تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة السابعة عشر (17) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة السابعة عشر (17) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
 القول مني في جميع الاشياء قول ال محمد عليهم السلام فيما اسروا وما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

في الحلقة السابقة ..
تحصل مما ذكرناه في المحاضره السابقه أنّ النيل من رموز وشخصيات الطوائف المنحرفه، كان هذا النيل منهجا واضحا في سيرة علمائنا الأبرار قديما وحديثا ماكان علمائنا يعتدّون بكون هذه شخصيات مقدّسه او مبجّله لدى تلك الطوائف المنحرفه، وانما كانوا يسعون لهدم قداستها وكرامتها حتى ينهدم الباطل الذي كانت تمثله او لاتزال تمثله. من هنا صنّف علمائنا عشرات المصنّفات التي تقدح في ابي بكر وعمر وعائشه (لعنة الله عليهم) مثلا، ومن هنا ايضا اخرج اكابر علمائنا ومحدثينا كالكليني والصدوق والمفيد وشيخ الطائفه الطوسي وغيرهم اعلى الله درجاتهم، اخرجوا احاديث المطاعن والمثالب في جوامعهم الحديثيه وكتبهم ومؤلفاتهم مع علمهم أنّ في إخراج هذه الاحاديث والمطاعن وتدوينها، مع علمهم أّن ذلك فيه إغاضه للعدو ولأهل الخلاف هذا امر طبيعي، أن يغتاض العدو والمخالف، لأنه حين تقع عين الواحد منهم مثلا على حديث في الكافي الشريف يكفّر ابوبكر وعمر ويلعنهما ذلك لا محاله يغيضه، لكن لابد من غض الطرف عن ذلك وعدم الاهتمام بهذا الامر، لأن المهم هو الحفاظ على الحق، المهم هو توريث الحقائق للأجيال لأن لاتزيغ عن هذا الحق ولو كتم علمائنا الأكابر هذه الحقائق ولم يخرجوا هذه الاحاديث للعلن لضاع هذا الحق واندثر كما هو واضح ..

لو لم يطعنو علمائنا في الرموز المقدّسة للآخرين لضاع التشيّع ..
تخيّلو انتم مثلا لو أنّ علمائنا لم يخرجوا احاديث ائمتنا (عليهم افضل الصلاة و السلام) في ابوبكر وعمر (لعنة الله عليهما) وتكفيرهما وبيان خيانتهما لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)، لو لم يفعلوا ذلك فأنّى لنا أن نعرف موقف الائمه (صلوات الله و سلامه عليهم) من هذين الرجلين ومن كان منّا يجرؤ على مس ابوبكر وعمر (لعنهما الله) بكلمه واحده، كنّا لولم يُخرج علمائنا هذه الاحاديث قد اشتبه علينا امر ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) على اقصى تقدير وبالتالي ماكنّا لندين الله (تبارك و تعالى) بالبرائه منهما بل لكان الناس يدينون الله بموالاتهما وحين ذلك ينهدم التشيع من اساسه لماذا ؟ لأن التشيّع يقوم على الرفض لكل اولئك الذين جاؤو بعد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) وخانوا وصيّته التي ولّى بها اهل بيته (عليهم افضل الصلاة و السلام) مقاليد وزمام قيادة هذه الأمة من بعده التشيع قائم على رفض هؤلاء .. لهذا أصرّ علمائنا على اخراج هذه الاحاديث التي كان كثير منها مكتوما لمكان التقيه، من هنا نجد مثلا أنّ شيخنا ثقة الاسلام الكليني (رضي الله عنه) يُخرج في كتاب الكافي هذا الحديث عن الامام الباقر (صلوات الله و سلامه عليه) هذا على سبيل المثل لا الحصر وقد نقلناه سابقا يقول الامام الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام): {إنّ الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ماصنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس اجمعين}.

حفظ الدين أم حفظ دمائنا .. ؟
لم يكن الشيخ الكليني (رضوان الله (تعالى) عليه) غير مدرك لحقيقة أنّ اخراجه لهذه الأحاديث في كتابه سيؤدي الى اغاضة العدو والمخالف، كان الشيخ الكليني مدركاً أنّ اخراجه لهذه الاحاديث تترتب عليه خسائر الى حد أن يُقدم هذا العدو او المخالف على قتل احد المؤمنين لأن هذا المخالف يرى النيل من شيخيه بصراحه في أجل مصدر حديثي عند الشيعه وأكثر مصادرهم اعتبارا. كان الشيخ الكليني مدركا لهذه الحقيقه واقفا على خطورة هذا الذي يفعله، وكذلك سائر علمائنا الكرام الذين فعلوا مافعله لأنه لابد من حفظ هذه الامانه احاديث نبينا وائمتنا (عليهم افضل الصلاة و السلام) أمانه عظيمه وضعت في اعناق علمائنا فكان لابد للعلماء بأن يحفظوها مهما كان الثمن، وأن يسلمهم كل جيل الى الجيل الذي يليه مهما حصل وإلا لضاعة هذه الاحاديث الشريفه ولاندثر الحق معها تماما. هذه نقطه مهمّه ينبغي أن يفهمها الجميع هاهنا، وهي أنّ تأليف علمائنا كتب المطاعن واخراجهم احاديث المثالب صحيح انه ادى الى سفك دماء الشيعه في مراحل مختلفه في التاريخ، إلا انه أدّى في المقابل الى حفظ الحق ودين الله وأدّى الى حفظ احاديث اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) بأن تزول او تضيع وهنا ينقدح السؤال ايهما اولى أن نحفظ دين الله ام دمائنا ؟
وبعباره اخرى هل نضحّي بدين الله (تعالى) من اجل المحافظه على دمائنا أم نضحّي بدمائنا من أجل المحافضه على دين الله (تعالى) ايهما يفدي الآخر الدين يفدينا ام نحن نفديه ؟  نحن لنا الحق في أن نتخذ كل وسائل الاحتياط لحفظ نفوسنا وحفظ دمائنا وأرواحنا وأعراضنا، لنا الحق في أن نترك واجبا او أن نرتكب محرما، كل ذلك من باب الإضطرار والتقيّه، ولكن إذا توقّف حفظ النفس على إماتة الحق فدار الأمر بين أن نحفظ الحق من أن يموت وبين أن نحفظ النفس من أن تموت، دار الأمر بين هذين في هذه الحاله لاحقّ لنا في حفظ نفوسنا وإنّما تبذل نفوسنا رخيصه من اجل الحق، لا حقّ لنا حينئذ في استعمال التقيّه لأن استعمالها حينئذ سيؤدي الى ماذا ؟ سيؤدّي الى موت الحق.
نحن نفدي الحق لا العكس، إذا توقف امر حفظ النفس على اماتة الحق فحين ذلك لابد من بذل النفس في سبيل احياء الحق والمحافظه عليه، هذا الأمر كان يفهمه جيدا اعمدة ديننا كالكليني والصدوق والمفيد والطوسي وغيرهم من افذاذ العلماء الأجلاء، لهذا السبب حرصوا على تأليف هذه الكتب وإدراج تلك الفصول التي تطعن وتقدح في رموز الطوائف المنحرفه، لأن الأولويه دائما وابدا هي لحفظ الحق من الضياع. بهذا تبين لكم بشكل واضح إنّ الذين يمضون على سيرة علمائنا الابرار هم اولئك الذين يجهرون بالحق، اليوم يجهرون بالبرائه من الضالمين ويخصصون اوقاتهم لبيان مثالبهم ومخازيهم والنيل منهم، كل ذلك كتوطئه لدفع الأمة الى البرائة من هؤلاء الظلمة الفجرة (لعنة الله عليهم)، هؤلاء الذين يجهرون بالحق والبرائه اليوم هم الذين يسيرون بسيرة العلماء، أمّا الذين يدعون الى اهمال هذه الحقائق او التخلي عن بيانها، اولئك الذين لايكون محور البرائه حاضرا في خطبهم وانشطتهم، هؤلاء هم الشّاذون عن سيرة العلماء. سيرة علماء التشيّع هي الاهتمام بالنيل من امثال ابي بكر وعمر وعائشه وسائر الخارجين على وصية النبي بأهل بيته (عليهم افضل الصلاة و السلام). هذه السيرة يراها الجميع واضحه جليّه في مؤلفات هؤلاء العلماء ومصنفاتهم منذ القديم كان رجالات التشيع بمن فيهم المحدثون والرواة من اصحاب الائمه الطاهرين (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) كان هؤلاء يبدون برائتهم من ابوبكر وعمر وعائشه واضرابهم (لعنة الله عليهم) كانوا يهتمّون بفضحهم، كانوا يهتمّون بالنيل منهم، إمّا في حلقات العلم والحديث وإمّا في مصنفاتهم وكتبهم وإمّا في مواقفهم العلنيه وفي تعاطيهم مع الناس ماكانو يخجلون او يستحيون من ابداء البرائه والطعن والثلب حتى امام المخالفين مما كانو على اتصال معهم.
وكان هذا يقع منهم رغم ضروف الجور والإضطهاد للشيعه آنذاك، كان رجالات التشيّع أنذاك مفخرة للشيعه حقاً لامثل بعض رجال زماننا الجبناء، كان اولئك رغم السيوف التي كانت مسلّطه على رقابهم ورغم مابينهم وبين اعلام المخالفين من علاقات وثيقة الصله تفرضها طبيعة تلقي الأحاديث والسنن رغم كل ذلك كانوا لايخفون مبادئهم الرافضيه، كانوا يطعنون في ابوبكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) وما اشبه بل ويصنفون المصنفات في فضح هؤلاء والنيل منهم، اي انهم لم يتنازلوا عن مبادئهم وعن اعمال التبرّي من اجل الحفاظ على الذي كان بينهم وبين المخالفين من العلاقات، بل فرضوا على اولئك القبول بهم كما هم، فرضوا عليهم احترامهم وهذا ما يُفسّر شهاده بعض اعلام المخالفين لبعض رجال الشيعه والتشيع، شهادتهم لهم بالصدق والوثاقه ونحو ذلك.. هذا ما يفسر اضطرار اعلام المخالفين لقبول الحديث عن اولئك الرجال العظام وقبولهم الحضور في مجالسهم مع اعترافهم بأنهم روافض يطعنون في السلف والصحابه كما يعبرون ..

كانوا علمائنا ينالون من رموز الكفر و الزندقة ومع المخالطة مع المخالفين ..
السمه العامه لأعلام الشيعه آنذاك كانت النيل من رموز النفاق والإجرام هذا في زمن الائمه الطاهرين (عليهم افضل الصلاة و السلام) ومع المخالطة للمخالفين لامنافات ، وبالتالي كان من الطبيعي أن يطعن المخالفون في هؤلاء الرجال بهذه الجهه فيرمونهم بالكفر بالخبث بالفساد بالزندقه بما اشبه، لكن في المقابل اضطروا أن يُخرجوا الأحاديث عن طريق هؤلاء الشيعه لصدقهم وعدالتهم. حتى تتّضح لكم الصوره ننقل لكم بعض النماذج في هذا الشأن.

النموذج الأوّل:
احد اصحاب الائمه السجاد والباقر والصادق (عليهم افضل الصلاة و السلام) رجل يُقال له عمر ابن ثابت ابي المقدام الحداد رحمة الله عليه هذا الرجل ذكر علمائنا الرجاليّيون انه ثقه وكان المحدثون والرواة من اهل الخلاف يتواصلون معه، يأخذون عنه الأحاديث، رغم أنّ الرجل كان رافضيا بالمتياز لا كتم برائته من اعداء آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) ولهذا أنكر بعض اعلام المخالفين على قومه أخذ الأحاديث من هذا الرجل كابن المبارك مثلا،
ابن المبارك يقول كما نقله البزّي في تهذيب الكمال : (لاتُحدّثو عنه فإنه يسب السلف)  وايضا يقول فيه احمد ابن حنبل كما حكاه مغلي طائفي : (كان يشتم عثمان)، وقال فيه الساجي : (مذموم وكان ينال من عثمان ويقدم عليا على الشيخين)، وقال ابوحاتم: (ضعيف يكتب حديثه كان رديء الرأي شديد التشيع) من كلام ابي حاتم هذا نفهم الذي يكون شديد التشيع هو ذاك الذي ينال من اعداء اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) وكيف لا وقد كان هذا الرجل الجليل عمر ابن ابو المقدام كان يصرّح امام اعلام المخالفين بأن جميع اصحاب النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كفروا من بعده إلا قليل منهم لايتجاوز عددهم عدد الاصابع، هكذا كان الرجل صريحا وصادقا وبهذا فرض إحترامه على أعلام المخالفين، كان بعضهم يجالسونه ويتنادمون معه مع علمهم بأنه يحكم بكفر ائمتهم بل وحدّثوا عنه واخرجوا في بعض كتبهم بعض احاديثهم مع انه في نضرهم رافضي خبيث !
لماذا اخرجوا احاديثه مع علمهم بأنه رافضي خبيث على حد تعبيرهم، مع وقوفهم على طعنه في ائمتهم وخلفائهم، لماذا اخرجوا احاديثه لماذا احترموه ؟ لأنهم علموا منه الصدق انظروا مثلا ماذا يرويه المزّي في تهذيب الكمال يقول: (قال هناد كتبت عنه كثير [اي عن عمر ابن ابي المقدام]  فبلغني أنّه كان عند حبان ابن علي فأخبرني من سمعه يقول كفر الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) إلاّ أربعه فقيل لحبان ألا تنكر عليه فقال هو جليسنا وأخذ يتنادم معه). ابو داوود صاحب سنن ابي داوود مع انه يقول عن عمر ابن ابي المقدام يقول عنه رجل السوء قال : (لما مات النبي (صلى  الله عليه و آله و سلم) كفرا الناس إلا خمسه)، مع ذلك ابوداوود نفسه قد اخرج حديثه في سننه، اخرجه بعدما اعترف بأنه صدوق يقول ابوداوود في ذيل حديث في الاستحاضه في سننه يقول: (رواه عمر ابن ثابت [اي عمر ابن المقدام] عن ابن عقيل وهو رافضي خبيث وكان رجل سوء زاد في رواية الاعرابي ولكنه كان صدوقا في الحديث)، ولم يكن ابوداوود هو وحده من شهد لعمر ابن ابي المقدام بالصدق والوثاقه، شهد له بذلك ايضا امام الحديث عندهم يحيى ابن معين كما حكاه عنه العقيلي يقول يحيى ابن معين عن عمر ابن ابي المقدام : (كان لايكذب في حديثه) هذا نموذج من النماذج العظيمه لرجال الشيعه الذين كانو مع تمسكهم برفضهم وإبداء رفضهم لأمثال ابي بكر وعمر (لعنهم الله) ونيلهم منهم كانوا قد فرضوا احترامهم على اهل الخلاف لصدقهم.

النموذج الثاني:
نمضي الى النموذج الثاني لرجل هو ايضا من اصحاب الائمه السجاد والباقر والصادق (عليهم افضل الصلاة و السلام) يُدعى اسماعيل ابن عبد الرحمن السدي ويكنى هذا الرجل بأبي محمد القرشي رحمة الله عليه كان هذا الرجل مفسرا للقرآن ومن الذين اكتنزوا علما جما، وكان اهل الخلاف يتتلمذون على يديه، وكان مذكورا بالخير عندهم يقول عالمهم يحيى القطان : (ما رأيت أحدا يذكره إلا بخير وما تركه احد). الجميع كانوا يذكرونه بالخير هذا الرجل مع معروفيته بالخير عندهم كان كسائر رجال الشيعه الأبرار يُضهر برائته من اعداء الله أمام المخالفين لا يقيم لهم وزناً حين ينطق بذلك ولا يهتم إن قاطعوه أو آذوه او حتى إذا رفعوا امره الى السلطان، ولأنه كان يذكر ابوبكر وعمر ويشتمهما ضعّفه بعضهم وتركوه، بل تجرّأ بعضهم على أن يرميه بالكذب، مثلا قال الجوذجاني: (كذاب شتام ولكن العقيلي يقول عنه ضعيف وكان يتناول الشيخين اي ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) وقال قاضي مرو وشيخها حسين ابن واقد القرشي سمعت منه [اي الاحاديث وكتبتها عنه] فما قمت [يعني ماتركته] حتى سمعته يشتم ابابكر وعمر فلم اعد اليه). إذاَ الرجل كان رافضيا يبدي رفضه وينال من ائمه الباطل، ولكن مع هذا الرجل فرض احترامه على اهل الخلاف مع تمسكه ببرائته الجهريه من ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) فالضطر بعضهم الى الشهاده له بالصدق والوثاقه، كما اضطروا ايضا في أن يُخرجوا لهم في صحاحهم واسانيدهم، لاحظوا مثلا مايقوله امام الحنابله احمد ابن حنبل كما حكاه المزّي يقول: (إنّه ثقه [عن السدي]). ايضا يقول ذلك ابن حبان لأنه ادرجه في الثقات، اما الساجي فيقول عنه: (انه صدوق فيه نظر) اي أنّه فيه نظر من جهة طعنه في ابي بكر وعمر (لعنهما الله)  وإلا فإن الرجل صدوق.  بالنتيجه الرجل بصدقه فرض نفسه عليهم مع عدم تنازله عن إضهار البرائه، واليوم نجد أنّ جمعاً من كبار أرباب الصحاح عند القوم قد أخرجوا أحاديثه واعتمدوا عليها لإعترافهم بصدقه ووثاقته، لاحظوا انتم مثلا ممن اخرج احاديثه من اعلام القوم، مسلم في صحيحه، وابوداوود في سننه، وابن ماجه في سننه، والترمذي في سننه والنسائي في سننه هذا نموذج.

النموذج الثالث:
النموذج الآخر وهو النموذج الثالث لرجل اسمه ابوسعيد عباد ابن يعقوب الرواجني الكوفي (رحمة الله عليه) هذا الرجل ايضا كان رافضيا جلذاً وكان مع ذا يخالط اهل الخلاف بكثره، اصلا كانت عمدت نشاطاته بينهم، ولذا أشبه أمره حتى على بعض علمائنا، فحسبوه رجلا عاميا لاشيعياً فرقّوا بينه وبين ابي سعيد عباد العصفري الشيعي، مع انه واحد هو شخص واحد لا إثنان وهذا الشخص الواحد ثقة عندنا. وأفاد شيخنا خاتمة المحديث النوري (رضوان الله (تعالى) عليه) في خاتمة المستدرك إنّ لهذا الرجل كتابا فيه تسعت عشر حديثا كلها نقيّة تدل على تشيعه بل تعصبه في التشيع، كماذا كالنص على الائمه الاثني عشر (عليهم افضل الصلاة و السلام) وإنّ الله (تعالى) قد خلقهم من نور عظمته وأنّه قد أقامهم أشباحا في ضياء نوره، يعبدونه قبل خلق الخلق الى آخر ما افاده قدس الله نفسه في خاتمة مستدرك الوسائل. على اية حال هذا الرجل كان قويا في برائته من اعداء آل محمد (عليهم افضل الصلاة و السلام) لا يخشى إضهار ذلك أمام اهل الخلاف، لايخشى أن يُبدي موقفه هذا امام من يُحدّثهم من اهل الخلاف. يروي الذهبي عن محمد ابن جرير يقول: (سمعت عباد يقول من لم يتبرأ في صلاته كل يوم من اعداء آل محمد عليهم افضل الصلاة و السلام حشر معهم)، اي اولئك الاعداء (لعنة الله عليهم)  هكذا كان هذا الرجل العظيم وكان رحمة الله عليه يُحدّث بمثالب ائمة القوم، وينال منهم وكانو ينكرون عليه ذلك، لكنهم مع كل هذا حكموا بصدقه ووثاقته. يقول ابن عدي في الكامل: (يقول عباد فيه غلو في التشيّع وروى احاديث انكرت عليه في الفضائل والمثالب)، لم يكن يكتفي فقط بأن يُحدّث بفضائل اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) بل كان يصر على أن يقرن ذلك بمثالب اعدائهم بدأ من ابي بكر وعمر وعائشه ومن اشبه (عليهم لعائن الله (تعالى)).
ايضا حكى ابن عُدي في الكامل عن عبدان نقل عن ابن ابي شيبه او هناد قولهما : (إنّ عباد يشتم السلف) وقال ابن حبان: (كان رافضيا داعيتاً)، ويروي المزي في تهذيب الكمال عن صالح جزره قوله: (كان يشتم عثمان عباد ابن يعقوب يشتم عثمان وسمعته يقول الله اعدل من أن يُدخل طلحه والزبير الجنه لأنهما بايعا عليا ثم قاتلاه)، لكن مع كل هذا فرض الرجل احترامه على اهل الخلاف حتى اقر بعضهم له بالصدق والوثاقه وكان الدار قطني يقول عنه انه شيعي صدوق. اللطيف أنّ ابن خزيمه حين كان يُحدث عنه يقول:  (حدثنا الثقه في روايته المتهم في دينه عباد ابن يعقوب)، لاحظوا يقول حدثنا الثقه في روايته المتهم في دينه عباد ابن يعقوب، لأنه لا يرتضون دينه الدين الحق دين الرفض عدم الموده للذين حادوا الله ورسوله (صلى الله عليه و آله و سلم). إذاً لقد فرض الرجل احترامه عليهم حتى جعل امثال البخاري وابن ماجه والترمذي يخرجون احاديثه في صحاحهم وسننهم رغما عن انوفهم، لاشك انهم كانوا يكرهون شتمه لأئمتهم وخلفائهم إلا انهم اضطروا لأن يأخذون احاديثه لصدقه ووثاقته. هذا نموذج ثالث.

النموذج الرابع:
رجل كان من اصحاب الامامين الباقر والصادق (صلوات الله و سلامه عليهما) ذكر علمائنا الرجالييون انه كان خصيصا بهما ما اسم هذا الرجل؟ ابراهيم ابن محمد ابن ابي يحيى الشهير باابن اسحاق المدني، او المدائني رحمة الله عليه هذا الرجل مع انه كان وسط المخالفين ومع انه كان استاذ للشافعي إمام المذهب، إلا انه كان رافضيا لايتحرّج من أن ينال من ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) يقول شيخنا شيخ الطائفة الطوسي (رضوان الله (تعالى) عليه) في ترجمته لهذا الرجل الجليل ابراهيم ابن ابي يحيى ابي اسحاق مولى اسلم ابن قصي مدني،  روى عن ابي جعفر وابي عبد الله (عليهما افضل الصلاة و السلام) وكان خاصاً بحديثنا والعامه تضعّفه لذلك، وذكر يعقوب ابن سفيان في تاريخه -يعقوب ابن سفيان الفسوي في تاريخه المعرفه والتاريخ-  في اسباب تضعيفه عن بعض الناس انه سمعه ينال من الاولي اي ابي بكر وعمر (لعنهما الله) ماذا قال اهل الخلاف ؟ ابوداوود صاحب السنن يقول فيه كما حكاه الذهبي : (كان رافضيا شتّاماً). ابوهمام السكوني يقول فيه : (سمعته يشتم بعض السلف).
مما حكوه من طعنه على ابي بكر و عمر (لعنهما الله) ماراواه الذهبي في سير اعلام النبلاء عن اسماعيل ابن عيسى العباسي قال: ( قال لي ابراهيم ابن ابي يحيى غلامك خير من ابي بكر و عمر)، وكان هذا الرجل الجليل لا يكتفي فقط بطعنه في ابي بكر و عمر (لعنة الله عليه) بل كان يطعن ايضا في مالك ابن انس امام مذهبهم كان يسمّيه حمارا !حمار يحمل اسفارا.  روى الذهبي عن يحيى الاسدي قال: (سمعت ابراهيم ابن ابي يحي يملي على رجل غريب [رجل غريب جاء الى ابراهيم وطلب منه أن يمليه شيئا من الأحاديث فأملى عليه بعض الأحاديث]  فأملى عليه عن ابي الحويرث عن نافع ابن جبير ثلاثين حديثا فجاء بها من احسن شيء عجب، فقال ابن ابي يحيى للغريب قد حدثتك ثلاثين حديثا ولو ذهبت الى ذاك الحمار فحدثك بثلاثة احاديث لفرحت بها) يعني مالك، كما يقول يحيى الاسدي.
إذاً كان يسمّي يحيى الأسدي حماراً، لكن مع كل هذا ومع أنّ بعض المخالفين لم يتحمّلو مطاعن ابرهيم ابن ابي يحيى بعضهم رماه بالكذب، يحيى ابن معين مثلا يقول عنه : (رافضي كذّاب). مع هذا كبار ائمتهم وعلمائهم حدثوا عنه وتلقوا منه الحديث يقول ابن عديب الكامل: (حدّث عنه الثوري وابن جريج والكبار). أمّا الشافعي إمام المذهب فقد كانت تلميذا عند ابراهيم ابن ابي يحي وكان يوثقه وكان يحتج به ويؤكد انه ثقه وصادق يقول الشافعي كما رواه المزي والذهبي، يقول في مدح ابراهيم ابن ابي يحيى : (لإن يخر ابراهيم من السماء احب اليه من أن يكذب وكان ثقتا في الحديث ولصدقه ولوثاقته اخرج له ابن ماجه في سننه ايضا).
هذه كانت بعض النماذج من سيرة اصحاب الائمه (عليهم افضل الصلاة و السلام) ورجال الحديث عند الشيعه تلك السيرة التي تثبت انهم كانوا يمضون على منهاج اضهار البرائه. وكما ترون أنّا قد عرضنا هذه النماذج من مصادر أهل الخلاف لا من مصادرنا  فحسب وذلك حتى تستيقنوا أنّ ثلب هؤلاء العظماء للضالمين والنيل منهم كان من الضهور والشيوع بحيث أنّ المخالفين سجلوه في مصادرهم. اي أنّ هؤلاء العظماء لم يكتموا البرائه بل اظهروها حتى شاعت عنهم، وحيث ادركنا الوقت فإنا نرجع عرض بقيّه النماذج الى المحاضرة المقبل إن شاء الله (تعالى).

وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp