ما رأي الشيخ الحبيب بشخصية أبي كبشة التي نسب إليها النبي صلى الله عليه وآله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

سلام عليكم ما رأي سماحتكم في شخصية ابو كبشة فيقال أنه كان موحداً دعا المشركين في قريش للتوحيد وهل كان على دين إبراهيم عليه السلام؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمراجعة الشيخ،

قد اختلفوا في أبي كبشة الذي نسبت قريش إليه نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله، فمن قائل أنه جد جده لأمه، وأنه الأوقص بن مرة، أبو عاتكة أم وهب أبي آمنة أم محمد صلى الله عليه وآله. وأنه الذي شذ عن قريش فعبد الشعرى، فنسبوا النبي إليه باعتبار أنه أدركه عرق من جده فشذ عن قريش وخالفها في دينها بدعوته إلى التوحيد.

ومن قائل أنه جده المباشر لأمه؛ أي وهب بن عبد المناف، ومن قائل: بل خاله؛ أخو آمنة عليها السلام.

ومن قائل أنه أبوه من الرضاع، الحارث بن عبد العزى زوج حليمة السعدية عليها السلام، وقد كانت له ابنة تسمى كبشة، فكني بها. ومن قائل: بل هو والد حليمة.

ومن قائل: إنه جد جده عبد المطلب عليه السلام لأمه سلمى؛ عمرو بن زيد النجاري.

ومن قائل أنه ليس للنبي صلى الله عليه وآله به نسب ولا سبب؛ وإنما هو رجل من خزاعة اسمه وَجْز، كان هو الذي شذ عن قريش بعبادة الشعرى، فنسبوا النبي صلى الله عليه وآله إليه. ومن قائل: بل إن وجزا هذا هو من أجداده لأمه، وأنه أبو قيلة أم وهب أبي آمنة عليها السلام.

ومن قائل أنه ليس برجل معيَّن معروف؛ وإنما هي عادة قريش أنها إذا أرادت ذم أو تحقير أحد نسبته إلى مجهول أو غامض.

وكل هذه الأقوال كما ترى؛ من الأقوال المرسلة التي لا يمكن الركون إليها بوجه مطلق، ولعل الأقرب منها أن أبا كبشة إنما هو زوج حليمة عليها السلام، لتعضده برواية عندنا عن زيد بن أرقم، فيها أن الثلاثة المنافقين أبا بكر وعمر وأبا عبيدة قد تناجوا يوم غدير خم في خباء فقال أحدهم: «والله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر يستقيم لعلي من بعده! وقال آخر: أتجعله أحمق! ألم تعلم أنه مجنون قد كاد أن يُصرع عند امرأة ابن أبي كبشة! وقال الثالث: دعوه؛ إن شاء أن يكون أحمق وإن شاء أن يكون مجنونا، والله ما يكون ما يقول أبدا»! (تفسير العياشي ج2 ص97). والظاهر أن لفظ (ابن) من خطأ النساخ وسبق أقلامهم لكثرة اقترانه بأبي كبشة في الآثار.

وإذا كان تعيين الشخصية على ما ترى من التضارب في الأقوال المرسلة؛ فما ظنك بتعيين دينها وإثبات أنها كانت على التوحيد؟!

ولعل بعضهم توهم من عبارة في تفسير ابن عاشور أن أبا كبشة كان من الموحدين من أجداد النبي صلى الله عليه وآله، وأنه ما دعا إلى عبادة الشعرى إلا تورية وتمويها وتقية وتغطية على باطن دعوته إلى التوحيد، وليس كذلك، فإن العبارة تقول: «وكانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا كبشة، قيل: لمخالفته إياهم في عبادة الأصنام، وكانوا يصفونه بابن أبي كبشة. قيل: لأن أبا كبشة كان من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمه، يعرّضون أو يموّهون على دهمائهم بأنه يدعو إلى عبادة الشعرى، يريدون التغطية على الدعوة إلى توحيد الله تعالى». والعبارة كما ترى، إنما تنسب التمويه والتغطية لقريش، لا إلى أجداد النبي صلى الله عليه وآله وأبي كبشة من بينهم. على أن التمويه في مثل أصل الأصول فاسد، وابن عاشور مخالف متأخر ليس بشيء.

وبعد إذ لم يردنا عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم شيء عن تعيين شخصية أبي كبشة وحقيقة دينه؛ فليس لنا أن نقطع عنه بشيء.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

16 شوال 1446 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp