باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسعد الله أيامنا وأيامكم بذكرى ميلاد مولانا الإمام الحسن الزكي العسكري صلوات الله وسلامه عليه.

ج1: كانت النوازل والظلامات قد بدأت تتوالى على الإمام الراحل (قدس سره) في عهد الأوّل حين سحب تأييده لحربه العبثية وأبدى سخطه على انتهاكاته لحرمة المراجع والعلماء كالسيد الشريعتمداري والسيد حسن القمي (قدس سرهما) والسيد صادق الروحاني (دام ظله) كما رفض الإعدامات العشوائية والمخالفات العديدة للشرع، إلا أن تلك الظلامات لم تشتد إلا مع مجيء الثاني حيث فرض عليه الإقامة الجبرية وأمر بسجن أبنائه وطلابه ومقلّديه وتعذيبهم بقسوة ووحشية في السجون.

ج2: هذه الصورة ملتقطة في أوائل الثورة حين زار المذكور الإمام الراحل (قدس سره) شاكرا له حُسن صنيعه في نصرته والوقوف معه. ولم يكن الوجه الحقيقي للمذكور قد تبيّن بعدُ، فلما تبيّن؛ سحب الإمام الراحل تأييده لاحقا، وقد شوهد يبكي ذات مرّة ألما وحسرة على أنه قد خُدع فساهم في إنجاح قيام حكومة جائرة تتستّر باسم الإسلام والتشيع.

ج3: لم يُنفَ سماحته (دام ظله) من إيران وإنما هاجر منها في سبيل الله تعالى بملء إرادته. وما قاله سماحته عن المذكور صحيح، والسبب هو انكشاف أنّه منحرف العقيدة، فهو ميّال إلى الفلسفة والتصوّف والعرفان الباطل، ويعتقد بعقيدة وحدة الوجود والموجود، وهي على حدّ الكفر بالله تعالى، وقد ورد عن أئمتنا (صلوات الله عليهم) ذم مؤكد لمن يسلك هذا المسلك، فإن إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) لما سُئل عن الصوفية قال: ”إنهم أعداؤنا، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام، يدّعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم، ويلقبون أنفسهم بلقبهم، ويقولون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منا، وإنّا منه براء، ومن أنكرهم ورد عليهم، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص57).
وقال مولانا الإمام العسكري (صلوات الله عليه) لأبي هاشم الجعفري: ”يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس (...) علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيّم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قُطّاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم . ثم قال (عليه السلام): يا أبا هشام! هذا ما حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عند أهله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص58).
وهذان الحديثان الشريفان يشهدان بتنبّؤ الأئمة (عليهم السلام) بظهور علماء سوء أشرار يدّعون ولايتهم ولكنهم منحرفون إلى الفلسفة والتصوف، وأن هؤلاء يبالغون في حبّ المخالفين ويضلّون الشيعة والموالين، وأنهم لا يشبعون من حبّ المنصب والزعامة، وهذا ما وقع وتراه بعينك الآن. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ج4: قد ذكرنا لك أن الإمام الراحل (قدس سره) كان في البداية مؤيّدا لهذه الثورة إلا أنه بعدما تبيّن له انحرافها سحب تأييده لها وقام بوظيفته في النهي عن المنكر فكان ذلك سببا في وقوعه تحت التهديدات والمضايقات والجرائم والانتهاكات.

ج5: استشهاده بالسم هو الأقوى والأظهر، والدليل هو ما ذكرناه، فإنّا كنّا آخر مع ألقى نظرة عليه أثناء دفنه وإنزاله في لحده رضوان الله تعالى عليه، وقد شاهدنا تغيّر لون لحيته إلى اللون الأسود، والصورة التي التقطناها حينئذ منشورة في (المنبر) فارجع إليها.

ج6: لا قيمة لفتوى الجاهل، فكيف بمن جمع إلى الجهل ظلما واستبدادا ووحشية؟!

رزقنا الله وإياكم حسن العاقبة. والسلام.

السادس من ربيع الآخر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.

شارك الإجابة على