شيخنا الجليل هناك بعض من أتباع أصحاب ديانة وحدة الموجود يبررون الصلاة خلف الناصبيين والبكريين استنادا لهذه الروايات فأرجو منكم أن تعطونا رأيكم لهذه الروايات وهل هي صحيحة وإن كانت صحيحة فما المقصود منها؟
- صحيحة معاوية بن وهب، قال: قلت له (ع): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممّن ليسوا على أمرنا؟ قال: ”تنظرون إلى أئمّتكم الذين تقتدون بهم، فتصنعون كما يصنعون، فوالله إنّهم ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدّون الأمانة إليهم“.
2- صحيحة زيد الشحام، قال: قال لي أبو عبد الله (ع): ”اقرأ على مَن ترى أنّه يطيعني ويأخذ بقولي السّلام، وأوصيكم بتقوى الله عزَّ وجل، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (ص)، أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برًّا أو فاجراً، وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدَّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري فيسرُّني ذلك، ويدخل عليَّ منه السرور، وقيل: هذا أدَبُ جعفر.
وإذا كان على غير ذلك دخل عليَّ بلاؤه وعاره، وقيل: هذا أدَبُ جعفر...“.
3- صحيحة عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ”أوصيكم بتقوى الله عزَّ وجل، ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلّوا، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً)، ثم قال: عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصَلُّوا معهم في مساجدهم...“.
4- خبر زيد الشحام عن الصادق (ع) قال: ”يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم، صَلُّوا في مساجدهم، وعُودوا مرضاهم، واشهدوا جنايزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدِّب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه“.
أبو زهير
باسمه تعالى شأنه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: وأي ربطٍ بين هذه الرواية ومسألة جواز الصلاة خلفهم؟ فإن الرواية ليس فيها إلا التوصية الأخلاقية بشهود جنائزهم وعيادة مرضاهم وإقامة الشهادة لهم وعليهم وأداء الأمانة إليهم. وهذه تعاملات أخلاقية جائزة ومطلوبة لأنها تحبّبهم في الإسلام والتشيع، ولا تقتصر على المخالفين بل تشمل غيرهم من أصناف الكفار كاليهود والنصارى، فقد ورد في الحديث الشريف عن الصادق عليه السلام: ”وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته“. (أمالي الصدوق ص727).
ج2: وهذه الرواية أيضاً أجنبية عن مسألة جواز الصلاة خلفهم، وإنما هي نظير الأولى، فلا دلالة فيها على مطلوبهم. وقد عاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض اليهود إذ كانوا مرضى، وكذا فعل المعصومون (عليهم السلام) فهل يقول قائل بأن ذلك يلازم الحكم بجواز الصلاة خلفهم؟!
وإنما هذه الروايات وأشباهها تجري مجرى الأمر بحسن المعاشرة تحبيباً للمخالفين في الإسلام والتشيع ليس إلا، على أن حُسن المعاشرة للمخالفين له ضوابط أيضاً، فقد نطقت الروايات بتحريم إكرامهم أو حتى الضحك في وجوههم! وهو ما رواه الصدوق عن ابن فضّال قال: «سمعت الرضا عليه السلام يقول: مَن أكرم لنا مخالفاً فليس منا ولسنا منه»!(صفات الشيعة للصدوق ص8) وما رواه المجلسي عن صاحب رياض الجنان بسنده عن الأصبغ بن نباتة قال: «سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من ضحك في وجه عدو لنا، من النواصب والمعتزلة والخارجية والقدرية ومخالف مذهب الإمامية ومن سواهم؛ لا يقبل الله منه طاعة أربعين سنة»! (مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج12 ص322 وبحار الأنوار للمجلسي ج102 ص216)
ووجه الجمع بين هذه الطائفة من الروايات والتي سبقتها الآمرة بحُسن معاشرتهم هو حمل هذه على المخالفين بالأصالة، أي كبراؤهم وعلماؤهم ممن يكون في إكرامهم والضحك في وجوههم تقوية لباطلهم وخلافهم لأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم. وعليه فما يجري الآن من بعض القاصرين والزائغين في ما يسمى بمؤتمرات التقريب والوحدة الإسلامية إذ يُكرمون زعماء المخالفين وعلماءهم ويعانقونهم ويصلّون وراءهم. إنما هو مروق عن تعاليم آل محمد عليهم الصلاة والسلام.
ج3: الأمر في هذه الرواية بالصلاة في مساجدهم عائد على قوله عليه السلام: ”ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلّوا“ أي أن ترك المخالطة معهم آنذاك على النحو المذكور - ومنه الصلاة في مساجدهم - موجب لأن يحمل المخالفون على المؤمنين فيذلّونهم لمعرفتهم بتشيّعهم الذي تكشف عنه مجانبتهم لهم في الصلاة وغيرها، وذيل الخبر نفسه - وهو المبتور ههنا - يعضّد هذا المعنى إذ جاء فيه: ”أي شيء أشد على قوم يزعمون أنهم يأتمّون بقوم فيأمرونهم وينهوْنهم فلا يقبلون منهم، ويذيعون حديثهم عند عدوّهم، فيأتي عدوّهم إلينا فيقولون لنا: إن قوما يقولون ويروون عنكم كذا وكذا، فنحن نقول: إنا براء ممن يقول هذا، فيقع عليهم البراءة“ أي أن الضرر إذ يقع على الشيعة يقع تاليا على أئمتهم (عليهم السلام) فيأتيهم أعداؤهم ناكرين مع ما يستتبع ذلك من الآثار الخطيرة من وقوع البراءة على شيعتهم. فالنتيجة من هذا أن الأمر في الخبر وارد مورد عدم المندوحة تقية، وهذا هو لحن جميع الأخبار في هذا المضمار وعلى الخصوص الآمرة بالصلاة معهم، فإنما هي في ظرفية عدم المندوحة، وأن المترتب على ترك ذلك معرفة المخالفين بحال الشيعي فيتعرض بسببه لخطر الهلاك أو الضرر. ففي خبر إسحاق بن عمار الذي رواه الشيخ وذكر فيه إجازة الصادق (صلوات الله عليه) له في أداء الصـلاة معهم، قال إسحاق: «.. ثم صليتُ بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت، فإذا خمسة أو ستة من جيراني قد قاموا إليَّ من المخزوميين والأمويين فأقعدوني، ثم قالوا: يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيرا، فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك. فقلت: وأي شيء ذلك؟ قالوا: اتبعناك حين قمت إلى الصلاة ونحن نرى أنك لا تقتدي بالصلاة معنا وقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا وصليت بصلاتنا، فرضي الله عنك وجزاك خيرا. قلت: سبحان الله! أ لمثلي يُقال هذا؟! قال: فعلمت أن أبا عبد الله عليه السلام لم يأمرني إلا وهو يخاف عليَّ هذا وشبهه».(التهذيب لشيخ الطائفة ج3 ص38).
فلاحظ قوله: ”فعلمت أن أبا عبد الله عليه السلام لم يأمرني إلا وهو يخاف عليَّ هذا وشبهه“ ومعناه أن إسحاق بن عمار عَلِم بأن الإمام الصادق (عليه السلام) لم يأمره بالصلاة معهم إلا لأنه يخاف عليه من أن يكتشفوا كونه شيعيا فيقتلونه أو يضرّونه.
ولو أن هؤلاء البتريين الذين يزعمون ما يزعمون من جواز الصلاة خلف المخالفين مطلقاً رجعوا - على الأقل - إلى عنوان الباب الذي وردت فيه هذه الروايات في الوسائل لعلموا أنها واردة مورد شدة التقية، فقد عنوَنَ الحر العاملي (رضوان الله عليه) هذا الباب (وهو الباب 34 من وسائل الشيعة) بعنوان: ”باب سقوط القراءة خلف من لا يُقتدى به مع تعذرها والاجتزاء بإدراك الركوع مع شدة التقية“!
وعليه لا بد من حمل جميع الأخبار الآمرة بالصلاة معهم على أنها في مورد شدة التقية ووقوع الضرر عاجلا أم آجلا، ويؤكد هذا الحمل معارضتها بأخبار أخرى تمنع من الصلاة حتى خلف المحب لأمير المؤمنين (عليه السلام) أكثر من محبته لمن خالفه ما دام لا يتبرّأ من هذا المخالف والعدوّ. فقد روى الشيخ عن إسماعيل الجعفي قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجلٌ يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يتبرّأ من عدوه، ويقول: هو أحبُّ إليَّ ممن خالفه. قال عليه السلام: هذا مخلِّط وهو عدوٌّ فلا تصل وراءه ولا كرامة! إلا أن تتقيه».(التهذيب لشيخ الطائفة ج3 ص28)
وبهذا القول الفاصل لمولانا الباقر (صلوات الله عليه) تعرف أن جميع ما ورد في الأخبار الحاثة على الصلاة معهم من قبيل أن المصلي معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمثال ذلك من روايات إنما وردت مورد تحصين الشيعة المؤمنين من الوقوع في الضرر بتركهم الصلاة معهم. أما إذ ارتفع هذا المحذور اليوم فلا تجوز الصلاة معهم بحال، بل حتى لو لم يرتفع وعرضت عليه عناوين ثانوية كتوهين التشيع وزلزلة عقيدة المؤمنين فإنه يحرم. وليس من دواعي الصلاة معهم إلا التقية حصرا، فما يدعيه بعض القاصرين والزائغين من أن ثمة داعيا بعنوان «التآلف وإظهار الوحدة الإسلامية» ليس إلا ابتداعا لا أصل له في تعاليم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
ج4: هذه الرواية أيضاً جوابها هو ما سبق.
وفقكم الله للثبات والاستقامة على منهاج آل محمد الأطهار صلوات الله عليهم، والسلام. ليلة الثامن عشر من شهر رمضان لسنة 1430 من الهجرة النبوية الشريفة.
------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله المظلومين الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومخالفيهم الى يوم الدين
إلى سماحة المولى المجاهد الشيخ ياسر الحبيب (دامت بركاته)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي عدة أسئلة حول ما يسمى بالوحدة الاسلامية وعن مواضيع أخرى :
1) مامدى صحة هذا الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام:(من صلى خلفهم كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الاول)، وقد ورد في رواية أخرى:(أن المصلي خلفهم في الصف الاول كالشاهر سيفه في سبيل الله)، وهذا الحديث دائما ما يردده رجال الدين الذين يدعون الى التوحد أو الوحدة بين السنة والشيعة، وأنا غير مقتنع به، واذا كان هذا الحديث صحيحا، فكيف يجتمع ويتوحد الحق مع الباطل، ولماذا يدعونا الامام الصادق عليه السلام بالصلاة خلف قتلة الزهراء وأهل البيت عليهم السلام؟ أرجوا من سماحتكم التوضيح...وهل الوحدة بين السنة والشيعة واجب شرعي بحسب هذه الاحاديث ؟ مع العلم أني من المعارضين لهذا المنهج...
2)(من لا تقية له لا دين له) هل هذا الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام صحيحا؟
3)عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهر والبراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذر هم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة.
بخصوص هذه الرواية هل هي صحيحة؟ علما أني سئلت بعض العلماء عنها فشككوا فيها وقالوا أن الرسول الاكرم لا يأمر بالسب وبهت الاعداء، فكيف يكون الرد عليهم؟
سيد عدنان الموسوي
---------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: أفاد الشيخ بأن ما ورد في الأخبار الحاثة على الصلاة معهم من قبيل أن المصلي معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمثال ذلك من روايات إنما وردت مورد تحصين الشيعة المؤمنين من الوقوع في الضرر بتركهم الصلاة معهم بحسب ظروف ذلك الزمان، حيث كان الشيعي إذا لم يصلّ معهم فإنه يُقتل أو يُعذَّب. أما إذ ارتفع هذا المحذور اليوم فلا تجوز الصلاة معهم بحال، بل حتى لو لم يرتفع وعرضت عليه عناوين ثانوية كتوهين التشيع وزلزلة عقيدة المؤمنين فإنه يحرم. وليس من دواعي الصلاة معهم إلا التقية حصرا، فما يدعيه بعض القاصرين والزائغين من أن ثمة داعيا بعنوان «التآلف وإظهار الوحدة الإسلامية» ليس إلا ابتداعا لا أصل له في تعاليم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
ولو كان هؤلاء يفهمون أو لهم نصيب من العلم للاحظوا على الأقل كيف عُنوِن باب هذه الأخبار في الوسائل، فإن العنوان هو: (باب استحباب حضور الجماعة خلف مَن لا يُقتدى به للتقية والقيام في الصف الأول معه) أي أنه بالأصل لا يجوز الاقتداء بهم، لكن لورود التقية يستحب حضور هذه الجماعة والقيام في الصف الأول اتقاءً للضرر فقط، أما اليوم حيث لا ضرر فلا جواز.
وإلا فماذا يفعل هؤلاء المبتدعة بالروايات الناهية عن الصلاة خلفهم بل الصلاة خلف الذي يفضّل أمير المؤمنين (عليه السلام) على غيره لكنه لا يتبرّأ من أعدائه؟! فقد روى الشيخ الطوسي عن إسماعيل الجعفي قال: ”قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجلٌ يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يتبرّأ من عدوه، ويقول: هو أحبُّ إليَّ ممن خالفه. قال عليه السلام: هذا مخلِّط وهو عدوٌّ فلا تصل وراءه ولا كرامة! إلا أن تتقيه“ (التهذيب ج3 ص38).
ج2: أفاد الشيخ بأنه حديث معتبر.
ج3: أفاد الشيخ بأنه حديث معتبر، ولا حرمة في الإسلام للمبتدع وناشر الريبة والضلالة فيجوز سبّه حتى يحذره الناس، وقد قال تعالى: ”فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ“ و”كَمَثَلِ الْحِمَار“ و”عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ“. وأما باهتوهم فليس من البهتان بل من البهت بمعنى قوله تعالى: ”فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ“ أي إقامة الحجة عليه بما يُفحمه فلا يحير جواباً.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
(يعتذر الموقع عن فقدان تاريخ الجواب)