أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني, الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلهم وأعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين أمين
في الحلقه الماضيه
بيّنا مسبقا في سلسلة الليالي الكاظمية المرات التي اعتقل فيها امامنا الكاظم صلوات الله عليه وتعرض فيهن للسجن من قبل السلطة العباسية الغاشمة, وبينا ان المرة الاولى كانت حين استدعاه طاغية بني العباس الملقب عندهم بالمهدي, استدعاه عليه السلام من المدينة الى بغداد وحبسه هناك ثم اطلقه بعد ما رأى مناما ظهر فيه مولانا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه, ثم هلك المهدي العباسي وجاء بعده الهادي العباسي, وكان على وشك ان يعتقل الامام صلوات الله عليه إلا ان الامام دعى عليه فهلك قبل ان يوقع شرا بالامام, والمرة الثانية التي وقع فيها امامنا عليه السلام في السجن فعليا كان حين تولى هارون العباسي لعنة الله عليه مقاليد الحكم, فأمر وزيره الفضل بن الربيع بأن يأتي بالامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما ويحبسه في بغداد او على الاقل يجعله تحت الاقامة الجبرية, وبالفعل حصل هذا...
وذات ليلة اشتط هارون العباسي غضبا وسل سيفه ودعى وزيرة الفضل بن الربيع لان يأتي له بالجلادين ووسائل التعذيب وقال له اذهب وادعوا لي موسى بن جعفرصلوات الله وسلامه عليهما, فذهب الفضل بن الربيع ودخل على الامام عليه السلام, والامام جاء معه الى هارون ولكن الامور انقلبت فتفاجأ الفضل بن الربيع ان هارون ما كان غاضبا كالسابق وانما تحولت حالته وتبدلت وبدأ يعامل الامام موسى بن جعفر عليهما السلام بكل لطف لدرجة انه خلع عليه بمعنى انه منحه بعضا من الاموال والهدايا النفيسة والامام عليه السلام قبلها حتى يزوج بها عزابا من العلويين ,وبينا ان هذه المال بالاصل تحت تصرفه لأنّه هو الخليفة الشرعي ,وتقول الرواية التي نقلناها عن عيون اخبار الرضا عليه السلام عن طريق شيخنا الصدوق رضوان الله تعالى عليه ان الامام عليه السلام تولى بعد ذلك اي خرج من عند هارون وهو يقول الحمدلله رب العالمين.
مالذي حصل وادى الى تغير مفاجأ في موقف هارون؟ مالذي منعه بأن يوقع شرا بالامام عليه الصلاة والسلام؟
هذه نشرح مع تتمة الرواية, تقول الرواية:" فقال الفضل اي قال الفضل بن الربيع يا امير المؤمنين يعني الهارون العباسي لعنه الله اردت ان تعاقبه فخلعت عليه واكرمته؟ فمالذي جرى؟ فقال لي يا فضل انك لما مضيت لتجيئني به رأيت اقواما قد احدقوا بداري بأيديهم حراب جمع الحربة... قد غرسوها في اصل الدار يقولون ان أذى بن رسول اللهصل الله عليه وآلهخسفنا به وان احسن اليه انصرفنا عنه وتركناهالله تبارك وتعالى هاهنا كشف حجابا عن بصر هارون فجعل يعاين الملائكة المكلفين بحراسة الامام المعصوم عليه السلام في هذا الموقف, وكان قدر الالهي هكذا مقدرا انه اذا مس هارون في هذا الموقف الامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما بسوء فإن الملائكة هؤلاء ينقضون على هارون ويقتلونه بحرابهم اما اذا اطلق سراحه فإنهم من جانبهم سينصرفونقال يا فضل إنك لما مضيت لتجئني به رأيت اقواما قد احدقوا بداري بأيدهم حراب قد غرسوها في اصل الدار يقولون إن آذى رسول الله خسفنا به وإن احسن اليه انصرفنا عنه وتركناه".
فإذا كانت كرامة للامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما وقف عليها هارون ولذا اطلق سراح الامام عليه السلام. بعد هذا الاعتقال والحبس الثاني ولعجيب ان امثال هؤلاء الطغاة لا يعتبرون, انك قد رأيت بنفسك ماذا حصل وكشف عنك حجاب وتقوى بصرك بحيث رأيت ان هذا ولي لله تبارك وتعالى وانه قد وكلت بحفظه الملائكة فلماذا تتجاوز عليه اكثر من مرة إلا أن تحبسه اكثر من مرة وفي المرة الاخيرة تسمّه وتقتله اي شقاء هذا؟
الامر واضح كل اعداء الانبياء هكذا كانوا يرون معجزات الانبياء ثم يكابرون ويزعمون إنّ هذا من السحر وما اشبه ويستمرون في غيهم وظلمهم للانبياء حتى يقتلونهم بعد ذلك كذالك الحال بالنسبة للأوصياء.
الفضل بن ربيع يقول بعدما قال لي الهارون العباسي لعنه الله هذا الشيء, تبعته عليه السلام فقلت له مالذي قلت حتى كفيت امر الرشيد؟
فقال عليه السلام دعاء جدي علي بن ابي طالب عليهما السلام, كان اذا دعى به ما برز الى عسكر الا هزمه ولا الى فارس الا قهره وهو دعاء كفاية البلاء, قلت وماهو هذا الدعاء؟
قال: "اللهم بك اساور وبك احاول وبك احاور وبك اصول وبك انتصر وبك اموت وبك احيا اسلمت نفسي اليك وفوضت امري اليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم اللهم انك خلقتني ورزقتني وسترتني وعن العباد بلطف ما خولتني اغنيتني وإذا هويت رددتني وإذا عثرت قومتني وإذا مرضت شفيتني وإذا دعوت اجبتني يا سيدي ارضى عني فقد ارضيتني".
كان هذا امير المؤمنين عليه السلام دعاء كفاية البلاء ودعاء الانتصار الذي ذكره امامنا موسى بن جعفر عليهما السلام وخلص من شر هارون وانا اوصي اخوة المؤمنين الذين يعيشون اليوم في اجواء الظلم والاضطهاء من قبل الحكومات الغاشمة كالاخوة المؤمنين الذين يقيمون في البحرين مثلا وفي المدينة المنورة وفي الساحل الشرقي اي ما يسمى بالمنطقة الشرقية للجزيرة المحمدية. هؤلاء انا انصحهم بهذا الدعاء الذي وضبت عليه وخصوصا بالكويت ورأيت منه الخير الخير, هذا يدفع عنكم البلاء ان شاء الله اقتدوا بامامكم موسى بن جعفر وامامكم امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وواظبوا على هذا الدعاء حتى ينصركم الله عز وجل على اعدائكم وينجيكم ويدفع عنكم كل بلاء وكل خطر.
هذه المرة الثانية التي وقع فيها امامنا عليه السلام في الحبس واطلقه هارون بعد ما رأى هذه الكرامة, او انكشف له هذا الواقع, كرامة للامام عليه السلام وليس لهارون.
وكما قلنا يغيب عن كثير من المؤمنين ومن المسلمين أنّ الامام الكاظم صلوات الله عليه لم يسجن مرة واحده كما هو شائع بل سجن واعتقل اكثر من مرة وكان ينقل ما بين السجون احيانا كان يتخلل ذلك اطلاق سراحه ثم يعتقل مرة اخرى واحيانا لا كان ينقل من سجن الى سجن.
ففي المرتين الاولتين وجدناه يطلق سراحه بعد كل مرة, المرهالاولى عند المهدي العباسي. والمرة الثانية عند الفضل بن الربيع الذي أاتمر بأمر الهارون العباسي لعنة الله عليه وتبقت اربع مرات فيكون المجموع بحسب تتبعنا أنّ الامام الكاظم عليه السلام ست مرات تعرض الى السجن وتنقل من سجن الى سجن, والمرة الثالثة كانت حين استدعى هارون, او أمر امراً أن يسلّم الامام الكاظم صلوات الله وسلامه عليه لعيسى بن حعفر بن المنصور الدوانيقيلعنة الله عليه, المنصور الدوانيقي طاغية بن العباس له ابن اسمه جعفر وهذا جعفر له ابن اسمه عيسى فيكون عيسى حفيد المنصور, وكان هذا عيسى حاكما على البصرة في زمان هارون العباسيلعنة الله عليه, امر هارون بأن يسلّم الامام الكاظم عليه السلام الى هذا الرجل وسجن هناك قرابة العام في البصرة تحت امرة وحكم هذا الرجل حيث أنّه ظهرت له آيات الامام الكاظم عليه السلامفخشي من الامر فارسل الى هارون, إما ان تنقله من عندي حتى لا اتحمّل وزر اعتقاله وسجنه وإما أن اطلق سراحه ولن ابقيه عندي اكثر من هذا لا اتحمل, فأمر هارون ان ينقل الامام من البصرة الى بغداد مرة اخرى, يحبس عند الفضل بن الربيع الذي حبسه في المرة الثانية, فحبس هناك ايضا فترة من الزمن ونفس الشيء تكرر الفضل بن الربيع اراد أن يتخلص من الامر وهذا كما بينا سابقا انه كله لاسشعارهم أنّ هذا ولي الله ,حيث دائرة السوء تقع عليهم إذا ما استمروا في ظلم هذا الولي والامام العظيم صلوات الله عليه فلذلك كان يحاولون أن يفروا ولا يتورّطو في هذه المسألة.
نُقل الى بغداد وسجن عند الفضل بن الربيع ثم الفضل الربيع اراد أن يتخلص من الامر فأمر الهارون أن ينقل الامام الى سجن اخر في بغداد يشرف عليه الفضل بن يحيى البرمكي, والبرامكه بشكل عام كانوا من المعاديين لاهل البيت عليهم الصلاة والسلام والمحرضين على شيعيتهم ممن كان في بلاط هارونلعنة الله عليه.
هذه المرة الخامسة سجن عند الفضل بن يحيى البرمكي وبعد ذلك حتى الفضل بن يحيى البرمكى مع انه كان معاد إلّا انه رقّ للإمام موسى بن جعفر عليهما السلام,وبدأ يتعامل معه تعاملا لا بأس به فغضب هارونلعنة الله عليه ايضا وامر بأن يُنقل الامام عليه السلام الى اطغاهم, اطغى قوّاده واعوانه وهو السند بن شاهك لعنة الله عليه وهنا دخل الامام عليه السلام مرحلة السجن السادس وفي ذلك السجن الذي استمر مدة طويلة في آخرها قتل الامام عليه السلام بأن سُقي سماً.
لماذا لم يتحمّل السجّانون بقاء امام الكون الكاظم صلوات الله وسلامه عليه في سجونهم؟
فإذا ست مرات اعتقل فيها الامام الكاظم صلوات الله عليه, ست سجون مر عليها, الذي يشرح لنا لماذا لم يتحمل الفضل بن الربيع والفضل بن يحيى البرمكي وقبلهم عيسى بن جعفر المنصور بقاء الامام عليه السلام في سجونهم, رواية رُوية في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي شيخ الطائفة رضوان الله تعالى عليه والرواية طويلة, ولكن نقتطع منها موضع الشاهد وفيها أن الرشيد اي هارون العباسي لعنة الله عليه أمر بأن يؤخذ الامام عليه الصلاة والسلام من المسجد اي المسجد النبوي الشريف وذلك بعدما حج هارونلعنة الله عليه في تلك السنة, تقول الرواية:" حج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي صلى الله عليه واله وقال وهنا دققوا قليلا يا رسول الله اني اعتذر اليك من شيء اريد أن افعله اريد أن احبس موسى بن جعفر فإنه يريد التشتيت بين امتك وسفك دمائها".
هارون لعنه الله توجّه الى الحج وبدأ بزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه واله في المدينة المنورة, وكيف خاطب النبيصل الله عليه وآله؟ إنّي أُريد أن اعتذر اليك من امر سأفعله سأحبس ابنك موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما بتهمة التشتت بين امتك وسفك دمائها, لا يمكن لعاقل يقرأ سيرة موسى بن جعفر عليهما السلام ويحتمل مجرد الاحتمال أن هذا رجل ارهابي, وانه يريد بالفعل سفك دماء الامة وتشتت امرها, لا يمكن للرجل الذي تبين الينا يحسن لمن يسيء اليه أن يكون ارهابيا ويريد ايقاع الفساد في الامة, لا عاقل أن يقبل هذا الكلام في حقه, كذلك لا عاقل يقبل إذا ما قرأ وعرف سيرة هارون العباسيلعنة الله عليه أنّه يؤمن بالله طرفة عين ويقيم لرسول الله صلى الله عليه واله احتراما حتى يأتي اليه ويعتذر منه ويقول اني اريد أن افعل كذا وكذا.
فإذا ما هو الداع الذي دفع هارون لأن ينطق بمثل هذا الكلام أمام ضريح رسول الله صلى الله عليه واله؟
الجواب واضح, مخادعة سياسية لأن هارون يعلم أن شعبيّة موسى بن جعفر عليهما السلام قد طغت في الامة وأنّ النفوس تلتهب إذا ما علمت أنّه قد سجن هذا الامام العظيم هذا الزاهد العابد الخاشع, التقي البر والوفي فإنه يريد أن يعطي تبريرا فيتظاهر ويتصنع يأتي امام قبر النبي صلى الله عليه واله وهكذا يتكلم حتى الاخرون يسمعونه ويعطونه تبريرا ويعذرونه, ولا يبعد أنّ هارون الكلب حين وقف امام النبيصل الله عليه وآله تباكى مثالا.
لم يكن غرضه الفعلي الاعتذار لرسول الله صلى الله عليه واله لأنه لا يقيم للرسولصل الله عليه وآله وزنا ولا احتراما وإنما حتى يسمع الاخرون والدليل على ذلك نقلنا الرواية عنه ومن سمعه؟ الناس الذين كانوا حوله, حيث سمعوه وقد جاء للحج وبدأ بقبر النبي صلى الله عليه واله واعتذاره للنبيصلى الله عليه وآله وبحجة أنّ الامام موسى بن جعفرصلوات الله وسلامه عليهما يريد تشتيت الامة وسفك دمائها, هكذا هم السياسيون المخادعون وهكذا هم الطغاة هذا منطقهم انه يحاول دائما أن يوجد لنفسه المبرر الذي يعذره أمام الناس فيتلاعب بالمشاعر وهذا منطق الطغاة, في مواجهة الحركات الاصلاحية بشكل سواء حركة الانبياء او الاوصياء او العلماء الاتقياء او من اشبه, وكأن هذا قاسم مشترك بين جميع الطغاة في مواجهة المصلحيناول تهمة توجه من قبل الطاغي ومن قبل السلطة لذلك المصلح هي هذه التهمة إنك تشتت الامة وتفرق الجماعة وتريد احداث زعزعة للنظام والاستقرار واستباب السلام والامن وتريد أن تسفك الدماء.
ثورة الامام كاظم الغيض صلوات الله وسلامه عليه
والآن يفترض أن لا تنخدع الشعوب الاسلاميه بمثل هذا الخطاب, هم يحاولون أن واجهوا ثورات المصلحين في مثل هذا, الامام عليه الصلاة والسلام لا شك انه كان يَعد لثورة, وذلك تبين لنا من خلال تتبعنا لسيرة الامام عليه السلام وليس بالضرورة أن تكون الثورة مسلّحة, انا لم اجد دقيقة تدل مثلا أنّ الامام كان يأمر اتباعه بتخزين السلاح مثلا, لا إنما كان يعد لثورة عقائدية فكرية كانت ستعيد الحق الى اصحابه, حقيقتا الامام عليه السلام عمل اعمال جبارة اسهمت في تمدد التشيع والمباديء الرافضية بشكل عجيب وغريب حتى إنه من يحمل هذه المباديء وصل الى عقر دار الحاكم والسلطان من يسمى الخليفة, تغللوا في الجهاز الحاكم, الشيعة تغللوا او بالاحرى المتشيعون ,ستعرفون أنّ جماعة من وزراء هارون العباسي كانوا متشيعون وكان في الظاهر وزراء لهارون وفي الباطن هم خدم وولائهم للامام المعصوم الخليفة الشرعي موسى بن جعفر عليهما السلام,لا شك أنّ الموضوع أثار قلق هاروناللعين وذلك واضحوخصوصا هذه المرة الاخيرة التي كان مصمما على قتل الامام عليه السلام بعد المحاولات التي باءت بالفشل أن لابد له أن يوجد ذريعة ما يتذرع بها امام العامة, لأن الإمام فرض احترامه على الجميع حتى الذين لا يعتقدون بإمامته كما نقلت لكم في المحاضرة السابقة, كبار اعلام اهل الخلاف والنواصب شهدوا للإمام عليه السلام, والفضل ما شهدت به الاعداء.
فاذا لاحظوا هذا المنطق هذا المنطق هو نفس المنطق يواجهه به المصلحون اليوم بالتمام سبحان الله.
حين يرفع اي شخص في اي مجتمع شعار الاصلاح العقائدي تجابهه السلطة وتجابهه اعوانها ويتهم بأنه يريد ان يفرق الكلمة والمجتمع, انظروا يقول يا رسول الله اني اعتذر اليك من شيء اريد أن افعله اريد أن احبس موسى بن جعفر, لماذا؟؟ لانه يريد التشتت بين امتك وسفك دمائها.
دعونا نمضي بالرواية حتى تتضح لنا الاحداث التي جرت بعد ذلك والتي تكشف لنا كيف أنّ هذه السجون التي تنقل فيها الامام الكاظم عليه السلام والعذاب الذي تحمله كان السجانون اي من كانوا يحكمون تلك السجون والولايات التي كانوا يحكمونها كانوا يتحاشون ابقاء الامام موسى الكاظم عليه السلام مسجونا تحت ايدهم خوفا من العقاب الالهي, يقول ثم امر به امر هارون بالامام موسى بن جعفر عليهما السلام, فؤخذ من المسجد وسنبين لكم كيفيه اخذ الامام من المسجد وكيف تحمل وكيف قطعوا عليه صلاته وكيف بكى, هو يريد ان يتفرغ لله تبارك وتعالى في مسجد جده صلى الله عليه واله ويأبى هؤلاء الطغاة الا ان يحبسوه, قال:"فؤُخذ من المسجد فأُدخل اليهاي ادخل موسى عليه السلام الى هارون العباسيفقيده".
جعل فيه القيود منذ ذلك اليوم قبل سنوات من استشهاده ولا كما يُتصور أنّ الامام عليه السلام كان بالسجن مقيدا, كلاليس فقط في السجن ,من قبل ذلك كانوا يتعمدون اهانة المعصوم عليه الصلاة والسلام تجاسر عليه بهذه النذالة "فقيّده واخرج من داره بغلان, عليهما قبتان مغطتان هو في احداهما"طيّب لماذا فعل هذا الفعل؟حتى يعمي على الناس ولا يعرفون اين ذهب الامامعليه السلامقال وهو في احداهما ووجه مع كل واحدة خيلا فأخذ بواحدة على طريق البصرة والاخرى على الطريق الكوفة ليعمي على الناس امره.وكان عليه السلام في التي مضت الى البصرة كان عليه السلام على البغل الذي كان متوجهه الى البصرة وأمر هارون لعنة الله عليه رسوله الى واليه أن يسلمه أن يسلّمه عيسى بن جعفر بن المنصور صاحب السجن الثالث من السجون التي مر بها الامام.قال وكان على البصرة حينئذ فمضى به وحبسه عنده سنة, لماذا لم يكمل؟
يقول ثم كتب الى الرشيد اي عيسى بن جعفر بن المنصور الى هارون الرشيد, بن عمه حفيد المنصور الدوانيقيلعنهم الله جميعاأن خذه منّي وسلّمه الى من شئت وإلّا خليته سبيله, يقول فقد اجتهدتبأن أجد عليه حجة فما اقدر على ذلك حتى انيلأتسمع عليهاي اتجسس عليه وارى ماذا يقول اتسمّع عليه إذا دعى لعله يدعوا علي وعليك فتكون هذه الجريمة وتهمة ثابته عليه, فما اسمعه يدعوا إلا لنفسه, يسأل الرحمة والمغفرة, فأنا لا اتحمل فهذا ولي صالح وانا لا اتحمل أن يبقى في سجني, فقال فوجهه من تسلمه منه هارون وجهة من تسلّم الامام عليه السلام من عيسى بن جعفر بن المنصور وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد, الذي كان سجانه الثاني فهنا وصل الامام الى السجن الرابع, فبقي عنده مودة طويلة
واراده الرشيد على شيء من امره فأبىالرشيد كان يحرض وزيره فضل بن الربيع على ان يقتل موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليها في سجنه فأبى الفضل بن الربيع وقال لا اتحمل, فكتب بتسليمه الى الفضل بن يحيى البرمكي هذا السجن الخامس, فتسلمه منه واراد ذلك منه اي ان يقتل الامام من جعفر بن الموسىعليهما السلام وايضا لم يستجب, وبلغه انه عنده في رفاهية وسعة وهو حينئذ بالرقة اي في منطقة الرقة".
نلاحظ هنا انه كلما سلّم هارون الامام عليه السلام لواحد من الطغاة واعوانه من السجانين كان هؤلاء مع مرور الوقت يميلون الى جانب الامام عليه السلام وذلك لتأثير الامام الذي يدخل القلوب حتى قلوب اعداءه ,وهنا فكّر بأن ينقل الامام الى سجان لا رحمة في قلبه ولا انسانية ولا ذرة دين, وهو السندي بن شائك لعنه الله, قال:" فأنفذ مسرور الخادم وهذا كان خادم يسمى مسرور وكان كبير وكان سياف وكان دموي وابن حرام ولا يعرف الرحمة فأنفذ مسرور الخادم الى بغداد على البريد وامره أن يدخل من فوره الى موسى بن جعفر صلوات الله عليهما فيعرف خبرهموسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهمافي هذه الحاله مسجون عند الفضل بن يحيى البرمكي وبلغه ان الفضل بدء يعامل الامام بسعة ورفاهية ولا يضيق عليه فلذلك ارسل خادمه مسرورا لاستشكاف الوضع ومعرفة الخبر فان كان الامر على ما بلغة اوصل كتابا الى العباس بن محمد وامره بامتثاله واوصل منه كتاب اخر الى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري ما يريد ثم دخل على موسى بن جعفر عليهما السلام فوجده على ما بلغ الرشيد, فمضى من فورة الى العباس بن محمد والسندي فاوصل الكتابين اليهما فلم يلبث الناس إن خرج الرسول يركض الى الفضل بن يحيى فركب معه وخرج مشدوها دهشا ,حتى دخل على العباس فدعى بسياط وعقابين فوجهه ذلك الى السندي وامر الى الفضل وجرد فضرب مئة سوط وخرج متغير اللون خلاف ما دخلهذا الفضل بن يحيى البرمكي امر الهارون أن يعاقبه لمعاملة اللطيفة للإمام فضربوه ضربا مبرحا الى أن يقول اذهبت نخوته وجعل يسلّم على الناس يمينا وشمالا, صار ابله ومجنون, وكتب مسرور بالخبر الى الرشيد فامر بتسليم موسى بن جعفرصلوات الله وسلامه عليهما الى السندي بن شاهك اللعين وجلس مجلسا حافلا..." الى اخر الرواية.
كيف كان حال الامام الكاظم صلوات الله وسلامه عليه في الاعتقال الاخير؟
وهنا في سجن السندي بن شاهك لعنه الله سُقي الامام عليه السلام السم, روايات تقول في تمر مسموم, وعنب مسموم, اين يكن ...
فالقدر أن الامام مضى مسموما صلوات الله وسلامه عليه, كيف تحمل الامام صلوات الله عليه هذا الاعتقال الاخير وكيف كان حاله, صورة تفصيليه اكثر من المسجد النبوي الشريف, يرويها شيخنا الصدوق في كتابه الشريف عيون اخبار الرضا عليه السلام عن علي بن محمد بن سلمان النوفلي قال:" سمعت ابي يقول لما قبض الرشيد على موسى بن جعفر عليهما السلام وهو عند رأس النبي صلى الله عليه واله الامام كان عند رأس النبي صلى الله عليه واله قائما يصلي فقطع عليه الصلاةلم يتركة يتم صلاته وحُمل وهو يبكي ويقول اليك اشكو يا رسول الله ما القى".
كم مرة يؤخذ الى السجون, كم مرة يضعون القيود في يديه ورجليه, كم مرة يؤلمونه ويبعدونه عن شيعته, قطعوا عليه الصلاة, لا يتحملون حتى هذا المقدار, انه الامام كان يصلي كم دقيقة باقية حتى يتم الامام عليه السلام صلاته؟ عشر دقائق؟ عشرون؟ ساعة؟.
مالضرر من الانتظار احتراما للامام او للرسول الله صلى الله عليه واله وهو ابنه, تخيل مشاعر النبي حفيده الطاهر موسى بن جعفرصلوات الله عليهم يُجر هكذا من عند رأسه ويقاد, ويقيد ويعتقل ويسجن وتقطع عليه الصلاة, حتى حرمة الصلاة لم يحترموها حتى حرمة المسجد النبوي الشريف لم يحترموها, يقول اليك اشكو يا رسول الله ما القى واقبل الناس من كل ناس يبكون ويضجون, كل الناس لما رأروا الجلاوزة اللعناة تقيدهم للامامصلوات الله وسلامه عليه واقتياده الى السجن فلما حمل بين يدي الرشيد جاؤوا بالامام عليه السلام الى الرشيد, شتمه وجفاه, هارون لعنه الله شتم الامام عليه الصلاة والسلام.
وهذا نفسه هارونالكلب لعنه الله الذي رأى كرامة الامام عليه الصلاة والسلام في السجن الثاني, وكيف أنّ جماعة جاؤوا وهجموا عليه من الملائكة وقالوا إن اطلقه لن نصبه بسوء واركزوا رماحهم وإن مس ابن رسول اللهصل الله عليه وآله بسوء هجمنا عليه ولكن بطبيعة الحال يحاول دائما الطاغي والمنافق والكافر والظالم أن يخدع نفسه, يوهم نفسه بأنّ ذلك من السحر ويتهمه بالساحر مثلما اتهموا جده رسول الله صلى الله عليه واله لا تقبل هذه النفس الخبيثة العاصية. إنّ هذا هو امر وآية على كرامة هذا الانسان على الله تبارك وتعالى وإن هذا ولي لله عز وجل لا يقبلون ,فلذلك يصر على إنّ هذا كان من السحر, فلمّا حمل الى بين يدي الرشيد شتمه وجفاه فلما جن عليه الليل امر ببيتين فهيا له فحمل موسى بن جعفر عليهما السلام الى احدهما في خفاء, ودفعه الى حسان السروي وامره ان يصير به فيلقبه الى البصرة فيسلمه الى عيسى بن جعفر بن ابي جعفر اي المنصور وهو اميرها ووجه قبة اخرى علانية نهارا الى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناس امر موسى بن جعفر عليهما السلام.
هذه الصورة المقرّبة, إذا الى هاهنا تبين لنا ان الامام عليه السلام تعرض الى اكثر من محنة اعتقال وسجن بلغ مجموعها حسب الاستقراء الاولي ست مرات, وكان اخرها هذه المرة التي قطعت فيها صلاته وحملوهم مكرها الى البصرة من مسجد رسول الله صلى الله عليه واله, هناك في السجون كم مرة حاولوا والروايات كثيرة بهذا الشأن, كم مرة حاول هارون لعنه الله ان يقتل الامام موسى بن جعفر عليهما السلام لكن المشكلة التي كان يعاني منها هارون, إن وزراءه والسجانون ماكانوا يقبلون ان يقدموا على هذا الفعل وكانوا يتراجعون في كل مرة, كان يحاول ان يوقع بالامام عليه السلام عن طريق النساء والجواري ما تم له ما اراد حاول بأكثر من طريق, ولكن ما حصل كان هؤلاء يتهيبون ويتحاشون الاقدام بخطوة كهذه عينا كما شهادة الحسين عليه السلام, نحن نعرف المقاتل, مقتل الحسين عليه السلام نقرأه ونعلّمه انه كلما تقدم احد لقتل الامامصلوات الله عليه والاجهاز عليه في المرحله الاخيره من عمره الشريف بعد ان غلبته الجراح كان يتراجع واحدهم يقول رأيت عيني رسول الله صلى الله عليه واله واحدهم يقول كذا... واخر يقول كذا...
الى ان جاء الشمر لعنة الله عليه واقدم على فعلته وجريمته النكراء, فمن هنا نعلم ان هذا السندي بن شاهك والجلاوزة الذين كانوا معه الذين اقدموا فعليا على قتل الامام الكاظمصلوات الله وسلامه عليه , إن هذا السندي هو شمر ذلك الزمان اي انه اشقاهم وانذلهم واكثرهم بطشا لا ضمير عنده ولا مروءة.
هارون يستعين بجماعه كافره ملحده لقتل الامام الكاظم صلوات الله عليه والنتيجه...
ذات مرة ولأن هارون تأذى كثيرا من عدم استجابة جلاوزته له لقتل الامام عليه السلام خوفا وتهيبا لم يجد بدا الا ان يستقدم جماعة كافرة وملحدة من الخارج لا تعرف ربا ولا تعرف نبيا حتى يأمرها بقتل الامام موسى بن جعفر عليهما السلام وينتهي من الامر, لأنهم لا يعرفون هذا من يكون فلن يتراجعون ولا يخافون من قتله, ولكن الذي تفاجأ به هارون ايضا ان هؤلاء ايضا ما اقدموا على قتل الامام عليه السلام, لأنه قد اخذتهم هيبة الامام عليه السلام فأسلموا وتشيعوا, هنا تظهر بركة الامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما.
الرواية ينقلها شيخنا العلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليه في بحاره وكذا ينقلها الطريحي في المنتخب :"أنّ الرشيد لعنه الله لما اراد أن يقتل الامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما عرض قتله على سائر جنده وفرسانه فلم يقبله احد منهم, فارسل الى عماله في بلاد الافرنج يقول لهم التمسوا الي قوما لا يعرفون الله ولا رسوله فاني اريد ان استعين بهم على امر, فارسلوا اليه قوما لا يعرفون من الاسلام ولا من لغة العرب شيئا, وكانوا خمسين رجلا فلما دخلوا اليه اكرمهممثلا افترش لهم مائدة طويلة وعريضة وجاء بمترجم لترجمة الكلاموسألهم ما ربكم وما نبيكم؟ قالوا لا نعرف ربا ولا نبيا, فأدخلهم البيت الذي فيه الامام عليه السلام ليقتلوه والمراد بالبيت هي الحجرة التي تكون على سطح الارض, ولا تكون بالطابق العلوي لان لو كانت بالطابق العلوي لكانت تسمى غرفة, هي زنزانة في الواقع وكانت تسمى بيتا بلحاظ المقابلة بينها وبين الغرفة, انها على الارض فادخلهم البيت الذي فيه الامام عليه السلام ليقتلوه والرشيد ينظر اليهم من روزنة البيت اي من شرفة البيت فلما رأوه فمجرد هؤلاء الملحدين الاجانب الذين لا يعرفون اللغة العربية رموا بأسلحتهم وارتعدت فرائصهم وخروا سجدا يبكون رحمة لهالله عز وجل جعل في قلوبهم الخشية والرحمة فأخذتهم هيبة الامام العصوم صلوات الله وسلامه له لان للامام المعصوم هيبة تخشع لها القلوب إلا ذلك الذي يكون والعياذ بالله لا خير في قلبه ابداهؤلاء على ما يتبين من ذيل الرواية كان في قلبهم شيء من الخير ولذلك كانوا جديرين الى ان يهتدوا, وكان جديرين بأن الله عز وجل يعصمهم من ارتكاب هذا الذنب العظيم قال فلما رأوه روموا اسلحتهم وارتعدت فرائصهم وخروا سجدا يبكون رحمة له فجعل الامام عليه السلام يمر يده على رؤوسهم حتى يخف عليهم هذا الفزع ويخاطبهم بلغتهم". لأن الامام المعصوم يعرف كل اللغات وهذا من الجهل انه ينسب الى الرسول صلى الله عليه واله انه لا يعرف القراءة والكتابة باللغة العربية, او كان اميا, هذا خطأ.
النبي الامي المراد به نسبة الى ام القرى والرسول صلى الله عليه واله كان يعرف القراءة والكتابة كما وردنا عن ائمة اهل البيت عليهم السلام بسبعين لغة والمراد هنا الاشارة الى الكثرة, النبي صلى الله عليه واله كان يعرف كل اللغاة حتى لغة الطير وما اشبه, وكذلك الائمة المعصومون عليهم السلام, وجعل الامام يمر يده على رؤوسهم ويخاطبهم بلغتهم وهم يبكون فلما رأى الرشيدلعنة الله عليه ذلك خشي الفتنة, فمنطقه كان انه جاء بهولاء لقتل موسى بن جعفرصلوات الله وسلامه عليهما ولكن موسى بن جعفرصلوات الله وسلامه عليهما سحرهم, وصاح بوزيره اخرجهم فخرجوا وهم يمشون القهقرى اجلالا له ولا يعطونه ظهورهم وركبوا خيولهم ومضوا الى بلادهم من غير استئذان وهذا كاشف عنه هدايتهم على نحو الترتيب الطبيعي او العادي للأحداث.
هذه الصورة نتوقف عندها وسنكمل ان شاء الله ونوضح السبب الذي حمل هارون العباسي على كل هذا يعني مالذي دفعه الى ان يعامل الامام بهذه القسوة ويسجنه كل هذه المرات ويدبر الحيل والمؤمرات لقتله صلوات الله وسلامه عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين آمين.