هل وصف الباقر (عليه السلام) أبا بكر بالصديق وأمر الصادق (عليه السلام) بموالاته؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم صل على نبينا محمد واله وعظم الله اجورنا واجوركم باستشهاد مولانا الامام السجاد عليه السلام

المخالفون يستشهدون بهتين الروايتين لاثبات امامة ابي بكر وعمر

يقول جعفر الصادق عليه السلام لإمرأة سألته عن أبي بكر وعمر : أأتولهما فقال : توليهما. فقالت : فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟ فقالها : نعم. روضة الكافي : ج8 ص 101


وتعجب رجل من أصحاب الباقر حين وصف الباقر أبا بكر بالصديق فقال الرجل : أتصفه بذلك ؟ فقال الباقر: نعم الصديق فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولا في الآخرة كشف الغمة :ج 2 ص 174

فما تفسير هتين الروايتين وكيف نرد على المخالفين المعترضين

وصلى الله على نبينا محمد واله الطاهرين

ادريس


باسمه جلّ ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين الشهيد وأهل بيته وأصحابه صلوات الله عليهم، جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأرهم مع مولانا المنتظر المهدي أرواحنا فداه وعجل الله فرجه الشريف.

أما الرواية الأولى فتمامها: ”عن أبي بصير قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيسرّك أن تسمع كلامها؟ قال: قلت: نعم. قال: فأذن لها. قال: وأجلسني معه على الطنفسة، قال: ثم دخلت فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما، فقال لها: توليّهما. قالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟ قال: نعم. قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوا وأصحابه يأمرني بولايتهما؛ فأيّهما خير وأحبّ إليك؟ قال: هذا والله أحبّ إليَّ من كثير النوا وأصحابه، إن هذا يُخاصَم فيقول: ومن لم يحكم بما أنزل الله فإولئك هم الكافرون، ومن لم يحكم بما أنزل الله فإولئك هم الظالمون، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون“. (الكافي للكليني ج8 ص101).
وكما ترى فإن المخالفين الجبناء بتروا الحديث على طريقة: ”ولا تقربوا الصلاة..“ لأنهم لو نقلوه كاملا لكان دليلا على وجوب البراءة من أبي بكر وعمر (عليهما لعائن الله) إذ هما كافران ظالمان فاسقان!
كان الإمام الصادق (صلوات الله عليه) جالسا وإلى جواره صاحبه المؤمن أبو بصير رضوان الله تعالى عليه. فاستأذنت بالدخول أم خالد وهي امرأة بليغة كانت على علاقة بالدولة الأموية إلى درجة أن والي الكوفة آنذاك يوسف بن عمر كان قد قطعها أي منحها أرضا! ويوسف بن عمر خلف الحجاج وهو قاتل زيد بن علي.
فلما همّت هذه المرأة بالدخول قرّب الإمام الصادق (عليه السلام) أبا بصير إليه حيث أجلسه معه على الطنفسة أي الحصير الذي كان جالسا عليه، وكان ذلك إشارة متعمدة منه (عليه السلام) إلى مقام أبي بصير الرفيع عنده، وأنه من المؤمنين ذوي العقيدة المستقيمة.
وعندما سألت المرأة الإمام (عليه السلام) عن تولّي أبي بكر وعمر أجابها الإمام بنوع من التقية لأنها على ارتباط بالدولة فقال لها: تولّيهما. لكن المرأة كانت فطنة وعلمت بأن هذا الجواب إنما هو تقية وأن الواقع خلاف ذلك، فقالت له: إن هذا الجالس إلى جوارك على الطنفسة - أي أبو بصير - يأمرني بالبراءة من أبي بكر وعمر، فيما يأمرني كثير النوا - وهو البتري اللعين المتظاهر بالتشيع - بموالاتهما؛ فأيهما خيرٌ وأحبّ إليك؟
فأجابها الإمام (عليه السلام) بما هو الحق، مبيّنا أن أبا بصير خيرٌ وأحبّ إليه من كثير النوا وأصحابه، لأن أبا بصير عندما يخاصمه أتباع أبي بكر وعمر في دعوته للبراءة منهما يحتج بقوله تعالى: ”ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.. الظالمون.. الفاسقون“ وحيث ثبت بأن أبا بكر وعمر (عليهما لعائن الله) لم يحكموا بما أنزل الله فإنهما يكونان كافريْن ظالميْن فاسقيْن وتجب البراءة منهما.
هكذا استدرج الإمام (صلوات الله عليه) المرأة وبيّن لها الحقّ دون تصريح، حيث إنها لن تتمكّن من القول: ”إن الصادق قد أمرني صراحة بالبراءة من أبي بكر وعمر“ فتنقض السلطة عليه وتقتله، وإنما بيّن لها الحق من خلال استدراجها إلى هذه المحاورة ومدحه لصاحبه المخلص أبي بصير الذي يأمر بالبراءة من أبي بكر وعمر ويحتج بهذه الآيات الثلاث.
فالنتيجة أن الرواية تثبت وجوب البراءة منهما وتثبت كفرهما وظلمهما وفسقهما، إلا المخالفين يعشقون البتر والتدليس فتعسا لهم!

وأما الرواية الثانية فتمامها: ”عن عروة بن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن حلية السيوف فقال: لا بأس به، قد حلّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه. قلت: فتقول: الصدّيق! قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة وقال: نعم الصدّيق! نعم الصديق! نعم الصديق! فمن لم يقل له الصديق فلا صدّق الله له قولا في الدنيا ولا في الآخرة“! (كشف الغمة للإربلي ج2 ص360).
ومرة أخرى ينبري لنا المخالفون بتدليسهم! ذلك لأن هذه الرواية نقلها مؤلف كتاب كشف الغمة ضمن مجموعة من الروايات من كتاب (صفوة الصفوة) لابن الجوزي الذي هو من علمائهم! وقد نصّ على ذلك فقال: ”وقال الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة..“ ثم شرع بنقل الروايات التي يرويها ابن الجوزي وكان من ضمنها هذه الرواية.
فالرواية إذن من طريق أهل الخلاف، وراويها - عروة بن عبد الله بن قشير - هو أيضا من رواتهم، فكيف يُحتج بها علينا والحال أنها لم ترد من طرق الشيعة وإنما نقلها الإربلي عن طرقهم للاطلاع فحسب؟! حيث إن كثيرا من علمائنا جمع كل ما نُسب إلى أئمتنا (عليهم السلام) حتى في كتب المخالفين بغرض الاطلاع والدراسة والتمحيص، ولا يعدّ ذلك إقراراً بصحة هذه الروايات المنسوبة.

إن المخالفين سيبقون عاجزين إلى يوم القيامة عن ردّ حقيقة أن الأئمة من آل محمد (صلوات الله عليهم) كانوا يبرأون من الطاغوتيْن أبي بكر وعمر عليهما لعائن الله، فهذه حقيقة كالشمس لا يمكن تغطيتها بغربال.

زادكم الله وإيانا إيمانا ورفعة. والسلام.

ليلة الخامس من صفر الأحزان لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp