ياشيخ هل الاسلام منحك حق اللجوء الانساني أم النصرانية؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

يا شيخ ياسر من الذى بدل التوراه والانجيل؟

قل لنا من بدلهم وفى اى زمن ومتى تم تبديلهم؟

ولا تقل كلام مرسل مثل البكريين الذين انت تعيب على عقيدتهم

يقول لنا السيد المسيح الذى حاول الكثيرين سرقة مجده وادعوك للتعرف عليه فهو الوحيد فى هذه الدنيا القادر على منحك السلام الذى تفتقده لانه هو ملك السلام

قال لنا السماء والارض تزولان ولكن حرف من كلامى لا يزول

لاحظ يا شيخ انك تعيش فى دوله هى قائمه على مبادئ هذا الكتاب التوراه والانجيل

وهى من اعطتك اللجؤ فى حين انك اذا ذهبت الى اى دوله اخرى قائمه على كتاب اخر غير التوراة والانجيل لما ابقوا على حياتك ولو للحظه واحده

اطلب من الرب القدير ان يفتح عينيك وتعرف الحق والحق يحررك

عاطف محروس


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد أخبرنا رب العزة جل وعلا بأنّ التوراة والانجيل قد حُرفت ولقد وجدنا قرائن من واقع أهل الكتاب تدل على صدق ذلك الإخبار من الله تعالى في القرآن الكريم

إنّ ما هو منسوب للأنبياء من كتب سابقة ومما هو موجود اليوم من كتب لا نجدها بسند متصل بالانبياء بل قد تمت كتابتها في مرحلة تلتهم بعشرات السنين.

ما يدل أيضا على تحريف هذه الكتب هو اختلاف النصوص من نسخة لأخرى اختلافا كبيرا , هذا عدا عن تضمنها منكرات تُنسب لأنبياء الله عليهم السلام يرفضها العقل والوجدان.

ينبيك أيضا عن وقوع التحريف الاختلاف بينكم في عدد أسفار العهد القديم, فلستم تدرون أهي تسعة وثلاثون أم أربعة وأربعون أم ثلاثة وأربعون سفرا!

أما العهد الجديد فيحوي الانجيل بالروايات الأربع التي تختلف عن بعضها وبالأخص إنجيل يوحنا , هذا إضافة إلى كون كل رواية تشتمل على أمور وقصص لا توجد في الأناجيل الأخرى!

إلى غير ذلك من التشكيك في نسبة تلك الكتب إلى من نُسبت إليهم كتابتها, وبعضها أصلا منسوب إلى غير تلامذة عيسى عليه السلام من أمثال مرقص.

فيما يتعلق بالرسائل فإنها برّزت (بولس) إلى أن بلغت شهرته ومكانته حدا فاق رسل عيسى الاثني عشر عليهم السلام!

والانكى أنه قد خُتم العهد الجديد برؤيا المثير للريبة والشكوك بولس وتم إقرار ذلك في العهد الجديد عقب مداولات وجدل واسع!

إذاً فالأناجيل كلها انتهاءا بالعهد الجديد يقر اصحابها أنّ كتابتها كانت على مراحل وفترات على مدى ما يقرب من نصف قرن.

ويكفي إقرار النصارى بأنّ عيسى عليه السلام ما كتب شيئا من تلك الكتب وما أمر تلامذته بكتابة أقواله.

تقر الكنيسة بكون الاناجيل تمت كتابتها عن طريق الالهام لرسل عيسى بعد قرون من وفاته ورفعه عليه السلام!

في القرنين الأول والثاني على أثر تعدد الكتب فقد قامت الكنيسة بتشكيل مجامع محلية لانتخاب ماهو معترف به من كتب فاقت المائة كتاب, فتم انتخاب سبعة وعشرين سفرا منها ,وسلمتها اللوائح الرسمية بوصفها أسفارا مكتوبة عن طريق الالهام والوحي بينما قررت إلغاء بقية الكتب!

ما يشد الانتباه هو أنّ تلك الاناجيل لم يُدعَ أنها إلهام إلهي ولم يتم إضفاء تلك الصفة عليها سوى بعد العام 325 للميلاد وذلك بحكم من الكنيسة وأمر من الملك!

وبعد كل هذه الفوضى لا يمكن للمرء الثقة في هذه الكتب والتصديق بصحة نسبتها إلى موسى وعيسى والأنبياء عليهم السلام إلا أن يقول لعقله: وداعا!

ـ إنّ حق اللجوء الإنساني قد أقره القرآن الكريم ونادى به قبل الغرب ولكن مع بالغ الأسف سبق غير المسلمين غيرهم للعمل بكتاب الله تعالى, وهذا ما تنبأ به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال صلى الله عليه وآله: (اللّهَ اللّهَ في القرآنِ، لا يسبقكُم بالعملِ به غيرُكُم)

حق اللجوء الانساني هو قانون وضعه الاسلام وأصّل له. قال تعالى:( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ )

فإذاً الاسلام يقر قانون اللجوء الانساني لكنّ العيب ليس في النظرية وإنما في إعراض من يدعون تبنيها عن الالتزام بها وتطبيقها استجابة لأهوائهم.

أما زعمك أن الشيخ يعيش في دولة تقوم على مبادئ التوارة والإنجيل وأنها بناءً على ذلك أعطته حق اللجوء السياسي، فهذا كلام باطل لا يقوله إلا صاحب خيال وأوهام! فمن المعلوم أن الدولة التي يعيش فيها الشيخ دولة علمانية لا دينية، أي أنها ليست قائمة على أساس الدين، وليس للنصرانية في نظام حكمها نصيب إلا كهوية ثقافية محصورة في الشعارات والديكورات الصورية والإسمية فقط، ككون الملكة رأسا للكنيسة الإنجيليكانية، ووجود الصليب على بعض الأعلام والمباني التاريخية. هذا فقط.

والقوانين التي تشرع في المملكة المتحدة وسائر الدول الأوروبية والغربية من المعلوم أنها ليست مستمدة من النصرانية، بل هي مستمدة من المداولات السياسية البعيدة عن الاحتكام إلى نصوص التوراة والإنجيل، ونابعة من التفاعل الديموقراطي العلماني والمدنية الحديثة. ومن بين تلك القوانين الحق في اللجوء، فالدول الغربية لم تعطِ هذا الحق للبشر بناء على ما ورد في التوراة والإنجيل كما تحاول أن توهم! بل بناء على اتفاقيات دولية كاتفاقية جنيف بعد الحرب العالمية الثانية. فمن أين زعمت أن الفضل في منح اللجوء السياسي للشيخ يعود إلى النصرانية؟! متعاميا عن حقيقة أن تشريع حق اللجوء جاء نتيجة شرعة حقوق الإنسان وهي نتاج اتفاق إنساني صرف لم يكن للنصرانية فيه دخل.

إنما يصح كلامك لو كان الحق في اللجوء الممنوح للشيخ في دولة دينية أو قائمة على أساس ديني نصراني، ولو كان تشريع هذا الحق القانوني راجعاً إلى قوانين النصرانية، في حين أنه راجع إلى اتفاقية جنيف! ولو أن أحدا جاء اليوم إلى مسؤول حكومي بريطاني قائلا له: إن قانون اللجوء الذي تعملون به مستمد من النصرانية وإنكم بناء على هذا منحتم الشيخ الحبيب اللجوء السياسي.. لوجدت ذلك المسؤول البريطاني يقهقه ساخرا من سذاجة القائل وغبائه! ولقال لك: لو عاد بنا الزمن إلى القرون الوسطي حين كانت دولنا الأوروبية قائمة على أساس ديني نصراني وجاءنا هذا الشيخ يطلب اللجوء لما كان لنا له جواب إلا أن نطرده، هذا إذا لم نعدمه بتهمة الهرطقة!

الفرق بيننا وبينكم هو هذا: حينما كان الإسلام يحكم، أي كانت لنا دولة على أساس ديني إسلامي حقيقي، وهي دولة الرسول الأعظم وأمير المؤمنين والإمام الحسن (عليهم الصلاة والسلام) كان قانون اللجوء السياسي والإنساني نافذا باسم الدين - لا باسم اتفاقية جنيف! - وحقا حتى للمشركين: "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ.." أما حينما كانت لكم دولة على أساس ديني نصراني حقيقي، وهي دول القرون الوسطى، فلم تكن تعرف هذه الدول تعرف شيئا عن حقوق الإنسان بما فيها الحق في اللجوء بل ولم تكن تعرف التسامح حتى مع مَن يقول أن الأرض كروية تدور حول الشمس! فأعدمت وسجنت وعذّبت كل من يخالفها بل كل عالم ومبدع وداعية لحقوق الإنسان بتهمة الهرطقة ونحوها! فما أجمل الاعتراف بخسارة النصرانية وانتصار الإسلام!

شكرا لتواصلكم

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

8 ذو الحجة 1433 هـ


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp