السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في أحد مواقع التواصل الإجتماعي رأيت أحدهم يستشكل على كتاب موقف أهل البيت عليهم السلام من الفلسفة والعرفان للشيخ محمد باقر علم الهدى وكانت إشكالاته :
1. بالنسبة للفلسفة، فالأحاديث التي احتج بها لا تصلح لاستنباط حكم شرعي بحرمتها، لضعف الأسانيد، ومن جهة الدلالة قد تكون قاصرة عن المدعى لتغاير ماهية الفلسفة اليونانية المترجمة المخلوطة بأفكار وثنية عن فلسفتنا الإسلامية، والأحكام تتغير تبعاً لموضوعاتها.
2. جعل أدلة حصر أخذ العلم عن غير أهل البيت عليهم السلام للنقض عليهم والحال أن فلاسفة الشيعة يقولون إن علاقة الفلسفة والعرفان بتراث أهل البيت عليهم السلام طولية، لا أن الفلسفة مصدر معرفي في عرض الحديث الشريف.
الرجاء منكم التفضل بالإجابة على هذه الشبهات وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بمراجعة الشيخ،
لو كان الأمر على ما يقوله هذا المستشكل لما كان على هذه الفلسفة اعتراض إذ لا مشاحة في الاصطلاح، إلا أن الناظر يرى أن المشتغلين بهذه الفلسفة المزعومة قد انتهوا إلى نتائج تخالف ما جاء عن الكتاب والعترة - كإنكار المعاد الجسماني أو القول بالبدن المثالي - وما ذلك إلا لوقوعهم تحت هيمنة الفلسفة اليونانية وما تفرع عنها من فلسفات باطلة جعلوها حاكمة على النصوص الشرعية فأولوها أو ردوها. وعليه فلا ينفع مجرد الادعاء بأن فلسفتهم طولية وأنها إسلامية إلى غيرها من ادعاءات؛ مع نقض النتائج لذلك.
وإن الأحاديث الشريفة ذمَّت حتى مجرد (الميل) للفلسفة، وما ذلك إلا لبطلانها كطريقة معرفية من رأس، فلا يشفع لهم ادعاؤهم أن (الفلسفة الإسلامية) التي يشتغلون بها مختلفة عن الفلسفة اليونانية أو غيرها، لأنه لو سُلِّم كونها مختلفة في بعض المباني والآراء إلا أن هذا القدْر - وهو (الميل) - ظاهر فيها على الأقل كطريقة معرفية تضاهي تلك، وإلا لما صدق عليها عندهم كونها فلسفة أصلا. وبهذا يُعلم أنها مشمولة بالذم والنهي والنكير عند أئمتنا الأطهار صلوات الله عليهم، لا يجحد ذلك إلا امرئٌ ملبوس عليه أو مكابر.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
7 جمادى الآخرة 1440 هجرية