وصلَ سماحة الشيخ ياسر الحبيب في الجلسة الحادية والعشرين من سلسلة الرد على الضجة المفتعلة من أنصار عائشة حديثه بما تبقى للرد عليه في رسالة الأخ حسين في الجلسة السابقة، وهي النقطة التي أثارها الأخ المرسل بأن الوهابية يستغلون سلسلة جلسات الرد لغرض التحريض على الشيعة، عن طريق هوايتهم أو حرفتهم في تقطيع محاضرات خطباء شيعة أهل البيت عليهم السلام وإثارة الفزع حول ما تحتويه.
سماحة الشيخ الحبيب أجمل الرد على هذه النقطة بالتأكيد على ضرورة التحلي بالثقة بالنفس عند مواجهة المخالفين مع ترك اللف والدوران في المسائل العقائدية لما يعطيه من نظرة سلبية لدى الخصوم، كما أكّد على ضرورة معرفة أن أمر التحريض يأتي من باب تحصيل الحاصل وقد لاقاه الشيعة السابقون على مر الأجيال وسيواجهه الشيعة الآن وفي المستقبل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
و في سياق حديثه تطرق سماحته إلى البيان السخيف الذي صدر باسم عائلة بوخمسين في الإحساء والخبر والدمام والكويت والبحرين والذي وقـّعه أربعة من مشايخ المتردية والنطيحة، وجاء في صدارته الآية الكريمة {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون} متناسين إنها نزلت في أبي بكر وأضرابه من كبار المنافقين، قبل أن يتبعوها بوصف ما جاء على لسان الشيخ الحبيب في كلمته بالاحتفال بذكرى هلاك عائشة لسنة 1431 هجرية بأنه (بذاءة)، بينما لم يكلفوا أنفسهم عناء النظر فيما جاء بكلمة الاحتفال، ولا غرابة في ذلك إذا ما تضمّن بيانهم سيلاَ متدفقـًا من (البذاءة) في حق الشيخ الحبيب حينما قذفوه بأنه دعيّ، ونعتوا في بيانهم (الدعيّة بنت الدعيّ) عائشة بنت أبي بكر بأنها (الصدّيقة بنت الصدّيق) رضي الله عنهما!
تلا سماحة الشيخ الحبيب نص هذا البيان ببالغ الألم والحسرة متأسفـًا على ما وصل إليه حال هؤلاء الضالين من الوقاحة المقززة في التجاسر على رسول الله صلى الله عليه وآله بامتداح إثنين من أفراد العصابة التي تآمرت على قتله وعزل وصيّه الشرعي عن خلافته، متسائلا سماحته.. هل سمعتم يومًا بأن هؤلاء المشايخ (الكرام) قد أصدروا بيانا وصفوا فيه العرعور الذي طالما استهزئ بصاحب العصر عليه السلام بأنه دعيّ؟
وبيّن الشيخ «حفظه الله» أنه لا فقه يبيح لهم هذا القذف، فرسول الله قال ”يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا دعيّ“، ولم يقل مثل هذا النص في عائشة حتى يشرعن أحدٌ ما فعلة هؤلاء القوم.
واستصرخ سماحته أهل الإيمان وأهل الغيرة وأهل التشيّع الأصيل في الإحساء والخبر والدمام والكويت والبحرين بمن فيهم العقلاء من عائلة بوخمسين للتمعن في هذا الإسفاف الذي وصلت إليه الأمّة الإسلامية، مشددًا على أن الأمر يعد ظاهرة خطيرة لم يسبق لها الحدوث، لأن العبارات الصريحة المستخدمة في عائشة لم يسبق أن استخدمها أحد من علماء التشيّع من قبل حتى في أشد مواضع التقيّة على الإطلاق، فأقصى ما وصلوا إليه كان استخدام التورية لتخليص أنفسهم من الضرر المعتد به بما لا يحق باطلا ولا يبطل حقا كما جُعِل شرطًا للتقية.
وأردف سماحته أنه لا سبيل لإعذار مصدري هذا البيان لأنهم ليسوا في موضع التقية الذي يعرّضهم للقتل أو الذبح لو لم يصدروا بيانا بإشهار براءتهم من (ياسر الحبيب) واكتفوا بالتزامهم الصمت.
وأضاف (حفظه الله) في وقت لاحق من الجلسة أن هذا البيان لا ينطلي على أحد من المخالفين إلا إذا كان ساذجًا مغفلاً إلى أقصى درجة فهم جميعًا يعلمون أن هذا كله نفاق لأنه لا يوجد شيعي صادق يقول من قلبه (الصدّيقة بنت الصدّيق) عن عائشة وأبيها، وعليه فأن من أصدروا هذا البيان لن ينالوا منه سوى الخزي والعار في الدنيا ثم الأثم والعذاب الإلهي في الآخرة؛ وبهذه المناسبة دعا سماحته الشيعة المؤمنين إلى أخذ العبرة من الطرف المخالف الذي لا يجامل الشيعي ولا يداريه ولا يقيم له وزنا حينما يتحدث عن عقيدته لاستشعاره في نفسه أنه على الحق، منوهًا «حفظه الله» أن الصراحة وحدها هي التي تهدي المخالف لأنه لا يوجد أروع من إسلوب المكاشفة والمصارحة فهو إن لم يهدِ المخالف فإنه يجعله يستوعب مبرراتنا وحججنا ودلائلنا في اتخاذ مواقف سلبية من رموزه المقدسة.
واستطرد سماحته الحديث إلى بيان حسين المعتوق وكيل منتحل المرجعية علي خامنئي في الكويت، والذي زخرف بيانه بعبارة (الفاسق المنحرف)، مؤكدا «حفظه الله» أن هذا الرجل لم يتجرئ يوما أن يستخدم هذا الوصف ضد عدو أهل البيت في بلاده (عثمان الخميس)، معللا سماحته هذه الهجمة تجاهه بهذه الألفاظ والعبارات القاسية بأنها تأتي نتيجة للثارات المدفونة له بسبب مواقفه ضد أصنام هذه الفئات لكونه صادقا مع الله ومع رسوله ومع الناس إذا ما سُئل في شأن من هو فاقد للعدالة أو شروط التقليد.
وبشـّر الشيخ الحبيب شتى الفئات الضالة التي تنهش بلحمه وتقذفه بأن كل مساعيها ستبوء بالفشل لأنها لن تثنيه عن مواصلة المشوار في إسقاط المنحرفين عن الإسلام المحمدي الأصيل، منبهًا إياهم أنه لا يبني مجدًا شخصيًا لذاته يجمع فيه جماعة من الناس لكي يصفقون ويطبلون ويزمرون له، وإنما هو يؤدي رسالة تسير به نحو الحتف بعد أن باع نفسه لله تبارك وتعالى، كما بشـّرهم سماحته أن طريق الحق سوف يكتسب الثقة بمرور الزمن ويزداد أتباعه ومريديه بعد أن تهدأ الضجة وينجلي اللغط، بينما سوف ينكشف المنافق على حقيقته طال الزمن أو قصر وينفر من حوله الناس.
وكمثال على المنافقين المكشوفي القناع تحدّث الشيخ عن الأبله راضي حبيب عويس بنبذة مختصرة من سيرته الذاتية مبيّنـًا أنه كان بائع كتب قبل أن يتعمم فجأة ويطلب الدنيا عن طريق جماعة المدعو عدنان عبد الصمد ليرتفع شأنه من خلالهم، إلا أنهم ركلوه بأصبع اليد بعدما شاهدوا مستواه العلمي والفكري التافه والحقير، فلجأ إلى طلبَ الدنيا عن طريق المخالفين فقام بفتحه العظيم حينما صلّى خلف المخالفين مؤخرا في بدعة جماعة صلاة التراويح في شهر رمضان لسنة 1431، طالبا بذلك شيئا من فتات موائدهم، مستأنسًا ببروز اسمه في الإعلام، ولا يدري أنهم بالنتيجة سيركلونه بإصبع اليد بعد أن يفتشوا قليلا في تاريخه فيعرفوا أنه قد طبعَ كتاب (سليم بن قيس) داخل الكويت ووزعه بعيدا عن الرقابة الرسمية لأن الكتاب ممنوع في الكويت لما فيه من مطاعن صريحة في أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة ومن أشبه، وتحدى الشيخ الحبيب المنافق راضي حبيب أن يقوم بتكذيب هذا الأمر في بث مباشر يتجرأ فيه بأن يقول هذه العبارة: (برأت من حول الله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إن لم أكن أنا من وزعت كتاب سليم بن قيس في الكويت).
وقبيل ختام الجلسة أكد الشيخ الحبيب على أن التحريض ضد الشيعة كان موجودا منذ حوالي 1400 سنة وإلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض، وقد كان في السابق يتم بمجرد نسخ صفحة واحدة من أجزاء المطاعن في بحار الأنوار، بل أنه سيتمر حتى لو لم يتم التعرض لأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة عبر عرض مطاعن الشيعة في الأسماء الأخرى أو عرض أيّ من الأمور التي تميّز الشيعة وينظرون إليها بأنها أمور بسيطة، وخير نموذج ما حصل للسيد محمد باقر الفالي لغرض إخراجه من الكويت حيث حرّضوا عليه لنيله من هارون العباسي ومن أشبه.
وفيما سنح به ما تبقى من وقت الجلسة استعرض الشيخ رسالة الأخت ”أم محمد حسين“ التي أثنت في رسالتها على الشيخ الحبيب وجهاده وانتصاره لمظلومية الإمام الحسن عليه السلام وساندته في فضحه للمنافقين الذين شوّهوا الإسلام وغيّروا دين الله، داعية للشيخ بالحفظ والتوفيق لنشر منهج وعقيدة آل محمد عليهم السلام عوضًا عن عقيدة أهل السقيفة عليهم اللعنة.
ومن جانبه اكتفى الشيخ بشكر الأخت الكريمة وحمد الله على توفر النساء الواعيات في هذه الأمة، ناقلا شيئا من كلام أمير المؤمنين عليه السلام يعتبره سماحته الدستور الذي يرسم منهجه الذي يسير عليه في تجرع مر الحق والمضي في توهين الباطل وهو الدستور الذي يرسم للشيعة طريق العزة والإباء.