية ويصر على أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يمت بل يهدد من يقول ذلك بالقتل
من غير المعقول أن تكون ردة الفعل تلك من عمر نابعة من فراغ.
رسول الله كان منذ حادثة الغدير وقبلها يقول نُعيت إلي نفسي ويكرر على مسامعهم أنّ الموت قريب منه فإذا بعمر بعد إذاعة نبأ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة يحاول التشكيك في صحة الخبر بل ينفيه ويتوعد من يذيعه بالقتل فهذا فضلا عن كونه كاشفا عن نفاقه حيث المؤمن حينما يخبره رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه قد اقترب أجله فإنه يذعن ويسلم بأنّ خبرا كهذا هو حق فلا يسارع الى إنكاره ونفيه فإنّ هذا التصرف ينبيء عن نية غير سليمة ومقصد وهدف يُعد ويُحضّر له. كان يحاول تأخير الناس عن الإسراع إلى علي عليه السلام ومبايعته ريثما يرتب للانقلاب على الخلافة الشرعية المتمثلة في علي عليه السلام. التاريخ يذكر أنّ صاحبه أبا بكر كان خارج المدينة حينما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله فكان يهدف من وراء إنكار خبر وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله صد الناس عن التوجه لمبايعة علي عليه السلام مباشرة بعد وفاة رسول الله ريثما يَقدِم أبو بكر لعنه الله إلى المدينة فيبرمها له.
طبعا ً النبي صلى الله عليه وآله يعلم أنّ أبا بكر وعائشة طامحون في الخلافة لذا عمل صلى الله عليه وآله بآخر حل يقطع الحجة والعذر به أمام زمرة النفاق فأمر بإنفاذ جيش أسامة إلى الروم وأمر أبا بكر وعمر وبقية المنافقين بالخروج معه عدا علي عليه السلام وذلك لتهيئة الأجواء لعلي عليه السلام لتولي الخلافة بعيدا عن أجواء المؤامرات التي يعتزم المنافقون إثارتها ولكن للاسف لم يتم لرسول الله صلى الله عليه وآله ما أراد وقد أدرك المنافقون هدف رسول الله صلى الله عليه وآله فتخلفوا عن جيش أسامة وعصوا الأمر النبوي.
هنا سوف نبين تسلسل الأحداث قبل موت النبي صلى الله عليه وآله في السنة العاشرة من الهجرة.
في مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل يومين من وفاته حيث توفي يوم الإثنين كان قد أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم وفي اليوم التالي أصدر أوامره بتعيين أسامة بن زيد قائدا ً للجيش وأمرهم بالخروج معه.
في يوم الأربعاء كان رسول الله صلى الله عليه وآله مصابا بالحمى والصداع , أي كان مرضا عادياً
فلماذا تدهورت حاله وانتكست  بعد يومين من مرضه صلى الله عليه وآله؟ لأنه قد جُرّع سمًا فتدهورت حاله صلى الله عليه وآله وفي هذه المؤامرة الدنيئة بحث مفصل نتناوله إن شاء الله فيما بعد.
في يوم الخميس سلّم  رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسامة بن زيد الراية وكان ممن أمرهم رسول الله  بالانضمام للجيش كما ذكر المخالفون في مصادرهم "أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص إلخ.."
وحسب قولهم لم يبقَ أحد ممن يسمونهم وجوه المهاجرين والانصار إلا انتدبه رسول الله في تلك الغزوة وعددوا من ذكرناهم عدا عليا عليهم السلام لم يذكروه فيمن عدوهم فهو الوحيد الذي لم يؤمر بالخروج في جيش أسامة.
في نفس ذلك اليوم وقعت رزية الخميس: بدأ القوم بالاعتراض على تأمير أسامة وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين.
معلوم انّ المعروف باعتراضه الدائم على رسول الله هو عمر وحزبه
من الدروس التي كان يهدف النبي إلى إيصالها من خلال تأمير زيد هو أنّ الاسلام لا يهتم بقضية العمر ولا يجعلها مقياسا للكفاءة.
أسامة بن زيد عمره لم يكن يتجاوز 17 عاما وفي بعض الروايات 19عاما.
عمر لعنه الله برر انقلابه على الخليفة الشرعي علي عليه السلام بقوله انهم استصغروا سنّ علي عليه السلام.
ليس مقياس القوم  " إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم ". ليست التقوى والكفاءة هما المعيار عندهم.
النبي الأعظم عندما أمّر أسامة بن زيد على الجيش كان يريد أنْ يعلمهم ذلك الدرس وأن يهيء الأمة لاستقبال خليفته الذي هو أصغر عمرا من منافقين تشرئب أعناقهم للخلافة لكنّ الله ورسوله قد اختاراه لهذا المنصب بعيدا عن معيار الأقدمية في العمر.
رسول الله  صلى الله عليه وآله علم أنّ في صفوف الجيش تحريضا على التمرد, فصعد المنبر وخطب خطبة بليغة رداً على المعترضين وشدد على ضرورة إنفاذ جيش أسامة لدرجة أنه لعن من يتخلف عنه. ومعلوم أنّ ما أورده الشهرستاني لا معارض له فيؤخذ به.
ورد ذلك في (الملل والنحل للشهرستاني الجزء 1 الصفحة 14)
 
رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما كان يردد " أنفذوا جيش أسامة" أي أنه عليه السلام كان حريصا على خروجهم من المدينة وهذا كاشف عن كونه صلى الله عليه وآله كان يخشى من وقوع أمر معين فأراد أن يبعدهم كإجراء احترازي لئلا يواجه علي عليه السلام تمردا وانقلابا على الشرعية من المنافقين فيقع تحريف الدين الاسلامي بوصولهم الى السلطة وتحكمهم بكل شؤون الدولة الاسلامية وتفصيل الدين على مقاس السلطة والمنتفعين منها وعلى رأسهم عائشة المنافقة لعنها الله.
هذا التسلسل الذي فصلناه لخط سير الأحداث سوف تجدونه في المصادر التالية:
(طبقات ابن سعد: ج2 ص 190’ تاريخ دمشق لابن عساكرج2ص54’ صحيح البخاري ’صحيح مسلم: ج7 ص131)
 
نعود للحديث عن قضية رزية الخميس لذا ننقل بعض النصوص لمتعلقة بها لنحصل على فكرة واضحة دقيقة عما وقع.
روى البخاري عن عبد الله بن العباس قال : (لما حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي البيت رجال).
ـ ضعوا خطا ً تحت كلمة وفي البيت رجال والتفتوا لهذه العبارة جيدا.
فقال النبي:(هلمو أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده, فقال بعضهم:إنّ رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله).
ـ ضعو خطا ً آخر تحت كلمة فقال بعضهم.
(فاختلف أهل البيت وأختصموا ـ أي من كانوا حضورا في البيت ـ
فمنهم من يقول قربو يكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده , ومنهم من يقول غير ذلك)
ـ ضعوا خطا  أيضاً تحت عبارة "ومنهم من يقول غير ذلك"
(فلما أكثروا اللغو والاختلاف, قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم):قوموا ـ أي طردهم ـ
يقول بن عباس: إنّ الرزية ما حال بين رسول الله وأن يكتب ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.
(البخاري الجزء 5 الصفحة 137)
ـ كما ترون قد وقع تمرد وعصيان وقح لأوامر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
من ذا يفوّت فرصة الحصول على كتاب لا تضل بعده الأمة أبدا؟
المؤمن الحق فورا ً يقول سمعا ًوطاعة.
هذا الكتاب الذي يكون صمام أمان لهذه الأمة من الحروب والانقسامات والضلال, من ذا يضيعه؟.
فكيف قابلوا الرسول؟وبأي لسان خاطبوه؟
 ( قد غلب عليه الوجع ,حسبنا كتاب الله)
تمردوا على النبي وأكثروا اللغو واشتدوا في الاختلاف إلى أن طردهم.
هنا تساؤل يطرح نفسه, وهو من صاحب هذه المقولة ؟
(قد غلب عليه الوجع, حسبنا كتاب الله)
في النص الذي رواه البخاري لم يذكر لنا من هو صاحب المقولة ولكن ذات النص رواه مسلم وفيه يتضح من هو ذلك الشخص.
البخاري رجل مدلس كما سيتبين لنا.
روى مسلم عن عبد الله بن العباس قال: (لما حضر رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" وفي البيت رجال ً فيهم عمر بن الخطاب)
ـ كما ترون البخاري يمر على اسم عمر ويسكت ولا يذكر اسمه.
الرواية:فقال النبي: (هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ,فقال عمر:إنّ رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن, حسبنا كتاب الله, فاختلف أهل البيت فأختصموا, فمنهم من يقول:قربوا لكي يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثرو اللغو والاختلاف عند رسول الله ,قال رسول الله قوموا فكان ابن عباس يقول إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم)
ـ فإذاً كما يروي مسلم  "فقال عمر" ولم يقل مسلم "قال بعضهم" كما نقل البخاري الكذاب المدلس المحرف.
(صحيح مسلم الجزء 5 الصفحة 76)
توجد عبارة مُغيّرة ومستبدلة باللفظ الحقيقي وهم يخالون انها مُخففة رغم انها تؤدي بالنتيجة ذات معنى العبارة التي اراد مسلم تبديلها.
العبارة هي: قد غلب عليه الوجع. واما العبارة الحقيقية التي اراد مسلم التعمية عليها قد رواها مسلم والبخاري في موطن آخر. تلك العبارة التي هي على حد الكفر بالله حيث يُتهم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهجر أي الخَرَف والهذيان والعياذ بالله.
من يلقي على رسول الله تلك الكلمة هو كافر مرتد مستحق للقتل.
هنا في رواية أخرى يحذفون اسم عمر ويذكرون العبارة الحقيقية التي وصف بها ذلك المنافق الكافر رسول الله صلى الله عليه وآله.
روى البخاري ومسلم عن بن عباس قال : يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء
ـ من شدة بكاء بن عباس فقد عُبرعن ذلك بأنّ دموعه أغرقت الحصى حتى كأنه أنبت.
فقال : (إشتد برسول الله وجعه يوم الخميس فقال : ائتوني بكتاب وداواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا, فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع , فقالو:هجر رسول الله
ـ لاحظوا , لا يقوولون قال : عمر!
قال: (دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه)
(البخاري الجزء 4 الصفحة 31’مسلم الجزء 5 الصفحة 76)
 
ـ هنا عرفنا انّ (غلب عليه الوجع) عبارة مُحرّفة أرادوا بها تخفيف تلك العبارة كما يتوهمون.
مما لاشك فيه أنه حينما جاء هذا في صحاحهم ارتعب مشايخ ورجال العامة
لذلك حاول علماؤهم التصرف لإنقاذ الوضع فقاموا بتحويلها بعبقريتهم المعهودة الى استفهام فزادوا الطين بلة وثبتوا التهمة من حيث أرادوا نفيها كما سيتبين لكم.
أي أنّ عمر كان يستفهم, أهجر رسول الله؟
لا شك هذا لم يغير شيئا فهو على حد الكفربالله لأنّ مجرد الشك في صحة ما يخرج من فم رسول الله صلى الله عليه وآله هو ضرب من ضروب الكفر.
إليكم بعض تفسيراتهم وشروحاتهم لموقف عمر لعنه الله.
قال بن الأثير في شرحه : أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض وهذا أحسن ما يقال فيه ولا يجعل إخبارا ً فيكون من الفحش والهذيان والقائل عمر ولا يُضنّ به ذلك
(النهاية لابن الأثير الجزء 5 الصفحة 246)
 نموذج آخر :
قال الخطابي: (ولا يجوز أن يُحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله او ظنّ به غير ذلك مما لا يليق بحاله, لكنه لمّا رأى ما بلغ عليه من الوجع وقُرب الوفاة مع ما غشيه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عديمة له فيه فيجد المنافقون لذلك سبيلا ً للكلام في الدين).
(العسقلاني في فتح الباري الجزء 1 صفحة 279)
ـ هنا من كلام الخطابي نفهم أنّ عمر لعنه الله أفهم من رسول الله صلى الله عليه وآله عند القوم لأن رسول الله أراد أن يكتب كتابا ً لكي لا تضل الأمة, فماذا فعل عمر؟
 خاف ان يكون ذلك القول مما يقول به المريض وهو يهذي ولا يدرك ما يقول؟!
 وامحمداااه عزيز على قلب المسلم الحقيقي أن يُجترأ على قول ذلك في حقك يا سيد الأكوان.
فعمر لعنه الله كان أفهم من رسول الله وفق قولهم وأحرص على الدين من رسول الله!
القضية واضحة وهي أنّ الرجل عصى وكفر.
أي إنسان عاقل مسلم لا يتهم رسول الله بل يتهم عمر.
انت هنا تتهم رسول الله من أجل أن تُريء عمر!
تقول أنّ رسول الله أراد أن يكتب كتابا لكي لا تضل بعده الأمة
بينما عمر يقول أنا أفهم وأعلم من رسول الله بمصلحة الأمة وكتابة هذ الكتاب سوف تتسبب في فرقة الأمة!
هل عقل عمر أفهم وأوعى من رسول الله الذي ينطق عن الوحي؟
إنظرو إلى وقاحة وقلة حياء هذا الخبيث ثم العجب من سذاجة وبساطة عوامهم فكيف يتبعون علماء على هذه الشاكلة؟
أما لعبة الأسناد التي يمارسها جهال وحمقى المخالفين في عصرنا فلا قيمة لها بعد اعتراف كُبرائهم بأنّ من تلفظ بتلك الكلمة هو إمامهم عمر لعنه الله بعد أن راحوا يبررون له بتبريرات سخيفة دنيئة.
ممن اعترف بكون عمر قد نطق بلفظة الهجر كبير كهنتهم ابن تيمية بل ثبّت نفاق إمامه عمر من حيث أراد أن ينفيه فقال انه قال تلك العبارة مستفهما!
المؤمن لايشك لحظة واحدة بأنّ رسول الله وحي يُوحى معصوم عن كل زلل وخطأ ونقص.
الأمر الآخر غاب عن بال ذلك الحرّاني أنّ الاستفهام في اللغة أحد أغراضه التهكم والسخرية المقترنان بالاستنكار .
كما في قوله تعالى عن لسان قوم شعيب عليه السلام:
(قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
(87) سورة هود
فما الذي يجبرنا على الأخذ بفهم بن تيمية الأعوج؟!
قارنوا بين قول القائل:
"ما له أهجر"؟
وقول القائل : "ما له أجُن"؟
هل ترون فرقا بينهما؟
فأراد تكحيل العين العوراء لفضيحة إمامه المأبون عمر فأعماها.
هذا يكفي في الرد على تهريجاتهم
تجدون تصريح بن تيمية بكون عمر تلفظ بتلك اللفظة الفاحشة في (منهاج السنة الجزء 6 صفحة 24)
نأتي على ذكر تفاصيل أخرى يذكرها عمر على لسانه
روى الطبراني عن عمر بن الخطاب أنه قال: (لما مرض النبي قال: ادعوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي أبدا فكرهنا ذلك أشد الكراهة)
ـ عمر لعنه الله كره ذلك الكتاب, لماذا يا عمر ؟
 نحن الرافضة نعرف الجواب..
لأنّ رسول الله سوف يكتب أنّ عليا ً خليفتي عليكم ويوثق بنص مكتوب البيعة التي أخذها عليهم في غدير خم.
ثم مرة أخرى النبي يناشدهم ويؤكد الكلام.
فلو كانت الأمة اجتمعت على علي عليه السلام لما اتفرقت.
لواجتمعو عليه لدخلوا الجنة أجمعين أكتعين كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله.
ولكن انظروا ما الذي صنعه عمر بالأمة وأي جريمة ارتكبها في حق الأمة.
معارك وحروب وطوائف ومذاهب وانقسامات.
أراد رسول الله أن يوثق لذلك العهد بكتاب لأنّ الكتاب طريق لتثبيت الوصية بتوثيقها في كتاب وهذه نقطة سنعرج عليها لاحقا.
لاشك أنّ الوصية تكون نافذة شفهياً ولكنّ كتابتها تكون بقصد التوثيق.

لقد أوصى رسول الله وأفضى بوصاياه كلها لخليفته الشرعي علي عليه السلام. أما ما أراد أن يكتبه رسول الله صلى الله عليه واله في رزية الخميس فمنعوه كان كتابا أراد به توثيق النص على خلافة أمير المؤمنين وهذا يبين خطر وعِظم ذلك الامر حيث لم يكتفِ رسول الله بتبليغهم شفهيا في يوم غدير خم  بل طوال حياته الشريفة ومنذ بداية بعثته صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث الدار وإنما أراد أيضا التأكيد على ذلك بكتابة الوصية بالخلافة لأمير المؤمنين نصا بكتاب موثق قبل رحيله صلى الله عليه وآله وسلم. وإلا فرسول الله أبلغهم قبل ذلك وأوصى لعلي عليه السلام مرارا وأخذ منهم البيعة يوم غدير خم فقد بلّغ وصيته تلك ولكنّه أراد قبل استشهاده صلى الله عليه وآله توثيقها وكان ذلك اختبارا وابتلاءا لهم فكان أول من اختار أن يكون ذلك الشقي الذي يخالف رسول الله هو عمر بن صهاك لعنه.
انك ان اردت توثيق قضية معينة والتأكيد عليها تقوم بتوثيقها في كتاب.
أي ذلك الكتاب كان وثيقة أراد فيها أن ينص على خلافة علي عليه السلام ليعصم الأمة من الضلال ففطن عمر اللعين لذلك الأمر ومنع ذلك الكتاب. لذا لأنه خالف ومنع ذلك الكتاب بالفعل أمكنهم التنصل فيما بعد وإنكار الغدير والالتفاف عليه. فضلّت وانحرفت الأمة وبقيت ثلة قليلة لزمت وصية رسول الله وبيعة غدير خم وثبتت على العهد وشايعت عليا عليه السلام وأما غالبية الامة قد تبعت السقيفة وانحرفت عن الجادة.

ثم قال(رسول الله): (ادعوني بصحيفة لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا)
فقالت النسوة من وراء الستر :ألا يسمعون ما قال رسول الله؟
فقلت(أي عمر):إنكن صويحبات يوسف إذا غضب رسول عصرتن أعينكم واذا صحّ ركبتن عنقه.
ـ لاحظوا حتى تعابيره خسيسة وقحة.
قال(النبي): (دعوهن فإنهن خير منكم)
ـ هنا إشارة نلتف لها نظرأهل العامة الذين يدّعون أنّ أبا بكر وعمر خيرالخلق من بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فهنا بنص رسول الله النسوة خير منهم.
(المعجم الاوسط الجزء 6 الصفحة 262,مجمع الزوائد الجزء 9 الصفحة 34)
ـ بسبب شدة وقاحة عمر و ما تسبب به من كثرة اللغط والاختلاف فقد وقع التنازع والاختلاف فامتنع رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتابة الوصية.
روى أحمد بن حنبل عن جابر بن عبد الله أنّ النبي دعى بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلون بعده فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها.
(مسند أحمد الجزء 3 الصفحة 346)
 
ولكن لماذا رفض النبي صلى الله عليه وآله الكتابة فيما بعد؟
روى بن سعد عن بن عباس قال: إشتكى النبي يوم الخميس, فبكى بن عباس: فقال يوم الخميس وما يوم الخميس؟
اشتد النبي صلى الله عليه وآله وجعه فقال إئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدا.
قال: فقال بعض من كان عنده
ـ ايضا ً الراوي هنا يحوّر ويرواغ بغية تخفيف وتهوين العبارات والتمويه عن شخصية القائل وهو عمر لعنه الله كما تبين لكم.
فقال بعض من كان عنده: إنّ نبي الله ليهجر.
 قال : فقيل له :ألا نأتيك بما طلبت ؟
قال: أوَبعد ماذا؟
(طبقات بن سعد الجزء الاول الصفحة 517, معجم الطبراني الجزء 11 الصفحة 352)
الخلاصة:
سبب عدم قيام الرسول بكتابة الكتاب بعد رفضهم له وتجاسرهم عليه صلى الله عليه وآله واتهامه بالهجر هو التالي ..
إذا قام الرسول صلى الله عليه وآله بكتابة الكتاب هنا سوف يفتح عمر لعنه الله باب الطعن في جميع أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولن يبقَ على الاسلام حتى هذه الطائفة العريضة المخدوعة التي وصلها هذا القليل من الإسلام على مافيه من علات. فبقاؤهم على دين يحمل عنوان الإسلام على مافيه من علات خير من انقلابهم وخروجهم جميعا من عنوان الإسلام زرافات لأنّ الله تعالى قيض أئمة هدى من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل لهم شيعة على قلتهم سيحاولون عبر العصور استنقاذ هؤلاء الأكثرية وإعادتهم الى الجادة وكما ترون بالفعل هذا ما حصل فاليوم الشيعة يتكاثرون ويزداد عديدهم في مقابل الطائفة الأخرى بعد أن لم يكونوا في باديء الأمر سوى ثلاثة (سلمان والمقدادا وأبي ذر) عليهم السلام.
رفض رسول الله صلى الله عليه وآله كتابة ذلك الكتاب بعد أن اتهمه عمر لعنه لله بالهجر لأنّ عمر حين يقود انقلابه على الوصي الشرعي سوف يطعن في تلك الوثيقة بقوله أنّ هذا الكتاب من الهجر والهذيان وهذا سيثبّته التاريخ ويكون بابا للطعن في نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله والتشكيك في كل ماجاء عنه صلى الله عليه وآله.
 أراد النبي صلى الله عليه وآله حفظ هذا الدين واستبقاء من دخلوا فيه تحت عنوان الإسلام لئلا يندثر.
هنا نشير إلى نقطتين..
النقطة الأولى: على المخالفين أن يتقبلوا منا لعن عمر "لعنه الله" باتفاق جميع علماء العامة أنّ من يعصي أوامر رسول الله يجوز لعنه لأنه عصى أوامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
النقطة الثانية : هنا نلفت إلى أنّ عمر يقول حسبنا كتاب الله ورفض ما يأتي به الرسول وهو سنته المطهرة.
عندما استدلت الزهراء با الآية القرآنية الشريفة,هنا ترك (حسبنا كتاب الله) واستدل بالأحاديث التي وضعها على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله ليرد به صريح كتاب الله تعالى.
هنا عندما اقتضت ذلك مصلحته لم يعد من مكان لحسبنا كتاب الله!
هذا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp