تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة الثالثة عشر (13) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة الثالثة عشر (13) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

 بسم الله الرحمن الرحيم

القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا وما أعلنو وفيما بلغ مني ومالم يبلغني الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين من الان الى قيام يوم الدين .. آمين

في الحلقة السابقة ..
غدا واضحا مما تقدم انه في المحاضرة السابقه أنّ استدلال غير ذوي الفطنه استدلالهم بقوله (تبارك و تعالى) :{ولا تسبو الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم}،  استدلالهم بهذه الاية الكريمه لإيقاف حملات التسطقيط والنيل من رموز الباطل ورموز العداء لأهل البيت (صلوات الله و سلامه عليهم) هذا الاستدلال منهم هو استدلال ينم عن جهل وقلت فهم وضعف في الفقه.

نيل الله سبحانه و تعالى من الرموز المقدسة للطوائف المنحرفة والضالة ..
لأن هؤلاء لم يلتفتوا إلى مافي هذه الآية من قيود آثاريه جائت بفاء التفريع فيسب الله، لم يلتفتوا الى تلك القيود الآثاريه ولم يلتفتوا الى ضرف نزول الآيه ولم يلتفتوا الى سيرة الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام)، تلك السيره التي توجب رفع اليد عن انزال هذه الآية منزلت الحكم ذو الاطلاق الاحوالي والازماني. لم يلتفتوا الى هذه الأمور ومهما يكن فليس هذه الآية إلا كسائر الأحكام الاوليه غير الآبيه عن التعطيل لعروض حكم ثانوي عليها، ونضيف هاهنا أنّ هؤلاء لم يلتفتوا حتى إلى سائر آيات الكتاب العزيز التي جاء في بعضها النيل من الذين يدعون من دون الله بأوضح عبارة لم يلتفتوا الى هذه الآية التي فيها نيل بعبارة واضحة من الذين يدعون من دون الله كقوله تعالى :{انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}، {لو كان هؤلاء آلهة ماوردوها وكل فيها خالدون}. هذه الآية فيها نيل صريح من الذين يدعون من دون الله، ولا يتوهمن أحد أن هذه الآية حين نزلت لم تؤذ مشاعر المشركين كلا ! لقد تأذوا كثيرا وهذا امر طبيعي بأنه حين يقال لأحد أن آلهتك التي هي أقدس مقدساتك هي في النار بل هي وقود النار حصب جهنم، حينما يقال لأحد هذا فإنه لا يتحمل هذا القول عادتا ويغتاض منه اشد الغيض، وهذا ماحصل بالضبط. بالضبط هذا ماحصل, المشركون حين نزول هذه الآية غضبوا غضبا شديدا الى حد أنهم استدعوا شاعرهم الهجّاء عبد الله ابن الزبعرا، استدعوا شاعرهم الهجاء هذا وتنادوا لعقد اجتماع للبحث في كيفية الرد على نزول هذه الآية التي نالت مما يعبدون من الذين يدعون من دون الله.

وللعلم هذا عبد الله ابن الزبعرا هذا هو صاحب الأبيات التي تمثل بها يزيد (لعنة الله) لما قتل الامام الحسين (صلوات الله و سلامه عليه) تلك الابيات التي مطلعها ليت اشياخي ببدر شهدوا الخ ..   على أية حال لما نزلت هذه الآية {انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم} غضب المشركون أشد الغضب من نزولها لماذا؟ لأنها تطعن في آلهتهم، وهذا ما أنبئنا به إمامنا الباقر (صلوات الله و سلامه عليه) عن شيخ الأقدمين علي ابن ابراهيم القمي (رضوان الله (تعالى) عليه) يروي في تفسيره عن امامنا الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام) قال :" لما نزلت هذه الآية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا ]أي غضبوا منها غضب شديدا[ فدخل عليهم عبد الله ابن الزبعرا وكفار قريش يخوضون في هذه الآية فقال ابن الزبعرا أمحمد تكلم بهذه الآية (صلى الله عليه و آله) قالوا نعم، قال ابن الزبعرا لإن اعترف بها لأخصمنه". الى آخر ماجاء في الحديث الشريف ..
قال (سبحانه و تعالى) :{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله} لكن ايضا قال (سبحانه و تعالى) :{انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم} ..

إذاً أهل مكه المشركون تألموا تأذوا من هذا النيل الذي جاء في كتاب الله (سبحانه و تعالى) مما يعبدون من الذين يدعون من دون الله إذاً اين هؤلاء الذين طالما تشدّقوا بقوله (سبحانه و تعالى) :{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله} أين هؤلاء عن قوله (سبحانه و تعالى) :{انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم}. كيف غفل هؤلاء عن أن اطلاقهم القولي بحرمة النيل من مقدسات الآخرين، هذا الاطلاق لا يستلزم فحسب تخطئت الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) بل يستلزم ايضا تخطئة الله (جل جلاله)، يستلزم القول بوقوع التضاد في تعاليم كتابه المنزل، لأن هذا الكتاب من جهة يدعوا عن الكف عن آلهة المشركين ومن جهة اخرى ينال من تلك الآلهه بكل صراحة. ماذا يقولون في مقام الجواب إن قالوا لا تضاد لأن قوله (سبحانه و تعالى) :{انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم} هذا القول ليس سباً حتى يكون ضدا لقوله {ولاتسبوا} بل هو مجرد تنبيه على أنّ هذه الآلهه الزائفه في النار. إن قالو هذا قلنا :كذلك نحن حين نقول ابوبكر وعمر وعائشه (لعنهم الله) في النار لانكون قد سببنا او شتمنا، بل هذا القول منا مجرد تنبيه على أن هؤلاء الاولياء الزائفه هم في النار. فإذاً ماهو الاشكال علينا بل الاشكال عليكم لأنكم انتم من أطلقتم تحريم مطلق النيل من مقدسات الآخرين، لأن ذلك يؤذي مشاعرهم. الاشكال يتوجه اليكم انتم لماذا ؟ لأنه لاريب  في قوله (سبحانه و تعالى) :{إنكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم}، هو نيل من النيل، نيل آذى مشاعر المشركين كما بيّن الامام الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام) لما نزلت هذه الاية وجدوا اهل منها وجدا شديدا يعني تأذت مشاعرهم لأن المسلمين في كتابهم المقدس يطعنون في آلهتهم ويفولون هي في النار انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم. فماذا يكون جواب هؤلاء من غير ذوي الفطنه ؟ من غير المتعلمين جيداً كم هو جميل أن يعرف المرء قدر نفسه حتى لاينتقي من الآيات والاحاديث ماشاء ثم يبني عليها اطلاقات وتعميمات ويزج بهذه الامه في متاهات ومتاهات .

ليتفقّهو هؤلاء في دينهم ..
لو أنّ هؤلاء تفقهوا لما قالو الذي قالوه، لأنه يوقعهم ويوقع الأمه في مآزق كثيره، وهذا الذي نحن فيه الآن هو من هذه المآزق ولاسبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالتفقه، التفقه هو الذي يحل الاشكالات والتعارضات، التفقه هو الذي يعطينا منهجا قويما لماذا لايتفقهون ؟ لماذا لايتفقهون ليعرفو أنّ النيل من مقدسات الآخرين ليس محرما على اطلاقه من قال هذا ؟ وإنما يحرّم هذا النيل إذا افضى الى نيل عكسي ابتدائي من الجاهل، حين ذلك يحرم. ثم وإن افضى الى ذلك ايضا فلا حرمه إن كان هنالك مصلحه اولى في نيلنا من مقدساته، وما نزول آية النيل هذه التي يقول الله (سبحانه و تعالى):{انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم} الى من ذاك القبيل،  فحتى نقرب الامر لكم ولجميع الاخوه في انه متى يحرم النيل من مقدسات الآخرين دعونا نضرب لكم مثالاً، وهو ماذكره احد اعلام العدو وهو الآلوسي في تفسيره روح المعادي ماذا يقول الالوسي ؟
يقول :" مما شاهدناه أنّ بعض جهلت العوام اكثر الرافضة سب الشيخين (لعنة الله عليهم) عند ذلك الجاهل من جهلت العوام، فغاضه ذلك جدا فسب عليا كرم الله وجهه فسأل عن ذلك فقال ما أردت إلا اغاضتهم ولم ارى شيئا يغيضهم فاستتيب عن ذلك الجهل العظيم". في مثل هذا المورد الفردي كف عن مقدسات الآخرين، حين ترى أن مقابلك جاهل يعدو بغير علم فيسب الله عدوا بغير علم إذا كان مقابلك جاهلا وكان يعدو بغير علم وكنت تعلم انك إن نلت من رمزه المقدس امامه فإنه سيخرج عن طوره ويهين رمزك المقدس. فتكون انت بذلك قد فوّضت امكانية هدايته وهتكت رمزك بلا فائده ولامصلحه شرعيه راجحه، حين ذلك كف عن رمزه، عن مقدساته هو في مثل هذا الموقف.
أما حين تؤول النوبه الى الحجاج مع العالم منهم مثلا لامع الجاهل أو حتى مع الجاهل الذي ترى فيه ضبط نفسه، أو كان لابد من أن تصعقه صعقه ايقاضيه تجعله يهتدي حين تؤول النوبه الى هذه المواقف، أو حين تلقي محاضره على الملأ أو حين تؤلف كتابا تريد بهذا الكتاب احقاق الحق وازهاق الباطل، أو حين تنضم قصيده ونحو ذلك ..  ففي هذه الفروض أنت حر في النيل من المقدسات المقدسه، لأنك إن لم تفعل لم تسقط وستبقى تلك المقدسات مزيفه وبقائها مقدسة، يعني انك لم تصنع شيئا سيبقى الباطل في صورة الحق كما هو الآن إذاً لابد من أن تنشر في هذا الفضاء الاجتماعي ثقافة معادية لرموز الباطل المقدسه، وهذا لايمكن أن يتم إلا بالكشف عن مخازي هؤلاء، بثلبهم، بالنيل منهم، بفضح عوراتهم بهذا يمكن اسقاطه هؤلاء عن الاعتبار، وبهذا يمكن تحصين المجتمع من الانخداع بالباطل ورموزه، وهذا هو ماحث عليه امامنا الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) لقد حثنا على أن  نجعل همتنا في النيل من النواصب وأفسح لنا المجال بكشف مخازيهم وتبييين عوراتهم ووعدنا على ذلك ثوابا عظيما.  قال (عليه افضل الصلاة و السلام) كما رواه الطبرسي صاحب الاحتجاج:" يقول (عليه افضل الصلاة و السلام) {من كان همه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين حمية لنا أهل البيت يكسرهم عنهم ويكشف عن مخازيهم ويبين عوراتهم ويفخم امر محمد وآله صلوات الله عليهم جعل الله همة املاك الجنان في بناء قصوره ودوره يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا املاكه قوة كل واحد تفضل عن حمل السموات والارضين فكم بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها الا رب العالمين}.  دققوا في قوله (عليه افضل الصلاة و السلام) :ويكشف عن مخازيهم ويبين عوراتهم مامعنى ذلك ؟معناه أنه (عليه افضل الصلاة و السلام) يمنحك ضوئا أخضر في أن تمضي في طريق النيل من الاعداء النواصب، اكشف مخازيهم بيّن عوراتهم. ولا شبهة في أنّ من أكبر الاعداء النواصب أبو بكر وعمر وعائشه ومعاويه وأضرابهم (لعنة الله عليهم) هؤلاء هم رؤوس النصب والضلاله هذا امر لاشبهة فيه عندنا.

الطعن في الرموز الضالة والمنحرفة كانت سمة الشيعة طول الزمان ..
هذه كانت سمة رجالات الرافضة على مدى التاريخ، علمائهم، محدثوهم، متكلموهم، شعرائهم كانو لايجدون فرصة إلا انتهزوها للنيل من أعداء محمد وآل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم)، مع انهم كانو يعيشون في مجتمع يقدس هؤلاء الاعداء ويعظمهم تعظيما جما. وحتى يطمئن الاخوه الى صدق مانقول نضرب لكم بعض الامثلة المنتقاة من تاريخنا المشرق هذا التاريخ الحافل بالمواقف المشهوده لعظمائنا الذين كانو ينالون من الرموز المقدسه الزائفه، ينالون منها رغم المعاناة التي كانو يعيشونها في تلك الضروف الخانقه. حينما كانة حكومات بني امية والعباس (لعنهم الله جميعا) تصيطر على البلاد والعباد حين كانت المجازر ترتكب بحق الشيعه المؤمنين مع هذا ضحى هؤلاء العظماء بأنفسهم في سبيل الجهر بالبرائه من أعداء الله ومانالوا بسبب ذلك إلا كل ثناء من الائمه الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم).

المثال الاول لسيّد الشعراء محمد ابن يزيد الحميري عليه السلام في طعن الرموز المقدسة الضالة المنحرفه ..
هذا مثالنا الأول رجل سمّاه امامنا الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) سيّد الشعراء كما رواه شيخنا الكشي (رضوان الله (تعالى) عليه)، أنه قال الامام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه)،  قال لهذا الرجل :{سمتك امك سيدا ووفقت في ذلك وأنت سيد الشعراء}.  من هو إنه اسماعيل ابن محمد ابن يزيد الحميري الملقب بالسيد مع انه ليس من بني هاشم انما لقب بالسيد لأنه ساد الشعراء.  كان هذا الرجل (عليه السلام) قد ولد لأبوين اباضيين ناصبيين، لكن الله (سبحانه و تعالى) وفّق هذا الرجل للإيمان والتشيع، وبدأ ينضم الاشعار في موالاة محمد وآل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) والبرائه من أعدائهم (عليهم اللعنه) وكان شعره من  أرقى الانواع إلا أنّ المخالفين هجروا شعره، بل وحاولوا اماتت شعره لماذا ؟

لأنه بكل صراحه كان يطعن بأبي بكر وعمر وعائشه (لعنهم الله) وما أشبه يقول ابو الفرج الاصفهاني في ترجمته للسيد الحميري يقول : " كان شاعرا متقدما مطبوعا]مطبوعا :اي انه مطبوع على الشعر كان ينضم الشعر على البديهه في قبال المصنوع الذي كان يجتهد لكي ينظم شعرا لا هذا كان الشعر عنده امرا سهلا[ يرتجل الشعر يقال إنّ اكثر الناس شعرا في الجاهليه والاسلام ثلاثه بشار وابو العتاهيه والسيد ]أي السيد الحميري[ فإنه لا يعلم أن احد قدر على تحصيل شعر احدهم اجمع وانما مات ذكره وهجر الناس شعره ]هنا يوضح السبب في هجران المخالفين لشعره ومحاولتهم اماتت شعره وابياته[لما كان يفرط فيه من سب اصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) وأزواجه في شعره ]كان يسب الاصحاب والازواج كما يقولون[ ويستعمل من قذفهم والطعن عليهم فتحومي شعره من هذا الجنس وغيره لذلك هجره الناس تخوفا وترقبا وله طراز من الشعر ومذهب قلما يلحق فيه أو يقاربه ]طراز رفيع من الشعر[ ولايعرف له من الشعر كثير ]للسبب الذي ذكر[ وليس يخلوا من مدح بني هاشم او ذم غيرهم ممن هو عنده ضد لهم ".
هكذا تجدون ابا الفرج الذي هو من اعلام المخالفين يصرح بأن السيد الحميري كان يفرط في شعره مما سماه سباً للصحابه وأزواج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ومعلوم أنه يقصد أن السيد الحميري يهجو ابابكر وعمر وعائشه (لعنهم الله) وبالفعل كان السيد ينان من هؤلاء اشد النيل وهاك نموذج من ذلك :
أترى صهاك وابنها وابن ابنها                    وأبا  قحافة   آكل    الذبان
كانوا يرون وفي الامورعجائب                  ياتي بهن تصرف الأزمان
أن الخلافه من دئابة  هاشم                        فيهم تصير وهيبة السلطان
وايضا يقول في هجاء ابي بكر وعمر (لعنهما الله):
اجاء نبي الحق من آل هاشم         لتملك تيم دونهم عقدة الامر
وتسرف عن قوم بهم تم امرها              ويملكها بالصفر منهم ابوبكر
افي حكم من هذا فنعرف حكمه            لقد صار عرف الدين نكرا الى نكر
*تيم القبيله التي ينتمي اليها ابي بكر (لعنة الله عليها)

الشيخ المفيد و السيّد الحميري عليه السلام ..
هكذا ينال السيد الحميري (عليه السلام) من ابي بكر وعمر (لعنهم الله) رغم انهما أعظم شخصيتين مقدستين عند اهل الخلاف، ينال من عمر (لعنة الله عليه) بذكر جدته الزانيه صهاك الحبشيه وينال من أبي بكر (لعنة الله عليه) بذكر ابيه ابي قحافه آكل الذبان، ثم يؤكد بعد هذا أن المعروف اضحى منكرا والمنكر اضحى معروفا، المعروف توالي آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) وقد صارت منكرا، والمنكر ولاية ابوبكر وعمر (لعنهما الله) وصارت معروفا. لعلك تتسائل من الذي روى هذه الابيات التي قالها الحميري؟  الجواب مفاجئه لهؤلاء الذين يقولون لم يكن من سيرة علمائنا النيل من رموز الاخرين يال جهلهم.  إنّ الذي روى هذه الابيات للسيد الحميري (عليه السلام) هو الشيخ المفيد (رضوان الله عليه رواه في كتابه الافصاح. ادرج هذه الابيات في كتابه مع علمه أنّ مشاعر اهل العامه لاتحتملها ومع أنه كان يعيش في اجواء محتقنه من الاتراب الطائفي في بغداد اقرؤو التاريخ لتعرفو كم كانت الاجواء صعبة آنذاك، مع ذلك كلّه يأتي الشيخ المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) ويدوّن في كتابه هذه الابيات التي ينال فيها من الرموز المقدسه للآخرين.  أفهل يجرأ هؤلاء الجهلاء على أن يرموا الشيخ المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) أنه خارج عن تعاليم مدرسة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) كما رمونا نحن. أفهل يقولون ذلك في الرجل الذي لقبه امامنا الحجه (عليه افضل الصلاة و السلام) بالمفيد، هذا اللقب جاء من الامام الحجه (صلوات الله و سلامه عليه). هل يمكن أن يقولو انه خارج عن تعاليم مدرسة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام)، هذا الرجل الذي حباه الامام الحجه (عليه افضل الصلاة و السلام) بثلاث رسائل كتبها بخط يده المقدّسه وأوصلها الى الشيخ المفيد. هذا الرجل الذي حين دفن كتب الامام الحجه (عليه افضل الصلاة و السلام) رقعه ووضعها على قبره معلنا أنّ فقده يمثل مصيبه على اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) :
لاصوّت الناعي بفقدك انه              يوم على آل الرسول عظيم  
ان كنت قد غيبت في جدث الثرى        فالعلم والتوحيد فيك مقيم  
والقائم المهدي يفرح كلما            تليت عليك من الدروس علوم  

هل يجرؤون أن يقولون في هذا الرجل مايقولونه فينا، لماذا لم يحترم الشيخ المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) مشاعر المخالفين؟ لماذا ذكر في كتابه الابيات الصريحه التي طعن بها السيد الحميري ابوبكر وعمر (لعنهما الله)؟ لماذا لم يعمل بقوله (سبحانه و تعالى):{ولاتسبوا الذين يدعون بغير الله فيسبون الله عدوى بغير علم}؟ لماذا لم يعمل بقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام):{كرهت لكم ان تكونو سبابين}؟ لماذا لم يعمل بالتقيه؟  لماذا استعمل الاسلوب الطائفي؟  لماذا استعمل الاسلوب الحاد؟  لماذا لم يحترم رموز الآخرين؟
اسئله لاجواب عنها إلا بالإعتراف أنّ ذلك كله كان من صلب تعاليم ائمتنا الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم)، هذا النيل من مقدسات الآخرين الزائفه التي يتشخص بها الباطل ويتشخص بها الضلال هي من صلب تعاليم ائمتنا الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم)، ولولا ذلك لكنّا نجد صاحب الزمان (صلوات الله و سلامه عليه و عجل الله فرجه الشريف) يذم الشيخ المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) بدل أن يمدحه لأنه يكون ارتكب اثما عضيما خالف كتاب الله وخالف تعاليم اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام)، إذ تطاول على رموز الآخرين، وكذلك أن نقول في السيد الحميري (عليه افضل الصلاة و السلام) وغيره من أعلام التشيع انهم كلهم آثمون .
لكننا لانستطيع أن نقول ذلك بل نقول بأنه لولا أنّ نيلهم من رموز الآخرين كان امرا محبوبا عند الائمه الاطهار (عليهم افضل الصلاة و السلام) لما استهاهلوا منهم هذا الثناء العطر. اتعلمون اي مقام وصل اليه السيد الحميري (عليه السلام) بسبب القصائد التي هجا فيها ابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) اتعلمون اي مقام وصل اليه هذا الرجل العظيم؟

مقام السيد الحميري عليه السلام ..
اسمعوا هذه الروايه التي رواها الشيخ المجلسي (رضوان الله (تعالى) عليه)، كيف أنّ السيد الحميري (عليه السلام) بهذا الذي فعله وصل الى اعلى العليين، وانه حضي بسبب هجائه لابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) حضي بذلك بشرف مجالسة اهل الكساء الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم ) في الجنه.  روى العلامه المجلسي في بحاره باسناده عن سهل ابن ابيان قال :"دخل على الامام علي ابن موسى الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) في بعض الايام قبل أن يدخل عليه احد من الناس، فقال لي مرحبا يا ابن ذبيان الساعة اراد رسولنا أن يأتينا لتحضر عندنا فقلت لماذا يا ابن رسول الله فقال لمنام رأيته البارحه فقلت خيرا يكون ان شاء الله (تعالى)، فقال يا ابن ذبيان رأيت أنه قد نصب لي سلما فيه مئة مرقات فصعدت الى اعلاه فقلت يا مولاي ]القائل سهل ابن ذبيان[ اهنيك بطول العمر وربما تعيش مئة سنه فقال لي (عليه افضل الصلاة و السلام) ماشاء الله كان، ثم قال يا ابن ذبيان فلما صعدت الى اعلى السلام رأيت كاني دخلت على قبة خضراء يرى ضاهرها من باطنها ورأيت جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) جالسا وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان يشرق النور من وجوههما ورأيت امرئه بهيّة الخلقه ورأيت بين يديه شخصا بهي الخلقه جالسا عنده ورايت رجلا واقفا بين يديهم وهو يقرأ هذه القصيده
لأم عمر بالّوا مربع   فلما رآني النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال لي مرحبا بك ياولدي علي ابن موسى الرضا (صلوات الله و سلامه عليه) سلم على ابيك علي فسلمت عليه  ثم قال لي سلم على امك الزهراء (صلوات الله و سلامه عليها) فسلمت عليها فقال لي سلم على ابويك الحسين والحسين (صلوات الله و سلامه عليهم) فسلمت عليهما ثم قال لي وسلم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد اسماعيل الحميري (عليه السلام) ،
يقول الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) فسلمت عليه وجلست، فالتفت النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) الى السيد اسماعيل (عليه السلام) وقال له عد الى ما كنا فيه من انشاد القصيده فأنشئ يقول:
لأم عمر بالّوا مربع     طامسه اعلامها بلقع
فبكى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ..
فلما بلغ الى قوله ووجهه كالشمس اذ تطلع ]وصف لأمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام)[، بكى النبي (صلى الله عليه و آله سلم) و فاطمة الزهراء (عليها افضل الصلاة و السلام)  ومن معه (عليهم افضل الصلاة و السلام)، ولما بلغ الى قوله قالوا له لوشئت اعلمتنا الى من الغاية والمفزع رفع النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) وقال إلهي انت الشاهد علي وعليهم اني اعلمتهم أنّ الغاية والوسيله علي ابن ابي طالب (عليهما وآلهما افضل الصلاة و السلام) وأشار بيده اليه وهو بين يديه (صلوات الله و سلامه عليه) ،قال علي ابن موسى الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) فلما فرغ السيد اسماعيل الحميري من انشاد القصيده التفت النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) وقال لي يا علي ابن موسى احفظ هذه القصيده ومر شيعتنا بحفظها وأعلمهم أن من حفظها وأدمن قرائتها ضمنت له الجنه على الله (تعالى)، قال الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) ولم يزل يكررها علي حتى حفظتها منه ".

الله اكبر!
هذا هو المقام الذي وصل اليه السيد الحمير انه يجالس النبي الاعظم وأهل بيته الطاهرين (عليهم افضل الصلاة و السلام) في الفردوس الاعلى ويتلوا عليهم قصيدته الله اكبر! ما أثمن هذه القصيد التي يأمر النبي الاعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) ابنه الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) بأن يحفظها ويأمر شيعته بحفظها ويضمن الجنه لمن حفظها، الله اكبر اي قصيده هذه !
انها العينيه الخالده ،عينية السيد الحميري (عليه السلام) الخالده التي مطلعها:
لأم عمر بالّوا مربع     طامسه اعلامها بلقع
ولكن هل تعلمون ما الذي جاء في هذه القصيده من ابيات النيل والهجاء لابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) اسمعوا:
والناس يوم الحشر راياتهم خمس     فمنها هالك اربع
فراية العجل وفرعونها           وسامري الامه المشنع
وراية يقدمها اذلم                       عبد لئيم لكع اوكع
وراية يقدمها حبتر              للزور والبهتان قد ابدعو
وراية يقدمها نعثل                    لابرد الله له مضجع
اربعه في سقر اودعو (ابوبكر عمر عثمان معاويه) ليس لهم من قعرها مطلع
وراية يقدمها حيدر             ووجهه كالشمس اذ تطلع
غدا يلاقي المصطفى حيدر        وراية الحمد له ترفع
تأملو في هذا الهجاء الشديد حين ينال السيد الحميري من ابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) بأحد لسان يصف معاويه (لعنة الله عليه) بأنّه عجل وفرعون وسامري مشنّع اي قبيح ويصف عمر (لعنة الله عليه) بأنه اذلم اي اسود طويل القامه مخيف الشكل، وانه عبد لئيم لكع اي دنيئ اوكع اي احمق، ويصف ابوبكر (لعنة الله عليه) بانه حبتر اي ثعلب يبدع بالزور والبهتان، ويصف عثمان (لعنة الله عليه) بالنعثل كما وصفته بها عائشه (لعنة الله عليهم) اقتلو نعثل كما كفر.  ويؤكد السيد الحميري (عليه السلام) على أنّ هؤلاء الاربعه قد اودعوا في سقر ليس لهم في قعرها من مطلع ابوبكر وعمر وعثمان ومعاويه (لعنهم الله) في النار. انها اهانات شديده توجه في ابيات احد من السنان الى اعظم رموز اهل الخلاف ومع ذلك يأمرنا النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بحفظها وترديدها ويضمن لنا الجنه ان فعلنا ذلك وينقل لنا ذلك كله العلامه المجلسي (رضوان الله (تعالى) عليه) في بحاره دون ادنى اهتمام منه بمشاعر اهل الخلاف.

ماذا تظنون بهم وهم يقرؤون بحار الانوار او كتاب افصاح المفيد حين يقرؤن هذه المطاعنه في ائمتهم وخلفائهم؟ لا شك انهم يغتاضون لذلك لكن هذه ضريبه طبيعيه لابد ان يدفعها المرء في بداية رحلته نحو الحق نحو النور، الانسان الذي كان يعيش طوال عمره تحت الظلمات حينما يخرج الى النور فجأه يتألم ترا عيناه تؤلمانه من الضوء الذي يقع عليهما من المره الاولى ، هذا الذي ينتاب المخالف من الالم انما هو امر مؤقت يزول مع الوقت إن كان هذا المخالف قابل للهدايه فهذا الألم سيزول معه في نفس الوقت، يبحث في نفس كتاب بحار الانوار وفي نفس كتاب الافصاح وغيرهما من الكتب للشيعه -انار الله برهانهم-  فيرى الحجج والبراهين على ان هؤلاء الذين كان مخدوعا بهم انما هم رموز للباطل لارموز للحق. انما هم رموز للنفاق لا رموز للايمان، فإذاً لاينبغي لنا أن نتوقف كثيرا عند هذا الألم المؤقت الذي ينتقل من الظلمات الى النور، ضريبه لابد منها وإلا إذا اهتممنا بهذا الألم فإننا سنوقف كل مسيرتنا بالتجاه هداية الامم، نعطل كل جهودنا في اصلاح الامم واعادتها الى منهج السماء لأننا لانريد ان نؤذي احدا والحال انهم لابد ان يتأذوا ولو بمقدار يسير لأنهم يكتشفون ماكانو يعتقدون به كان باطلا كان هرائا .
هكذا كانت سيرة رجالات التشيع لقد التزموا بالمنهج الرافضي بقوّه وأعلنو هذا الالتزام بهتكهم اعداء الله ونيلهم منهم بمواقفهم بمناضراتهم بكتاباتهم بأشعارهم، ولم نجد الائمه (عليهم افضل الصلاة و السلام) ينكرون عليهم ذلك، بل على العكس كانوا يمتدحونهم ويثنون عليهم أعظم الثناء نعم ربما يكون في حين من الاحيان سبب عرضي يوجب الامر بالسكوت وعدم الاذاعه، لكن ذلك ايضا كان موجه لاناس دون اناس كما يقول الشيخ المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) :" قد امر الصادقون (عليهم افضل الصلاة و السلام) جماعتا من اشياعهم بالكف والامساك عن اضهار الحق والمباطنة والستر له عن أعداء الدين والمضاهرة له بما يزيل الريب عنهم في خلافهم وكان ذلك هو الاصلح لهم وأمروا طائفه اخرى من شيعتهم بمكالمت الخصوم ومضاهرتهم ودعائهم الى الحق لعلمهم بأنه لاضرر عليهم في ذلك".
إذاً كان الامر موجها لاناس دون اناس، هذا الامر بالكتمان والا فالاصل هو الجهر وإن تطلّب النيل من الرموز الزائفه للآخرين، لاسبيل لإماتة الباطل إلا بها. سنتمر ان شاء الله (تعالى) في ذكر امثله اخرى فيما صنعه رجال التشيع الابرار في طريق النيل من اعداء الله وذلك في المحاضرات المقبله ان شاء الله (تعالى)، المهم هنا أن نعرف انه مايشاع من انه لايصح النيل من رموز الاخرين وإن ذلك داخل في الحرمه على الاطلاق هذا القول هو قول باطل باطل باطل ..
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم و أعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp