فرع: وهو أنه قد تعارف بينهم أن الأمر حقيقة في الوجوب كما أن النهي حقيقة في التحريم، بمعنى أنهما يحملان عليهما مع فقد القرينة، إلا أن الخلاف في منشأ ذلك ووجهه:
قيل أنه لكون لفظ الأمر موضوعا للوجوب، للتبادر والانسابق العرفي، فإن المولى إذا أمر بشيءٍ دونما نصب قرينة على الترخيص دل ذلك تبادرا على الوجوب واللزوم.
وهذا الرأي هو رأي المشهور وقد اختاره صاحب الكفاية في مبحث الأوامر وترجع به إرادة الاستحباب من الأمر إلى التجوز واستعمال اللفظ في غير ما وضع له.
٢- وقيل لا؛ وأن الوجوب ينشئ من الإطلاق وقرينة الحكم فإن المولى لو أراد من الأمر الاستحباب لما أطلقه ولنصب قرينة دالة على الرخصة في الترك بمقتضى مقدمات الحكمة. (١- أن يكون هذا المأمور به قابلا للإطلاق والتقييد ٢- قرينة منصوبة ٣- الشارع في مقام البيان)
وهذا الرأي رأي المحقق العراقي في نهائية الأفكار وترجع إرادة الاستحباب من الأمر إلى تقييد الإطلاق إذ اللفظ موضوع لمطلق الطلب وجوبيا كان أم استحبابيا.
٣- وقيل بل إن الوجوب إنما يستفاد من حكم العقل بلزوم إطاعة المولى فيما طلب والانبعاث قضاءً لحق المولوية ما لم يقترن بالترخيص وهذا الرأي هو رأي النائيني والخوئي وبه لا ترجع إرادة الاستحباب من الأمر إلى تصرف في مدلول اللفظ أصلا وإنما ترجع إلى حكم العقل بوجوب الامتثال وتفريغ الذمة لو لا الترخيص الذي ثبت.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.