بعد التمعن ثانية بين سطور رسالتكم لا زال الامر المحير والسؤال الذي يطرح نفسه قائم يا فضيلة الشيخ ؟
فيما يخص الكعب ابن الأشرف والذي تؤكد في بداية رسالتك ان قتله لا اعتراض عليه ؟
وهنا أثير السؤال
كيف ان قتله مباح ولا اعتراض عليه ؟
اين رحمة الله ولماذا لا بحقن دمه الى يوم الدين كي يحاكم أنام الخالق ؟. بل الاحتمال الاخر لماذا لا يعطى الفرصة للعيش لربما يتوب ويصبح شيخا جليلا فقيها في الاسلام من يدري؟
ارجو الجواب ؟
كيف ان الله في الاسلام يوكل من يقومون بمعاقبة عباده عوضا عنه ؟
وفي هذه الحالة معاقبة الكعب ابن الأشرف؟ كيف تبرر هذا الموقف ؟
أجيبوا جزاكم الله خير
برهان طارق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ تبعا لمنطقك علينا أن نلغي كل قوانين العقوبات فليس من حقنا أن نعاقب أحدا وإنما نكل حسابهم إلى الله في الآخرة!
على سبيل المثال الحكم على انسان بالسجن المؤبد مدى الحياة مع الاشغال هو حكم لا يقل شدة عن إعدامه بل قد يكون أقسى عليه فهو يموت في سجنه موتا بطيئا ويُحرم من حريته والانسان بلا حرية يعد ميتا. بل هو أشبه بحيوان يعيش في حديقة للحيونات في قفص!
إذا أخذنا بمنطقك فهكذا ستصبح الدنيا فوضى وتغدو هذه الأرض مرتعا للفساد. الله تعالى سن قوانين العقوبات والقصاص لحفظ حياة البشر معنويا وماديا.
قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أُولي الألباب لعلكم تتقون)
الشدة مع أمثال كعب بن الاشرف والحزم معهم هو مما لا غنى للقائد الحكيم عنه لأن التهاون مع أمثال هؤلاء والتسامح معهم يغري غيرهم ممن لديه ميل داخلي لسلوك طريقهم.
لو تم التساهل معهم ستغدو دماء المسلمين الابرياء لقمة سائغة لكل من أراد التطاول والتعدي عليهم. الاقتصاص من الظالم المعتدي القاتل والمحرض على قتل الابرياء المعين على قتلهم عدل.
مع هذا نقول لكم أنّ هؤلاء رغم أنهم حرضوا على المسلمين وتسببوا في نشوب الحروب وسفك الدماء فإنّ رسول الله لو كان يجد فيهم مثقال ذرة من القابلية والاستعداد للصلاح وأنهم فعلوا ما فعلوا عن جهالة وتُرجى منهم الأوبة فلربما كان صلى الله عليه وآله عفى عنهم. ولكن هؤلاء معاندون متجبرون قد تغلغلت الخيانة في كل ذرة منهم وأُشربت قلوبهم الغدر والمكر والعدوان بدليل أنهم لم يكونوا يجهلون رسول الله صلى الله عليه وآله فهم كانوا معه في المدينة وعاصروه ورأوا مكارم أخلاقه وحسن تعامله وسماحة نفسه صلى الله عليه وآله وسُموَ تعاليمه والتزامه بالعهد والميثاق مع اليهود ومع هذا كله نزعوا للغدر والخيانة مما يعني أنهم يرفضون بقاء هذا النبي وأتباعه على وجه الأرض ولا يرضون بدلا بفنائهم وتصفيتهم. فيكون حكم رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم حكم عدل وصلاح, فتدبر جيدا.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
1 صفر 1433 هـ