السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شيخنا ياسر الحبيب
قال إبراهيم بن سيّار المعتزلي النظّام: \"إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح: احرقوا دارها بمن فيها! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين\"! (الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص57).
هل عندكم دليل من مصادر المخالفين أن إبراهيم بن سيّار النظّام المعتزلي من الأجلاء عندهم. فإنهم لا يقبلون ما رواه عن حادثة الهجوم على بيت الزهراء (عليها السلام) لكونه من المعزلة ونسبوا اليه الفواحش كالسكر. فيكون ما رواه حجة على المعتزلة وليس حجة عليهم. ولا يقبلون شهادة تلميذه الجاحظ له بالصلاح حيث قال:
الأوائل يقولون: في كل ألف سنة رجل لا نظير له! فإن كان ذلك صحيحاً فهو أبو إسحاق النظّام.
لا يقبلون هذا الكلام منه لانهم يزعمون أنه (الجاحظ) مذموم عند علماء الحديث عندهم. فيأتي المخالف مثلا ويستدل بقول الذهبي:
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: \"عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون. قلت: وكان من أئمة البدع\"
نرجو توضيح من سماحتكم ووفقكم الله الى كل خير
أبوالحسن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله لكم الأجر في مصابنا الجلل بسيدنا ومولانا أبي عبدالله الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره وسبي نسائه وعياله , جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأره مع إمام هدى منصور من أهل بيت محمد عليهم الصلاة والسلام.
لا يهم طعن الذهبي في تلميذ النظام او طعنهم في النظام نفسه حيث يكفينا إقرارهم بأنه كان شيخا وإمام المعتزلة وهي طائفة عريضة من اهل الخلاف.
إبراهيم بن سيار النظام لم تكن له من مصلحة في ذكر تلك الحقيقة فهو لم يكن رافضياً يبغض أبا بكر وعمر بل كان يتولاهما ويجلهما.
مثلا عندما نقول أنّ اقوال محمد حسين فضل الله وغيره من البتريين غير مقبولة ولا يمكن للمخالفين الاحتجاج بها فذلك لأنهم يبدون المودة لأبي بكر وعمر لعنهما الله لدرجة أن يخرج محمد حسين فضل الله فيترضى عنهما على وسائل الاعلام. فإذاً الرجل لديه ميل لهما وانجذاب إليهما بنحو ما لذا هواه وميله النفسي يلعب دورا في محاولة تحريف بعض الحقائق التي تدينهما.
أما النظام المعتزلي فما الذي يجبره على ذكر حقيقة كتلك غير أنه وجدها ثابتة؟ هو لا يبغض أبا بكر وعمر إطلاقا بل هو معتزلي يفضلهما! لكنّ قلبه ميت وهو يذكر تلك الحقيقة غير معتقد بأنها تطعن في عمر لعنه الله فهم يعتقدون أنّ الله غفر للبدريين وقال لهم افعلوا ماشئم فقد غفر لكم، بل لعله كان يرى ما ارتكبه عمر في حق البتول عليها السلام من الحزم المطلوب وحسن السياسة! المهم أن الرجل ما كان يروي الذي رواه عن الجريمة وهو متهم في نقله وروياته، فإنه لم يكن رافضيا بل على العكس كان من أشد أعداء الرافضة إلى حد أن الجاحظ يصفه بقوله: "كان النظام أشد الناس إنكارا على الرافضة" (شرح ابن أبي الحديد ج٢٠ ص٣٢)
هنا ننقل كلام الذهبي نفسه عن المعتزلة في مقدمة كتابه المنتقى من منهاج الاعتدال:
"وما في المعتزلة من يطعن في خلافة الشيخين، بل جمهورهم يعظمونهما ويفضلونهما"
باعتراف الذهبي ليس في المعتزلة على الاطلاق من يطعن في شيخيهما الملعونين, بل يفضلونهما ويعظمونهما!
الرجل لم يكن رافضيا ولكنه يعتقد بتلك الحقيقة وهذا يثبت صدق وقوع تلك الحادثة لكون الشيعة لم ينفردوا وحدهم في القول بها.
النظام توفي سنة بضع وعشرين ومائتين وهذا يعني أنه ذكر تلك الحقيقة قبل ولادة أعلامنا كالشيخ الطوسي, الصدوق, المفيد, والكليني. هؤلاء الاعلام جاؤوا بعد سيار النظام فليس من المتصور أنهم اختلقوا الروايات التي تذكر ما وقع على البتول عليها السلام من ظلامات! بل أسلافهم المتقدمين رووها عن أهل بيت العصمة عليهم السلام.
لا تغفل أنّ المخالفين يحرفون ويزيفون ويسارعون الى رمي كل من أقر بمثل تلك الحقائق التي تطعن في أصنامهم بالفسق والكذب مهما بلغ شأنه من علم أو ورع عندهم ويسقطون شخصيته لذا فكثير ممن يعتقد ذات اعتقاد النظام كانوا يخافون من الافصاح بذلك لئلا يُسقطوا من قبل المتزمتين الجاحدين من كبراء البكريين. وهذا يفسر قول ابن أبي الحديد المعتزلي لتلميذه في شأن ماوقع على البتول عليها السلام: "لا تروه عني ولا تروِ عني بطلانه", فالرجل من قومه على حذر ووجل.
ثم إن مسألة ثبوت الجريمة النكراء التي وقعت على سيدة نساء العالمين عليها السلام لا تتوقف على ما رواه النظام فقط، فهناك العديد من الروايات والشواهد والمؤيدات والقرائن الأخرى التي بمجموعها تورث الاطمئنان بصدق وقوع الجريمة.
هنا إجابة سابقة للشيخ ذات صلة: (هنا)
والله ولي التوفيق
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
14 صفر 1432