بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيح الفاضل ياسر الحبيب حفظكم الباري عز وجل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
1- أنا مستبصر تونسي جديد و لا أعلم من أقلد من المراجع لعدم قدرتي على التشخيص فهل يمكن لو تكرمتم ذكر أسماء بعض المراجع الذين تثقون بإخلاصهم الشديد للمذهب ؟ كما احتاج من سماحتكم النصيحة و الارشاد حول عدة مسائل
2- من هم حسب رأيكم أفضل الخطباء و العلماء الذين يمكنني الاستفادة من محاظراتهم ؟
3- من هم أفضل الكتاب؟
4- أفضل القنوات التلفزية الشيعية التي يمكنني متابعة برامجها؟
5- كذلك أفضل المواقع ؟
6- و أفضل الرواديد ؟
7- من من العلماء المجتهدين المدفونين الى جوار قبر سيدنا أبولؤلؤة رض ؟
8- هل جميع المخالفين هم أولاد زنا ؟ وما الدليل على ذلك ؟ و ماحكم من استبصر منهم ؟
9- ذكرتم في بعض الأجوبة أن الحسنين عليهما السلام قد شاركا في فتح افريقية فماهي المصادر التي ذكرت هذه المسألة ؟ و هل يعني أن التشيع وصل مع الفتح إلى افريقية ؟ و مارأيكم في من ينكر هذه المسألة من علمائنا مثل علي القائمي ؟
10- ماهو رأي سماحتكم في الحكمة المتعالية و الحكمة الإلهية إلى جانب كتب صدر الدين الشيرازي و خاصة الأسفار الأربعة ؟
11- أريد من سماحتكم تفسير هذه المصطلحات
المحب الموالي الرافضي الشيعي وما الفرق بينهما؟
وكيف يتأكد الفرد من حسن تشيعه ؟
ماهي الرواية التي تمدح الرافضة ؟
12- كيف يمكن أن يكون المرء من خدام الامام المهدي عج ؟
13- ماحكم من يقر بجرائم الخلفاء لكنه لا يلعنهم بلسانه و هل يدخل في دائرة البترية ؟
14- فيم يتمثل ملخص قصة سيدنا إدريس ع ؟
15- مارأى سماحتكم في المراجع الذين يفتون بحرمة اللعن لكنهم يجوزون ذكر أعمالهم السيئة ؟
16- ماهي أفضل الكتب في الرد على المسيحية ؟
17- هل أن الدولة الادريسية بالمغرب شيعية ؟ وفيم يتمثل موقف الأئمة منها؟
18- فيم يتمثل موقف الأئمة ع من الدولة الفاطمية وهل يجوز لنا في تونس احياء التراث الفاطمي من خلال تأسيس جمعية ان كان مدخلا للدعوة الى التشيع ؟ وكيف نتعامل مع من يقون بهذا العمل ؟
ودمتم موفقين
باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
طوبى لكم وهنيئا لكم ركوب سفينة النجاة التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى كما قال نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
ج1: قد ذكرنا غير مرّة أن سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف) هو أعلم علماء عصرنا، فيتعيّن تقليده على الأحوط وجوبا، وهو وغيره من المراجع الأعلام نثق بإخلاصهم.
ج2: اعذرونا عن ذكر الأسماء لأن في ذلك تمييزا وتفضيلا لهذا على ذاك وقد يُجرح المتروك ذكره في مشاعره مع أنه يبذل قصارى جهده في خدمة الأئمة الطاهرين عليهم السلام، فلا يتأتّى لنا ونحن في هذا الموقع أن نصرّح بالأسماء، وفق الله الجميع.
ج3: كالسابق.
ج4: الرائج بين المؤمنين حاليا متابعة قنوات الأنوار والزهراء (عليها السلام) وسلام والفرات وأهل البيت (عليهم السلام) وقناة القرآن الإيرانية، ولسنا من المتابعين جيدا حتى نفضّل.
ج5: لسنا نتابع جيدا حتى نفضّل.
ج6: لا نذكر أسماءً للمحذور الذي سبق.
ج7: من هؤلاء على ما في الذاكرة أحد علماء آل محمد وهو السيد عز الدين الذي كان من أحفاد إمامنا زين العابدين علي بن الحسين صلوات الله عليهما. وكان هذا العالم والسيد الجليل قد أوصى قبيل وفاته بأن يُدفن إلى جوار مولانا أبي لؤلؤة وتحديدا عند رجليه، مع أنه (قدس سره) من ذرية النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وله شرف السيادة لكنه مع هذا رغب في أن يتشرّف بأن يُدفن إلى جوار هذا البطل العظيم أبي لؤلؤة رضوان الله تعالى عليه. وهناك آخرون من العلماء والسادة قد دُفنوا إلى جواره لكن لا تحضرني أسماؤهم الآن.
ج8: شرعا لا، وأما واقعا وموضوعا نعم، وبعبارة أخرى إن المخالفين في هذه الدنيا يُحكم بصحة أنكحتهم، أما في عصر الظهور وفي الآخرة فسيتبيّن بطلانها فيكون أبناؤهم إثر ذلك أبناء زنا وأرقّاء.
والدليل على ذلك ما رواه الكليني (عليه الرحمة) بسنده عن أبي حمزة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال أبو حمزة: ”قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم. فقال لي: الكفّ عنهم أجمل. ثم قال: والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال لي: يا أبا حمزة، كتاب الله المنزل يدلّ عليه. إن الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفيء، ثم قال عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، فنحن أصحاب الخمس والفيء، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا. والله يا أبا حمزة ما من أرض تُفتح ولا خمس يخمّس فيُضرب على شيء منه إلا كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا، ولو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمةُ عليه نفسه فيمن لا يزيد حتى أن الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقنا ذلك بلا عذر ولا حق ولا حجة“. (الكافي ج8 ص285).
ومعنى الحديث أن أبا حمزة الثمالي (رضوان الله تعالى عليه) أبلغ إمامنا الباقر (عليه السلام) بأن بعض الشيعة يقذفون المخالفين بالزنا حين يشتدون معهم في الجدال أو يتواجهون معهم في الميادين، فقال عليه السلام: الكفّ عنهم أجمل، أي أن ترك ذلك أفضل أخلاقيا. ثم استدرك لبيان الواقع وقال مقسما بالله سبحانه أن جميع الناس أولاد بغايا ما عدا الشيعة، فقال أبو حمزة: كيف لي بالمخرج من هذا؟ أي كيف أستدل على هذا أمام من ينكره من المخالفين؟ فبيّن (عليه السلام) الدليل وهو أن الله تبارك وتعالى قد جعل لأهل البيت (عليهم السلام) حقا في أموال الفيء والغنائم، وكان المخالفون لا يؤدّون هذا الحق، فيغزون ويحاربون بغير إذن الإمام وبذا يكون ما غنموه من أموال وما فتحوه من أراضي وما حصلوا عليه بغير حرب كلّ ذلك من حق الإمام خاصة، وعلى التنزّل عن ذلك فإن للإمام الحق في خمس الغنائم، وحيث أن المخالفين ما كانوا يؤدّون هذا الحق فإن هذه الأموال التي كانوا يحصلون عليها كانت حراماً عليهم، فيشترون بها الدور ويتاجرون بها ويورّثونها لأبنائهم وينكحون بها بغير إذن صاحبها الشرعي وهو الإمام المعصوم عليه السلام، فيكون كل ما يترتّب عليها باطلا في الواقع، وبذا تكون هذه الأنكحة باطلة ويعتبر أبناؤها من أولاد البغايا. وعندما يظهر الحق أي الإمام الخلف الحجة (صلوات الله عليه) فإنه سيتملّك المتولّدين من هذه الأنكحة الباطلة ويبيعهم لأنهم بالأصل من ماله، ويحاول بعضهم من الذين يرى نفسه كريمة عليه أن يفتديها بكل ما يملكه من مال حتى يعود إلى الحرية ويتخلص من العبودية إلا أن ذلك لا ينفعه، إلا الذين تشيّعوا فإن أهل البيت (عليهم السلام) قد حرّموا تلك الأموال على جميع الناس إلا شيعتهم كما قال عليه السلام: ”فنحن أصحاب الخمس والفيء، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا“، وبذلك يصبح هؤلاء شرعا وواقعا أبناء أنكحة صحيحة ليس فيها شائبة شرعية. ولهذا ورد في بعض النصوص أن الأئمة (عليهم السلام) قد أباحوا الخمس لشيعتهم في زمن الغيبة، وهو خمس غنائم الحرب، وكذا الأنفال والخراج على قول، وذلك حتى تطيب وتطهر ولادتهم ولا يعتبرون من أولاد الزنا والعياذ بالله. وذلك هو ما ورد في التوقيع الشريف الصادر عن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه: ”وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب به ولادتهم“. (كمال الدين للصدوق عليه الرحمة ص485).
وبهذا يتبيّن لك أن الذي استبصر من المخالفين يغدو طيبا طاهرا بولايته للأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين. وهذه نصيحتنا لجميع المخالفين أن يتداركوا أنفسهم قبل فوات الأوان. هداهم الله وإيانا إلى الحق.
ج9: قد ذكر ذلك المؤرخون ومنهم ابن خلدون في شأن فتح أفريقية، قال: ”فاستشار عثمان الصحابة فأشاروا به، فجهّز العساكر من المدينة وفيهم جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين وابن الزبير“. (تاريخ ابن خلدون ق1 ج2 ص128).
ولا شك أنهما (عليهما السلام) قد بذرا بذرة التشيع في أفريقية بمشاركتهما في الفتح، على ما ذكرناه في أجوبتنا السابقة من أنهما والأجلاء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الشيعة قد شاركوا في تلك الفتوحات لا لإسباغ الشرعية عليها وعلى الآمرين بها من حكام الضلالة والجور؛ وإنما لاستنقاذ الناس وإيصال الدين الإسلامي بحقيقته السليمة لهم، فيكون ذلك من قبيل تقديم الأهم على المهم.
أما عن إنكار هذه المشاركة فإن كان ذلك مستندا إلى دليل روائي أو تاريخي فيمكن النظر فيه والتحقيق، أما إن كان مستندا إلى استحسانات فلا. ولم نرَ دليلا ينفي المشاركة، كما لا نرى موجبا لردّ الاعتماد على ما رواه هؤلاء المؤرخون.
ج10: هي كتب ضلال وخرافات بعيدة عن الإسلام ومنهج أهل البيت عليهم السلام.
ج11: المحب والموالي يترادفان، ويطلقان على من هو أدنى إيمانا والتزاما من الرافضي والشيعي، اللذين يترادفان بدورهما ويطلقان على من كان في درجة عالية من الإيمان والالتزام.
ويتأكد المؤمن من حسن تشيّعه بالنظر في حال نفسه، فإن كان يلتزم بوصايا أئمته وسادته (عليهم السلام) وينتهي عن نواهيهم فهو من شيعتهم المخلصين، وإن لم يكن فلا.
وقد أوضحت مولاتنا الزهراء (صلوات الله عليها) هذه المسألة بجلاء، فقد روى إمامنا العسكري (صلوات الله عليه) أنه: ”قال رجل لامرأته: اذهبي إلى فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسليها عني أنا من شيعتكم أو لست من شيعتكم؟ فسألتها فقالت ما قال لها زوجها. فقالت فاطمة (عليها السّلام): قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، وتنتهي عمّا زجرناكم عنه، فأنت من شيعتنا وإلاّ فلا، فرجعت فأخبرته.
فقال: يا ويلي ومن ينفك من الذنوب والخطايا، فأنا إذاً خالد في النّار، فإن من ليس من شيعتهم، فهو خالد في النّار.
فرجعت المرأة فقالت لفاطمة (عليها السّلام): ما قال لها زوجها، فقالت فاطمة (عليها السّلام): قولي له: ليس هكذا فإن شيعتنا من خيار أهل الجنّة، وكل محبينا وموالي أوليائنا ومعادي أعدائنا والمسلّم بقلبه ولسانه لنا، ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات وهم مع ذلك في الجنّة، ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها أو في الطبق الأعلى من جهنم بعذابها إلى أن نستنقذهم - بحبنا - منها وننقلهم إلى حضرتنا“. (تفسير الإمام العسكري عليه السلام ص308).
أما الروايات التي تمتدح الرافضة فقد ذكرناها غير مرة في محاضراتنا وأجوبتنا، ومنها ما رواه الكليني (عليه الرحمة) بسنده عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: ”كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس فلما أخذ مجلسه قاله له أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد وإنك لتقول هذا؟! قال: جعلت فداك وكيف لا أقول هذا؟! فقال، يا أبا محمد أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول؟ قال: قلت: جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟ فقال: يكرم الله الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم، قال: قلت: جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لاهل التوحيد؟ قال: فقال: لا والله إلا لكم خاصة دون العالم، قال: قلت: جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): الرافضة؟ قال: قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم ولكن الله سماكم به أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى (عليه السلام) لما استبان لهم هداه فسموا في عسكر موسى الرافضة لانهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما (عليهما السلام) فأوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد سميتهم به ونحلتهم إياه، فأثبت موسى (عليه السلام) الاسم لهم ثم ذخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرقة وتشعبوا كل شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم (صلى الله عليه وآله) وذهبتم حيث ذهبوا و اخترتم من اختار الله لكم وأردتم من أراد الله فأبشروا ثم ابشروا، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأت الله عز وجل بما انتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه وذلك قوله عز وجل: "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم... ويستغفرون للذين آمنوا" استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره: "وما وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين" يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: "إخوانا على سرر متقابلين" والله ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد "الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" والله ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمد فهل سررتك قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا و عدونا في آية من كتابه فقال عز وجل: "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب" فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون و شيعتنا هم أولوا الالباب، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عز وجل بأحد من أوصياء الانبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين (عليه السلام) وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق: "يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله" يعني بذلك عليا (عليه السلام) وشيعته، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول: "يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" والله ما أراد بهذا غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" والله ما أراد بهذا إلا الائمة (عليهم السلام) وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: "فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا" فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز وجل، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: "وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار * إتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار" والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك، زدني، فقال: يا أبا محمد ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس من ذلك براء يا أبا محمد فهل سررتك؟ وفي رواية أخرى فقال: حسبي“. (الكافي ج8 ص34).
ج12: بتقوى الله تعالى إلى أقصى درجات الاستطاعة، والولاء المطلق لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وهجران الدنيا وملذاتها مطلقا، والتمسك بروح الشجاعة والإقدام، والالتزام بقيم المسؤولية والتضحية والمثابرة والنشاط، ويكون التمهيد لقيام مولانا حجة اللـه على خلقـه (أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء) بإنهاض المجتمع الشيعي ورفع مستوى وعيه وكفاءته الحضارية، ومعالجة مواطن الاعتلال العقدي وتنقية المجتمع الشيعي من الشوائب وصولا لحالة السلامة العقدية، وإنهاء حالة الانهزامية والتراجع والخمول في المجتمع الشيعي، والسعي لاستلام الشيعة موقعية الريادة والطليعة العالمية في شتى المجالات، وهداية البشرية بمختلف أديانها وطوائفها إلى نور وعقيدة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
ج13: إن كان لا يلعنهم تأثّما ولأنه يرى عدم جواز لعنهم مع إقراره بجرائمهم فهو ملعون وداخل في جملة البترية، وقد قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: ”من تأثّم أن يلعن من لعنه الله فعليه لعنة الله“. (رجال الكشي ص328).
أما إن كان لا يلعنهم استقلالا فلا بأس لكنه محروم من الثواب والأجر العظيم، هذا واللعن هو مصداق التبري، والتبري واجب من أعداء الله، فينبغي لعن هؤلاء الظالمين ولو مرّة في العمر لأداء الواجب وإبراء الذمة أمام الله سبحانه وتعالى.
ج14: هي قصة عجيبة مطوّلة فيها كثير من العبر رُويت عن سيدنا ومولانا الإمام الباقر عليه السلام، قال: ” كان بدو نبوة ادريس عليه السلام أنه كان في زمانه ملك جبار، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بارض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الأرض؟ قالوا: لعبد مؤمن من عبيد الملك فلان الرافضي، فدعا به فقال له: أمتعني بأرضك هذه، فقال له: عيالى أحوج اليها منك، قال: فسمنى بها اثمن لك قال: لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك واسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره، وكانت له امرأة من الازارقة وكان بها معجبا يشاورها في الامر اذا نزل به، فلما استقر في مجلسه بعث اليها يشاورها في أمر صاحب الارض، فخرجت اليه فرأت في وجهه الغضب فقالت: ايها الملك ما الذى دهاك حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الارض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: ايها الملك انما يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام، فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير ارضه اليك بحجة، لك فيها العذر عند أهل مملكتك، قال: وما هى؟ قالت: أبعث اليه أقواما من أصحابى ازارقة حتى يأتوك به، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه. قال: فافعلى.
قال: وكان لها أصحاب من الازارقة على دينها يرون قتل الرافصة من المؤمنين، فبعث إلى قوم من الازارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضى عند الملك انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برئ من دين الملك فقتله واستخلص أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك، فأوحى إلى ادريس: أن ائت عبدى هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدى المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك، فاحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتى لانتقمن له منك في الآجل، ولاصلبنك ملكك في العاجل، ولاخربن مدينتك ولاذلن عزك، ولاطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمى عنك؟ فأتاه ادريس (عليه السلام) برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انى رسول الله اليك وهو يقول لك: أما رضيت ان قتلت عبدى المؤمن حتى استخلصت أرضه خالصة لك، وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتى لانتقمن له منك في الآجل، ولاسلبنك ملكك في العاجل ولاخربن مدينتك ولاذلن عزك ولاطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج عنى يا ادريس فلن تسبقنى بنفسك ثم ارسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به ادريس فقالت: لا يهولنك رسالة اله ادريس انا اكفيك أمر ادريس، انا ارسل اليه من يقتله فتبطل رسالة الهه وكلما جاء به، قال: فافعلى قال: وكان لادريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون اليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم ادريس بما كان من وحى الله عزوجل اليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغه رسالة الله عز ـ وجل إلى الجبار، فأشفقوا على ادريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار اليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذى كان يجتمع اليه فيه أصحابه فلم يجدوه، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب ادريس فحسبوا أنهم أتوا ادريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له: خذ حذرك يا ادريس فان الجبار قاتلك، قد بعث اليوم اربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.
فتنحى ادريس عن القرية من يومه ذلك، ومعه نفر من أصحابه، فلما كان في السحر ناجى ادريس ربه فقال: يا رب بعثتنى إلى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدنى هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلى ان ظفر بى؟ فأوحى الله عزوجل اليه: أن تنح عنه واخرج من قريته، وخلنى واياه فوعزتى لانفذن فيه أمرى، ولاصدقن قولك فيه، وما ارسلتك به اليه، فقال ادريس: يا رب ان لى حاجة، قال الله عزوجل: سل تعطها.
قال: اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى اسألك ذلك، قال الله عزوجل: يا ادريس اذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون! قال ادريس: وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال الله عزوجل: قد اعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألنى ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.
فأخبر ادريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله اليه ووعده أن لا يمطر السماء على قريتهم حتى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها وعدتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في القرى وشاع خبر ادريس في القرى بما سأل ربه، وتنحى ادريس إلى كهف من الجبل شاهق فلجأ اليه ووكل الله عزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب الله عزوجل عند ذلك ملك الجبار و قتله واخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن، فظهر في المدينة جبار آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج ادريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة من القرى من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: ان الذى نزل بنا مما ترون لسؤال ادريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو، وقد تنحى ادريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه، فأجمع امرهم على ان يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا اليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد و لبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم التراب وعجوا إلى الله بالتوبة والاستغفار و البكاء والتضرع اليه فأوحى الله عزوجل إلى ادريس: يا ادريس ان أهل قريتك قد عجوا إلى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة واعفو عن السيئة وقد رحمتهم ولم يمنعنى من اجابتهم إلى ما سألونى من المطر الا مناظرتك فيما سألتنى أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألنى، فاسألنى يا ادريس حتى أغيثهم وامطر السماء عليهم. قال ادريس: اللهم انى لا اسئلك ذلك. قال الله عزوجل: ألم تسألنى يا ادريس فأجبتك إلى ما سألت، وأنا اسألك ان تسألنى فلم لا يجيب مسألتى؟ قال ادريس: اللهم لا اسألك، قال: فأوحى الله عزوجل إلى الملك الذى أمره أن يأتى ادريس بطعامه كل مساء أن احبس عن ادريس طعامه ولا تأته به، فلما أمسى ادريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت بطعامه حزن وجاع، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثانى فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه وجوعه، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه و قل صبره، فنادى ربه: يا رب حبست عنى رزقى من قبل أن تقبض روحى؟ فأوحى الله عزوجل اليه: يا ادريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلثة أيام ولياليها، ولم تجزع و تذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة، ثم سالتك عند جهدهم ورحمتى اياهم ان تسألنى فأمطر عليهم فلم تسألنى وبخلت عليهم بمسألتك اياى! فأدبتك بالجوع، فقل عند ذلك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى جبلتك.
فهبط ادريس (عليه السلام) من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه، فهجم على عجوز كبيرة وهى ترفق قرصتين لها على مقلاة فقال لها: ايتها المرأة أطعمينى فانى مجهود من الجوع، فقالت له: يا عبدالله ما تركت لنا دعوة ادريس فضلا نطعمه أحدا ـ وحلفت انها ما تملك غيره شيئا ـ فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، فقال لها: اطعمينى ما أمسك به روحى وتحملنى به رجلى إلى أن أطلب، قالت: انهما قرصتان واحدة لى والاخرى لابنى فان اطعمتك قوتى مت، وان أطعمتك قوت ابنى مات، وما هيهنا فضل اطعمك، فقال لها: " ان ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به، ويجزينى النصف الاخر فأحيى به وفى ذلك بلغة لى وله، فأكلت المرئة قرصتها وكسرت الاخرى بين ادريس وبين ابنها، فلما راى ابنها ادريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات، قالت امه: يا عبدالله قتلت على ابنى جزعا على قوته، فقال لها ادريس: فأنا احييه باذن الله فلا تجزعى، ثم أخذ ادريس بعضدى الصبى ثم قال: أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعى إلى بدنه بإذن الله وأنا ادريس النبي، فرجعت روح الغلام اليه باذن الله، فلما سمعت امه كلام ادريس وقوله: أنا ادريس، ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت، قالت: اشهد انك ادريس النبي وخرجت تنادى بأعلى صوتها في القرية: ابشروا بالفرج قد دخل ادريس في قريتكم، ومضى ادريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهى تل، فاجتمع اليه اناس من أهل قريته فقالوا له: يا ادريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التى جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟! فادع الله ان يمطر السماء علينا، قال: لا، حتى يأتينى جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألونى ذلك، فبلغ الجبار قوله، فبعث اليه أربعين رجلا يأتوه بادريس فأتوه فقالوا له: إن الجبار بعثنا اليك لنذهب بك اليه فدعا عليهم فماتوا، فبلغ ذلك الجبار فبعث اليه خمسمئة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا ادريس ان الجبار بعثنا اليك لنذهب بك اليه، فقال لهم ادريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا ادريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب اليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتينى جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول ادريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم إلى ادريس مشاة حفاة، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين اليه أن يسأل الله عزوجل أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم ادريس: اما الان فنعم فسأل الله عزوجل ادريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم و نواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا انه الغرق، فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء“. (كمال الدين للصدوق ص127).
وفي القصة فوائد كثيرة، منها أن لقب (الرافضة) كان قديما جدا وهو يرمز إلى المؤمنين الذين يرفضون الباطل وحكّام الجور، وكذا لقب (الأزارقة) الذي يرمز إلى الخوارج الذين يستحلون قتل المؤمنين من الروافض. ومن الفوائد أن للنبي ولاية تكوينية ليست من قبيل الدعاء المستتبع للاستجابة كما يتوهّم بعض القاصرين، وإنما ولاية تكوينية حقيقتها أمر النبي أو المعصوم وإرادته المستتبعة للتحقق، فإن إدريس (عليه السلام) قد أمر مباشرة روح الصبي بالعودة فعادت. ومن الفوائد أن هذا الخبر يدعم ما نذهب إليه من امتناع صدور ترك الأولى من المعصوم، وأن الصادر هو من باب الاضطرار والتزاحم، فإن عزيمة الله تعالى كانت بالأصل في أن يمضي إدريس (عليه السلام) بتأديب قومه وإخضاعهم حتى لا يعودوا للطغيان، فما كان يتأتى له - والحال هذه - أن يسأل الله تعالى بأن يهطل المطر عليهم إذ لا بد من أن يأتي الجبار وأهل القرية إلى نبيّهم مشاة حافين خاضعين نادمين، وهذه هي الحكمة من نزول البلاء عليهم. وأما ما ورد مما ظاهره عتاب الله تعالى لنبيّه إدريس (عليه السلام) فقد ورد لغايات الإفهام والتأديب للغير ومن باب إياك أعني فاسمعي يا جارة. وأما حرمانه من الطعام الذي كان يأتيه فلحكمة بيانية هي أن يجدّ الإنسان في طلب الرزق، لا أنه عقاب على ذنب أو حتى ترك للأولى.
ج15: ليس ثمة مرجع يفتي بحرمة اللعن في نفسه، فإذا وجدت أحدا يفتي بذلك فاعلم أنه ليس بمرجع ولم يذق من طعم الفقه شيئا. نعم قد يوصي بعضهم بعدم الإجهار بلعن رموز المخالفين أمامهم والاكتفاء عوضا عن ذلك بذكر جرائم هؤلاء، وهذه التوصية ليست مخالفة للشرع إلا أننا نراها مرجوحة في عصرنا هذا وبعيدة عن الأصوب، وراجع في هذا محاضرة لنا بعنوان: ماذا يفيدنا إظهار اللعن والبراءة؟ (*)
ج16: في نظرنا هي كتب ومؤلفات الفقيه الشيخ محمد جواد البلاغي قدس سره، وهي كثيرة وعميقة المطالب.
ج17: لم تكن الدولة الإدريسية شيعية بالمعنى الحقيقي وإنما كانت بكرية قريبة من الثقافة الشيعية فحسب. وكل دولة تأسست بغير ارتباط بالإمام المعصوم (عليه السلام) اعلم أنها كانت دولة منحرفة وموقف الأئمة (عليهم السلام) منها هو موقف المقاطعة.
ج18: كذلك لم تكن الدولة الفاطمية شيعية بالمعنى الحقيقي وإنما كانت إسماعيلية، وموقف الأئمة (عليهم السلام) هو موقف المقاطعة على ما سبق بيانه. وأما إحياء التراث الفاطمي فليس المهم هو العنوان وإنما المهم هو المضمون والجوهر فإن كان متوافقا مع الشرع بنشر الآثار الصحيحة أو غير الصحيحة مع الردّ عليها فلا بأس، وإذا كان الهدف من هذه الخطوة هو الدعوة للتشيع فذلك سبيل غير مستقيم، فإنه لا حاجة للتشيع في التراث الفاطمي الإسماعيلي المنحرف وإنما يجب نشر التشيع بتراثه الأصيل، ونوصيكم بنصح من يقوم بعمل كهذا فإذا لم ينتصح فجانبوه.
زادكم الله من فضله وإحسانه وكرمه. والسلام.
11 شوال لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.