المبحث الأول: في تاريخ الحديث وجهاد الشيعة في مقاومة حظر روايته وتدوينه*

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
المبحث الأول: في تاريخ الحديث وجهاد الشيعة في مقاومة حظر روايته وتدوينه*

1 نوفمبر 2016

بعد استيلاء زمرة المنافقين الأوائل على الحكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في انقلاب سقيفة بني ساعدة الذي أقصى الخليفة الشرعي الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما، فرضت السلطة الإنقلابية حضراً على رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وتآمرت على حرق الصحائف التي دوِّن فيها. وكان ذلك ترجمة عملية منها لما أعلنته يوم رزية الخميس حين صاح ثاني طغاته عمر بن الخطاب لعنه الله في محضر النبي صلى الله عليه وآله متّهماً إيّاه بالهجر والهذيان بقوله: إن الرجل ليهجر! حسبنا كتاب الله (1)!

كان من أوائل الأوامر التي أصدرها الطاغية الأول أبو بكر بن أبي قحافة لعنه الله ما رواه الذهبي في تذكرة الحفاظ: إن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: لا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله. فاستحلوا حلاله وحرّموا حرامه (2). وقد روى الذهبي أيضاً في نفس المصدر عن الخائنة عائشة لعنها الله أن أباها: دعى بنار فأحرق خمسمائة حديث عن رسول الله (3).

وواصل الطاغية الثاني لعنه الله السير في تنفيذ المآمرة فكان من قراراته ما رواه الطبري في تاريخه من أن عمر قال لعمّاله: أقلّوا الرواية عن محمد وأنا شريككم (4). وما رواه المتقي الهندي في كنز العمال من أنه كتاب إلى الآفاق (5): من كتب حديثاً فليمحه (6). وقد روى الخطيب البغدادي في كتاب تقييد العلم أن عمر بن الخطاب: خدع الناس باستدعائه ما بأيديهم من كتب فيها حديث رسول الله بدعوى أنه يريد أن ينظر فيها ويرى فيها رأيه ويقوّمها، فلما أتوه بها أحرقها بالنار (7). نعم، سمح عمر تالياً بأن يحدَّث عن النبي صلى الله عليه وآله في خصوص بعض الحلال والحرام مما يُعمل به (8). فقد روى ابن الكثير في البداية والنهاية أنه قال: أقلّوا الرواية عن رسول الله إلّا فيما يُعمل به (9). وذلك لأن هذا الصنف من الأحاديث لا يمثل تهديداً لتوجهات السلطة الإنقلابية في الجملة (10). وبلغ الحظر ذروته في عهد الطاغية الثاني حتى أنه حبس جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لأنهم لم يلتزموا بأمره في إقلال الرواية عنه، وضرب بعضهم الآخر (11). وبلغ الرعب حينها ذروته كذلك حتى قال الطاغية معاوية لعنه الله: إن عمر كان أخاف الناس في الحديث عن النبي (12).

وجاء الطاغية الثالث عثمان بن عفان لعنه الله ليواصل تنفيذ المخطط. فروى عنه ابن سعد أنه صعد على المنبر فقال: لا يحلّ لأحد أن يروي حديثاً عن رسول الله لم أسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر (13)(14). ثم مضى على ذلك الطاغية الرابع معاوية بن أبي سفيان وبقية طغاة بني أمية عليهم لعائن الله ومن مال إليهم.

كانت هذه المآمرة تهدف إلى حرمان المسلمين من معرفة ما نطق به النبي صلى الله عليه وآله مما يكون على الضد من توجهات وأهداف السلطة الإنقلابية، على الأخص ما نطق به النبي صلى الله عليه وآله في شأن القيادة الشرعية من بعده وهم عترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين (15). وعلى هذا جملة من الشواهد، منها:

- ما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج من أن عمر لما جوبه من ابن عباس في صدق كون أمير المؤمنين عليه السلام منصوصاً عليه بالخلافة من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال عمر: لقد كان من رسول الله ذروٌ من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذراً، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك (16) إشفاقاً وحيطة على الإسلام (17).

- ومنها ما رواه الخطيب البغدادي في كتاب تقييد العلم عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: جاء علقمة بكتاب من مكّة أو اليمن صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت، بيت النبي، فاستأذنّا على عبد الله (18) فدخلنا عليه. قال: فدفعنا إليه الصحيفة. قال: فدعى الجارية، ثم دعى ((بطسط في ماء)) فقلنا له: يا أبا عبد الرحمن أنظر فيها فإن فيها أحاديث حِساناً. قال: فجعل يمثها فيها وهو يقول: نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن. القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بما سواه (19).

- ومنها ما رواه المدائني أن معاوية كتب نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة أن: برأت الذمة ممن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته (20). ومنها ما رواه ابن الأثير في الكامل من أن المغيرة بن شعبة قال لصعصعة بن صوحان: إيّاك أن يبلغني أنك تُظهر شيئاً من فضل علي فأنا أعلم بذلك منك، ولكن هذا السلطان قد ظهر وقد أخذ بإظهار عيبه للناس، فنحن ندع شيئاً كثيراً مما أُمرنا به ونذكر الشيء الذي لا نجد فيه بدّاً نفدع به عن أنفسنا. فإن كنت ذاكراً فضله فاذكره بينك وبين أصحابك في منازلكم، وأما علانية في المسجد فإن هذا لا يحتمله الخليفة لنا (21)(22).

- ومنها ما رواه أبو الفرج الأصبهاني من أن خالداً القسري (23) طلب من أحدهم أن يكتب له السيرة، فقال الرجل: إنه ليمرّ بي الشيء من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟ فقال خالد: لا، إلّا أن تراه في قعر الجحيم (24).

- وقد نقل ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي: كان الحجّاج ومن ولّاه كعبد الملك والوليد ومن كان قبلهما وبعدهما من فراعنة بني أمية، على إخفاء محاسن علي وفاضئل ولده وشيعته وإسقاط أقدارهم، أحرص منهم على إسقاط قراءة عبد الله وأبيّ، لأن تلك القراءات لا تكون سبباً لزوال ملكهم وفساد أمرهم وانكشاف حالهم، وفي اشتهار علي وولده وإظهار محاسنهم بوارهم..فحرصوا واجتهدوا في إخفاء فضائله وحملوا الناس على كتمانها وسترها (25).

وسط هذه الأجواء الخانقة قاوم المسلمون المخلِصون من الشيعة الحظر وجاهدوا للحفاظ على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ونشرها، سيّما ما يكون منها في إمامة أهل بيته عليهم السلام، ولهذا تعرضوا لصنوف من العذاب وحروب الإبادة. روى المدائني أنه بعد ما كتب معاوية لعماله ببراءة الذمة ممن روى شيئاً في فضل علي: كان أشد الناس بلاء أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي، فاستعمل عليهم زياد بن سميّة وضم إليه البصرة فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيّام علي، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذور النخل وطردهم وشرّدهم فلم يبقى فيها معروف منهم…فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي، فازداد البلاء والفتنة فلم يبقى أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض، ثم تفاقهم الأمر بعد قتل الحسين، وولّي عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولّى عليهم الحجّاج فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه وموالاة من يدعي من الناس أنه من أعدائه، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من علي وعيبه والطعن فيه والشنآن به (26).

وكان بعض الشيعة الأبرار يتعمّد ترك التقية لألّا يضيع الحق فيعاندوا في التحديث بفضائل أمير المؤمنين عليه السلام حتى وهو مصلوب، كميثم التمار رضوان الله عليه إذ روى صاحب الغارات عن صالح بن ميثم أنه: بعدما أمر ابن زياد بقطع يدي أبيه ورجليه أتيت أبي متشحّطاً بدمه، ثم استوى جالساً فنادى بأعلى صوته: من أراد الحديث المكتوم عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام فليستمع. فاجتمع الناس فأقبل يحدثهم بفاضئل بني هاشم ومخازي بني أمية وهو مصلوب على الخشبة. فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد. فقال: فبادروه فاقطعوا لسانه. فبادر الحرسي فقال: أخرج لسانك. فقال ميثم: ألا زعم ابن الفاجرة أنه يكذّبني ويكذّب مولاي؟ هلك! فأخرج لسانه فقطعه، فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دماً، ولما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فكبّر ومات (27).

الحاصل أن خط السلطة الإنلقابية كان يحظر التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله، سيّما ما كان منه في شأن أهل البيت عليهم السلام أو ما هو مرويٌ عنهم. ولكي يتم للسلطة الأمر فقد روَّجت كذباً أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن كتابة وتدوين أحاديثه، غير أن الشيعة لم يعبئوا بذلك وما انطلى عليهم فطفقوا يدوّنون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وكان لهم قدم السبق بذلك، حيث صنّف الشيعة الأوائل من أصحاب رسول الله وأصحاب أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما كتباً حَوَت الأحاديث والسنن. أما المخالفين فقد اجترّوا الجاهلية وتأخروا جداً عن ضبط وتدوين الحديث النبوي الشريف إلى منتصف القرن الثاني (28).

ولولا هذا المنع الحكومي من الحديث الشريف في عهود الثلاثة الطغاة لما دخلت هذه الأكاذيب والخرافات والأساطير والإسرائيليات في تراث المسلمين، لأن أصول الحديث لو دوِّنت لأصبحت مضبوطةً متواترةً كافية وافية، ولا أقل من أنها لو دوِّنت لما وقع التنازع والاختلاف بسبب تعارض النصوص، الراجع أصلاً إلى تأخر التدوين المؤدي إلى رواج الوضع والاشتباه في النقل (29).

----------------------------------------

(*) نريد من خلال هذا المبحث أن نأخذ لمحة عن التاريخ النبوي والمعصومي وأن نعرف كيف نشأت عملية وحركة تدوين الأحاديث وكيف كان للشيعة الأسبقية على غيرهم في خرق الحظر الذي فرضته السلطة الإنقلابية على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وكيف جاهدوا في ذلك، وما هي الأصول والمصنفات التي دونوها والتي كانت مرجعاً للأحاديث المتداولة بين أيدينا اليوم. وذلك لأن من ضمن موضعات علم الرواية البحث عن مصادر المنقول.

(1) لم يكن عمر وحزبه يريدون السنة لأنها تبيّن معاني القرآن، ولكنهم أرادوا القرآن فقط لأنه حمّال أوجه عديدة ويمكن لهم التلاعب فيها. السلطة الإنقلابية ترجمت هذه الإرادة من خلال أفعال عملية لاحقة.

(2) تذكرة الحفاظ لشمس الدين محمد الذهبي، ج١ ص١-٢، طبعة حيدر آباد، ١٩٥٨م

(3) نفس المصدر، ص٥

(4) تاريخ الرسل والملك المشتهر بتاريخ الطبري، لمحمد بن جرير الطبري، ج٤ ص٢٠٤، طبعة القاهرة، ١٩٦٧م

(5) الآفاق كان مكتوب له يحوي قراراً من قراراته.

(6) كنزل العمال في سنن الأقوال والأفعال لعلي بن حسام الدين المعروف بالمتقي الهندي، ج١٠ ص٢٨٢ رواية رقم ٢٩٤٧٦، طبعة بيروت، ١٩٨٥م

(7) تقييد العلم لأحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، ص٥٢، طبعة القاهرة، ١٩٧٤م

(8) لقد سمح عمر لعنه الله بذلك إذ رأى أن المجتمع كان محتاجاً لذلك، أما غير ذلك فلم يسمح به.

(9) البداية والنهاية لإسماعيل بن عمر بن كثير، ج١١ ص٣٧٢، ذكر من توفي في سنة ٥٩، طبعة الجيزة، ١٩٩٨م

(10) أي: إنّ قسماً حتى مما يتعلق بالحلال والحرام كان يمثل تهديداً لتوجهات السلطة الإنقلابية.

(11) راجع تذكرة الحفاظ للذهبي، ج١ ص٧

(12) نفس المصدر

(13) تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من أحلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، المشتهر بتاريخ دمشق، لعلي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، ج٣٩ ص١٨٠، طبعة بيروت، ١٩٩٦م

(14) يقصد بذلك أنه يحل للناس أن يحدثوا فقط بذلك القدر الذي سمح به أبو بكر وعمر.

(15) من أهم الأحاديث التي تقاوم توجهات السلطة الإنقلابية ما نطق به النبي صلى الله عليه وآله في شأن القيادة الشرعية، وذلك لأن المنافقين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يطمحون في السلطة فلا يريدون أن تذهب السلطة إلى أصحابها الشرعيين. ومما يقاوم توجهات السلطة الإنقلابية أيضاً الأحاديث التي تبطل أفكارهم وعقائدهم اليهودية في التجسيم والتشبيه. ومما يقاوم ذلك أيضاً التي تبطل عقائدهم الجبرية، فكانت السلطة الإنقلابية تقول للناس مثلاً أن الله هو الذي قدّر الأمور وأجبرهم حكّاماً على الناس فلا يمكن بذلك للناس مقاومنهم. ومما يقاوم ذلك الأحاديث التي تنهى عن طاعة الحاكم الجائر، فكانت السلطة الإنقلابية من جانب آخر تروّج أحاديث تأمر بالطاعة العمياء للسلطان.

(16) شاهدنا قوله (فمنعته من ذلك). هذا كان توجه عمر لعنه الله، فإذا كان لديه استعداد لمنع النبي صلى الله عليه وآله نفسه من النطق في حياته فلا شك أن لديه استعداد لمنع ما روي عنه بعد استهشاده.

(17) شرح نهج البلاغة لعبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد، ج١٢ ص٢٠-٢١، طبعة قم المقدسة، ١٩٦٧م

(18) عبد الله هو عبد الله بن مسعود. ويبدو أنه كان حسن الحال في بدوي أمره ولكنه انضم إلى القوم الظالمين فيما بعد. وكثيراً ما يعتبرونه الشيعة أنه صالح. انتهى المحقق الخوئي في معجمه إلى أنه ساقط العدالة، وقد ذكر أن مما يقرب أن هذا الرجل منحرف عن أهل البيت عليهم السلام هو أننا وجدنا أنه في زمانهم امتنع عن الإئتمام بهم واستقل بنفسه في الفتوى، أي جعل نفسه إماماً في قبالهم. وهنا ملاحظة هامة جدا: صفة أن شخص ما يستقل بنفسه في الفتوى ينبغي أن تؤخذ مطعناً فيه، لأن فتواه تباين فتاوي أهل البيت عليهم السلام. وكذلك صفة كون الشخص قريباً لأهل الخلاف ينبغي أن تقدح في وثاقته وتجعله منحرفاً، فلا نعتبره إذ ذاك صادقاً إلا مع وجود قرينة تؤكّد صدقه فيما رواه. لهذا نحن مثلاً نقول بأن ابن عباس مذموم ساقط العدالة، لأن نفس الصفة الموجودة في ابن مسعود موجودة في ابن عباس. ينبغي النظر في مجموع آثار شأن الشخصية، لا فقط النظر في بعض ما ينقل من صلاحها. فعلينا أن لا نسكت عن هؤلاء لكي لا يعظم شأنهم.

(19) تقييد العلم للخطيب، ص٥٤

(20) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج١١ ص٤٤

(21) الكامل في التاريخ لعلي بن أبي الكرم الشيباني المعروف بابن كثير، ج٣ ص٢٩١-٢٩٢، طبعة بيروت، ١٩٨٧م

(22) يقول المغيرة أنه أعلم من صعصعة بفضائل أمير المؤمنين عليه السلام، ولكن سلطان بني أمية وهو معاوية لعنه الله قد ظهر. ثم يقول المغيره أنه يدع كثيراً مما أُمر به من قبل معاوية لعنه الله من سب أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر الشيء الذي هو المقدار الذي به يدفع القوم عن نفسه فقط، أي يحاوق أن يقول أنه "متورّع" في ذلك وكأنه يعمل بتقية. وهذا الخبر يثبت أن الشيعة الأبرار، ومنهم صعصة، في زمن بني أمية كانوا يرفعون التقية ويصرّون بالتحديث عن فضائل أمير المؤمنين عليه السلام في المسجد علناً جهراً.

(23) خالد القسري أحد ولاة بني أمية، يقول للكاتب أن لا يكتب إلا ما هو مثالب مكذوبة لعلي عليه السلام روتها أعدائه.

(24) كتاب الأغاني لعلي بن الحسين بن محمد المرواني الأموي المعروف بأبي الفرج الأصفهاني، ج٢٢ ص١٥، طبعة بيروت، ٢٠٠٨م

(25) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج١٣ ص٢٢٣

(26) نفس المصدر، ج١١ ص٤٤-٤٧

(27) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، ج٤١ ب١١٤ ص٣٤٥، طبعة بيروت، ٢٠١١م، عن كتاب الغارات

(28) لم ينطلي على الشيعة ادعاء أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن كتابة أحاديثه، وقد سبقوا غيرهم في تدوين الأحاديث. المخالفين تأخروا كثيراً في ذلك، فكانوا إلى منتصف القرن الثاني الهجري لا يكتبون الأحاديث، وأول مصنف لديهم هو كتاب الموطأ لمالك بن أنس. لذلك كان من الطبيعي أنه طوال هذه الفترة يشيع بينهم كثير من الأكاذيب والأساطير والخرافات التي حسبوها من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله. نعرف من هذا أي مأساة وقع للمصدر الثاني للشريعة وهو الحديث النبوي الشريف، الذي لم يدوَّن من قبل المسلمون عامة - لا خاصة - إلا بعد مضي قرنين ونصف بعد رحيل نبيها صلى الله عليه وآله بعدما نُسي كثير منها وتلوعب في كثير منها، بل كثير منها نسب للنبي صلى الله عليه وآله كذباً.

(29) لولا الحظر الذي فرضته السلطة الإنقلابية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لما وجدنا اليوم في الأحاديث المنسوبة إليه هذا الكم الهائل من الموضوعات والخرافات والأساطير والإسرائيليات والتعارضات، لأن هذا الحظر الذي استمر الى أكثر من قرن من التعتيم على ثقافته صلى الله عليه وآله أدى إلى أن تغيب نصوص الأحاديث المضبوطة عن الأذهان، إما بموت من كان يرويها، وإما بالاختلاط أي الالتباس عند من كان يرويها بسبب التأخر في التدوين - وبالطبع، كلما تقادم الزمن كلما كانت هيئة الحديث أبعد عن أصله بسبب النسيان والغباء البشري - وإما بسبب تحريف من كان يروي. وسبب دخول الأكاذيب والخرافات والأساطير والإسرائيليات على حديث النبي صلى الله عليه وآله الفراغ العقدي والفكري والحُكمي الذي حصل بعد منع الحديث النبوي الشريف، فاضطرت السلطة الإنقلابية إلى إيجاد شيء يملأ هذا الفراغ ليكون بديلاً عن الحديث النبوي الأصيل الذي كان يرويه أهل بيت النبي وأتباعهم عليهم السلام، فجاءت السلطة بأمثال كعب الأحبار وتميم الداري وغيرهم فنسبوا الإسرائيليات والأكاذيب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وثقَّفوا المسلمين بعقائد يهودية ونصرانية وجاهلية.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp