6 شعبان المعظم 1446
لفظ الأمر وما يجري مجراه ج7:
ثانيهما: ما عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر والعصر فإن طهرت في آخر وقت العصر صلت العصر.
فإنه ليس المراد بالإخبار في قوله عليه السلام (صلت) إلا إنشاء الحكم وهو وجوب الصلاتين عليها إن أدركت من الوقت المشترك ما يكفي لأدائهما فيه، وسقوط السابقة منهما إن لم تدرك إلا آخر الوقت المخصوص للأخيرة وليس المراد الإخبار والحكاية وإن كانت الجملة خبرية لوضوح إمكان وقوع ما يخالفه في الخارج فتصلي المرأة الظهر والعصر في آخر وقت العصر جهلًا مثلًا وهو كثير الوقوع، ولذا لا يصح أن يريد الشارع الإخبار حينئذ لأنه كذب، إنما يريد الإنشاء بصيغة الإخبار.
وكما قلنا في أن التمييز بين الوجوب والاستحباب في استعمال مادة الأمر أو صيغته إنما يكون بالقرائن فكذلك نقول هنا فيميز بالقرائن بين الجمل الخبرية التي أحرز كونها في مقام الطلب ليعلم أي منها كان الطلب فيها وجوبيا وأي منها كان الطلب فيها استحبابيا.
وإن كان الخبر واحدا؛ إذ التفكيك يجري هنا كما جرى هناك في استعمال مادة الأمر أو صيغته. ومثاله ما عن عبد الله بن المغيرة عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلٍ نام عن العتمة فلم يقم إلا بعد انتصاف الليل؟ قال: يصليها ويصبح صائما. فإن الواجب منه في قوله عليه السلام (يصليها) وأما قوله (ويصبح صائما) فمحمول على الاستحباب، مع أن الشيخ ذهب إلى وجوب هذه الكفارة وتبعه على ذلك آخرون، بل ادعى استاذه المرتضى على الحكم الاجماع.
والوجه عندنا الاستحباب لقرينة ما عن ابن مسكان رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: ”من نام قبل أن يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل فليقضي صلاته وليستغفر الله“. فلم يذكر عليه السلام الصيام واكتفى بذكر الاستغفار.
ولا بد بعدُ من تقييد حكم الاستحباب بمن نام تهاونًا بالصلاة لا الذي غلب عليه النوم ليصح وقوع الصوم منه على سبيل التكفير عما ارتكب.
هذا إذا انتصبت القرينة، فإن لم تنتصب فالمشهور ظهور الجملة الخبرية في مقام الطلب في الوجوب بمعنى أنها تحمل عليه مع فقدان القرينة كما مر القول في مادة الأمر وصيغته.
وثمة خلاف في منشأ ذلك ووجهه لا نبسط القول فيه ونكتفي بأن المختار عندنا أن الوجوب يرجع كذلك إلى الإطلاق ومقدمات الحكمة، وذلك لأن الشارع الحكيم وهو يستعمل الخبرية في مقام الطلب إن كان غرضه الاستحباب لنصب قرينة دالةً على الرخصة في الترك تفيد ذلك الإطلاق.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.
لمشاهدة الدرس كاملًا: