السلام عليكم
ما هو محتوى كتاب اثبات الوصية للمسعودي و ما الهدف الذي وضعه المسعودي من وراء هذا الكتاب و ما النتائج التي توصل اليها ؟
و ما مذهب المسعودي لانه بعنوان كتاب اثبات الوصية يخطر على البال بان مؤلفه شيعي في حين ان للمسعودي كتاب بعنوان مروج الذهب يترضى فيه على ابي بكر و عمر (لع) ؟
باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام والرحمة والإكرام. المسعودي هو أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي الكوفي، وهو من علماء ومؤرخي أصحابنا الإمامية ومن الممدوحين على لسان علمائنا كما تلاحظه في تراجم الرجال. وكتابه "إثبات الوصية" عظيم في محتواه، فهو يثبت فيه ببراهين ساطعة قاطعة كون مولانا الأمير وصيا لمولانا الرسول (صلوات الله عليهما وآلهما). وله مؤلفات أخرى كثيرة من أبرزها: التنبيه والإشراف، ومروج الذهب ومعادن الجوهر، وأخبار الزمان.
وقد اهتم بالتأريخ أكثر من اهتمامه بالفقه، فلذا تجد صفة المؤرخ عليه طاغية أكثر من صفة العالم أو الفقيه، وكتابه "مروج الذهب" الواقع في أجزاء سبعة على ما أتذكر إنما هو كتاب تاريخي يفصّل فيه الوقائع والحوادث ومجريات التاريخ، ولم ألحظ فيه – في ما مضى - شيئا من المدح لأعداء أهل البيت بل لاحظت في مطالعاتي القليلة له ما يؤكد حق أهل البيت (صلوات الله عليهم) في أكثر من موضع. وأما إذا كان شاهدك فقط هو في ورود عبارة "رضي الله عنه" تلو اسمي أبي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) فإنما ذلك من وضع دور النشر والمطابع البكرية، فإن المخالفين لما وجدوا فيه من الإحاطة التاريخية فإنهم قد اعتمدوا كتابه "مروج الذهب" كمصدر من مصادر التاريخ ومازالت دور نشرهم اليوم تطبعه وتبيعه وتوزّعه إلى اليوم، سيما في مصر وبيروت، فأضافوا إلى نص الكتاب ما يحلو لهم! ومثل هذا تجده كثيرا في كثير من كتبنا ومصادرنا المطبوعة من قبلهم.
وسبحان الله.. فإن المؤلف نفسه (رحمه الله) يبدو أنه قد أحس بأن كتابه هذا ستمتد إليه يد التحريف والزيادة لتحسين ما لا يروق للقوم من حقائق أو حتى ألفاظ وعبارات، فكان أن حذّر من ذلك في بداية كتابه فكتب ما معناه أن من غيّر فيه أو حرّفه أو دلّس فيه فعليه غضب الله ولعنته! (راجع مقدّمته).
والحاصل أن الرجل من أجلاء الشيعة وهو ينتهي بنسبه إلى عبد الله بن مسعود فلذا نُسب إليه بالمسعودي. وقد قال بعضهم أنه شافعي المذهب لكنه توهّمٌ فاسد بالنظر إلى مؤلفاته الواضحة في نهجها الشيعي، ومعروفيته كذلك عند علماء الرجال. وأتذكر أن الميرزا النوري (رحمه الله) في موضع ما جاء بالثناء عليه وقال ما معناه أنني لم أجد أحدا ينسبه إلى غير التشيّع.
وعليك أن تنتبه إلى أن كتب التاريخ ليس كل ما فيها صحيحا بالضرورة، فكون الرجل شيعيا لا يعني أن كل تفاصيل مؤلفاته التاريخية صحيحة، فقد يقع فيها الاشتباه كما أن المؤرخ بطبيعة الحال إنما يدوّن ما تنوقل من الحوادث التاريخية وكثيرا ما كان يقع فيها اللبس. لكن مؤلَّفه "مروج الذهب" إجمالا من الكتب التاريخية المنضبطة إلى حد كبير.
وفقكم الله لجوامع الخير في الدنيا والآخرة.
19 جمادى الآخرة 1426 للهجرة الشريفة.