الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة الخامسة عشرة:
كلامنا في كيفية حصول تحريف وتهويد الدين الإسلامي والشخصيات التي لعبت أدواراً خطيرة في ذلك، مضافاً إلى قصة كفاح الشيعة لهذا التهويد والتحريف عبر الزمان. ووصلنا إلى شخصية كعب الأحبار اليهودي لعنه الله وتوسعنا في ذكر جوانب من شخصيته وأدواره في هذا الشأن، وأكثر ما هو لافت للأنظار العلاقة الخاصة التي كانت تربط ما بين كعب الأحبار والطاغية الثاني عمر بن الخطاب لعنهما الله.
عمر بن الخطاب اعتمد كعب الأحبار مفتيا أو مرجعاً للتقليد واعتمد على فتاويه وأباح للمسلمين أن يتعلموا أحكام دينهم منه، وكان منها ما هو مضحكٍ مبكٍ.. كتحليله صيد الجراد وأكله للمحرِم بدعوى أن الجراد من صيد البحر لأنه مجرّد نثرة حوت، وهو الأمر الذي سخر منه أئمتنا عليهم السلام -كما تقدم في الجلسة السابقة-.
صورة إضافية توضح العلاقة ما بين الشخصتين، والتي ينكشف فيها أن عمر بن الخطاب أباح لكعب الأحبار أن يقرأ من التوراة المحرّفة مبدياً وثوقه به، وبأن الذي بين يديه ليس بمحرّف، مادام أن كعبٌ يشهد بأنه ليس بمحرّف.
وهذه مأساة وفضيحة أخرى، لأن من المعلوم للكافة أن نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله جاء لإبطال الديانات المنحرفة ومنها اليهودية، وجاء لإبطال التوراة المحرّفة. وبهذا تسقط حجية تلك الأديان وآثارُها جميعاً، فلا يجوز الرجوع إليها أو الإيمان بها والاعتماد بها أو تلاوتها خاصةً إذا ما كان تأثر المسلمين بها قائماً.
فأن يُسمح بتلاوة التوراة المحرّفة إثمٌ عظيم، خاصةً إذا ما كانت ستؤثر على المسلمين شيئاً فشيئاً. فكيف جاز لعمر أن يجيز لكعب الأحبار في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يُقرئ هذا الكتاب المحرّف فيه؟ وكيف حصل هذا الانقلاب؟!
ما مضى على استشهاد النبي صلى الله عليه وآله إلا بضع سنين، وإذا في مسجده يُقرأ التوراة المحرّف في مسجده الذي جاء النبي لإبطاله! وبإجازة القيّم غصباً وهو الطاغية الثاني عمر بن الخطاب!
في تفسير القرطبي المجلد 4 ص33: "وإنما لا نقرأ التوراة ولا نعمل بما فيها لأن من هي في يده غير أمين عليها وقد غيرها وبدلها، ولو علمنا أن شيئا منها لم يتغير ولم يتبدل جاز لنا قراءته. ونحو ذلك روي عن عمر حيث قال لكعب: إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها".
معنى ذلك أن عمر اعتمد على تصحيح كعب الأحبار للتوراة! ومعناه أن عمر ما سمح به من التوراة أن يُتلى في مسجد النبي صلى الله عليه وآله؛ لم يكن ما سمع من النبي صلى الله عليه وآله أنه صحيح ولم يعتمد على قول النبي في التوراة أنه صحيح، وإنما اعتمد على كعب الأحبار اليهودي! فكعب الأحبار هو الذي يصحح التوراة لعمر! وبهذا يكون عمر قد سلّم زمام الدين لكعب الأحبار.
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة الخامسة عشرة من الليالي الرمضانية لسنة 1438: