لماذا توالون علي بن أبي طالب مع أنه لا توجد آية واحدة تدل على توريث الولاية؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

سمعت كثيرا ودرست اختلافات الشيعة واهل السنة وبدات تشوبني الشكوك ...ولكن مازال في النفس ما يجعلها تشك ....الاسلام دين الناس عامة والله رب الناس اجمعين فلماذا يكون هناك سادة وعامة .... الله اختص محمدا صل الله عليه وسلم ولم يذكر القرآن ان الدين توريث ولا توجد اية واحدة في القرآن تدل على توريث الولاية على المسلمين .... البقاع المقدسة نعرفها من القرآن الكريم مكة والمدينة والمسجد الاقصى ....فمن اين جاءت قم وكربلاء والنجف لا ذكر ولا تلميح لها في القرآن فلما نقدسها ...... تذكر كتب الشيعة ان ابا بكر وعمر سرقو الامامة من علي .. .لماذا لم يقاتلهم علي وهم المرتدون والمخالفون لامر الله بل كان يجالسهم ويشاركهم الرأي والمشورة ولم يختلف الا مع معاوية فقامت الحرب بينهم ..... الرسول له ابناء اخرون غير فاطمة فلما لا يذكرون من اهل البيت كام كلثوم ورقية ...ولماذا الرسول تجوز تسع نساء وهن امهات المؤمنين نقذف بعضهن بالاثم وهن بقين ازواجه حتى وفاته وهل يعقل ان رسول الله عليه افضل صلاة وتسليم يرضى بالعار لهذه الدرجة وهو القائل ...لن يدخل الجنة ديوثا....


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ج1: الإسلام دين الله والناس كلهم سواسية ولا فرق بينهم إلا بالتقوى سواء كان من السادة أم العامة، ويطلق على السيد بهذا اللقب ﻷنه فقط ينتمي للسلالة الهاشمية المحمدية العلوية من جهة أبيه حيث كل امريء يُنسب لأبيه.

ج2: قضية الولاية والخلافة من بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" دينية وليست عاطفية، فالنبي الأعظم هو من حدد الخلفاء والأولياء الشرعيين من بعده بأمر الله تعالى وهم إثنا عشر أميرا كلهم من قريش وعدد أسمائهم، ونحن كمسلمين علينا السمع والطاعة والامتثال ﻷوامره، وهذا الأمر ليس مرويا من طرق الشيعة فقط بل حتى من طرق المخالفين وننقل لك هذه الروايات الصحيحة في مصادركم:

عن جابر قال: قال رسول الله "صلَّى الله عليه و آله": "أنا سيّد النبيين، وعلي سيّد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي إثنا عشر أوّلهم علي، وأخرهم القائم المهدي". (ينابيع الموّدة ج 3 ، ص 104).

وذكر أيضاً عن جابر بن عبد الله قوله: قال رسول الله "صلَّى الله عليه و آله": "يا جابر إنّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم عليّ، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف بالباقر ـ ستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرأه منّي السلام -ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ القائم، اسمه اسمي و كنيته كنيتي، محمّد بن الحسن بن عليّ ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلاّ مَن امتحن الله قلبه للإيمان". (ينابيع الموّدة للقندوزي الحنفي ج 2، ص 593).

وروى البخاري بسنده عن جابر بن سمرة قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكون إثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: كلهم من قريش". (صحيح البخاري ج9، ص729).

يونس بن أبي يعفور العبدي قال: حدثنا: عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: سمعت النبي "صلى الله عليه وسلم": يقول: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش". (البخاري، التاريخ الكبير، ج 8 ص 410، باب يونس).

وهناك آيات واضحة وبسيطة تشير إلى خلافة أهل بيت النبي "عليهم الصلاة والسلام" ومع ذلك يتمحّل المخالفون لصرفها عن معناها كما فعل اليهود والنصارى من قبل في كتبهم المقدسة! فماذا تريد أكثر من آية التطهير وآية المباهلة وآية الإنذار وآية الإكمال وغيرهن؟! وهل تتصوّر أن الله تعالى لو أنزل آيات أخرى أبسط من هذه لآمن القوم المعاندين؟! كلا.

بل ستجدهم يوجدون من التأويلات ما لا يُحصى مثلما طرحوا من معاني كلمة (المولى) نحو ثمانية لصرفها عن معناها البسيط والواضح في قوله صلى الله عليه وآله: ”من كنت مولاه فهذا علي مولاه“! ثم إن الله تعالى يقصد أن يبتلي ويمتحن عباده بالإيمان، ولهذا فإن كثيرا مما ورد في القرآن الحكيم جاء على سبيل يتحمّل أكثر من وجه من وجوه المعاني، وما ذلك إلا ليتحقق الابتلاء والامتحان، فيُميَّز بين المسلّم للواضح من تلك المعاني أي المؤمن بما أنزل الله تعالى وبين المعاند الملتمس للتأويلات والتمحّلات الباطلة أي الكافر بما أنزل الله تعالى. وقد قال سبحانه: ”وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا“! (الكهف: 111).

ج3: يقول الله سبحانه وتعالى: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (سورة الحشر، آية رقم 8).

من هذه الآية الشريفة نعرف أن الله أمرنا بإتباع الأوامر النبوية الشريفة فليس كل أمرا في كتابه يأخذ على الظاهر بل هنالك المفسر لهذه الآيات الشريفة وهو محمد وآله عليهم السلام بنص النبي حين قال: "أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله . . . ثم قال وأهل بيتي . . . " (صحيح مسلم، ج 7، ص 122 - 123).

وقد ثبت عن الأئمة الأطهار من آل النبي المختار (صلوات الله عليهم) أن أرض كربلاء المقدسة أفضل من أرض مكة المعظمة، وأنها أفضل بقاع الأرض، بل أنها أفضل أرض في الجنة. وقد ورد هذا المعنى في روايات معتبرة مستفيضة.

ولو أصرّ مخالفونا على إنكار ذلك التزاما منهم بمقاطعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فإنّ بالإمكان إثباته أيضا من مصادرهم وأقوال أئمتهم وعلمائهم، وذلك بالتقريب التالي:

قد روى البخاري عن رافع بن خديج عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ”المدينة خيرٌ من مكة“. (التاريخ الكبير للبخاري ج1 ص 160 وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير ج4 ص288).

وقال ابن كثير: ”وقد ذهب الإمام مالك وأصحابه إلى أن مسجد المدينة أفضل من المسجد الحرام لان ذاك بناه إبراهيم، وهذا بناه محمد صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم عليه السلام“. (البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص267).

وحتى الذين فضّلوا الكعبة على المدينة من علماء المخالفين، قد استثنوا من ذلك قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا أنه أفضل حتى من الكعبة، وقد حُكي الإجماع على ذلك، وبعضهم فضّل القبر الشريف حتى على عرش الله تعالى وكرسيّه. قال المناوي: ”الكعبة أفضل من المدينة اتفاقا خلا البقعة التي ضمّت أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهي أفضل حتى من الكعبة كما حكى عيّاض الإجماع عليه“. (فيض القدير للمناوي ج6 ص343).

وقال ابن عابدين: ”ما ضم أعضاءه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع“. (حاشية رد المحتار لابن عابدين ج2 ص688).

وقال الحصفكي: ”ما ضم أعضاءه عليه الصلاة و السلام أفضل مطلقا حتى من الكعبة والعرش والكرسي“. (الدر المختار للحصفكي ج2 ص688).

ولهذا فقد قالوا بأن ثواب الصلاة والعبادة في المسجد النبوي الشريف أعظم منه في المسجد الحرام. قال الدسوقي: ”وحيث كانت المدينة أفضل فيكون الثواب المترتب على العمل في مسجدها من صلاة أو اعتكاف أكثر من الثواب المترتب على العمل في مسجد مكة“. (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج2 ص173).

فعلى هذا تكون المدينة المنورة أفضل من مكة المكرمة، والمرقد الشريف للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أفضل من الكعبة الشريفة، وما ذلك إلا لاحتوائه على أعضائه الطاهرة صلوات الله عليه وآله، وهذا هو (مناط التفضيل)، فإذا وجدنا الشرع قد عدّى هذا المناط إلى فرد آخر بجعله له الاعتبار ذاته؛ وجب حينها الحكم نفسه.

وقد وجدنا الشرع قد نطق بقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: ”حسين مني وأنا من حسين“. (رواه البخاري في التاريخ الكبير ج8 ص415 والترمذي في سننه ج5 ص658 وأحمد في مسنده ج4 ص172 وغيرهم كثير وقد صحّحه الألباني في سلسلته الصحيحة برقم 1227).

وبدلالة هذا الحديث يُفهم أن الشرع قد ساوى بين الاعتباريْن، فكل اعتبار للنبي "صلى الله عليه وآله" يكون لسبطه "عليه السلام" والعكس، إلا ما خرج بدليل الاستثناء الخاص.

وبناءً عليه فمناط التفضيل متحد بينهما، فالأرض التي دُفن فيها الحسين "عليه السلام" لها الاعتبار الشرعي ذاته للأرض التي تحوي أعضاء جدّه "صلى الله عليه وآله"، والقبر الذي ضمّ أعضاء الحسين "عليه السلام" له الاعتبار الشرعي ذاته للقبر الذي ضمّ أعضاء جدّه "صلى الله عليه وآله"، فتكون النتيجة أن أرض كربلاء المقدسة كما أرض المدينة المنورة أفضل من أرض مكة المكرمة، والمرقد الحسيني المقدّس كالمرقد النبوي الشريف أفضل من الكعبة المعظمة، سيّما مع ما ورد من أن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة، وفي هذا حديث شريف عن عبد الله بن عمرو قال: ”رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك“. (سنن ابن ماجه ج2 ص1297).

كذلك ينطبق الكلام على النجف اﻷشرف وقم المقدسة وسامراء المقدسة والبقيع الغرقد والكاظمية وغيرها من الأراضي التي تشرفت وتقدست لاحتوائها تلك الأعضاء الشريفة المقدسة.

ج4: ﻷنه سيدة نساء العالمين ومن نسلها الطاهر ولد الخلفاء واﻷولياء الشرعيين كما بينا لكم في الجواب الثاني، وهي التي يرضى الله ورسوله لرضاها ويغضب لغضبها، وهي التي كانت زوجة أمير المؤمنين بأمر من الله تعالى، وهي أحب الناس لرسول الله من أهله، وهي سيدة نساء أهل الجنة، وهي أول من يدخل الجنة مع بعلها أمير المؤمنين، وهي من الذين نزلت فيهم آية التطهير، وهي الحوراء التي لم تحض ولم تطمث، وهي ليست كنساء الآدميّين، وهي التي يشمها رسول الله إذا اشتاق إلى الجنة، وغيرها من الفضائل التي لا تعد ولا تحصى وليست مذكورة في مصادرنا فحسب بل من أصح مصادركم.

وإليك بعض المصادر، فراجع بارك الله فيك:

- صحيح البخاري، كتاب الفضائل، باب مناقب فاطمة.

- صحيح مسلم ج 5 ص 54.

- مسند أحمد ابن حنبل ج5 ص97.

- سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطِمَة ص 241.

- كنز العمّال ج 13 ص 91، ج6 ص219.

- مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 360 و342.

- سير أعلام النبلاء ج 2 ص 126.

- الصواعق المحرقة باب 11 ص 142.

- إسعاف الراغبين بذيل نور الأبصار ص 144.

- الإصابة في تمييز الصحابة ج 4 ص378.

- مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 164.

ومع أهمية هذه الأمور إلا أن لسماحة الشيخ الحبيب سلسلة يثبت فيها بالأدلة القطعية فضائل بنات النبي وأنهن بناته لا ربائبه، كما في الرابط التالي:
>اضغط هنا

ج5: زيجات الأنبياء تتم وفقا لمصالح وحكم إلهية، والأنبياء يمضون وفق ما يرسمه الله تعالى لهم بالتسليم بالقضاء وقدره وهذا ما رفع قدرهم عند الباري عز وجل فكانوا أنبياء الله.

فالحكمة من الزواج بعائشة "لعنها الله" عرفناها من قول عمّار ابن ياسر (رضوان الله تعالى عليهما)، لما قال للمسلمين والذي رواه المخالفون معترفين: "إن عائشة سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله عز وجل ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي"! (صحيح البخاري ج9 ص70).

ونحن لا نسلم بسلامة متن الحديث كلّه، وخصوصا قوله: "والآخرة" غير أننا نتمسك بمضمونه وهو مطلوبنا من أنها كانت باب فتنة وابتلاء من الله تعالى لعباده، فلذلك تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله، كي تُختبر هذه الأمة وتُمتحن.

وإنما تعلّم عمار هذا القول من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) حيث ورد في وصفه لأمرها: "إن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها"! (كتاب سليم بن قيس الهلالي ص919).
ولا يكون انحراف عائشة الأخلاقي منقصة للنبي "صلى الله عليه وآله" ما دام الشيخ الحبيب يقول أن ذلك وقع بعد استشهاده، ومعنى ذلك أنه حين تزوجها كانت مقبولة أخلاقياً.

على أنها حتى لو كانت حينذاك ساقطة أخلاقيا فلا يلزم منه الطعن في النبي "صلى الله عليه وآله" إذا عُرف سبب إقدامه على الزواج بها، وأنه من قبيل تقديم الأهم على المهم، أو التضحية من أجل الدين والصالح العام.

وإلا لكان يتوجه الطعن إلى نبي الله لوط "عليه السلام" الذي عرض بناته على منحرفين أخلاقياً كانوا يلوطون ببعضهم بعضا! وقد حكى الله تعالى ذلك إذ قال: ”وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ“ (هود: 79).

فهل يزوّج نبي بناته من منحرفين عديمي الشرف والعفة؟! الجواب: نعم، إذا كان ذلك تضحية في سبيل الدين والصالح العام. وهذا أخطر من أن يتزوج النبي منحرفة عديمة الشرف والعفة، فأن تتزوج من عاهرة لعلك تستصلحها ليس مثل أن تعطي بنتك وعِرضك الغالي للوطي. فتدبّر جيداً.

وفقكم الله لمراضيه ونسأله لكم الهداية والصلاح وأن يدخل في قلبكم نور محمد وآله الطاهرين عليهم السلام ويخرج منه ظلمات أعدائهم عليهم اللعنة الأبدية.

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

1 شهر رمضان 1438 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp