ما رد الشيخ الحبيب على النواصب الذين يخطئون الإمام عليه السلام في رواية تعدد فصول السنة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنِ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ مِمَّا يَكُونَانِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا أَيُّوبَ إِنَّ الْمِرِّيخَ كَوْكَبٌ حَارٌّ وَ زُحَلَ كَوْكَبٌ بَارِدٌ فَإِذَا بَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الِارْتِفَاعِ انْحَطَّ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً انْحَطَّ زُحَلُ دَرَجَةً ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الِارْتِفَاعِ وَ يَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الْهُبُوطِ فَيَجْلُوَ الْمِرِّيخُ فَلِذَلِكَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الصَّيْفِ وَ أَوَّلِ الْخَرِيفِ بَدَأَ زُحَلُ فِي الِارْتِفَاعِ وَ بَدَأَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ زُحَلُ دَرَجَةً انْحَطَّ الْمِرِّيخُ دَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ الْمِرِّيخُ فِي الْهُبُوطِ وَ يَنْتَهِيَ زُحَلُ فِي الِارْتِفَاعِ فَيَجْلُوَ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ وَ آخِرِ الْخَرِيفِ فَلِذَلِكَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ وَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ هَذَا هَبَطَ هَذَا وَ كُلَّمَا هَبَطَ هَذَا ارْتَفَعَ هَذَا فَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ يَوْمٌ بَارِدٌ فَالْفِعْلُ فِي ذَلِكَ لِلْقَمَرِ وَ إِذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ يَوْمٌ حَارٌّ فَالْفِعْلُ فِي ذَلِكَ لِلشَّمْسِ هَذَا تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَ أَنَا عَبْدُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

وجدت بعض النواصب يقول أن المعصوم يخطأ و لا يعلم أن كوكب المريخ حار وليس بارد كما يقول المعصوم وأن الشتاء والصيف سببه قرب الشمس ولا علاقة لزحل والمريخ بايام البرد أوالحر و يقول أن القمر ليس مصدر للبرد في أيام الحر


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ،

ليس الأمر على ما قاله هؤلاء النواصب الجهلة، فإن الشتاء والصيف وتعدد الفصول ليس يرجع بالأساس إلى قرب الشمس أو بعدها، فإنها في شتائنا تكون أقرب إلى الأرض! وإنما يرجع هذا التعدد إلى ميلان محور الأرض الذي يتغاير به مقدار تعرض نصفيها - العلوي والسفلي - لأشعة الشمس، فأيهما تعرض للأكثر كان الفصل فيه صيفا، وأيهما تعرض للأقل كان الفصل فيه شتاء. ولذا حينما يكون الفصل في مثل بلادنا صيفا؛ فإنه في مثل أستراليا يكون شتاء، والعكس بالعكس.

وهذا الميلان هو ما أنبأت عنه الرواية الشريفة بذكر العلامتين؛ ارتفاع المريخ أو انخفاضه، وارتفاع زحل أو انخفاضه، فإنهما علامتان على الانقلاب الصيفي أو الشتوي بسبب ميلان محور الأرض. والدال على أن المراد كونهما علامتين؛ أنه عليه السلام لم ينسب إليهما الفعل كما قال في الشمس والقمر بقوله: «فالفعل في ذلك للقمر.. فالفعل في ذلك للشمس» وإنما عبَّر عليه السلام بقوله: «فيجلوَ المريخ.. فيجلوَ زحل» أي أنهما يبرزان ويتَّضِحان، والبروز والاتضاح إنما يكون للعلامة، ولذا تراه عليه السلام ذكر لهاتين العلامتين العلاقة العكسية في درجات الارتفاع والانحطاط بقوله: «كلما ارتفع المريخ درجة انحط زحل درجة ثلاثة أشهر.. كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ درجة».

وأما تعبيره عليه السلام عن المريخ بأنه كوكب حار وعن زحل بأنه كوكب بارد، فهو كقولنا: طلعت الشمس أو غربت الشمس، والحال أنها لا تطلع ولا تغرب بتحركها حقيقة، وإنما الأرض هي التي تتحرك وتدور، غير أنه يصح وصف الشمس بالطلوع والغروب عند الرائي على الأرض، فكذلك يصح وصف المريخ بأنه كوكب حار؛ وزحل بأنه كوكب بارد عند الرائي على الأرض بعد إذ تقدَّم أنهما علامتان على حرارة الأرض وبرودتها في فصلي الصيف والشتاء. وما زعمه أولئك النواصب من أن المعصوم عليه السلام لا يعلم أن كوكب المريخ حار وليس ببارد؛ مخالف لنص الرواية إذ يقول عليه السلام: «يا أبا أيوب؛ إن المريخ كوكب حار». فإن كان هذا الذي كتبتموه خطأ مطبعيا في السؤال وأردتم العكس حكايةً عنهم؛ أي أنهم يزعمون أن كوكب المريخ بارد ويخطِّئون المعصوم بهذا؛ فإن برودته الواقعية لا تنافي حرارته الدلالية أو العلامتية على ما تقدَّم بيانه. على أن المريخ في واقعه بارد بالنسبة إلى الأرض، أما هو بالنسبة إلى زحل فكوكب حار، كما هو ثابت علميا. والرواية إنما تقارن بين هذين الكوكبين كما هو واضح، فلا خطأ فيها على أي تقدير، وإنما الخطأ في توهم الناصبة أن لها عقولا وأفهاما يمكن أن تدرك بها معاني كلام أئمة الهدى المعصومين صلوات الله عليهم!

وهؤلاء البلهاء من فرط جهلهم زعموا أن القمر ليس مصدرا للبرد في أيام الحر! والحال أن الثابت علميا أن للقمر دورا في ذلك لكونه المؤثر في المد والجزر، وهما بدورهما يؤثران  في تحريك المياه الباردة حول الأرض، الأمر الذي يؤثر في إكساب الطقس برودة استثنائية في بعض أيام الحر بسبب ما تجلبه التيارات المحيطية الباردة. وكذلك الشمس فإنها تؤثر في إكساب الطقس حرارة استثنائية في بعض أيام البرد بسبب الرياح الشمسية.

وبعد هذا تدرك أن هؤلاء البلهاء أرادوا بذكر هذه الرواية نسبة الخطأ إلى أئمتنا الأطهار صلوات الله عليهم، وحاشاهم من ذلك، فإن الرواية كما ترى دليل على رسوخ علمهم بتقدير العزيز العليم، وأنهم سبقوا العالمين في بيان الحقائق الكونية، غاية ما هنالك أنها كانت بلسان وأدب وتعابير وألفاظ ذلك الزمان. إنما الأخطاء العلمية الفاضحة تجدها عند أئمة الناصبة، لست أعني متقدميهم حتى يُعتذر عنهم بعدم تطور العلوم؛ بل أعني متأخري متأخريهم من معاصرينا، كأمثال ابن باز والعثيمين وأضرابهما من التيوس! الذين تكاد الثكلى تضحك من جهلهم بعد كل هذا التطور العلمي إذ أصروا على نفي - بل وتكفير - القائلين بكروية الأرض وأنها تدور حول نفسها وحول الشمس! فانظر كيف أن هؤلاء الجهلة البلهاء يعيِّرون الشيعة الأبرار بهذه الروايات كما يعيِّر قسا بالفهاهة باقل!

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

4 ذو الحجة 1445 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp