بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب ابي عبد الله الحسين وجعلنا الله ممن يأخذ بثاره مع امامنا المهدي عجل الله فرجه الشريف.
شيخنا الجليل ياسر الحبيب
اشكركم جزيل الشكر على اجاباتكم الرائعة التي بعثتم لي اياها حول مظلومة الزهراء, لأني في هذه الايام بحاجة ماسة لهذه الاجابات, لأني اناقش هذه الايام النواصب في منتدياتهم وقد افحمتهم بفضلك بالاجوبة القطعية والبراهين التي هي من كتبهم, وقد وجدت إن بعضهم اقتنع وبعضهم هرب من النقاش وبعضهم رغم الادلة القطعية من ام كتبهم لازالوا على عنادهم للحقيقة.
وقد اثار احدهم هذا التساؤل وقال:
كيف يزوج علي عليه السلام ابنته لعمر رغم عداوته له ورغم كون عمر من قتل زوجته الزهراء؟؟؟
شيخنا الجليل
هل لكم ان ترشدونا كيف نرد على هذا الناصبي, وهل بالفعل زوج امير المؤمنين احدى بناته لأبن الزانية صهاك؟؟, وهل زوجه قبل اجرام عمر بحق الزهراء ام بعد؟؟؟ ولماذا زوجه بنته ؟؟.
ارجوكم اجيبونا بأسرع وقت ممكن حتى لايقول عنا النواصب بأنهم افحمونا بالاجابة القطعية. لأني توقفت ههنا عن اجابتهم لأني لا اعرف كيف اجيبهم, انقذونا انقذكم الله يوم لاينفع مال ولا بنون.
شيخنا الجليل
هل لكم ان تنصحونا اي الكتب نتفعنا في النقاشات مع النواصب,(بالاخص حول مظلومية الزهراء وإمامة امير المؤمنين علي) بحيث تكون موجودة على الشبكة, ومبسطة بحيث يفهمها ذو المعلومات السطحية.
اشكركم جزيل الشكر ووفقكم الله لمرضاته ولخدمة اهل البيت عليهم السلام
اخوكم في حب امير المؤمنين ابو تراب
فائز الجبوري
باسمه تعالت قدرته. وعليكم السلام والرحمة والإكرام. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد مولى الكونين أبي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه وجعلنا الله ممن يثأر له مع ولده المنتظر الحجة أرواحنا فداه وعجل الله فرجه الشريف.
إن مما يضحك الثكلى احتجاج المخالفين بقضية واضحة الوضع والبطلان كهذه لتعديل شخصية اللعين عمر بن الخطاب والإيهام بأنه كان تقيا عادلا شريفا بادعاء أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قد رضيه صهرا له!
ولا أدل على بطلان هذه القضية من مطالعة الروايات الواهنة الواردة حولها في كتبهم. ومنها ما ذكره ابن عبد البر: "أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. ولدت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
خطبها عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب فقال: إنها صغيرة. فقال له عمر: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي رضي الله عنه: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوجتكها. فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال: قولي له: قد رضيت رضي الله عنك. ووضع يده على ساقها فكشفها. فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء! فقال: يا بنية إنه زوجك. فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة - وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون - فجلس إليهم فقال لهم: رفئوني. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلّم يقول: كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري. فكان لي به عليه السلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه". (الاستيعاب ج4 ح1954).
وفي رواية أخرى: "خطب عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة، وأكثر تردّده إليه فقال: يا أبا الحسن، ما يحملني على كثرة تردّدي إليك إلاّ حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: كل سبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي، فأحببت أنه يكون لي منكم أهل البيت سبب وصهر. فقام عليّ فأمر بابنته من فاطمة فزيّنت ثم بعث بها إلى أمير المؤمنين عمر. فلما رآها قام إليها فاخذ بساقها وقال: قولي لأبيك قد رضيت قد رضيت قد رضيت. فلما جاءت الجارية إلى أبيها قال لها: ما قال لك أمير المؤمنين؟ قالت: دعاني وقبّلني، فلما قمت أخذ بساقي وقال قولي لأبيك: قد رضيت، فأنكحها إياه. فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب، فعاش حتى كان رجلاً ثم مات". (تاريخ بغداد ج6 ص182).
وفي رواية أخرى: "أن عمر خطب إلى عليّ ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل له: إنه ردّك، فعاوده فقال له عليّ: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه فكشف عن ساقها. فقالت: مه! لولا انك أمير المؤمنين للطمت عينيك! وقال ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: تزوّج عمر أُم كلثوم على مهر أربعين ألفاً. وقال الزبير: ولدت لعمر ابنه زيداً ورقيّة. وماتت أٌم كلثوم وولدها في يوم واحد، أصيب زيد في حرب كانت بين بني عدي، فخرج ليصلح بينهم، فشجّه رجل وهولا يعرفه في الظلمة، فعاش أيّاماً وكانت أمّه مريضةَ فماتا في يوم واحد. وذكر أبو بشر الدولابي في الذّريّة الطاهرة من طريق ابن إسحاق، عن الحسن بن الحسن بن عليّ، قال: لمّا تأيّمت أٌمّ كلثوم بنت عليّ عن عمر، فدخل عليها أخواها الحسن والحسين فقالا لها: إن أردت أن تصيبي بنفسك مالأ عظيماً لتصيبين. فدخل عليّ فحمدالله وأثنى عليه وقال: أي بنيّة، إنّ الله قد جعل أمرك بيدك، فإن أحببت أن تجعليه بيدي. فقالت: يا أبت إنّي امرأة أرغب في ما ترغب فيه النساء، وأحب أن أصيب من الدنيا! فقال: هذا من عمل هذين! ثم قال يقول: والله لا أكلّم واحداً منهما أو تفعلين! فأخذا شأنها وسألاها ففعلت، فتزوّجها عون بن جعفر بن أبي طالب. وذكر الدار قطني في كتاب الإخوة: إنّ عوناً مات عنها فتزوّجها أخوه محمد، ثم مات عنها فتزوجها أخوه عبد الله بن جعفر فماتت عنده. وذكر ابن سعد نحوه وقال في آخره: فكانت تقول: إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس، مات ولداها عندي فأتخوّف على الثالث. قال: فهلكت عنده. ولم تلد لأحد منهم". (الإصابة لابن حجر ج4 ص321).
وبعد أن تطالع هذه النماذج من الروايات الموضوعة، لاحظ الآتي:
أولا: إن مخازي وفضائح صحابتهم وخلفائهم امتلأت بها جميع مصادر الحديث والتاريخ عندهم، سواء كانت تلك المصادر مما يعتبرونه من الصحاح – كالبخاري ومسلم – أو من غيرها من المصادر.
عندما نأتيهم بنماذج من المخازي من الصحاح فإنهم يعمدون إلى تأويلها وتحريف معانيها بشكل مضحك أو التماس الأعذار والحجج السخيفة فرارا من إثباتها على صحابتهم وخلفائهم!
أما عندما نأتيهم بنماذج من تلك المخازي من غير كتب الصحاح فإنهم يعمدون فورا وبلا مناقشة إلى إسقاط تلك الروايات من جهة السند، فيقولون أنها غير صحيحة السند ومرفوضة ولا نلتزم بها!
حسنا.. ماذا بشأن هذه الرواية المكذوبة حول زواج أم كلثوم (سلام الله عليها) من عمر لعنة الله عليه؟! من أين جاءوا بها؟ هل من كتب الصحاح أم من غيرها؟!
بل من غيرها. وأزيدك؛ ليس في جميع الروايات الموضوعة حول هذه القضية رواية واحدة صحيحة السند عندهم! فما بالهم لا يطبقون المعيار ذاته على أنفسهم في ما يعتبرونه روايات المناقب كما يطبقّونه بحرفنة وامتياز على روايات المثالب؟!
وما بالهم لم يلتفتوا إلى أن معظم رواة هذا الخبر المكذوب هم ممن يناوئون أهل البيت (عليهم السلام) والمشتهرين بذلك، فمنهم على سبيل المثال أحد قتلة عمار بن ياسر (رضوان الله عليهما) وهو: عقبة بن عامر الجهني لعنة الله عليه! ومنهم الشعبي الذي كان قاضيا لدى الدولة الأموية! ومنهم نافع مولى عمر نفسه الذي وصفه ابن عمر بالكذب وقال له: "إتق الله يا نافع ولا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس"! (راجع تهذيب التهذيب ج6 ص82).
كما أن رواة السند إذا تفصحّتهم وجدتهم مشهورين بالكذب والتدليس والوضع باعتراف علماء الجرح والتعديل عندهم! فبأي طريق يمكن إثبات هذا الخبر المكذوب التافه؟! خاصة أن بعض هذه الروايات قد نسبوها إلى الأئمة الطاهرين (عليهم أفضل الصلوات) وهي لعبة مكشوفة لإثبات صحة الواقعة!
ثانيا: تقول رواياتهم المضحكة أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بعث بابنته أم كلثوم (سلام الله عليها) إلى عمر وهي متزينة قبل أن يجري عقد الزواج بينهما! هل يصدق عاقل هذا؟! ثم ألا يستحون مما ذكروه عن إمامهم عمر (لعنه الله) من أنه أخذته الشهوة فكشف عن ساق الفتاة حتى وصفته بأنه "شيخ سوء"! فإن كان هذا صحيحا فقد أسقطوا هيبة إمامهم وأثبتوا فسقه ودناءة أخلاقه! وإن لم يكن؛ فهذا هو المراد فتنتفي القضية من أساسها!
وقد فزع أحد علمائهم – وهو سبط ابن الجوزي – مما اشتملت عليه هذه الرواية الموضوعة حيث تنسب إلى عمر مثل هذا الفعل الشنيع، فقال ما نصّه: "وهذا قبيح والله! لو كانت أَمةً لما فعل بها هذا! ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية، فكيف ينسب عمر إلى هذا"؟! (تذكرة خواص الأمة ص321).
ثالثا: مما ينبئك عن أن القضية مكذوبة ما نسبوه من سوء قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في ابنيه السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام) حيث زعموا أنهما حرّضا أختهما أم كلثوم على أبيهم! وهذا بحد ذاته كافٍ لإثبات أن هذه القضية إنما هي فرية أراد قائلوها الحطّ من مقام أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، ومن هذه الروايات وأشباهها تفوح رائحة النصب والعداوة لآل النبي المختار صلوات الله عليهم أجمعين.
رابعا: ومما ينبئك أيضا عن وهن هذه الفرية كثرة التناقضات فيها، فقد زعموا أن أم كلثوم بعدما مات عنها عمر تزوّجت بعون بن جعفر بن أبي طالب، ثم بمحمد بن جعفر، ثم بعبد الله بن جعفر. هذا مع أن المؤرخين قد ذكروا أن كلا من عون ومحمد قد قُتلا في حرب (تستر) التي وقعت في عهد عمر بن الخطاب!! (راجع الاستيعاب لابن عبد البر ج3 ح1247) فكيف تتزوّجهما بعده؟!
أما عبد الله بن جعفر، فهو زوج السيدة زينب (عليها السلام) كما هو معلوم لدى المسلمين كافة، فكيف تتزوج أم كلثوم بزوج شقيقتها وكيف يجمع عبد الله بن جعفر بين أختين وهذا محرّم في الشريعة الإسلامية؟!
ولا اعتبار للأقوال التي تقول أن عبد الله بن جعفر قد طلّق زينب ثم تزوجها، لأن هذا واضح البطلان لما عُلم من أن زينب (صلوات الله عليها) قد عاشت إلى ما بعد الطف مع زوجها عبد الله بن جعفر.
ومن التناقضات المثيرة للسخرية أيضا زعمهم أن أم كلثوم قد توفيت في عهد معاوية وصلّى عليها ابن عمر كونها زوجة أبيه! (سنن أبي داود ج2 ص66) في حين أن الجميع يعلمون أنها (عليها السلام) قد عاشت إلى ما بعد ذلك حيث حضرت مع أخيها الحسين (صلوات الله عليها) الطف، وخطبت بعد ذلك بخطبتها الشهيرة في الكوفة والتي ذكرها المؤرخون ومن بينهم بعض مؤرخي العامة كابن طيفور في بلاغات النساء. فهل ماتت أم كلثوم ثم نُشرت من قبرها لتشهد الطف وتخطب خطبتها العصماء؟!
هذا والتناقضات في سيرة أم كلثوم عندهم أكثر من أن تُحصى، كاختلافهم في من تولّد من هذا الزواج المزعوم وكم عاش وكيف مات، مما يشهد على بطلان هذه الفرية.
خامسا: لعلّ بعضهم يحاول إثبات الفرية بالاعتماد على بعض الروايات المنقولة في هذا الشأن الواردة في مصادرنا. هنا نقول أن هذه الروايات لم تثبت عندنا ومعظمها منقول من كتب العامة كما صرّح مصنّفو المصادر أنفسهم - كالعلامة المجلسي في البحار مثلا – وفي متونها فضلا عن أسنادها اضطراب واضح، وبإعمال قاعدة المخالفة التي مضمونها مخالفة ما تسالم عند العامة تكون هذه الروايات ساقطة وغير معتبرة.
فالحاصل أن قضية زواج أم كلثوم من عمر إنما هي من المخترعات والأباطيل الموضوعة التي لا أساس لها. والعجب أن لا يجد أهل العامة شيئا يقوّون به موقفهم المؤيد للمجرم عمر (لعنه الله) سوى الترّهات!
نسأل الله تعالى لهم الهداية وانجلاء الغشاوة. والسلام. 14 من محرم الحرام لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.