باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الشياطين جنس من أجناس الخلائق المتناسلة من إبليس عليه اللعنة، وإبليس من ولد الجان الذي خلقه الله تعالى من نار السموم، وكان إبليس مؤمنا ثم كفر، وغيره من ولد الجان وما تناسل منهم فيهم المؤمنون وفيهم الكافرون، إلا أن الغالب على ما تناسل من ولد إبليس خاصة الكفر والعصيان والجحود إلا من ندر، فيمكن أن يكون في ذريته بعض المؤمنين، وهذا هو المستفاد من بعض الروايات، ومنها ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره أن أحد الشياطين وهو هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس جاء إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) طالبا تعليمه القرآن والإسلام لأنه سبق أن تاب على يد نوح عليه السلام، فأحاله النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه. (تفسير القمي ج1 ص375).

ومنها ما عن طريق المخالفين من أن عائشة آذت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإدخال يدها النجسة في شعره الشريف فقال لها: ”قد جاءك شيطانك“! فما كان منها إلا أن ردّت عليه بكل وقاحة وخسّة قائلة: ”أما لك شيطان“؟! فأخبرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن الله قد أعانه عليه فأسلم على يديه. (سنن النسائي ج7 ص72 ونحوه في صحيح ابن خزيمة ج1 ص328 وسنن البيهقي ج2 ص116 ومستدرك الحاكم ج1 ص229).

فإذا عرفت هذا تعرف أن معنى الرواية التي سألت عنها أن من يقرأ تلك الآيات الكريمة عند منامه يوكّل الله به شيطانيْن مؤمنيْن يحفظانه من مردة الشياطين الكفرة، فحيث أنهما من نفس الجنس فإنهما الأقدر على دفع كيد نظائرهما. وهذا هو المحمل الأرجح عندي، وما احتمله بعضهم من أن معنى الرواية أن الله تعالى يُجبر هذين الشيطانيْن – وهما كافران - على حفظ ذلك القارئ للآيات قهرا هو احتمال ضعيف، فإن هذا البعض استدلّ على مدّعاه بذيل الخبر وهو: ”وُكِّل به شيطانان يحفظانه من مردة الشياطين شاءوا أو أبوا، ومعهما من الله ثلاثون ملكا يحمدون الله عز وجل ويسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويستغفرون له إلى أن ينتبه ذلك العبد من نومه وثواب ذلك له“.

وغير خفي أن قوله: ”شاءوا أم أبوا“ يرجع إلى الشياطين المردة لا إلى الشيطانيْن وإلا لكان يجب العدول من الجمع إلى التثنية بقوله: ”شاءا أم أبيا“. ولذا فهذا الاحتمال ضعيف عندي، والأقوى هو الأول.

حماكم الله من كل سوء وصرف عنكم كل بلاء. والسلام.

29 من شهر ربيع الآخر لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.

شارك الإجابة على