ما معنى قولهم عليهم السلام: لا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ الفاضل المجاهد ياسر الحبيب حفظه الله وسدد خطاه

ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام:-حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه ، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا ، وإن الكلمة منا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج- ما معنى الحديث الشريف، وما المقصود بمعاريض الكلام؟
وفقكم الله لما يحب ويرضى وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين.


باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

من وظائف الأنبياء والأوصياء (صلوات الله عليهم) الأكيدة مخاطبة الناس على قدر عقولهم، ووضع الحديث في محلّه، وتحقيق المناسبة بين القول والظرف. ولذا كان ما يصدر عنهم من كلام يحتمل وجوهاً كثيرة، فمنها ما صدر حقيقة، ومنها ما صدر مجازا، ومنها ما صدر مجملا، ومنها ما صدر مفصلا، ومنها ما صدر عاما، ومنها ما صدر خاصا، ومنها ما صدر مطلقا، ومنها ما صدر مقيدا، ومنها ما صدر تقية، ومنها ما صدر تورية، ومنها ما صدر منطوقا، ومنها ما صدر مفهوما، إلى غيرها من وجوه الكلام ومعاريضه.
فالفقيه هو ذاك الذي يعرف على أي وجه صدر هذا الكلام، وفي أي ظرف ولأي غاية، لئلا تشتبه المعاني عليه فيكون استنباطه للأحكام خاطئا.
ولهذا قالوا صلوات الله عليهم: ”حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة منا لتنصرف على سبعين وجهاً لنا من جميعها المخرج“. (معاني الأخبار للصدوق قدس سره ص2).
ومعناه أن المطلوب أولا قبل الرواية؛ هو الدراية، أي دراية معاني ودلالات الأحاديث ووجوهها ومقاصدها، فإنه لا ينفع أن يكون الإنسان مكثرا من الرواية وهو لا يدري معاني ما يرويه ويحدّث به.
وشرط من شروط الفقيه أن يكون مستوليا على هذا العلم، أي علم الدراية، فيعرف معاريض كلامهم (صلوات الله عليهم) أي وجوه التورية في أحاديثهم، فإن للكلمة الواحدة من أحاديثهم وجوها كثيرة، وقد عبّروا عنها بالسبعين كناية عن هذه الكثرة، وليس المقصود هذا التعداد دقّيا.
ثم إن هناك أحاديث تؤكد هذا الأمر وتوضحه أكثر، منها ما عن الصادق عليه السلام: ”أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلماتنا، إن الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب“ (معاني الأخبار ص1) ومنها : ”إنّا نتكلم بالكلمة الواحدة لها سبعون وجها، إن شئت أخذت كذا وإن شئت أخذت كذا“. (اختصاص المفيد ص288) ومنها: ”إن القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب“ (الخصال ج2 ص10). ومنها: ”يا بني.. اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان“. (معاني الأخبار ص1).
أنار الله دروبكم بالإيمان والعلم والعمل. والسلام. ليلة الخامس من شهر ذي الحجة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.

ليلة 5 شهر ذي الحجة 1428


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp