مختصر الدرس السادس في علم الكلام - الدورة الثانية 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
مختصر الدرس السادس في علم الكلام - الدورة الثانية 

أصل العلم:

إنَّ كلمة الأئمة التي قالوا فيها: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين». مثلّت نباراساً وحلّاً للإشكالات المثارة، ولم يسبقهم أحد إلى هذه الكلمة.

حين يُذكر علم الكلام عادةً ما يُذكر معه المُعتزلة؛ وكأنَّ لهم قدم السبق إلى هذا العلم؛ لأنهم أهل العقل والجدل والبحث، وما انفكَّت الإشارة إلى المُعتزلة حين ذكر هذا العلم إشارةً إلى أنهم أصحاب الريادة فيه، مع ذلك -تنزّلاً جدلياً- فقد صرَّح كبير المعتزلة ابن أبي الحديد أنَّ المعتزلة على نهج أمير المؤمنين -عليه الصلاة والسلام- في علم الكلام، فهذا لا يُلغي حقيقة أنَّ أئمة أهل البيت -عليهم السلام- هم المنبع.

بعض المستشرقين قالوا بأنَّ الشيعةَ هم ورثة المُعتزلة، وأنَّ الشيعة قبلهم كانوا صِفر اليدين إلى القرن الرابع -الذي مثّل نهوضاً بعلم الكلام بقدوم المفيد مثلاً-، ومِمن قال هذا الكلام المستشرق السويسري ”آدم ميتز“ في كتابه الشهير (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع): «أمّا من حيث العقيدة والمذهب فإنّ الشيعة هم ورثة المعتزلة، ولا بدَّ أن تكون قِلّة اعتداد المعتزلة بالأخبار المأثورة مِما لائم أغراض الشيعة، ولم يكن للشيعة في القرن الرابع مذهب كلامي خاص بهم؛ فنجد مثلاً أنّ عضد الدولة وهو من الأمراء المتشيّعين يعمل على حسب مذهب المعتزلة».

وهن هذا الكلام يتبيّن في عدّة وجوه:

أولاً: قدْ تبيّن اهتمام الشيعة بالأخبار، وهو يقول أنهم ما اهتموا بالأخبار كالمعتزلة، ولو رجعنا للتاريخ الشيعي نجد أنّ الشيعة اهتموا بالأخبار إلى درجة رفعوا شعار: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين». وهذا خبر، وبه جابهوا المعتزلة؛ فإذاً هم ليسوا ورثة المعتزلة؛ فالمعتزلة لا يقولون بأمر بين أمرين.

ثانياً: هذا عضد الدولة الذي يُضرب به المثل إنْ سلّمنا صدق ما قال في أنه كان مُعتزلياً في كلامه؛ فعضد الدولة مجرّد حاكم سياسي مُتشيّع لا يُمكن أنْ يُقاس عليه، فهو ليس رمزاً دينياً!

ثالثاً: قراءة هذا المستشرق تُناقضه قراءات أخرى أدق من مُستشرقين آخرين، منهم المستشرق الألماني ”جوزف فان“ أس في كتابه (علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة) تحت عنوان: (مدارس علم الكلام الرافضية) يقول: «الطريقة التي تطوّر بها علم الكلام الأساسي الذي تعرّضنا له حتّى الآن هي ظاهرة مُثيرة للاهتمام تعود بداياتها إلى بداية القرن الثاني، يتحقق تحوّل أساسي في وقت ما تحت إمامة جعفر الصادق».

ومِمن شهد للشيعة بأنّ لهم الأسبقية في علم الكلام ابن النديم، ارجع لكتابه الفهرست يقول: «أول من تكلّم في مذهب الإمامية هو علي بن إسماعيل الميثمي». وعلي بن إسماعيل هو من الأوائل.


شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp