يقول الله تعالي (محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركع سجد من أثر السجود) ويقول سبحانه وتعالي أيضا ( لقد رضي الله علي المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وآيات كثيرة تتحدث عن رضي الله عن الصحابة - ولكن يا سيدي أري الشيعة بلعنون الكثير من الصحابة ويقولون الكثير في حقهم ماذا نصدق كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أم نصدق تلك الآراء
محمد
باسمه تعالى شأنه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بطبيعة الحال عليك بأن تصدّق كتاب الله تعالى فتلعن هؤلاء الذين تسميهم ”صحابة“ وتتبرأ إلى الله تعالى منهم إلا من يثبت أنه كان من المؤمنين الصالحين، لأن الآيتيْن اللتيْن ذكرتهما توجب عليك ذلك لا كما توهّمتَ.
أما الآية الأولى فتمامها قوله تعالى: ”مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا“. (الفتح: 30).
والآية تصرّح بأن (بعض) وليس (كل) أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) هم الذين وعدهم الله تعالى المغفرة والأجر العظيم، لأنه سبحانه قال: ”وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا“، فقوله: ”مِنْهُمْ“ يعني بعضاً منهم وليس كلهم، وهؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أما الذين لم يؤمنوا حقا - كالذين آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فكانوا منافقين - أو الذين لم يعملوا الصالحات فلن تشملهم المغفرة ولن ينالوا الأجر العظيم بل سيُساقون إلى جهنم سوقا.
كما أن الآية الكريمة قد بيّنت صفاتا للذين (مع) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ككونهم أشداء على الكفار ورحماء بينهم، فإذا لم نجد هذه الصفات منطبقة على بعض هؤلاء الذين تسمّيهم ”صحابة“ عرفنا بأنهم ما كانوا مع رسول الله حقا ولن يكونوا معه في الجنة.
والذي يدعو إليه المسلمون - أي الشيعة - هو البحث في سيرة وتاريخ كل واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا وجدناه قد آمن حقا وعمل الصالحات وكان شديدا على الكافرين ورحيما بالمؤمنين؛ واليناه واحترمناه، أما إذا وجدناه على خلاف ذلك فتبرأنا منه ولعنّاه.
وعلى سبيل المثال: لا يمكن لنا أن نحترم شخصا مثل عمر بن الخطاب (عليه لعائن الله) لأنه لم يؤمن حقا، والأدلة على عدم إيمانه كثيرة، منها أنه كان يتردّد على مدارس اليهود كل يوم سبت ليتعلم منهم الدين! وقد اعترف بذلك وبأنه كان أحب الناس إلى اليهود! وذلك حين قال: ”إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم! فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرمُ علينا منك لأنك تأتينا“! (كنز العمال ج2 ص353). هذا مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نهره عن ذلك قائلا له: ”أمتهوّكون فيها يابن الخطاب“! (مسند أحمد ج3 ص387).
وغير خافٍ بأن المؤمن الحقيقي لا يترك سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) ويذهب لليهود المشركين ليأخذ منهم الدين! فهذا دليل على عدم إيمان عمر، وقد صرّح بنفسه بأنه كان شاكاً في الإسلام وفي نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) وذلك في صلح الحديبية! قال: ”والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ“! (المعجم الكبير للطبراني ج20 ص14).
كما أن المؤمن الحقيقي لا يتطاول على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يردّ أمره! وقد صنع ذلك عمر مرارا، منها في رزية الخميس حيث اتهم عمر النبي بأنه يهجر ويهذي وأن الوجع قد غلب عليه، فطرده النبي وطرد أصحابه! روى البخاري عن ابن عباس قال: ” لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله! فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده! ومنهم من يقول ما قال عمر! فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله: قوموا! كان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم“! (البخاري ج7 ص9).
ومنكرات عمر كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، كقتله الناس بغير الحق، وضربه إياهم، وشربه الخمر، وأعظم جرائمه قتله لبضعة النبي فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) وفي ذلك بيان يطول ليس ههنا محله.
وهذه الأعمال ليست من الأعمال الصالحة بل هي من المنكرات والجرائم، وعليه فإن عمر لن ينال مغفرة من الله وأجرا عظيما، بل هو في جهنم.
وعلى هذا المثال قِس سائر الأمثلة، فالآية تقول: ”أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ“ إلا أننا وجدنا مثلا أن عائشة وطلحة والزبير (عليهم لعائن الله) قد حاربوا الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) وجميع المؤمنين الذين كانوا معه، وبذا تكون الصفات الواردة في هذه الآية غير منطبقة على هؤلاء الثلاثة وأضرابهم، لأن المحاربة والقتال خلاف التراحم، وإذ ذاك فهم في النار ولن يكونوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وإلا فيجب تكذيب القرآن والعياذ بالله!
إذن؛ فالآية تنقض ما يزعمه البكريون من أن جميع الصحابة عدول وتجب موالاتهم واحترامهم.
أما الآية الثانية فتمامها قوله عزّ من قائل: ”لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْـزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا“ (الفتح: 19).
وهذه الآية لا تدلّ بأي حال على أن جميع أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) تجب موالاتهم ويجب احترامهم، بل على العكس من ذلك.
أما أولا فلأن عدد الذين بايعوا تحت الشجرة لم يتعدّوا ألفا وخمسمئة على أقصى التقديرات، فأين هم عن جميع الأصحاب الذين فاقوا المئة ألف؟!
وأما ثانيا فإن الرضى الإلهي هنا ليس عاما يشمل كل الأحوال والأزمنة، بل هو منحصر بحال المبايعة لقوله تعالى: ”إِذْ يُبَايِعُونَكَ“ بمعنى أن الله قد رضيَ عنهم في قيامهم بمبايعتك يا رسول الله، لا أنه قد رضي عنهم دائماً وأبدا كما يزعم الجاهلون.
وأما ثالثا فإن الرضى الإلهي هنا مشروط بعدم نكث البيعة، لقوله تعالى: ”إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا“ (الفتح: 11). فالذي ينكث البيعة ولا يوفِ بها لن يكون مرضيا عنه ولن يؤتيه الله أجرا عظيما.
وقد ثبت أن معظم هؤلاء الذين بايعوا تحت الشجرة قد نكثوا البيعة وفي مقدّمتهم أبو بكر وعمر وعثمان! ذلك لأن البيعة كانت على أن لا يفرّوا في الحروب والغزوات. روى مسلم عن جابر قال: ”كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمئة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، وقال: بايعناه على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت“. (صحيح مسلم ج6 ص25).
وقد فرّ معظم هؤلاء المبايعين في غزوة حنين باستثناء أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والعباس وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن مسعود. روى ابن أبي شيبة عن الحكم بن عتيبة قال: ”لما فرّ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين جعل النبي يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فلم يبقَ معه إلا أربعة! ثلاثة من بني هاشم ورجلٌ من غيرهم: علي بن أبي طالب، والعباس، وهما بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر“. (مصنف ابن أبي شيبة ج7 ص417).
وعليه كان أبو بكر وعمر وعثمان وباقي من تسمّيهم ”صحابة“ قد فرّوا فرار الجرذان في غزوة حنين! فهم إذن قد نكثوا بيعة الرضوان في الحديبية، وإذ ذاك فإن الرضى الإلهي لا يشملهم وهم إلى النار وبئس المصير.
هذا ومن المضحكات المبكيات أن بعضا من هؤلاء الذين بايعوا تحت الشجرة والذين يزعم البكريّون بأنهم جميعا قد رضي الله عنهم وأنهم في الجنة.. بعض هؤلاء قد قتلوا بعضهم الآخر! فإن عبد الرحمن بن عديس البلوي كان ممن قتل عثمان بن عفان وكلاهما ممن بايع تحت الشجرة! وأبو الغادية يسار بن سبع كان قد قتل عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) وكلاهما - على تردّد في الأول - ممن بايع تحت الشجرة! فكيف يُراد من عاقل أن يعتقد بأن القاتل والمقتول في الجنة؟!
فالمطلوب منك إذن أن تصدّق كلام الله تعالى الذي نفى عن كل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) الإيمان والعدالة، ووضع شروطا كثيرة عليهم كي يضمنوا الجنة. وعليك بأن تصدّق كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث تنبأ بأن معظم أصحابه سيردون النار وأنهم سينقلبون على أعقابهم. فقد أخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك“! (صحيح البخاري ج7 ص206).
وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى“. (المصدر نفسه).
وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم“. (المصدر نفسه).
وعليك بأن لا تعير اهتماما للبكريين الحمقى الذين يكذّبون قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وآله؛ زاعمين أن كل من يطلق عليهم ”صحابة“ في الجنة! إن الله تعالى أعدل من ذلك.
هدانا الله وإياكم. والسلام.
الثامن من ذي الحجة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.