مهم; أرجو من الإخوة الكرام العاملين في مكتب سماحة الشيخ أن يوجهو رسالتي إلى سماحته
أولا أعزي صاحب العصر والزمان عليه السلام بذكرى استشهاد سيد الشهداء سلام الله عليه .وأعزيكم سماحة الشيخ بمصاب الإمام الحسين عليه السلام
أما بعد: عندما ينطلق نداء من مفعم بالولاء إلى خادم آل محمد :ص: فإنه لا شك أن يلقى الجواب والنصح اللذي انتظره طويلا.
وأما نص ندائي إلى سماحتكم الشريف بداية,فأنا أحد المستبصرين بالحق حديثا وأبلغ من العمر20سنة ومن سكان شمال المغرب الأقصى ومستواي الدراسي أولى ثانوي وأعيش حاليا في إسبانيا تحديدا في مدينة طرغونة الكطلانية أما كيف آعتنقت مذهب أهل البيت عليهم السلام فإني أؤمن أن الله لا ينعم بالحق لأي كان في مقتبل عمره عبثا ولا أشك أنها رحمة ولطف إلاهي أنزله علي جل وعلى, وأحيانا أقول في نفسي أنها المسؤولية اللتي على عاتق باعتباري الإبن الأكبر ذكورا,والمسؤولية اتجاه نفسي واتجاها أهلي لسيما إن كان الأهل بعيدين كل البعد عن حقيقة وزيف هذه الدنيا,جهلا وربما الوالدان معذوران لأميتهم وأما الأخوات فهذه مشكلتي إذ يحتجن إلى من يرشدهن لسيما إن كان الوالد ظعيفا أو مقصرا في إرشادهم ونصحهم ليلتزمن ويتحجبن, فإذن كما تدرك شيخنا الكريم ان هذه المسؤولية تقع على عاتق اتجاه أهلي , والأمرعسير علي لأني شخصيا لم أثبت بعد كما ينبغي فأنا شخصيا أريد من يعينني,ومن هنا أريد تساعدني سيدي وخصوصا وأنا في مقتبل عمري وينتظرني الكثير ,ولا أريد أن تظيع أيامي في زيف وأمراض هذه الدنيا الدنية .
وبفضل الله منذ ان غرست في قلبي وروحي بذرة التشيع شيئا فشيئا وبفضل المواقع الإلكترونية والقنواة المباركة توسعت معرفتي بأهل البيت سلام الله عليهم . حتى صرت مؤمنا بحقهم حتى النخاع والحمد لله. أما ماأعانيه في غربتي فإنه في المنطقة اللتي أعيش فيها لايتواجد فيها نشاط شيعي ناهيك عن حسينية أو مسجد شيعي مما يجعلني أحس بغربة أكثر وأجد صعوبة في الإ لتزام فبماذا تنصحني في هذا الصدد. ولطالما تمنيت أن احضرلأول مرة في حياتي في حسينية أومسجد شيعي كما هو الحال في لندن وبالأخص أن أشارك في إحياء عزاء سيد الشهداء عليه السلام وبخصوصي هذا سيدي أريد أن تفيدني إن كانت لديك معلومات في إحياء عزاء أبي الأحرار هذا العام في مدينة برشلونة الإسبانية فقد اكتشفت عن طريق الإنترنت أنه سبق أن نظمت مسيرات في تلك المدينة , لألتحق بركبها إن شاء الله تعالى في عزاء هذا العظيم صلوات الله عليه .
وأما خلاصة طلبي من سماحتكم هو أن تتفضل علي ببرنامج أتبعه في موقفي اللذي انا فيه ويخرجني من حيرتي وليثمر فيما بعد . ألستم يا سيدي لطالما سعيتم لإخراج الناس من متاهات وضلمات هذه الدنيا وإرشادهم إلى مافيه صلاح دنياهم وآخرتهم لسيما الشباب منهم فأنا واحد منهم قد جاء باحثا عن أولياء الله في أرضه , غاية ماأتمناه سيدنا هو البصيرة في ديني وأن أكون مواليا لمولاي الأمير سلام الله عليه.باحثا عن ذاتي وأن أصل إلى برالأمان .
واستغل هذه الفرصة لأعزيكم أيضا سماحة الشيخ باستشهاد المقدس الشيرازي اللذي كان أول عالم تعرفت عليه من خلال محاضراته اللتي كنت اعشقها فكل ماعندي من معرفة عن أهل البيت فهي من تلك المحاظرات. والسلام. وأسأل الله أن يحفضك ويديمك منعشا للإسلام والمسلمين.
وإني بحاجة ماسة لجوابكم على رسالتي.
منير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعتذر عن التأخير بسبب ضغط الرسائل.
جواب الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحمد الله تعالى على أن وفقك لشرف اتباع النبي الخاتم وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وأسأله تعالى أن يديم عليك هذه النعمة وأن يجعل لك قدم صدق عندهم يوم الورود.
مع أني أستشعر شعورك بالغربة؛ إلا أني مطمئن إلى أنك ستتجاوز ذلك إذا بقيت على درب الإيمان، فقد جاء في الحديث الشريف عن إمامنا أبي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) أن المؤمن «يجعل الله له من إيمانه أُنساً لا يستوحش معه إلى أحد». (الكافي الشريف للكليني ج2 ص249)
صحيح أن وجود مجتمع إيماني حول المرء يطرد عنه الشعور بالوحشة والغربة؛ إلا المؤمن إذا كان قويّ الفؤاد ثابت العزم فإنه يكوّن بنفسه - مع مرور الأيام - مجتمعاً إيمانياً يأنس به. لقد كان الشيعة الأوائل هكذا، كانوا قلة، الواحد منهم يعيش وسط ذئاب ووحوش! وفي عصر يحكمه النواصب المجرمون الذين يتعقّبون كل شيعي لقتله أو سجنه أو اضطهاده! وكانوا بسبب قلتهم يعيشون ضعفاً شديداً ووحشة قاتلة حتى قال قائلهم إلى الإمام الباقر عليه السلام: «جُعِلتُ فداك.. ما أقلّنا! لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها»! (الكافي الشريف للكليني ج2 ص244)
مع ذلك؛ فإنهم صمدوا، وجاهدوا، واهتموا بنشر نور آل محمد (صلوات الله عليهم) رغم المخاطر، فاهتدى من كان حولهم من الناس، وشيئاً فشيئاً كان كل فرد شيعي يكوّن من حوله مجتمعاً إيمانياً قائماً بذاته. هكذا صنع أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه - مثلاً - حين أُبعد إلى الشام بأمر الطاغية عثمان بن عفان (لعنه الله) وعاش غريباً في أول الأمر، إلا أنه جاهد وقاوم وسعى لهداية من كانوا حوله حتى تشيّعوا، فتكوّن مجتمع شيعي في الشام بقي إلى اليوم، وها أنت ترى الآن أحفاد أولئك الذين تشيّعوا على يد هذا الرجل العظيم، إنهم شيعة لبنان.
لذا؛ فإن نصيحتنا لك - أيها الأخ المؤمن - أن لا تستوحش، وأن تكون واحداً من رجال الشيعة العظماء الذين بسببهم اهتدت الأمم. أنت بحمد الله تحمل نور آل محمد (صلوات الله عليهم) فاسعَ إذن في أن تُنير به درب المجتمع الذي تعيش فيه، حتى وإن كان مجتمعاً كافراً، فإن أبا ذر (رضوان الله عليه) عاش في الشام وسط مجتمع رومي كافر، فهداهم إلى الإسلام والتشيع. ولست في مثل حاله، فقد كان منفياً مُبعداً محاصراً يعاني من حكومة عثمان ومعاوية لعنهما الله، أما أنت فتعيش هناك حراً ولا محاصرة لك، فمجال الدعوة والتبليغ أمامك مفتوح على مصراعيه.
إنما عليك أن تسعى في هداية الآخرين، وهذا يتطلب منك أولا أن تنمّي معارفك الدينية، فتتعبأ علمياً وثقافياً بحيث تكون مؤهلاً لأن تتصدى لهذه المهمة العظيمة، فخذ لنفسك مدة تتراوح بين الستة أشهر والسنة، كثّف فيها مطالعاتك وتابع فيها الدروس والمحاضرات الدينية، وركّز على ما يمكن أن يؤثر على المجتمع الأسباني، ومن ثمّ ابدأ بخلق شبكة واسعة من العلاقات مع المجتمع حولك، وحبّبهم بالإسلام والتشيع، حتى يهتدي على يدك خلق كثير إن شاء الله تعالى، وثق تماماً أن ذلك ممكن إذا كنت صادقاً في نيتك وعزمك. ولن تمضِ إلا سنوات قلائل وستجد بعون الله أنك قد خلقت مجتمعاً إسلامياً إيمانياً أنت صاحب الفضل في تكوّنه وتأسيسه. ومن البدهي أن هذا المجتمع ستتفرّع منه - تلقائيا - المساجد والحسينيات والدور الدينية والثقافية، فامض راشداً وتوكل على الله تعالى.
واصبر وصابر.. كن كخليل الله إبراهيم (صلوات الله عليه) الذي كان أمة وحده، يعاني من المجتمع المشرك من حوله، ثم - كما يقول إمامنا الكاظم عليه السلام - «صبر بذلك ما شاء الله، ثم إن الله آنسه بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة». (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج67 ص162) ولا تنسَ أن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان في بدو دعوته غريباً أيضاً، لم يكن معه طوال سبع سنين إلا أخوه أمير المؤمنين وعمه أبو طالب وزوجته خديجة صلوات الله عليهم. ولا تنس كذلك أن إمامنا زين العابدين (صلوات الله عليه) لم يكن إلى جواره أيضاً بعد مقتل أبيه الحسين (عليه السلام) إلا ثلاثة كما ذكرت الروايات الشريفة. وهكذا هو حالنا، ولا تحسبن أن كل من يدّعي التشيع والإيمان هو شيعي مؤمن حقاً، فقد قال الكاظم عليه السلام: «ليس كل من قال بولايتنا مؤمناً، ولكن جُعلوا أُنساً للمؤمنين». (الكافي الشريف ج3 ص244)
ولسوف أدعو لك إن شاء الله تعالى بالتوفيق والنصرة والتأييد، زادك الله نوراً وهداية، وهدى بك. والسلام. الثامن من رجب لسنة إحدى وثلاثين وأربعمئة وألف من الهجرة النبوية الشريفة.
8 رجب 1431