السلام عليكم احبتي في الله، كنت قد بعثت اليكم برسالة اسأل شيخنا الاستاذ حفظه الله عما جرى في لبنان،من افتتاح حرب أو ما يسمى جبهة إسناد لغزة مع الصهاينة و لم اتلقّ جوابا.فأعيد سؤالي عليه حفظه الله و كذا أودّ أن يعطيني رأيه حول ما يجري الآن من صراع حول نزع سلاح الحزب و بما ينصح و اين يرى اتجاه الامور؟ وفقنا الله و اياكم لما يحب و يرضى اخوكم من جبل عامل،علي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحيّيكم ونسأل الله تعالى أن يتقبّل منكم حرصكم على نيل التوجيه في القضايا المصيرية التي تمرّ بها أمتنا، لا سيّما في هذه الأيام العصيبة التي يشتدّ فيها العدوان الصهيوني، وتتداخل فيها المواقف وتتشابك فيها المصالح والمفاهيم.
ورد إلينا استفساركم الكريم حول موقف سماحة الشيخ مما يجري في لبنان من افتتاح جبهة دعم لغزة ضد الصهاينة، وحول موقفه من مسألة نزع سلاح الحزب المسمى بـ«حزب الله». ونود أن نلفت عنايتكم أولًا إلى أن سماحته لم يُجب على السؤال الذي سبق أن بعثتموه، لا تهاونًا ولا إغفالًا، بل نظرًا لحراجة التوقيت حيث إنّ الحرب كانت في أشد استعارها، والضحايا الأبرياء يتساقطون في كل لحظة. وفي مثل هذا الظرف المؤلم لا يكون من الأخلاقي أو المناسب فتح باب التلاوم أو التوبيخ أو الدخول في مناقشات داخلية تُضعف الجبهة الشيعية وتشتّت الصف.
ومع ذلك، واستجابة لطلبكم الكريم، نوضح لكم باختصار موقف سماحته:
1. في المبدأ العام، فإن سماحة الشيخ لا يرى شرعيةً لما يُسمّى بـ«حزب الله»، وذلك لاختلال جوهري في عقيدته، وانفصاله عن مرجعية تقليد عادلة جامعة للشرائط. وإنّ تحديد موقف الحرب أو السلم يجب أن يصدر عن المرجع العادل، لا عن مرجع مزيف أو عن حزب لا يستند إلى شرعية دينية صحيحة. ومن هنا فإن الحرب التي دخلها هذا الحزب تفتقد من حيث المبدأ إلى الشرعية الدينية.
2. مع ذلك، فإن سماحته من المؤيدين المبدئيين لنهج المقاومة ورفض التطبيع مع العدو الصهيوني، ولكن مع التذكير بأن الخطوات العملية في هذا السياق - كإعلان الحرب أو الهدنة - ينبغي أن تكون صادرة من المرجع العادل الجامع للشرائط، لأنه الأعلم بالمصلحة، والأقدر على تقييم الكلفة والمردود على ضوء ضوابط الشريعة.
3. يرى سماحته أن الاقتصار على القوة العسكرية في مقاومة العدو الغاصب أمر لا يؤدي إلى نتائج إيجابية في ظل التفوق العسكري الصهيوني الواضح، وأنّ المواجهة لا بد أن تتضمن وسائل أخرى أكثر تأثيرًا، خاصة تلك التي يفهمها الغرب ويُجبر بها على إعادة النظر في دعمه غير المحدود للكيان الغاصب. وتفصيل هذه النقطة ليس من المناسب طرحه على الملأ.
4.كما يأسف سماحته لما سبّبه الحزب المذكور من خسائر فادحة لشيعة لبنان، على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ويُبدي خشيته من مستقبل مظلم ينتظرهم ما دام الحزب يتحكم بمصائرهم. ولهذا يدعو سماحته شيعة لبنان إلى الرجوع إلى الله تعالى، وإعادة صياغة المشهد السياسي والعسكري بما يرضي إمام زماننا (عليه السلام)، وذلك لا يكون إلا بالرجوع إلى المرجع العادل والانفكاك عن التبعية للمرجع المزيف ونظامه الجائر ذي النزعة البترية الخبيثة.
5. ومع أن سماحته لا يؤيد استمرار الحزب على وضعه الراهن، فإنه أيضًا لا يوافق على نزع سلاحه من حيث المبدأ، لأن هذا السلاح يبقى ذخيرة شيعية في منطقة تعجّ بالأطماع والمؤامرات ضد الشيعة. لذا فإن النصيحة التي يقدمها سماحته هي بحلّ الحزب وتسليم ترسانته وأفراده وإمكاناته العسكرية والعقائدية لتكون بإمرة المرجع العادل الجامع للشرائط، وبذلك تُضمَن حماية الشيعة وتُستعاد الشرعية.
نسأل الله تعالى أن يهدي شيعة لبنان لما فيه عزّهم وسلامتهم، وأن يُعجّل في فرج إمامنا المهدي (أرواحنا له الفداء) ليتولى الأمر ويضع كل شيء في نصابه.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
23 شوال 1446 هجرية