ما رأيكم بالمناجاة الشعبانية المحتوية على نصوص مثل ( وَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِرَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبْلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ ) وغيرها وهي من الألفاظ الغير معهودة من أهل البيت عليهم السلام. نقل الشيخ الحبيب سابقًا كون المناجيات الخمس عشر المنسوبة للسجاد عليه السلام لا اصل لها عن اهل البيت بل هي صوفية اللسان، هل هذه مثل تلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بمراجعة الشيخ،
ليس لمجرد ورود مادة هذه الألفاظ تُستبعد الآثار وتُنفى عنهم عليهم السلام، وإنما يُنظر في سياقها ومؤداها، فإن كان صحيحا يوافق أدب القرآن والعترة عليهم السلام؛ لم يُدفع الأثر. وهو هنا كذلك، فإن استعمال لفظ السَّكرة في هذا السياق والمؤدى صحيح يوافق قوله تعالى: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)، والتباعد من الله سبحانه لا ريب في كونه سَكرة قد غاب فيها العقل، بخلاف ما لو استُعمل هذا اللفظ في التعبير عن القرب من الله كأن يُقال: «إلهي أسكرني حبك»! فإنه حينئذ يُرتاب فيه، فإن المعصومين عليهم السلام لا يعبّرون بمثل هذا.
والمناجاة الشعبانية هذه واردة من طرقنا، قد حكم باعتبارها العلامة المجلسي رحمه الله في زاد المعاد إذ قال: «وروى السيد ابن طاووس رحمه الله بسند معتبر عن ابن خالويه أن هذه مناجاة الإمام أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام في شهر شعبان». إلا أن الاشتباه وقع في ابن خالويه هذا فظن ابن طاووس - وتبعه العلامة المجلسي - أنه الحسين بن خالويه، إذ قال الأول: «فصل في ما نذكره من الدعاء في شعبان مروي عن ابن خالويه. أقول أنا: واسم ابن خالويه الحسين بن محمد، وكنيته أبو عبد الله، وذكر النجاشي أنه كان عارفًا بمذهبنا مع علمه بعلوم العربية واللغة والشعر، وسكن حلب». (الإقبال ص295). والصواب أنه شخص آخر، وهو علي بن محمد بن يوسف بن مهجور، أبو الحسن الفارسي المعروف بابن خالويه، الذي ذكر المناجاة الشعبانية في كتابه في أعمال شهر شعبان، وبذا يكون سند هذه المناجاة أشد إحكامًا لأن الرجل منصوص على وثاقته وأنه من شيوخ أصحابنا، إذ قال النجاشي فيه: «شيخ من أصحابنا، ثقة، سمع الحديث فأكثر، ابتعتُ أكثر كتبه، له كتاب عمل رجب، وكتاب عمل شعبان، وكتاب عمل شهر رمضان، أخبرنا عنه عدة من أصحابنا» (رجال النجاشي برقم: 699).
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
7 شعبان المعظم 1446 هجرية