أريد ان استفسر عن امارات الفاسق وصفاته، ماهي الذنوب التي تُعد فسقًا والعياذ بالله بحيث إن صدرت من الانسان جهارًا يكون بذلك فاسقًا وترتفع حرمته حفظنا الله من ذلك
وكيف نتعامل مع الفسقة إن كانوا من الأرحام مثلًا أو من الأصدقاء أو من الموالين بشكل عام
نسألكم الدعاء
شكرًا لكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
• الفسق هو تجاوز الحد. فكلُّ ما كان من تجاوز للحدود الشرعية بانتهاكها عن عمد وتلذذ وإصرار فهو فسق.
في توضيح صفات الفاسق ومعنى الفسق ما ورد من قول الصادق عليه السلام:
«ومعنى الفسق: فكل معصية من المعاصي الكبار فعلها فاعل، أو دخل فيها داخل بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب، فهو فسق وفاعله فاسق خارج من الإيمان بجهة الفسق، فإن دام في ذلك حتى يدخل في حد التهاون والاستخفاف، فقد وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا». (تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٣٣١)
ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنّ علامات الفاسق كما يلي: «أما علامة الفاسق فأربعة: اللهو واللغو والعدوان والبهتان» (المصدر السابق:ص22)
وقد وصف أمير المؤمنين عليه السلام الفاسق أنه يُقدم على المحرمات راغبا محبا مستأنسا بلا شعور بالتأنيب. ويقيم على الحرام إلى المشيب حتى يصير سمةً وخليقة.
يقول عليه السلام: «آثروا عاجلا وأخروا آجلا، وتركوا صافيا وشربوا آجنا، كأني أنظر إلى فاسقهم وقد صحب المنكر فألفه، وبسئ به(أي استأنس وفرح) ووافقه، حتى شابت عليه مفارقه، وصبغت به خلائقه» (نهج البلاغة،الخطبة الحادية والأربعون)
• أمّا الموقف العملي من الفسقة ننقل ما ورد عن النمازي رحمه الله:
(قال الشهيد: اعلم أن الفاسق المتظاهر بفسقه لا حرمة له، لما روي عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا جاهر الفاسق بفسقه، فلا حرمة له ولا غيبة. وفي بعض الأخبار: من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب. وفي الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم - الخ (تقدم في " بدع")
وقال الشهيد: الفسق في اللغة الخروج عن الطاعة مطلقا، لكن يطلق غالبا في الكتاب والسنة على الكفر وارتكاب الكبائر العظيمة، ثم نقل كلام المصباح والراغب في معنى الفسق، ثم قال: وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به، ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه، قال تعالى: * (ففسق عن أمر ربه * ففسقوا فيها فحق عليها القول * وأكثرهم الفاسقون * أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) * فقابل به الإيمان وقال: * (ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) *.
الآيات في ذلك.
وقال النمازي رحمه الله: وعن إرشاد القلوب للديلمي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من زوج كريمته بفاسق، نزل عليه كل يوم ألف لعنة، ولا يصعد له عمل إلى السماء، ولا يستجاب له دعاءه، ولا يقبل منه صرف ولا عدل.
ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم . وتمام الخبر في البحار.
وفي وصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي، ولا تأكل طعام الفاسقين)
(مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٢)
المتحصل هو أنه بالطبع بعد الوعظ والإرشاد والنصح وبذل الوسع في ذلك فإنّ الفسقة يُعاملون معاملة أهل الريب والبدع إن كانوا ممن يؤثر على محيطه وينقل فسقه ويعدي به تتم مقاطعتهم فلا يُزوَّجوا ولا تُجاب دعوتهم إلى طعام، وإن لم يكونوا كذلك فيُكتفى بمقاطعتهم واجتنابهم.
وأمّا إن كان الفسق من الوالدين فهما اسستثناء حيث المأمور هو مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف مع عدم إطاعتهما أو مهادنتهما على فسقهما، وذلك ما لم يكونا (رأسًا) في(بدعة) ففي هذه نظَر ويُرجع في شأنهما للحاكم الشرعي لكي يُقدِّر المسألة ويُمتَثَل في الجانب العملي أمره فيهما.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
17 جمادى الآخرة 1444 هجرية