السلام عليكم ورحمة الله
يشكل بعض النصارى في أن مصطلح "نصارى" يشير إلى طائفة محددة من طوائف الديانة المسيحية وأن هذه الطائفة قد انقرضت إذ أبادها المسلمون ..
ويشكلون على القرآن الكريم حين لم يطلق على أتباع دين نبي الله عيسى بن مريم اسم "مسيحيون"، وأطلق عليهم اسم "نصارى" ، ونسبوا -معاذ الله- إليه الضعف، إذ تحدث عن الخاص المنقرض وتجاهل العام الموجود إلى يومنا هذا
فما هو رأي سماحة الشيخ في هذا الإشكال؟
وفقنا وإياكم الله لطاعته ومراضيه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بإمامنا الجواد أبي جعفر محمد بن علي التقي صلوات الله عليهما ولعنة الله على قاتليهما.
بمراجعة الشيخ أفاد أن إطلاق اسم (مسيحيين) على النصارى ينطوي على اعتراف بصحة اتباعهم للمسيح بن مريم عليهما السلام وانتسابهم إليه، بينما الواقع أنهم انحرفوا عنه وحرَّفوا دينه، لذلك لا يطلق القرآن الحكيم عليهم هذا الاسم، وإنما نسبهم إلى بلد المنبت، وهي قرية (الناصرة) في فلسطين، ففي رواية الحسين بن فضال عن الرضا عليه السلام: «قلت له: فلم سمي النصارى نصارى؟ قال: لأنهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم وعيسى عليهما السلام بعد رجوعهما من مصر» (علل الشرائع للصدوق ص٣٨).
ولم يزل اسم (النصارى) - على النسبة للناصرة - متداولا قبل الإسلام وبعده ويُقصد به عموم تلك الطائفة لا فرقة منها، بل هو في الحقيقة الاسم الأصلي، فيما اسم (المسيحيين) اسم حادث، ولك أن ترجع في ذلك إلى من يُعَدُّ عندهم «أبا التاريخ الكنسي» الأسقف يوسابيوس القيصري، المتوفى سنة 339 قبل ظهور الإسلام بقرون، فلقد أثبت في كتابه (تاريخ الكنيسة) ما حاصله: «من هذا الاسم - أي الناصرة - كان المسيح يُدعى ناصريًّا. وفي العصور القديمة، نحن الذين ندعى اليوم مسيحيين؛ كان يطلق علينا اسم الناصريين».
وهكذا تجد أيضا في لغة اليهود العبرية فإنها تطلق على تلك الديانة (נוצרים) = نُصريم، ولا تطلق عليها المسيحية.
ولو كان لاسم النصرانية اختصاص بفئة منقرضة - كالأبيونيين - لوجدت أثرا لذلك في التاريخ والتراث، غير أنك لا تجد سوى أن المعتقد بهذه الديانة، أيًّا كان مذهبه، عربيا كان أم غير عربي؛ لا يجد غضاضة في استعمال هذا الاسم حين التعبير عن نفسه في المحيط العربي أو السامي عموما، ولو كان ثمة اختصاص لوجدت اعتراضا أو تباينا، وهذا التاريخ ببابك.
وعلى هذا فإن هذا الإشكال المصطنع حديثا؛ الذي يثيره بعض النصارى اليوم؛ ليست له قيمة علمية، ولا يعدو أن يكون مجرد كلام فارغ مندفع بالسجال الديني ليس إلا.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
29 ذو القعدة 1443 هجرية