ما تأويل هذه الرواية التي في ظاهرها نفي لعصمة النبي يعقوب عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أيامكم بهلاك الطاغية وابتداء أفراح آل محمد

توجد رواية في علل الشرائع وهذا نصها مقتطعة

باب 41 - العلة التي من أجلها امتحن الله عز وجل يعقوب) (وابتلاه بالرؤيا التي رآها يوسف حتى جرى من أمره ما جرى) 1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك ابن عطية، عن الثمالي قال: صليت مع علي بن الحسين عليه السلام الفجر بالمدينة يوم الجمعة فلما فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها: لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتوه، فإن اليوم يوم الجمعة، قلت له: ليس كل من يسأل مستحقا؟ فقال: يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسئلنا محقا فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم أطعموهم، ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا، فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه وان سائلا مؤمنا صواما محقا له عند الله منزلة وكان مجتازا غريبا اعتر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه، اطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله فلما يئس أن يطعموه، وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عز وجل، وبات طاويا وأصبح صايما جايعا صابرا حامدا لله وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعام قال فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب: في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عليك وعلى ولدك، يا يعقوب: ان أحب أنبيائي إلى، وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب: أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره وهتف بكم اطعموا السائل الغريب المجتاز القانع، فلم تطعموه شيئا، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إلي، وبات طاويا حامدا لي، وأصبح لي صايما، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم، أو ما علمت يا يعقوب: ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي، وذلك حسن النظر منى لأوليائي واستدراج مني لأعدائي اما وعزتي لأنزل عليك بلواي، ولأجعلنك وولدك عرضا لمصابي، ولأذينك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي، وارضوا بقضائي، واصبروا للمصايب، فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا، وبات فيها ذميال طاويا جايعا.

فما تأويل ذلك عند الشيخ الحبيب علما أن الشيخ ينفي عن الأنبياء عليهم السلام حتى ترك الأولى

بوركتم
...


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه وأمثالها كلها محمولة عند سماحته على التزاحم كما فصّله في دروسه الحوزوية في علم الكلام، وخلاصتها: «أن المعصوم يتزاحم عنده العلم بما يستقبله مما قدّره الله وما فيه من حكم ومصالح لازمة؛ مع ما توجه إليه من أمر ونهي، فيعلم بلا بدية أن يقوم ببعض الأفعال التي هي في ظاهرها مخالفة لذلك الأمر والنهي؛ إلا أنها في حقيقتها امتثال وطاعة لتوقف تلكم المقادير والحكم والمصالح المستقبلية على وجودها. والفرق أن هذا الامتثال باعثه العلم دونما صيغة أمر أو نهي، بل قد تأتي الصيغة على الضد منه، ولا يلزم من ذلك أن تكون الصيغة حينئذ لغوية كما لا يلزم أن تكون كذلك في كل موارد التزاحم والترتب واجتماع الأمر والنهي المبحوثة في الأصول. وترتب الأثر على الفعل حينئذ يكون من قبيل الابتلاء الذي به ترتفع المنزلة وتتحقق الأسوة والموعظة والعبرة».

بناء على ذلك نقول: إن سيدنا يعقوب (عليه السلام) لم يفعل ما يخدش بعصمته ولا ترك الأولى لأن الأولى هو في الحقيقة أن يفعل، لأنه إذا لم يفعل هذا لما بدأت قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) وما فيها من حكم ومصالح وعبر وما تليها من مقادير. وإلى هذا الشيء أشارت الرواية: «قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وولده شباعا وبات فيها ذميال جائعا رائها» (تفسير العياشي ج2 ص168).

وهذا مثل معصية سيدنا آدم (عليه السلام) حيث قال الإمام الرضا (عليه السلام): «وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل» (مسند الإمام الرضا عليه السلام ج2 ص93). فهي طاعة تتميم المقادير في صورة معصية.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

5 ربيع الآخر 1443 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp