بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ،

أولا؛ إنه لا حاجة إلى العثور على سند صحيح للأحاديث النبوية التي تذكر شيعة علي عليه السلام وذلك لبلوغها مبلغ التواتر لتعدد طرقها. ومن المعلوم أن التواتر يغني عن صحة السند، كما هو الحال في القرآن الحكيم الذي ليس له عندهم سند صحيح يخلو رجاله من مقال، إلا أنه متواتر، والتواتر أعلى من صحة سند خبر الواحد.

ثانيا؛ إن الأحاديث النبوية التي تذكر شيعة علي عليه السلام واردة في أصح التفاسير التي نفى كبراؤهم أن يكون فيها نقل عن المتهمين. فلقد قال ابن تيمية مثلا في (مجموع الفتاوى): «وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين». وتفسير الطبري فيه الحديث المعروف في تفسير قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ» حيث قال صلى الله عليه وآله: «أنْتَ يا عَلي وَشِيعَتُكَ».

ثالثا؛ علاوة على ذلك فإن في الأحاديث التي رووها في ذكر شيعة علي عليه السلام ما جاء بأسناد صحيحة، ولذا نجد الحاكم مثلا لم يجد مغمزا في سند حديثه الذي أخرجه في (المستدرك على الصحيحين) إلا أن يقول أن متنه شاذ! والحديث هو قوله صلى الله عليه وآله: «أَنَا الشَّجَرَةُ وَفَاطِمَةُ فَرْعُهَا، وَعَلِيٌّ لِقَاحُهَا، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ثَمَرَتُهَا، وَشِيعَتُنَا وَرَقُهَا، وَأَصْلُ الشَّجَرَةِ فِي جُنَّةِ عَدْنٍ، وَسَائِرُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْجَنَّةِ» فعلّق عليه الحاكم بقوله: «هَذَا مَتْنٌ شَاذُّ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ إِسْحَاقَ الدَّبَرِيُّ صَدُوقٌ، وَعَبْدٌ الرَّزَّاقِ وَأَبُوهُ وَجَدُهُ ثِقَاتٌ، وَمِينَاءُ مَوْلَى عبد الرحمن بْنِ عَوْفٍ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»! وجاء بعده من اتهم ميناء بالتشيع مع أنه مولى عبد الرحمن بن عوف وقد أدرك النبي صلى الله عليه وآله! وعندما حدّث بهذا الحديث قال: «خُذُوا عَنِّي قَبْلَ أَنْ تُشَابَ الْأَحَادِيثُ بِالْأَبَاطِيلِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ.. إلخ». أما ابن ابن عدي فلم يدرِ ما يقول في هذا الحديث إلا أن يحتمل أن البلاء فيه من مينا أو عبد الرزاق! مع أن هذا الأخير ثقة الثقات وشيخ أحمد بن حنبل! وتهمة هذين عند ابن عدي أنهما يرويان فضائل العترة عليهم السلام! فاستمع إليه يقول: «وهذا الحديث في فضيلة علي لا يُعرف إلا بهذا الإسناد، ولعل البلاء فيه من مينا أو عبدالرزاق، فإنهما في جملة من يروي الفضائل»!

ثم إن مما يرادف لفظ الشيعة؛ لفظ «الفرقة التي تدعو إلى أمر علي». وهذا اللفظ ورد في حديث حذيفة بسند صحيح، ففي مجمع الزوائد برقم ١٢٠٣٢: «وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ حُذَيْفَةَ إِذْ قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ، وَقَدْ خَرَجَ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِرْقَتَيْنِ، يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ؟ فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ إِنْ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ الزَّمَانَ؟ قَالَ: انْظُرُوا الْفِرْقَةَ الَّتِي تَدْعُو إِلَى أَمْرِ عَلِيٍّ فَالْزَمُوهَا، فَإِنَّهَا عَلَى الْهُدَى». وقد علّق عليه الهيثمي بقوله: «رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ». وهو كافٍ في إثبات نطق النبي صلى الله عليه وآله بكلمة شيعة علي ونحوها، لأن حديث حذيفة في حكم المرفوع، إذ لا يمكن أن يجزم بشيء دون أن يكون قد سمعه من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وهو صاحب سره بالاتفاق. وقد أثبت هذا الحديث أن هذه الفرقة هي التي «عَلَى الْهُدَى»، ورجاله ثقات كما اعترف به الهيثمي، فالحمد لله رب العالمين.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

16 رجب الأصب 1445 هجرية

شارك الإجابة على