اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا وما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين من الآن الى قيام يوم الدين .. آمين
في الحلقة السابقة ..
كنا قد عرضنا في المحاضرة الفائته مثالا لما كان يقوم به رجالات التشيع الأبرار من نيل من الرموز المقدسة للطوائف المنحرفه، تلك الرموز المعاديه للنبي الاعظم واهل بيته الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) وقد وعدنا بأن نعرض مزيد من الامثله من واقع التاريخ في سياق الرد على اولئك الذين يزعمون انه لايجوز النيل من الرموز المقدسه للآخرين. نعرض هذه الامثله للتأكيد على بطلان هذا القول بطلان قول هؤلاء الذين يزعمون انه لايجوز النيل من الرموز المقدسه للآخرين. هذا القول بعدما فندناه علميا وبينا خطأ استدلال هؤلاء ببعض الآيات والاحاديث وبعدما عرضنا سيرة الانيباء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) التي تثبت نيلهم من مقدسات الآخرين، بعد هذا كله اردنا أن نزيد المتلقي اطمئناناً الى صدق مانقول بأن نعرض نماذج مما كان يفعله رجالات التشيع الابرار قديما وحديثا، حين طعنوا بصراحة في الشخصيات المقدسه والمحترمه لدى بعض الطوائف المنحرفه ولم نجد نكيرا من الائمه (صلوات الله و سلامه عليهم) عليهم، بل على العكس من ذلك وجدنا ثناءا عطرا من الائمه الاطهار (عليهم افضل الصلاة و السلام) لهؤلاء الذين ثلبو كبار الشخصيات المناوئه والمنافقه كأبوبكر وعمر وعثمان وعائشه ومن اشبه (لعنهم الله).
ثناء الأئمة الاطهار صلوات الله و سلامه عليهم على ثالبين الرموز المقدسة لدى الطوائف المنحرفة والضالة ..
وما هذا الثناء من الائمه الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم) على هؤلاء الثالبين إلا لأن اسقاط اعتبار هذه الشخصيات المناوئه لايتم إلا بمثل هذا الطعن والثلب والفضح، كان مثالنا الأول السيد الحميري (عليه السلام)، وإذ بدأنا بالشعر والشعراء فالنضرب مثالا آخر هو من مفاخر شعراء الشيعه ذلك الرجل العظيم الذي سلق بلسانه الحاد اعداء آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم)، ذلك الرجل الذي بلغ هجائه لأعداء آل محمد واشياعهم مبلغا كان يضرب به المثل في الحده والكثره على السواء من هو هذا الرجل ؟
عظمة دعبل ابن علي الخزاعي عليه السلام وطعنه للرموز المقدسة الضاله والمنحرفة ..
انه دعبل ابن علي الخزاعي (عليه السلام) ذلك الرجل الذي تتجدد ذكراه في كل سنه، ايام عشرة عاشوراء لايكاد يخلوا مجلس من مجالس العزاء المقامه لإحياء ذكرى سيد الشهداء (صلوات الله و سلامه عليه) من انشاد لتائيّة دعبل الخالده تلك التائيّه التي مطلع مايبدأ به الخطباء عادتا قوله : مدارس آيات خلت من تلاوة، هذه التائيه الخالده التي خلدة صاحبها دعبل الخزاعي (عليه السلام) هذا الرجل العظيم الذي يقول فيه العلامه الحلي (رضوان الله (تعالى) عليه) في كتابه الخلاصه يقول: "دعبل ابن علي الخزاعي ابو علي الشاعر مشهور في اصحابنا حاله مشهور في الايمان وعلو المنزله عظيم الشأن"، نعم .هو عندنا عظيم الشأن لماذا ؟ لنصرته آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم) ونيله من أعدائهم (عليهم لعائن الله)، وكيف لايكون هذا الرجل عظيم الشأن وقد حباه الرضا من آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم) بما حباه. اتعلمون كيف كان المخالفون يرتعبون من هذا الرجل ومن سلاطة لسانه التي طالت ائمتهم وخلفائهم وملوكهم (لعنة الله عليهم اجمعين)؟
اسمعوا ماذا يفول ابو الفرج الاصفهاني في كتابه الشهير كتاب الاغاني يفول عن دعبل في ترجمته له :"هجّاء خبيث اللسان لم يسلم منه أحد من الخلفاء ولا من وزرائهم ولا أولادهم ولا ذو نباهة احسن اليه او لم يحسن ولا افلت منه كبير احد وكان من الشيعة المشهورين بالميل الى علي (عليه افضل الصلاة و السلام) ولم يزل مرهوب اللسان ]يرتعب من لسانه[". ومن الطبيعي أن يتعرض دعبل بسبب اصراه على النيل من كبراء اهل الخلاف ومن الملوك ومن السلاطين وما اشبه، من الطبيعي أن يتعرض الى الملاحقات والمطاردات لكن هذا الرجل لم يكن يهتم ولا يكترث لذلك . كان يواصل النيل من اعداء الله ليله ونهاره، غاية ماهنالك انه كان يضطر للفرار من بلده الى اخرى حفظا لنفسه ليس إلا، مع انه كان يعلم أنّ مآله القتل لامحاله، وهذا ماحصل فالرجل قد قُتل بالنتيجه وهو كان يعلم منذ بداية سيره في هذه الطريق طريق النيل من اعداء آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام)، كان يعلم أنّ مآله القتل لامحاله، ولذا كان يعبّر عن استعداده للقتل بل كان يعبّر عن بحثه عمن يصلبه على الخشبة التي يحملها على كتفه.
يقول ابن خليكان في ترجمته لدعبل "يصفه بانه كان شاعرا مجيدا إلا أنه كان بذيء اللسان مولع بالهجو والحط من أقدار الناس وهجا الخلفاء فمن دونهم وطال عمره فكان يقول لي خمسون سنه احمل خشبتي على كتفي ادور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك". هذه كانت روحيّة ونفسية دعبل (عليه السلام)، وضع روحه على كفه مستعد للموت والقتل في سبيل الله (سبحانه و تعالى) وكان هجّاءا ومن شدة هجائه كان يضرب به المثل، اعتبروه احد أعظم هجائين في التاريخ الاسلامي على الاطلاق يقول ابو العلاء المعرّي في بيتين له :
لو نطق الدهر هجا اهله كــــــأنه الرومــــي او دعـبل
وهو لعمري شــــــــاعر مغرز بالفعل لكن لفظه مجبل
هكذا يضرب به المثل في الهجاء يضرب به وبالرومي، ايضا يقول عباس محمود العقاد أخرج القرن الثالث للهجره شاعرين هجائين هما اشهر الهجائين في ادب العصور الاسلاميه عامه، احدهما ابن الرومي والآخر دعبل الخزاعي هاجي الخلفاء والامراء وهاجي الناس جميعا والقائل:
إنّي لأفتح عيني حين افتحها على كثير ولكني لا أرى احدا
من حدّة هجاء دعبل واسترخاصه حياته لم يستطع الذين هجاهم، لم يستطيعو أن يردوا عليه خوفا من لسانه ماكانوا يطيقون الرد عليه إلا بالتخطيط لقتله اما أن يبادلوه الهجاء فلا. لأن الذين جرّبوا ذلك ندموا يقول ابن المعتز في كتابه طبقات الشعراء: "قيل للوزير محمد ابن عبد الملك الزيات ]احد وزراء الدوله[لما لاتجيب دعبل عن قصيدته التي هجاك فيها قال :إن دعبل جعل خشبته على عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها دون أن يبالي". لهذا ماكانوا يجرؤون على أن يردوا عليه وانما يبحثون عما يصلب دعبل او عن كيفية قتل دعبل على خشبته التي كان يدور بها ويحمله على كتفه نعم. كان هذا الرجل خصما لدودا لأئمة الباطل وخلفاء الجور والملوك، كان شريفا ولذا لم يكن كسائر الشعراء الآخرين الذين كانوا ينظمون الابيات في مدح الملوك والخلفاء والرؤساء حتى ينالوا منه الجوائز، انما كان يمدح آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) فقط وفقط، اما من سواهم فكان يهجوهم. قيل له ذات مره لأي شيء لاتمدح الملوك فقال " لأن مدح امثالهم انما هو لطمع في جوائزهم وانا لاطمع لي فيها ". لعل اعظم ما يوقفنا على المقام الذي وصل اليه هذا الرجل هو ماحضي به من سيدنا ومولانا الرضا (صلوات الله و سلامه عليه) حينما انشد دعبل في حضرته قصيدته التائيه الخالده
مدارس ايات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات
حين انشد دعبل (عليه السلام) قصيدته هذه في محضر الامام الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) بكا الامام بكائاً شديداً وقال له {يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك}. وقال له ثلاث مرات:{ احسنت يادعبل احسنت يادعبل احسنت يادعبل }، ثم بعد ذلك ارسل له مع خادمه صره فيها عشرة آلاف درهما رضوي اي عشرة آلاف درهم مضروب عليها اسم الامام علي ابن موسى الرضا (صلوات الله سلامه عليهما)، طبعا دعبل (عليه السلام) رد هذا المال مؤكدا انه لايريد المال وانما اراد بقصيدته نصرة آل الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم) الا ان الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) اصر عليه بالقبول واضاف الى ماحباه به خاتما من عقيق وجبه أو قميص اخضر قال الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) عن قميصه هذا لما اهداه لدعبل:" لقد صليت فيه الف ركعه وختمت فيه القرآن الف ختمه تفضل هذه هديتي اليك}.
ولعل كثيرا منكم يعلم مالذي جرى لهذا القميص حين بلغ خبرها اهل قم اعترضوا دعبل (عليه السلام) وسألوه أن يبيع هذا القميص لهم بثلاثين الف درهم، لم يقبل دعبل (عليه السلام) فلما انه لم يقبل هجموا عليه وأخذو منه هذا القميص غصبا، ثم بعد ذلك صالحوه على أن يعطوه ثلاثين الف درهم من قطعه من القميص احد اكامم القميص وهو هذا الكم الذي اوصى دعبل أن يوضع معه في كفنه ذلك الكفن الذي كتب عليه هو بدوره كتب عليه قصيدته مدارس آيات. لماذا فعل اهل قم كل هذا بدعبل؟ وينقل التاريخ انهم كانوا كل واحد منهم قد اقتطع قسما من هذا القميص، لماذا فعلوا كل هذا؟ لأنهم وجودوا دعبل (عليه السلام) قد حضي بمالم يحضى به احد كوفَء هذا الرجل بمكافئه خاصه من حجة الله على خلقه، تنبؤ عن عظيم ثوابه وعلو مقامه الذي وصل اليه بانشاده الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) هذه القصيده الخالده.
قصيدة دعبل (عليه السلام) التائيّه و الطعن في ابوبكر وعمر لعنة الله عليهما ..
الآن هل تعلمون بالضبط ماذا جاء في هذه القصيده الخالده اتضنون انها كانت كلها رثائا لأهل البيت عليهم السلام كلا ... جاء في هذه القصيده التائيه الخالده لدعبل الخزاعي (عليه السلام) ابيات هجاء ونيل هجا به دعبل ابوبكر وعمر (لعنهما الله) ونال بها من اهل السقيفه ورموز الباطل (لعنهم الله)، واني لآسف واتحسر على أنّ خطبائنا لا يعرضون هذا المقطع من القصيده التائيه الخالده لدعبل الخزاعي رحمة الله عليه ماذا نجد في ذلك المقطع ؟
اسمعوا ما يقول دعبل :
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه ومحكمه بالزور والشبهات
وما سهلت تلك المذهب فيهم على الناس الا بيعة الفلتات
]حين قال عمر عن بيعت ابوبكر (لعنهما الله) كانت فلته وقى الله شرها[
وما نال اصحاب السقيفه امرتا بدعوى تراث بل بأمر ترات
]بينهم وبين آل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) ثارات ترات[
ولو قلدوا الموصى اليه زمامها لزمت بمؤمون من العثرات
اخا خاتم الرسل المصفى من القذا ومفترس الابطال في الغمرات
فإن جحدوا كان الغدير شهيده وبدر واحد شامخ الهضبات
واين الاولى شطت بهم غربت النوى افانين في الآفاق مفترقات
هم اهل تراث النبي اذا اعتزوا وهم خير سادات وخير حمات
اذا اوردوا خيرا تسعروا بالقنا مشاعر جمر الموت والغمرات
]وإن فخروا يوما اتو بمحمد (صلى الله عليه و آله و سلم) وجبريل والفرقان ذي السوراة[
وعدوا عليا ذا المناقب والعلى وفاطمة الزهراء خير بنات
اولئك لا اشياخ هند وتربها سمية من نوكا ومن قذارت
ستسأل تيم عنهم وعديها وبيعتهم من أفجر الفجرات
هم منعوا الآباء عن اخذ حقهم وهم تركوا الابناء رهن شتات
وهم عدلوها عن وصي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) فبيعتهم جائت على الغدرات
الى آخر القصيدة الخالده تائية دعبل ..
اسمعتم ايها الاخوه دعبل في نفس قصيدته مدارس آيات خلت من تلاوة، في نفس هذه القصيده يهجو ابوبكر وعمر واهل السقيفه ومعاويه وام معاويه هند وزياد ابن ابيه وامه سميه (لعنة الله عليهم اجمعين) وينال من هؤلال بلسان حاد يرميهم بالفجور والغدر ونقض الكتاب والقذاره والنوك الى ماهنالك .. كل هذا يهجو به اعظم رموز اهل الخلاف وفي محضر من ؟ في محضر الامام السلطان الرضا (صلوات الله و سلامه عليه)، مع هذا لانجد الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) ينهره، لايقول له مثلا احترم رموز الآخرين احترم مقدسات الآخرين ولاتسبو الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم ،على العكس يقول له الامام (صلوات الله و سلامه عليه) ثلاث مرات احسنت .. ثم يقول له نطق روح القدس على لسانك ثم يعطيه قميصه الذي صلى فيه الف ركعه وختم به القرآن الف ختمه ويرفعه بذلك الى مقام عال يغبطه عليه العلماء والفقهاء الى يومنا هذا، ماذا يعني هذا ؟
لا معنى له سوى أنّ الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) رحّب بالنيل من ابوبكر وعمر وعثمان ومعاويه واهل السقيفه واضرابهم من رموز أئمة الكفر والضلال (لعنة الله عليهم اجمعين)، رغم علم الامام (صلوات الله و سلامه عليه) بأن هذا يسبب امتعاضا وانزعاجا عند اهل الخلاف، لأن قصيدة دعبل هذه لاشك انها ستبلغهم وهذا ماحصل بالضبط سارة بتائيه دعبل الركبان وبلغت هذه التائيه شهره واسعه حتى وصلت الى مسامع خلفاء بني العباس انفسهم (لعنة الله عليهم)، حتى إن الطاغيه المأمون (لعنة الله عليه) من شدة انبهاره بهذه القصيده رغم مافيها من النيل من ابيه هارون لأن دعبلا ينال بهذه القصيده من ابيه هارون ايضا (لعنة الله على الوالد و الولد) ويسميه رجسا .. رغم مافي هذه القصيده من النيل من أبي المأمون ومن أئمة المأمون كأبوبكر وعمر ومن اشبه (لعنة الله عليهم)، رغم ذلك المأمون لم يتمالك نفسه وضل يردد هذه القصيده حتى حفظها لأنها قصيده بليغة جدا.. بل تاقت نفس المأمون لأن يسمع هذه القصيده من دعبل نفسه وإذا يحدثنا التاريخ أنّ المأمون استدعى دعبلا واعطاه الأمان على أن ينشد هذه القصيده امامه .
يروي ابن عساكر في تاريخ دمشق يقول:" تناهى اليه فيما تناهى قول دعبل مدارس آيات خلت من تلاوت ومنزل وحي مقفل العرصات فما زالت تردد في صدره فكتب الى ابي طاهر أن يطلب له دعبلا حيث كان ويعطيه الامان، فتحمل دعبل الى المأمون فلما قدم عليه قال له انشدني ولا بأس عليك ولك الامان من كل شيء فيها فإني اعرفها وقد رويتها الا اني احب أن اسمعه من فيك فأنشده ". إذا هاقد نال دعبل من الرموز المقدسه للآخرين كان ذلك في محضر الامام المعصوم الرضا (صلوات الله و سلامه عليه) والامام المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) لم ينهره وهذا كاشف عن أن عمل دعبل كان عملا شرعياً لماذا ؟
لأن تقرير المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) حجه، ثم إنّ هذا المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) كما أنه لم يأمر بالكف عن النيل من الرموز المقدسه للآخرين فإنه ايضا لم يأمر دعبل بأن يكتم ذلك، لم يقل له مثلا إيّاك أن تنشد هذه القصيده عند المخالفين حتى لا تؤذي مشاعرهم، مع علم المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) القطعي، لاحظوا هذه النقطه مع علم المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) القطعي بأن هذه القصيده ستبلغ المخالفين كما تبين انها قد شاعة ووصلت حتى لخلفائهم، مع علم المعصوم (صلوات الله و سلامه عليه) بأن هذه القصيده ستنتشر وسيضل صداها يتردد عبر الاجيال وهاهي مصادر اهل الخلاف في الشعراء في طبقات الشعراء كلها قد اثبتت هذه القصيده الخالده، وادى ذلك الى ان يصفوا كما مر بأنه خبيث اللسان يهجو الخلفاء، مع كل هذا الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) لم ينهر دعبلا ولم يمنعه من البوح بهذه القصيده ومن النطق بها في المحافل العامه .
المخالفون يخافون من التصريح بأنّ الائمة صلوات الله و سلامه عليهم هم الذين علمونا الطعن في رموزهم الكافره ..
هذا يكشف بوضوح عن أنّ منهج الائمه (صلوات الله و سلامه عليهم) هو النيل من رموز الباطل، وإن كانت مقدّسه لدى بعض الطوائف، هذه الحقيفه يعرفها علماء اهل الخلاف (لعنهم الله) وإن كتموها خوفا من الرأي العام، انهم يعلمون أن الأئمه الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم) هم الذين علموا شيعتهم كيف ينالون من ابي بكر وعمر وعثمان وعائشه ومن اشبه (لعنهم الله) هم الذين فتحوا لشيعتهم الباب للطعن في هؤلاء الظالمين المفسدين. اصلا هم الذين ربوهم على منهج الرفض لرجال السقيفه ومن جاء بعدهم الى يومنا هذا/ ولولا ذلك لولا هذه التربيه من الائمه الاطهار (عليهم افضل الصلاة و السلام) لما كنت تجد رافضيا واحدا ولا تجد احد من شيعتهم ينال من ابي بكر وعمر وعائشه (لعنة الله عليهم) ولوجدت الجميع يترضون على هؤلاء ويترحمون عليهم، وعندئذ لايبقى بيننا وبين اهل الخلاف شيء الجميع يكونون على مله واحده، لكن ايّة ملة هذه ؟ هي ملة الباطل التي جائت به السقيفه لاملّة الحق التي جاء بها محمد وعترته الطاهره (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) انقل لكم هنا تصريحا من احد علماء اهل الخلاف الذي كان في زمانه رئيس الحنابله في بغداد هذا الرجل اقسم في تصريحه هذا الذي انقله لكم، اقسم أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) هو الذي فتح لشيعته الباب وعلّمهم ما سمّاه سب الصحابه.
يقول ابن ابي الحديد في كتابه شرح النهج : "حدثني يحيى ابن سعيد ابن علي الحنبلي المعروف بإبن عاليه من ساكني قطفتا بالجانب الغربي من بغداد وأحد الشهود المعدلين بها قال :كنت حاضرا عند الفخري اسماعيل ابن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام ابن المتّا هذا الفخر الحنبلي وكان الفخر اسماعيل ابن علي هذا مقدم الحنابله ببغداد في الفقه والخلاف وكان يشتغل بشيء في علم المنطق وكان حلو العباره وقد رأيته انا وحضرت عنده وسمعت كلامه وتوفي سنة عشر وست مئه ]أي ان هذا الرجل من علماء القرنين السادس والسابع وهو في ذلك القرن في تلك الفتره كان فقيه الحنابله ببغداد مقدمهم رئيسهم[ قال ابن عاليه ونحن عنده نتحدث في احدى المجالس إذ دخل شخص من الحنابله كان له دين على بعض اهل الكوفه فانحدر اليه يطالبه به]دخل رجل من الحنابله وهذا الرجل كان له دين عند بعض اهل الكوفه من اهل الشيعه فلذلك انتقل من بغداد الى الكوفه حتى يطالب ذلك الرجل بدينه وبعد ذلك جاء ذلك الرجل الى ذلك الفقيه الحنبلي يحكي له قصته[ واتفق أنّ حضرت زيارت يوم الغدير والحنبلي المذكور بالكوفه ]كان هذا الرجل الحنبلي الذي اعطى قرضا لذلك الرجل الكوفي الشيعي كان قد ذهب اليه ليطالبه بالدين في يوم الغدير اتفقا ذلك[ وهذه الزياره هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجه ويجتمع بمشهد امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) من الخلائق جموع عظيمه تتجاوز حد الاحصاء كما هو جار الى اليوم، قال ابن عاليه فجعل الشيخ الفخر الحنبلي يسائل ذلك الشخص مافعلت مارأيت هل وصل اليك مالك هل بقي له بقيه عند غريمك وذلك يجاوبه، حتى قال له
]الرجل الحنبلي الذي ذهب في يوم الغدير[ يقول لفقيهه الفخر الحنبلي في بغداد: حتى قال له يا سيدي لو شاهدت يوم الزياره يوم الغدير وما يجري عند قبر علي ابن ابي طالب(صلوات الله و سلامه عليهما وآلهما ) من الفضائح والاقوال الشنيعه وسب الصحابه جهارا بأصوات مرتفعه من غير مراقبه ولا خيفه ]هنا تأملوا في هذه العباره انها بحد ذاتها تثبت ان سيرت الشيعه منذ ذلك القرن القرن السادس أو السابع الى يومنا هذا كانت النيله من اعداء آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) الذين يسميهم اهل الخلاف الصحابه النيل منهم بصوت مرتفع بأصوات مرتفعه من غير مراقبه ولاخيفه بساله وشجاعه اين ؟في مرقد امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في العتبات المقدسه.
لذلك ان وجدتم اليوم احدا يمنعكم من ذلك في العتبات والمشاهد المشرفه فاعلموا انه انما يرتد بكم عن سيرة اسلافكم عن سيرة الشيعه الابرار وعلمائهم، لأن هذا الذي كان يجري في تلك القرون إلا تحت نظر العلماء، تحت نظر الفقهاء بل قبل ذلك تحت نظر الائمة الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) وهذا الذي نحن فيه انما هو من ذلك القبيل، حين نثبت أنّ ذلك كان يجري في محضر الامام الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) سب هؤلاء الذين يسمونهم الصحابه والنيل منهم[
فقال اسماعيل (فقيه الحنابله) ماذا قال ؟قال له اين ذنب له والله (هنا يقسم ) ماجرّأهم على ذلك ولافتح لهم هذا الباب إلا صاحب ذلك القبر، فقال ذلك الشخص ومن صاحب القبر قال علي ابن ابي طالب (عليهما افضل الصلاة و السلام) قال يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك ؟ وعلمهم اياه وطرقهم اليه؟ قال نعم والله !! ]كلام ذلك الفقيه الحنبلي[قال ياسيدي فإن كان محقا فمالنا نتولى فلانا وفلانا وان كان مبطلا فمالنا نتولاه ]ينبغي اما نبرء منه او نبرء منهما[ قال ابن عاليه ]الذي يروي الذي جرى بين ذلك الرجل والفقيه الحنبلي[ فقام اسماعيل مسرعا ]هذا الفقيه[فلبس نعليه وقال لعن الله اسماعيل الفاعل ]يعلن نفسه ويقذف نفسه[ إن كان يعرف جواب هذه المسأله .. ودخل دار حرمه (ذهب الى حرمته) وقمنا نحن وانصرفنا ...".
نعم هذه هي الحقيقه لولا ما ربّنا عليه ائمتنا وعلى رأسهم امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) بل لولا ماربانا عليه نبينا الاعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) حين امر بالهجاء وبسب اهل الريب والظلاله، لولا ذلك لما كان أحد منا يجرؤ على النيل من هؤلاء. نعم هذه هي الحقيقه هو إنّ اصحاب الشريعه محمد وآله الطيبين الطاهرين (عليهم السلام) هم الذين امروا بذلك وحثوا عليه ورحبوا به وكان يسرون به وكانوا يسرّون به، لماذا؟ حتى يظهر الفرق بين الحق والباطل، يظهر الفرق بين اهل الحق واهل الباطل لأن لا يظهر علي ومناوئوه على منهاج واحد، فيحسب الساذج أنّ عليا (عليه افضل الصلاة و السلام) وابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) على منهج واحد. حتى لايتوهم احد هذا الوهم كان لابد من حدوث قطيعه بين الطرفين ومن مصاديق ومضاهر هذه القطيعه الملاعنه، إذاً كلا ليسوا على منهج واحد وإلا لما كان علي (عليه افضل الصلاة و السلام) ينال منهم ولاكان يربي اتباعه على النيل منهم، على لعنهم على البرائه منهم، هذا معناه أن! هاهنا قطيعه بين الطرفين، لا أقل انهما طرفان لاطرف واحد كما يحسب المغفلون وكلام هذا الحنبلي صحيح لما قال يا سيدي فإن كان محقا فمالنا ان نتولى فلان وفلان وإن كان مبطلا فمالنا نتولاه..؟ ينبغي اما نبرء منه وإما نبرأ منهما، نعم هذا هو الصحيح فإما نتولى علي (صلوات الله و سلامه عليه) ونبرأ من فلان وفلان وهما ابوبكر وعمر (لعنهما الله) وإما نوالي ابوبكر وعمر (لعنهما الله) ونتبرى من علي (صلوات الله و سلامه عليه) والعياذ بالله (سبحانه و تعالى).
لأنه لايمكن اجتماع الطرفين هذين مع مابينهما من الملاعنه أو لا أقل من لعن احدهما من الآخر ونيل احدهما من اللآخر لا يمكن اجتماعهما في الولاء. هذه المسأله التي هرب منها ذلك الفقيه الحنبلي فقام ولبس نعليه ولعن نقسه وقذف نفسه لما قال :لعن الله اسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسأله، وإني اقول انه حتما يعرف لكن لايريد أن يصدم نفسه يعرف انه لابد من البرائه من ابوبكر وعمر (لعنة الله عليهما) مادام انه ثبت عنده أنّ صاحب ذلك القبر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) هو من سنّ لهم لعن ابي بكر وعمر وباقي من يسمونهم الصحابه (لعنهم الله) فإذاً لابد من البرائه من ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) لأنه لايمكن البرائه من علي (صلوات الله و سلامه عليه) ولا يمكن لعلي (صلوات الله و سلامه عليه) ان يكون على الباطل لأن النص يقول {علي مع الحق يدور معه حيث ما دار}.
هنا تظهر فائدة النيل من أعداء الله، انها التأكيد على ابعادها هؤلاء وطردهم عن الاعتبار الشرعي والتأكيد على خروجهم عن دائرة الحق وابقائهم دوما في الذاكره، في ذاكرة المسلمين في دائرة الضلاله والباطل بعيدا عن الحق. لهذا رغّبت الشريعه الاسلاميه المقدّسه في الوقيعه في اهل الريب، جاء مثلا في الحديث الشريف {من تمام العباده الوقيعة في أهل الريب}، من هم اهل الريب؟ هم الذين يخاف منهم على الدين والصلاح، ولذا يرتاب في شأنهم، او الذين أساؤو الى الدين كقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) في شئن الزهراء (عليها افضل الصلاة و السلام) يقول :{يريبني مايريبها}، يعني يسيؤني مايسيؤها. مهما يكن ايّن يكون المعني، فإنه لاخلاف بيننا على ان ابوبكر وعمر وعائشه واضرابهم (عليهم لعائن الله) هم من اهل الريب. وحيث أنّ الشريعه المقدسه تقول إنّ من تمام العباده الوقيعه في اهل الريب فإنه لايسع احد الانكار على أن يفعلوا ذلك، بدعوى أنّ هذا بعد عن منهج اهل البيت (عليهم أفضل الصلاة و السلام) فاليكثر المؤمنون إذاً من الوقيعه في اعداء آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) ليستكملوا بذلك عبادتهم وإلا كانت عبادتهم ناقصة ...
هذا وصلى الله عليه سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى يوم الدين .. آمين