هل غاب الإمام المهدي بعد ولادته أربعين يوماً؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم,
لو تكرمتم أريد مصدر لغيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الأولى عند ولادته حيث غاب أربعين يوما لكي يبارك به الله.
وفقكم الله


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام).

ج: روى الصدوق بسنده عن محمد بن عبد الله الطهوي قال: قصدت حكيمة بنت محمد عليه السلام بعد مضي أبي محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها.

فقالت لي: اجلس فجلست، ثم قالت: يا محمد إنّ الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما إلاّ أنّ الله تبارك وتعالى خصّ ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن عليه السلام كما خصّ ولد هارون على ولد موسى عليه السلام وإن كان موسى حجةً على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة، ولابدّ للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقون كيلا يكون للخلق على الله حجة، وأنّ الحيرة لابد واقعة بعد مضيّ أبي محمد الحسن عليه السلام.
فقلت: يا مولاتي هل كان للحسن عليه السلام ولد ؟
فتبسمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسن عليه السلام عقب فمن الحجة من بعده؟! وقد أخبرتك أنه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام.
فقلت: يا سيدتي حدثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام.

قالت: نعم، كانت لي جارية يقال لها نرجس، فزارني ابن أخي فأقبل يحدق النظر إليها فقلت له: يا سيدي لعلك هويتها فأرسلها اليك؟ فقال لها: لا يا عمة ولكني أتعجب منها، فقلت: وما أعجبك منها؟ فقالعليه السلام: سيخرج منها ولد كريم على الله عز وجل الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، فقلت: فأرسلها إليك يا سيدي؟ فقال: استأذني في ذلك أبي عليه السلام.

قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن عليه السلام فسلّمت وجلست فبدأني عليه السلام وقال: يا حكيمة ابعثي نرجس إلى ابني أبي محمد.
قالت: قلت: يا سيدي على هذا قصدتك، على أن أستأذنك في ذلك، فقال لي: يا مباركة إنّ الله تبارك وتعالى أحبّ أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً.
قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد عليه السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي، فأقام عندي أياماً، ثم مضى إلى والده عليهما السلام ووجّهت بها معه.

قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن عليه السلام وجلس أبو محمد عليه السلام مكان والده، وكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي، فقالت: يا مولاتي ناوليني خفّك، فقلت: بل أنت سيدتي ومولاتي والله لا أدفع إليك خفي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري، فسمع أبو محمد عليه السلام ذلك فقال: جزاك الله يا عمة خيراً، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف، فقال عليه السلام: لا يا عمة بيتي الليلة عندنا، فإنه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل الذي يحيي الله به الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل؟ فقال: من نرجس لا من غيرها.

قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن فلم أربها أثر حبل، فعدت إليه عليه السلام عليه السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل لأن مثلها مثل أمّ موسى عليه السلام لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحدٌ إلى وقت ولادتها، لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى عليه السلام، وهذا نظير موسى عليه السلام.
قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها فقالت: يا مولاتي ما أرى بي شيئاً من هذا.

قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنباً إلى جنب، حتى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها، فصاح إليّ أبو محمد عليه السلام وقال: اقرئي عليها "إنّا أنزلناه في ليلة القدر" فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر بي الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ ومسلّم عليّ.

قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمد عليه السلام: لا تعجبي من أمر الله عزوجل إنّ الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجةً في أرضه كباراً، فلم يستتم الكلام حتى غيبت عني نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمد عليه السلام وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي يا عمة فإنّك ستجديها في مكانها.

قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري وإذا أنا بالصبي عليه السلام ساجداً لوجهه جاثياً على ركبتيه رافعاً سبابتيه، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن جدي محمداً رسول الله وأن أبي أمير المؤمنين، ثم عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، ثم قال: اللهم انجز لي ما وعدتني واتمم لي أمري وثبت وطأتي، وأملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً.

فصاح بي أبو محمد عليه السلام فقال: يا عمة تناوليه وهاتيه، فتناولته وأتيت به نحوه، فلما مثلت بين يدي أبيه وهو على يدي سلّم على أبيه، فتناوله الحسن عليه السلام مني والطير ترفرف على رأسه، وناوله لسانه فشرب منه، ثم قال: امضي به إلى أمه لترضعه ورديّه إليّ، قالت: فتناولته أمه فأرضعته فرددته إلى أبي محمد عليه السلام والطير ترفرف على رأسه فصاح بطير منها فقال: احمله واحفظه وردّه إلينا في كل أربعين يوماً، فتناوله الطير وطار به في جوّ السماء وأتبعه سائر الطير، فسمعت أبا محمد عليه السلام يقول: استودعك الله الذي أودعته أمّ موسى، فبكت نرجس فقال لها: اسكتي فإنّ الرضاع محرّم عليه إلاّ من ثديك وسيعاد عليك كما ردّ موسى إلى أمه وذلك قول الله عز وجل: )فَرَدَدْناهُ إلى أُمِّه كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ).

قالت حكيمة: فقلت: وما هذا الطير ؟ قال: هذا روح القدس الموكّل بالأئمة عليه السلام يوفقهم ويسددهم ويريبهم بالعلم.
قالت حكيمة: فلما كان بعد أربعين يوماً ردّ الغلام ووجّه إليّ ابن أخي عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه فإذا أنا بالصبي متحرّك يمشي بين يديه، فقلت: يا سيدي هذا ابن سنتين؟ فتبسم عليه السلام ثم قال: إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشأ غيرهم، وإنّ الصبي منّا إذا كان أتى عليه شهرٌ كان كمن أتى عليه سنة، وإنّ الصبي منا ليتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد ربهعزوجل وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحاً ومساءً.

قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي في كل أربعين يوماً إلى أن رأيته رجلاً قبل مضيّ أبي محمد عليه السلام بأيام قلائل فلم أعرفه، فقلت لابن أخي عليه السلام من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟فقال لي: هذا ابن نرجس وهذا خليفتي من بعدي وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي.

قالت حكيمة: فمضى أبو محمد عليه السلام بعد ذلك بأيام قلائل، وافترق الناس كما ترى، ووالله إني لأراه صباحاً ومساءً وإنّه لينبئني عما تسألون عنه فأخبركم، ووالله إني لأريد أن أسأله عن الشيء فيبدؤني به وإنه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي. وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ وأمرني أن أخبرك بالحق.

قال محمد بن عبد الله: فوالله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلاّ الله عزوجل، فعلمت أن ذلك صدق وعدل من الله عز وجل، لأن الله عز وجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه. (إكمال الدين وإتمام النعمة : 426 الحديث 3).



وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن
9 محرم الحرام 1437 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp