بيان آل محمد في أعدائهم (19) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
بيان آل محمد في أعدائهم (19) 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين ..

خطبة أمير المؤمنين في خلفاء الجور والضلالة
ما زلنا نبحث في موضوع بيان آل محمد في أعداءهم  وقد ذكرنا سابقا مجموعة من الأحاديث المنسية المجهولة القدر الغائبة عن أذهان الناس التي فيها عبر أئمتنا صلوات الله عليهم عن مظلومياتهم تجاه من غصبوا حقوقهم وعادوهم  وبين يدينا اليوم حديث هو عبارة عن خطبة مطولة من الخطب البليغة لسيدنا ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه هذه الخطبة العظيمة يشتكي فيها فيها أمير المؤمنين ممن تقدمه من خلفاء الجور والضلالة  ويعبر عنهم بصراحة لا متناهية ويُبين مجموعة من الحقائق التي قد يتفق به  ثم يطلب فيه في آخر خطبته هذه الأمة أن تتبرأ من هؤلاء وتلعنهم ..

هذه الخطبة رواها محمد بن الحسن الصفار وهو من علمائنا المتقدمين رضوان الله تعالى عليه في كتابه الإرشاد بكيفية الطلب في أئمة العباد ونقلها عنه أيضا علي ابن يوسف أبن المطهر الحلي أخو العلامة الحلي رضوان الله تعالى عليهما في كتابه "العلل القوية" ونقلها أيضا أبن شلهوب في المناقب وكذلك العلامة المجلسي في البحار هذا ما يتصل بمصدر هذه الخطبة ونبدأ بذكر هذه الخطبة والتعليق عليها كما هي عادتنا ..

  خطب عليه السلام وقال : " مالنا ولقريش !؟"
  فالإمام بدأ يشتكي من قريش " ما لنا ولقريش وما تنكر منّا قريش غير أنّا أهل بيت شيّد الله فوق بنيانهم بنياننا ، وأعلى فوق رؤوسهم رؤوسنا ، واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله أن اختارنا عليهم وسخطوا ما رضي الله وأحبوا ما كره الله "

  يقول ماذا ينقمون علينا ، وما تنقم منا قريش غير أن الله تبارك تعالى فضلنا نحن أهل البيت عليهم ، فأحبوا ما كره الله ، وسخطوا ما رضي الله ، فالله أرتضى لأهل البيت هذا المقام وقريش تأبى وتريد أن يكون هذا المقام في عشائر وبيوت أخرى ، فلما اختارنا الله عليهم، أشركناهم في حريمنا " ، بمعنى أدخلناهم في حدود صلاحياتنا وأمكانايتنا وقدرتنا ، وحينما دخلوا في هذا الدين ولو أنهم دخلوا مكرهين إلا إننا تحملناهم وأدخلناهم في حريمنا يعني في توابع قدرتنا وعرفناهم الكتاب والنبوة وعلمناهم الفرائض والسنن وحفظناهم الصحف والزُبر وديناهم الدين والإسلام "فبعد كل هذ الذي قدمنا لهم ماذا فعلوا ؟ كيف كافئونا ؟ "فوثبوا علينا وجحدوا فضلنا ومنعونا حقنا وألتونا أسباب أعمالنا " يعني نقصونا أسباب أعمالنا وأعلامنا "
  اللهم ، هذا كلام أمير المؤمنين وهو على المنبر يخطب فقط أنتم تصوروا لوعة أمير المؤمنين حينما يبوح بمثل هذا الكلام ، ما الذي في قلبه الشريف من الأسى واللوعة والحزن والهم والغم ؟ يقول :
 اللهم فإني استعديك على قريش، فخذ لي بحقي منها، ولا تدع مظلمتي لديها وطالبهم يا رب بحقي، فإنك الحكم العدل ، فخذ لي حقي منهم
  لماذا يا علي ؟ !
فإن قريشا صغرت عظيم أمري
  فقال قريشا صغرت عظيم قدري ، هذه قريش الملعونة صغرت عظيم قدرعلي أمير المؤمنين صلوات الله عليه ..
واستحلت المحارم مني ، واستخفت بعرضي وعشيرتي
الله أكبر كلمة حقيقة تجرح قلوب الموالين ، عِرضُ عليٍّ الزهراء ناموس الكبرياء استخفوا بها ..
 وقهرتني على ميراثي مِن مَن ؟ من ابن عمي وأعزوا بي أعدائي ، ووتروا بيني وبين العرب والعجم ..

   بمعنى جنوا بيني وبين العرب والعجم بسبب فتنتهم أصبحت هنالك فتن عظيمة بين العرب والعجم ، والسبب عليٌّ .. الأمة هذه تصارعت منذ ألف وأربعمائة عام وإلى اليوم ويقتل بعضها بعضا بسبب من ؟ بسبب عليّ ، الخلاف على عليّ أهو الولي أم لا ؟ فتقاتلت الأمة وإلى اليوم ، هذا الذي جرى اليوم في كربلاء مثلا هذا التفجير لمَ ؟ السبب عليٌّ يعني كُره النواصب لعليّ وإتباع علي ، فلولا ما حصل وما فعله أهل السقيفة اللعناء لما وقعت هذه المجازر وهذا معنى قوله الشريف ووتروا بيني وبين العرب والعجم أي جعلوني أنا نقطة الخلاف في حين يفترض بالنسبة لهذه الأمة أن يكون عليٌّ نقطة إتفاق كما هو شأن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا فرق
 ووتروا بيني وبين العجم وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدي ، ومنعوني ما خلفه أخي وحميمي وشقيقي ، وقالوا إنك لحريص متهم ..
 يعني بعد ما ما منعوني من ميراث أخي وشقيقي قالوا لأنك حريص متهم ، أنت طماع والعياذ بالله ، حريص على هذه السلطة وحريص على الحكومة والميراث ولهذا نتهمك في حين أنه صلوات الله عليه يعبرعن كل هذه الدنيا وعن هذه الإمرة والحكومة بعفطة عنز لولا إن يقيم حقاً ويدفع باطلا لا أكثر ولا أقل ..

أليس بنا اهتدوا من متاه الكفر..
  كلمات عظيمة حقيقة فلتعرف قريش وليعرف العرب بهذا الزمن من صاحب الفضل عليهم ؟ غير محمد وعلي وآلهم الطاهرون صلوات الله عليهم ؟ لا أمجاد للعرب أفهموا هذه الكلمة جيدا  لولا محمد وآل محمد فقط وفقط هم الذين صنعوا المجد لهذه الأمة وإلا كانت هذه الأمة أخس الأمم وأحطها ، قارنوا أنتم بين الشعوب وبين الأمم تلك أمة كافرة صحيح ولكن على الأقل تعبد شمساً تعبد قمرا تعبد إنسانا تعبد روحًا تعبد نبيا كالنصارى ولكن إن تأتي إلى أمة تعبد حجرا! ماذا ؟ حجر صماء هو هذا الحجر حجر صماء بكماء ما معنى هذا ؟ معناه أن هذه الأمة مستواها العقلي كان أحط الأمم أحط المستويات وأنزلها ، في مثل هذه البيئة نشأ رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع من هذه الأمة من أحط قدر بين الأمم إلى أرفع قدر وجعلها أمة عظيمة متقدمة ، فلولا أهل البيت ولولا عليٌّ بطل الإسلام لما كان لهذه الأمة مجد فليعرفوا أفضال أهل البيت عليهم ..

  أليس بنا اهتدوا من متاه الكفر، ومن عمى الضلالة ، وعن ظلماء الجهالة ..
يعدد أمير المؤمنين  لا تنسوا كيف كنتم وبنا كيف أصبحتم وأين وصلتم يعبر، الآن يعبرعن نفسه صلوات الله عليه ..
أليس أنقذتهم من الفتنة الصماء والمحنة العمياء ، ويلهم ألم أخلصهم من نيران الطغاة ، وكرة العتاة ، وسيوف البغاة ، ووطأة الأُسد ، )جمع الأسد مع حذف الواو( ومقارعة الطماطمة )يعني العمالقة الأقوياء الأبطال( ومماحكة القمامة الذين كانوا عجم العرب وغنم الحروب ) كناية عن الثروة) وقطب الأقدام ، وجبال القتال ، وسهام الخطوب ، وسل السيوف ..

 الذين كانوا عجم العرب يقصد أنهم بالنسبة إلى العرب كالعجم في القوة والبأس لأن العرب كانوا سابقا يضربون المثل بالعجم وأهل الحمرة في القوة والشدة والبأس في الحروب ، لأنه ما كان في تاريخ العرب مرة من المرات العرب خاضوا حربا مع العجم إلا وهزموا لم يحصل هذا من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله ، إلى أن جاء رسول الله معركة واحدة فقط العرب اشتبكوا فيها مع الفرس وانتصر العرب ، معركة ذي قار وكان العرب الذين حاربوا في تلك الفترة ماكانوا على ملة الاسلام رسول الله كان قد ظهر في المدينة المنورة أيام ذي قار ولكن ما كانوا على ملة الإسلام فحينما بدأت المعركة ذكرنا هذا في خطبة سابقة ونعيده لا بأس ، حينما بدأت المعركة بدأت الكفة تميل كما هي العادة الى الفرس وبدأوا  يبيدون العرب في ذي القار وإذا بهم حيث وصلت ألى مسامع العرب أن هنالك نبيا اسمه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله ظهر في المدينة وحارب قريشا على قوتها وعظم أمرها وانتصرعليهم بجيش أقل من جيش قريش في معركة بدر قالوا إذا لنهتف بنفس الهتاف الذي هتف به أولئك المسلمون ، يروي المخالفون في مصادرهم أنهم قالوا بين المعركة قالوا لبعضهم بعضا عليكم بشعار التهامي قالوا وماذا نقول ؟ قال قولوا يا محمد يا محمد ، وإذا بالجيش العرب المشركون كلهم يهتفون يا محمد يا محمد وإذا بهم ينتصرون فوصل الخبر لرسول الله قام خطيبا فقال لم ينتصر العرب في هذه المعركة إلا بي  بإسمه الشريف انتصروا على العجم وإلا لم يسبق لهم أن انتصروا على أمة أخرى كانوا فقط يعرفون أن يتقاتلوا فيما بينهم ، والعجب اليوم إن يأتينا الوهابي الأحمق ويقول إذا قلتم يا محمد فأنتم مشركون لما تنادون رجلا ميتا ورسول الله يقول بي نصروا وكانوا مشركين وشعارهم هو هذا ، لا .. فسوف نظل نهتف إلى الأبد يا محمد يا علي يا علي يا محمد ، يكمل أمير المؤمنين صلوات الله عليه ..
أليس بي يسموا الشرف ، وبي نالوا الحق والمنتصف (يعني العدل)، ألست آية نبوة محمد، ودليل رسالته وعلامة رضاه وسخطه ، أليس بي تقطع الدروع الطلاس
(يعني الدروع التي لها بريق القوية يقول أنا أقطع هذه الدروع دروع المشركين ) وتصطلم الرجال الحراص ، وبي كان يفري جماجم البهم (أي الفرسان الأبطال) ، وهام الأبطال ، إذ فزعت تيم إلى الفرار وعدي إلى الانتكاص (يعني الإنهزام) ..

  هنا يرمز إلى من ؟ إلى أبي بكر وعمر فأبو بكر من عشيرة تيم وعمر من عشيرة عدي فيقول إنا حينما فعلت هذه الأمجاد التي عددتها أين كانت تيم وعدي ؟ أين كان أبو بكر وعمر إذ فزعت تيم إلى الفرار وعدي إلى الإنتكاص ، أي أمجاد كانت لأبي بكر وعمر في الحروب ارجعوا إلى التاريخ بيننا وبين المخالفين المصادرالتي يعترفون بها هاتوا لنا رجلا واحدا قتله عمر بن الخطاب من المشركين في أي حرب وفي أي غزوة من غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ هاتوا لنا رجلا قتله أبو بكر؟ لا يوجد ، لا أمجاد لهم ولا قوة ولا بأس في الحروب ، تطالع في حروب رسول الله لا تجد الا أسما واحدا يتلألأ اسمه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ..
  أما وأني لو أسلمت قريشا للمنايا والحتوف وتركتها فحصدتها سيوف الغوانم  ووطأتها خيول الأعاجم، وكرات الأعادي ، وحملات الأعالي ، وطحنتهم سنابك الصافنات ، وحوافر الصاهلات، في مواقف الأزل والهزل في ظل الأعنة وبريق الأسنة ما بقوا لهضمي ، ولا عاشوا لظلمي ..
  دققوا هنا أمير المؤمنين يقول حينما دخلت قريش راغمة في الإسلام لو كنت تركتها لأعدائها ممن حاربوها فيما بعد ولم أشارك في هذه الحروب لهلكوا كلهم ولا بقوا ولا عاشوا حتى يهضموني ويظلموني ..
 ولما قالوا إنك لحريص متهم ، اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق فإني مهدت مهاد نبوة محمد صلى الله عليه وآله ورفعت أعلام دينك وأعلنت منار رسولك فوثبوا علي وغالبوني ونالوني وواتروني ..

  أي ما كانوا ليتهموني بالحرص على الخلافة والحكومة فظلموني واضطهدوني يشتكى أمير المؤمنين على منبر الكوفة في زمان حكومته من هؤلاء وإذ برجل من المسلمين ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم ويسأل أمير المؤمنين سؤالا شديد الحساسية ما هو هذا السؤال ومن هذا الرجل ؟ فقام إليه أبو  حازم الأنصار ويقال له أيضا البياضي فقال يا أمير المؤمنين :
   يا أمير المؤمنين أبو بكر وعمر ظلماك أحقك أخذا وعلى الباطل مضيا أعلى حق كانا ؟ أم على صواب أقاما ؟ أم ميراثك غصبا ؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك ، أو نعلم حقهما من حقك، أبزاك أمرك؟ أسلبا حقك أم غصباك إمامتك، أم غالباك فيها عزا، أم سبقاك إليها عجلا ؟ فجرت الفتنة، ولم تستطع منها استقلالا، فإن المهاجرين والأنصار يظنان أنهما كانا على حق وعلى الحجة الواضحة مضيا ..

 لا تتعجب علي بن أبي  طالب قرابة ربع قرن محجوز في البيت منذ زمان استشهاد النبي الأكرم وحتى مقتل عثمان طوال هذه الفترة تناسوا شيء اسمه علي وإمامة علي والغدير وولاية أهل البيت تناسوا ذلك الواقع هو الذي شكل عقلياتهم فبالفعل كان عامة المهاجرين والأنصارعلى إعتقاد بأن أبا بكر وعمر مضيا على المحجة البيضاء فتفشت هذه العقيدة إلى أن جاء أمير المؤمنين واستلم الحكومة ببيعة جماهيرية لا مثيل لها على الإطلاق فحينما استلم بدأ يعيد الأمة من جيد إلى سابق عهدها الأول ويثبت إمامته ، بماذا أجاب أمير المؤمنين أبا حازم الأنصاري ؟ كلمات في غاية الأهمية فقال صلوات الله عليه ..
   يا أخا اليمن لا بحق أخذا يقصد أبا بكر وعمر لم يأخذا بالحق ولا على إصابة أقاما ولا على دين مضيا ولا على فتنة خشيا ..
  يقصد أبو بكروعمر اللذين لم يكن عندهم دين أصلا بل كانا على كفر وشرك ونفاق وماتا على ذلك ، إلى اليوم نحن نسمع تبرير المخالفين لمهزلة السقيفة ماهو ؟ يقولون كان خوفهم على أمة الإسلام من أن تقع في الفتنة فبادر أبو بكر وأخذ الحكم حتى لا تقع فتنة ، أمير المؤمنين يقول أبدا لم يكن اهتمامهم أن تقع فتنه فخشوا على الأمة ، يخاطب أمير المؤمنين المسلمين من تحت المنبر ويستدل عليهم ويبين الحق من الباطل بصراحة ، لم يعد هناك مجال للتورية وللسكوت والإخفاء ، يكمل ..

   يرحمك الله ، اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل ، أتعلمون يا إخواني أن بني يعقوب على حق ومحجة كانوا حين باعوا أخاهم ، وعقوا أباهم ، وخانوا خالقهم ، وظلموا أنفسهم، فقالوا : لا .. فقال يرحمكم الله أيعلم إخوانك هؤلاء أن ابن آدم قاتل الأخ كان على حق ومحجة وإصابة وأمره من رضا الله ؟ فقالوا : لا .. فقال عليه السلام : وكذلك فعلا بي ما فعلا حسدا، ثم إنه لم يُتب على ولد يعقوب إلا بعد استغفار وتوبة وإقلاع وإنابة وإقرار، ولو أن قريشا تابت إليّ واعتذرت من فعلها لاستغفرت الله لها ..
 كل الأمثلة التي ضربتها لكم كلكم اقررتم أنهم ما كانوا على الحق كانوا على الباطل يقول نفس الشيئ أبو بكر وعمر أيضا كانوا على الباطل وظلموني حسدا وبغضا ، فأولاد يعقوب أخوة يوسف لم يتب الله عليهم إلا بعد الندم والاستغفار أما قريش لم تندم ولم تأتي إليّ معتذرة ولو كانت فعلت لاستغفرت لهم الله تبارك وتعالى ولكنهم أصروا على موقفهم ، عمر إلى آخر لحظة من حياته أقرءوا في التواريخ وقد نزل به الموت وانكشف له شيئ من الحجاب فرأى ملائكة العذاب في جهنم تقول له أقبل هذا مكانك في قعر جهم في التابوب فانتفض عمر وكان إلى جواره ابنه عبد الله بن عمر فقال له اذهب واطلب لي أبا الحسن ، وجاء عليٌّ عليه السلام فقال عمر أنا أتوب فهل ترى لي من توبة في مثل هذا الموضع ؟ أمير المؤمنين عليه السلام قال له نعم بشرط الآن تصعد على المنبر إمام عامة المسلمين وتبين للمسلمين جرائمك وما فعلت وتعيد الحق إلينا إذا تقوم بهذا انا اضمن لك على الله وعلى ابن عمي وعلى امرأتي فاطمة صلوات الله عليها ان يرضوا عنك ويغفر الله لك إلى هذه الدرجة أعطاه صفقة مربحة أي إنسان في مثل هذا الموضع لا يشك يختار إن يتوب خصوصا انه يرى أنه لحظات ويذهب الى جهنم ، فكر عمر قليلاً وماذا قال ؟ قال عبارة إلى اليوم المسلمون يرددونها بجهالة (النار ولا العار) فأنا مستعد أن أدخل نار جهنم ولا يصبني عار ويقولون عني فيما بعد إن عمر عير نفسه واقر على نفسه بجرائمه هذا عار لي لا أقبل النار ولا العار والمسلمون إلى اليوم يرددون هذا المثل وهو مثل خاطئ ومخالف للشرع ، هذا حتى تعرفون مدى إصرارهم على المعصية وعل ظلم أهل البيت ، ثم قال عليه السلام ..

  إنما أنطق لكم العجماء ذات البيان وأفصح الخرساء ذات البرهان لأني فتحت الاسلام ونصرت الدين وعززت الرسول وثبت أركان الإسلام وبنيت أعلامه وأعليت مناره وأعلنت أسراره وأظهرت آثاره وحاله وصفيت الدولة وشيدت أركانها ووطأت للماشي والراكب ثم قدتها صافية على أني بها مستأثرا ..
   إنما أنطق لكم العجماء ذات البيان حقيقة عبارة بليغة جدا قمة البلاغة يقول أنا في بياني للحق أجعل العجماء التي لا تنطق اللغة العربية بشكل سليم هذا الذي فيه لكنة أعجمية أجعله ذا بيان ، فالذين عندهم لكنة أعجمية أنطقهم باللغة العربية بشكل رفيع جدا ، وأجعل الخرساء فصيحة ذات برهان بكلامي هذا ، حقيقة كلمات أدبية رائعة جدا وبليغة ، وقوله على أني مستأثرا بها بعد الذي فعلت للأسلام والدولة ، هكذا يتهموني بالأثرة والاستئثار والديكتاتورية ثم قال عليه السلام :
   ثم سبقني إليه التيمي والعدوي كسباق الفرس احتيالا واغتيالا وخدعة وغلبة ..
  أي التيمي أبو بكر والعدوي عمر يسبقوني فيما بعد والناس تعتبرهم سباقين عليّ وهم لا فضل لهم ولا أمجاد في بناء الإسلام وإنما سبقوني بالاحتيال وبالاغتيال وبالخدعة وبالغلبة هكذا يحصل فهذا عليٌّ عليه السلام يبث لوعته للمسلمين ، ويقول عليه السلام بعد كلام :
  ولمّا أنزل الله عزوجل : { وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه } دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام فنحلها فدكا وأقامني للناس عالما وإماما، وعقد لي وعهد إليّ ، فأنزل الله عز وجل :
{ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }
  فقاتلت حق القتال ، وصبرت حق الصبر على أنه أعز تيما وعديا على دين أتت به تيم وعدي أم على دين أتى به ابن عمي وصنوي على أن انصر تيما وعديا أم انصر ابن عمي وحقي وديني وإمامتي ..

  أقول عليٌّ عليه السلام هو ولي الأمر قاتل حق القتال حينما توافرت ظروف القتال وصبر حق الصبر حينما توافرت ظروف الصبركما أمره ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول عليه  السلام أنا جاهدت كل هذا الجهاد وصبرت كل هذا الصبر وقدمت كل هذه التضحيات من أجل ماذا ؟ من أجل أن أعز الدين الذي جاء به تيم وعدي أبو بكر وعمر هذا الدين الذي خلقوه بعد رسول الله أم على أن أعز الدين الذي جاء به ابن عمي وصنوي محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وآله على أيهما أنا جاهدت لأيهما ضحيت ، هل أنصر تيما وعدي أم أنصر ابن عمي وحقي وديني وإمامتي من أنصر ؟ أهكذا يفعل بي ..
 وإنما قمت تلك المقامات ، واحتملت تلك الشدائد ، وتعرضت للحتوف على أن نصيبي من الآخرة موفرا )تحملت من اجل نصيبي من الآخرة (، وإني صاحب محمّد ، وخليفته ، وإمام أمته بعده ، وصاحب رايته في الدنيا والآخرة ، اليوم ، اليوم أكشف السريرة )لكي ترون الحق(عن حقي، وأجلي القذى عن ظلامتي حتى يظهر لأهل اللب )ما يتجمع في العين من اتربة وغبار فيكون النظر مشوشاً(، حتى يظهر لأهل اللب (العقل) والمعرفة أني مذلل، مضطهد ، مظلوم، مغصوب، مقهور، محقور، وأنهم ابتزوا حقي ، واستأثروا بميراثي ، اليوم نتوافق على حدود الحق والباطل، من من استودع خائنا فقد غش نفسه ، من استرعى ذئبا فقد ظلم من ولي غشوما فقد اضطهد ، هذا موقف صدق ومقام أنطق فيه بحقي ، وأكشف الستر والغمة عن ظلامتي ..

  يستمر أمير المؤمنين في بيانه ، ونداء إلى كل الأمة ونداء لكم اليوم وكل من يعتقد في نفسه أنه مسلم هذا نداء عليا لك فاسمع وأطع :
يا معشر المجاهدين والمهاجرين والأنصار أين كانت سبقت تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة ..
 أين كانت هذه الغيرة على الدين ، لأنهم يقولون سبقوا وتراكضوا وهرولوا إلى سقيفة بني ساعدة ليس حبا في الحكم معاذ الله وإنما خوفا على الإسلام وغيرة على الدين وخشية من النفاق والفتنة ، أمير المؤمنين عليه السلام يقول هذه الغيرة وهذا الإيمان العظيم أين كان في هذه المواضع التي سيعددها ..

أين كانت سبقت تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة ألا كانت يوم الأبواء ..
هذه الغزوة وقعت بعد سنة واحدة من هجرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله معركة بين المسلمين والمشركين في صحراء الأبواء يقول أين كانوا هناك لما لم يتسابقوا الى الجهاد كنت أتسابق للجهاد ؟وأين كان إيمانهم هذا ؟!!
 ألا كانت يوم الأبواء إذ تكاتفت الصفوف ، وتكاثرت الحتوف ، وتقارعت السيوف أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابن عبد ود، وقد نفح بسيفه، وشمخ بأنفه وطمح بطرفه   (يقصد عبد بن ود العامري في الأحزاب فأين؟!  أين إيمانكم) ولم لم يشفقا على الدين وأهله يوم بواط (معركة بواط في السنة الثانية من الهجرة ) اسود لون الأفق، وأعوج عظم العنق، وانحل سيل العرق ..
هنا أمير المؤمنين يصف اشتداد المعركة بأوصاف بليغة أدبية ، أين كانوا هناك؟ فلا تجد لأبو بكر وعمر ذكرا ..
 ولم يشفقا يوم رضوي إذ السهام تطير والمنايا تسير، والأسد تزأر وهلا بادرا يوم العشيرة ..
  ويقصد لماذا لم يثبتا في معركة أحد لا بل فروا وانهزموا "معركة أحد وقعت في السنة الثالثة للهجرة فهذه المعركة أيضا لا ذكر لأبي بكر وعمر فيها ..
 إذ الأسنان تصطك، والآذان تستك (تصم الآذان) والدروع تهتك وهلا كانت مبادرتهما يوم بدر، إذ الأرواح في الصعداء ترتقي  (يعني في المشقة) والجياد بالصناديد ترتدي والأرض من دماء الأبطال ترتوي ..

أين كانت أمجاد أبو بكر وعمر في معركة بدر ؟ لا تجد ..
 ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر الثانية ؟ والرعابيب " الضعفاء ترعب "، والأوداج تشخب "ينزل منها الدم"، والصدور تخضب بالدم ، أم هلا بادرا يوم ذات الليوث "معنى آخر لمعركة حُنين لشدتها "، وقد أبيح المتولب "أبن الحمار كناية عن الغنائم" و اصطلم الشوقب "قطع الرجل الطويل" ، وأدلهم الكوكب ولم لا كانت شفقتهما على الإسلام يوم الكدر ؟ "يوم غزوة دومة الجندل تسمى بيوم الكدر " والعيون تدمع ، والمنية تلمع ، والصفائح تنزع ..
 صفائح  الحرب كانت تنزع ويأتي بها الإبطال ، فأخرجوا لي أمجادهم أين هي ؟ أنا الذي نصرت الإسلام وانتصرت به واثبت هذا الدين في كل المعارك فأرجعوا لتاريخ معركة بدر الكبرى تجدون مجموع من قتلهم علي من المشركين يفوق عدد مجموع كل من قتلهم المسلمون من المشركين  يعني إذا المسلمون كلهم قتلوا مئة إنسان عليٌّ لوحده قتل مئتين في معركة واحدة ، هذه أمجاد علي أما أبو بكر وعمر لا تجد شيئا لهما ثم عدد وقائع النبي صلى الله عليه وآله كلها على هذا النسق وهي عدد الغزوات التي أبلى بها الإبطال ..

وقرعهما (يعني ادحض حجتهما في هذه المواقف) ثم عدد وقائع النبي صلى الله عليه وآله كلها على هذا النسق ، وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة والخوالف والقاعدين ، فكيف بادرا الفتنة بزعمهما يوم السقيفة ؟ وقد توطأ الإسلام بسيفه ، واستقر قراره وزال حذاره..
يقول هذه الغيرة على الدين وعلى الفتنة في تلك الوقائع حيث كان الإسلام في خطر لم يفعلوا شيئ أما الإسلام كان قد أقيم الدولة الإسلامية كانت متينة قوية ، استشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يـتأثر الإسلام بشيئ ، هل حدث شيئ في مجتمع المدينة المنورة عاصمة الدولة ؟ ابدا لم يحصل شيئ ، المسلمين كانوا مشغولين بالعزاء والفاجعة العظمى فلماذا في هذا الموقف فقط يدعيان بأنهما إنما بادرا وسارعا إلى السقيفة خوف الفتنة ؟ أين كانت هذه الغيرة وهذا الإيمان من ذي قبل ثم قال بعد ذلك كله ..
 ما هذه الدهماء والدهاء وردت علينا من قريش ، أنا صاحب هذه المشاهد وأبو هذه المواقف ، وابن الأفعال ، يا معشر المهاجرين والأنصار إني على بصيرة من أمري، وعلى ثقة من ديني اليوم أنطقت الخرساء البيان ، وفهمت العجماء الفصاحة  وأتيت العمياء بالبرهان هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين. فتبرؤا رحمكم الله ممن نكثوا البيعتين  (يقول أمير المؤمنين تبرؤوا من هؤلاء الذين نكثوا البيعتين بيعة الرضوان وبيعة الفتح)، وغلب الهوى عليه به فضل (اصبح ضالا لأنه قد غلبه هواءه) وأبعدوا رحمكم الله ممن أخفى الغذر ..

أمير يطلب منكم أيها المسلمون أن تتبرؤوا من أبي بكروعمر ثم أن تبتعدوا عنهم لأنهما قد اخفوا الغدر ، يكمل أمير المؤمنين خطبته ..
وطلب الحق من غير أهله فتاه ، والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين (في أحد وحنين لا تتوقفوا عن لعنهم لعنة الله عليهم ) إذ يقول الله :
{ إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله }
هذا الذي يولي دبره للعدو أي يهرب من المعركة بين المسلمين وبين الكفار هذا يبوء بغضب من الله وقد ثبت عند الفريقين وعند جميع فرق المسلمين أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا ممن فر وولى دبره للمشركين في معركة أحد ومعركة حنين فكانوا زعماء الفرارين فإذا هذه الآية تنطبق عليهم أنهم قد باءوا بغضب من الله ومن يغضب الله عليه وجب لعنه ، وقال :
{ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين }.
 وأغضبوا رحمكم الله على من غضب الله عليهم وتبرؤا رحمكم الله ممن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله "وهذا الحديث أيضا يرويه البخاري بلفظ مشابه"، ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين ، فأقول:  أصحابي ، فيقال : محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" ..
فهؤلاء سيذهبون إلى جهنم ولن يدخلوا الجنة أبدا وهذا الحديث أيضا مروي عند البخاري وحتى عند مسلم يقرون به ..
وتبرؤا رحمكم الله من النفس الضال من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال فيقولوا : { ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين }
سبق إن ذكرنا ان المروي في هذه الآية عند أهل البيت صلوات الله عليهم أن المقصود بمن سيجعل تحت إقدام الناس الذين أضلانا من الجن والإنس إنما هما أبا بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب..

ومن قبل أن يقولوا :
{ يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين }
أو يقولوا :
{ وما أضلنا إلا المجرمين، أو يقولوا ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا }
 إن قريشا طلبت السعادة فشقيت، وطلبت النجاة فهلكت ، وطلبت الهداية فضلّت ، إن قريشا قد أضلت أهل دهرها ومن يأتي من بعدها من القرون"..
هنا قريش  كناية عن أبو بكر وعمر فهم أضلوا أهل الدهر ومن يأتي بعدهم من القرون وإلى اليوم وللأسف هذه الأمة في ضلال لعدم معرفتها حق عليٍّ وآل علي ، إن الله تبارك اسمه وضع إمامتي في قرآنه أين ؟ فقال :
( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما )
علي هو الذي كان يبيت لربه ساجدا وقائما ، ثم :
( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (
ومن أعظم من الزهراء وذريتها صلوات الله عليهم أجمعين ، واجعلنا للمتقين إماما بهذه الصفات جعل الله عز وجل عليا إماما للمتقين ، وقال تعالى :
( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور (
إلى هنا انتهت خطبة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، أمثال هذه الخطب العظيمة البليغة يجب أن تطبع وتوزع وتنتشر لمَ هي موجودة في بطن الكتب والناس حينما تستمعها في مجلس كهذا تظن أنها تسمعها لأول مرة ، لا .. فحق عليٍّ علينا إن تنتشر ظلاماته على الأقل التي هي بلسانه خطبة مطولة بلسانه الشريف فهو يعبر عن مظلوميته ، فاسعوا جميعا في أن تنتشر هذه الكلمات النورانية حتى تعرف هذه الأمة حق علي وآل علي صلوات الله عليهم أجمعين .
هذا وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp