أن يأتي بمعنى الإرشاد والإخبار عن الحكم الوصفي، كما في الكافي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ”اغسل ثوبك من بول كل ما لا يؤكل لحمه“، فإنه لا يفيد طلب الغسل ووجوبه وإنما يفيد الإرشاد إلى حكم تنجس الثوب بالبول وأن تطهيره يكون بالغسل بالماء فليس على المكلف شي إن لم ينبعث إليه كما لو اختار رمي الثوب مثلا أو تركه لا يرتديه حال الصلاة.
وتارة رابعة وهي أن يأتي الأمر بعد الحظر أو بعد توهمه كما في التهذيب عن يونس بن يعقوب قال: ”سألت أبا عبد الله عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة فأحب أن ينظر إليها؟ قال عليه السلام: تحتجر (تحتجز) ثم لتقعد وليدخل فلينظر قال: قلت: تقوم حتى ينظر إليها؟ قال: نعم، قلت: فتمشي بين يديه؟ قال: ما أحب أن تفعل“. فإنه لا يفيد طلب النظر ووجوبه وإنما يفيد نفي توهم الحظر - أي الإباحة - فليس على المكلف شيءٌ إن اختار أن لا يفعل.
ثم إن ما يجري مجرى الأمر الجملة الخبرية التي يُحرز كونها في مقام الطلب وهذا مثالان لها:
أولهما: ما عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ”إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة ركعةً لم يعتدَّ بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا“. فإنه ليس المراد بالإخبار في قوله عليه السلام (لم يعتد بها) و (استقبل) إلا إنشاء الحكم وطلب الإعادة لبطلان الصلاة بزيادة تلك الركعة، وليس المراد الإخبار والحكاية وإن كانت الجملة خبرية لوضوح إمكان وقوع ما يخالفه في الخارج فلا يعيد المصلي صلاته تهاونا مثلا أو جهلا.
ثانيهما: ما عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر والعصر، فإن طهرت في آخر وقت العصر صلت العصر.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.