بسمه تعالى،
لقد تابعت محاضرات و دروس الشيخ ياسر، وقد أعجبني في طروحاته و أسلوبه الهاديء و موضوعيته، و لا يشك أحد في دقّة معلوماته، فيشكر على ذلك لما قد يفيد به الكثيرين، فذكر مثالب أعداء أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام شيء لا غبار عليه، وبه قد يستعين بعض الناس للوصول الى الحقيقة،و يوفّر الوقت لهم، وهذا مهمّ في ذاته .
لكن الذي يعاب علي الشيخ أن يتجاوز هذا الأمر و يتهجّم على أهم رموز الأمة من علماء الشيعة، و يتطاول على المراجع الكبار في الملأ و يسيء إليهم و الى أتباعهم، فهو بالتالي يسيء الى الشيعة ككل..
لا أخفي أنني فخور وقدإستبصرت منذ ثلاث عقود و نيف، من أصل تونسي مقيم بفرنسا، و قد وصلت الى أغلب هذه الحقائق من خلال البحث، و لا أزال أبحث و أكتب كل ما توصلت اليه من نتائج، و أتابع بحوث ودروس العلماء باختلاف مرجعياتهم، فلم اعثر على شيء يذكر في تهجم عالم لعالم، بل لم أرى إلا الاحترام المتبادل بين الخوئيين و الخمينيين أو الخمائنيين و بين الشيرزيين و السيستانيين ، وهكذا، فلما هذه الحملة على كل الناس؟ أمن أجل الظهور على الساحة الاسلامية وكما يقال ( خالف تُعرف )؟؟.
أرى أن تغيّر قليلا في منهجيتك يا سماحة الشيخ، حتى تعم الفائدة و تشمل الجميع، و يكون الواحد يكتمل بالآخر، خدمة لمذهب أهل البيت سلام الله عليهم.
لا أخفيك سرا يا سماحة الشيخ ان قلت لك أننا في فرنسا نعيش بأقليتنا في المجتمع الغربي اخوانا متحابين في ولائنا لأهل البيت عليهم السلام.
و السلام عليكم أبو مهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
ـ الشيخ الحبيب يحييكم أيها الكريم ويشكركم على ما تفضل به جنابكم من ثناء جميل على ما يقدمه الشيخ من أطروحات علمية ويسأل الله أن يكون أهلا لما وصفتموه به.
ـ في الواقع نحن لا نعلم عن أي احترام متبادل تتحدث أيها الأخ؟
أما من جهة خميني وخامنئي ومن سار في ركابهما فاحترامهم للعلماء كان بالإقامات الجبرية والسجن والقتل وكيل الاتهامات وحملات التسقيط لمعارضيهم.
واما فيما يتعلق بموقف علمائنا منهم فهو على مرحلتين:
المرحلة الأولى : وكانت في بداية وصول خميني لسدة الحكم وقد واجهه العلماء وأبدوا الاعتراض على المظالم التي ارتكبها فكان مصيرهم القتل والسجن والإقامات الجبرية وحملات التسقيط.
المرحلة الثانية : وهي التي امتدت حتى الآن ونستطيع أن نسميها مرحلة التقية من ذلك النظام الفاشي الذي يزرع استخباراته في كل مكان خارج إيران وداخلها ويدبر خطط الاغتيالات لكل من يتحركون في اتجاه يشكل خطرا فعليا على الحكم الفاشي بزعامة خامنئي.
موقف المراجع العدول في قم كالسيد المرجع أو الشيخ الخراساني او السيد القمي أو السيد الروحاني هو ما يُفترض أن يقودك لمعرفة حقيقة ذلك النظام بجلاء إن كنت بالفعل تؤمن بعدالة هؤلاء المراجع ويهمك موقفهم.
ماذا تفهم من اعتزالهم ذلك النظام؟ هل رأيت منهم ثناءا على خامنئي ونظامه وإظهارا لموالاته؟ او إقرارا منهم بشرعيته؟
بعد أن رأى وعاين مراجعنا الابرار كالسيد المرجع والشيخ الخراساني والسيد الروحاني وغيرهم من العلماء الموجودين في قم اليوم ما تعرض له المراجع والعلماء الذين عارضوا ذلك النظام وتصدوا له بشكل مباشر وأطلقوا تصريحات ضده من ظلم واضطهاد وقتل فإنهم اختاروا اعتزال ذلك النظام والكف عن مواجهته حفظا لأرواحهم الشريفة واستبقاءا لها في سبيل خدمة الدين.
وعلى كل حال يتعرض المراجع لمضايقات ورقابة من جواسيس خامنئي المزروعين في كل مكان.
على ما يبدو فقد فهمتم منطلقات مواقف الشيخ الحبيب على نحو خاطيء ايها الكريم فسماحته لا يتحرك من قاعدة إن لم تكن معي فأنت ضدي وإنما يتخذ مواقفه من الرجال بمقدار قربهم من المنهج القويم لأهل البيت عليهم السلام وبعدهم عنه.
على هذا يتبين لك أنّ ما يفعله الشيخ هو المنسجم مع روح التشيع فلو تأملت جيدا تجد من يهاجمون الشيخ وينكرون عليه أبعد ما يكونون عن قيم التشيع فهم يقفُون نهج البكرية والوهابية في التسوية بين الصالح والطالح والمحسن والمسيء وتعديل كل العلماء على غرار تعديل المخالفين لكل الصحابة.
لو تأملت فسترى أنهم يستنسخون نظرية عدالة "كل" الصحابة عند الطائفة البكرية ويصيغونها بعنوان (نظرية عدالة كل العلماء)
فإذاً ينبغي التنويه الى أنّ الشيخ لا يهاجم العلماء الحقيقيين الربانيين. من يهاجمهم الشيخ لا يعتبرهم علماء بل هم أشباه وأنصاف العلماء
ـ الشيخ لا يلغي أتباع بقية المرجعيات الحقيقية فهذا تصور خاطيء منكم. بل هناك كثير من أتباع المراجع الأربعة في النجف الاشرف والمراجع العدول في قم كالشيخ الوحيد والسيد الروحاني وغيرهما يدعمون منهج الشيخ وهم معنا على نفس الخط.
الشيخ الحبيب يقول بأعلمية سماحة السيد صادق الشيرازي وهذا لا يعني أنه يلغي المرجعيات الحقيقية الاخرى.
نعم لا ننكر أنّ الشيخ الحبيب يرى في مرجعية سماحة السيد الشيرازي المرجعية الاقرب لمنهج التشيع الاصيل في النظرية والتطبيق. ولكنّ هذا لا يعني أنه يلغي دور بقية المرجعيات الحقيقية في حفظ منهج أهل البيت عليهم السلام من يد العابثين.
لابد أن تُفرز جبهة الحق عن الباطل ونحن لا نتمنى حدوث انقسامات ولكن تلك نتيجة طبيعية حتمية لقول كلمة الحق فهي تفرز معادن الناس وتقسمهم الى فريقين مؤيد ومعارض وهذه سنة كونية
قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام:
"لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً، وَلَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ، حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلاَكُمْ، وَأَعْلاَكُمْ أَسْفَلُكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا. وَاللهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً، وَلاَ كَذَبْتُ كِذْبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهـذَا الْمَقَامِ وَهـذَا الْيَوْمِ"
المهم هو أن يقول المرء ما يعتقد بينه وبين الله انه الحق وانه ما يبريء ذمته امام الله تعالى في المحشر.
الإختلاف في التوجهات لايقتضي فرقة وتنازعا على صعيد المصير المشترك والمصالح المشتركة.
لماذا لا تتعلمون من الغرب الذي شكل اتحادا اوربيا من دول لا يجمع بينها دين او عرق او لغة! بل اهداف مصيرية مشتركة.
ليس من الضروري أن نعظم بعض الرموز التي يعظمها الاخرون ونسكت عن بيان زيفها ليكون بيننا وبين سائر الاطياف المنتسبة للتشيع تعاون مشترك على صعيد وحدة المصير مثلا.
فيجب عدم الخلط بين الامور , الدين والعقيدة لهما ثوابت لا يمكن بحال من الاحوال تمييعها او تحريفها تحت اي عنوان.
ـ هنا جواب للشيخ حول منهجه الرجالي والأسس التي ينطلق منها في مواقفه الرجالية و هنا ايضا
أما عن الأدلة التي بنى عليها الشيخ موقفه من اولائك المنحرفين فلا يتسع المجال لإيجازها في هذ السطور ولكنّ الشيخ الحبيب حسب كلامه في بعض محاضراته صرح أنّ سماحته يعرف عددا من المؤمنين الذين تعرضوا للاضطهاد على يد ذلك النظام الفاشي. أما من بيت المجدد الشيرازي فمن جواب سابق للشيخ :
"سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي (دام ظله) هو الذي اعتُقل ظلما وعُذِّب لأكثر من عام في السجون، مع أخيه سماحة العلامة الحجة الفاضل السيد
مهدي الشيرازي دام مجده، وعدد من علماء الدين"
هنا تجدون جوابا مفصلا موثقا حول ما تعرض له الامام الراحل المجدد الثاني السيد محمد الشيرازي "قدس سره"
تلك واحدة من جرائم ذلك النظام التي لا يتسع المجال لحصرها في هذه السطور ولكن ابحثوا أكثر متوكلين على الله تعالى لتنكشف لكم مزيد من الحقائق وسترون الوجه القبيح لذلك النظام الفاشي على حقيقته
إبحثوا حول ما يتعلق بظلامات آية الله العظمى السيد شريعتمداري وآية الله العظمى السيد حسن القمي قد سرهما وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني وآية الله العظمى السيد صادق الروحاني وآية الله العظمى الشيخ يعسوب الدين الرستكاري وغيرهم من العلماء والابرياء وعلى رأسهم المجدد العظيم الإمام الشيرازي الراحل.
هنا نرشدكم لبعض الإجابات المتعلقة بسؤالكم (1)و (2)و (3)و (4)
للاسف مهما عرضنا من أدلة فمن يريد اتباع الهوى يصر على الانكار فعلى سبيل المثال خبر اعتقال آية الله العظمى الرستكاري على الرغم من بثه عبر وكالات الأنباء إلا أنّ طائفة واسعة من الناس المفتونين بذلك النظام يصرون على أنها عنز ولوطارت!
قد اعترف بخبر اعتقال ذلك المرجع المظلوم متباهيا به رجل من اولياء ذلك النظام وهو المدعو حسن الصفار
يقول في كتابه الحوار والتقارب : "حصل هذا العام أنّ عالماً في قم هو الشيخ يعقوب رستكاري طبع كتاباً فيه إساءة للشيخين فاعتقلته الحكومة الإيرانية , وصادرت كتابه , وحاسبت جهة النشر وبثت الخبر وكالات الأنباء كما نشرته أكثر من صحيفة"
(الحوار والتقارب المذهبي في المشهد السعودي , مكاشفات الشيخ حسن الصفار أنموذجاً , د. عبد العزيز قاسم , ص123 , المذهب والوطن , حسن الصفّار , ص107-108)
أما إن كان حديثك عن الاحترام يخص احترام المنحرفين أرباب المناهج الضالة ممن سلكوا خط الفلسفة والعرفان الباطل الذي يتبعه خميني ويدعمه النظام الايراني فأنت مشتبه بهذا الصدد ودونك مؤلفات علمائنا الأبرار السالفين واللاحقين المنتسبين للمدرسة التفكيكية في الإنكار على أباطيل ذلك الخط المنحرف عن أهل البيت عليهم السلام وبيان زيفه. فعن أي احترام تتحدث ايها الأخ؟
بقي أن نبين ما يتعلق بأتباع المراجع الذين وصفتهم بالمتحابين.
لاشك أننا نتمنى أن يكون كلامك صحيحا ولكنه خلاف الحقيقة وهو قفز على الواقع وتجاهل لحقبة سوداوية تعيش حتى هذه اللحظة تبعات بقاياها وركامها أجيال لا ذنب لها سوى أنها وُلدت لأسرة فيها أب أو قريب يعادي كل ما هو شيرازي الهوية لأنّ هؤلاء الآباء هم نتاج وتربية حقبة كان فيها كل من يصرح بأنه من أتباع ومقلدي السيد الشيرازي يُقابل بالعداء والإقصاء ويُنظر له بازدراء. هذا عدا عن النيل من مرجعهم ورميه بانتحال المرجعية وتلفيق التهم بساح سمو سماحته نظير وصفه بأنه لم يبلغ درجة الاجتهاد!
وبعد كل هذا تأتي أيها الاخ الكريم بكل بساطة لتقول لا يوجد بين أتباع المراجع سوى كل ود؟
نعم مؤخرا وبعد جهد وعناء ومثابرة أرغم أتباع السيد الشيرازي أنوف الخمينيين ومن مال إليهم لانهم فرضوا وجودهم على الساحة وصاروا رقما صعبا في معادلات الساحة الشيعية فغدى أعداء الامس القريب يتزلفون إليهم.
ولكن فلنفرض أنه بالفعل العلاقات ودية على صعيد التواصل الاجتماعي بين العوم فهذا ليس يعني عدالة مرجع ظالم كثُرَ أو قل أتباعه.
التعايش الاجتماعي مطلوب ولكنه لا يعني التنازل عن الاعتقاد ونسف الحقائق.
نحن مثلا ندعو للتعايش والتعاون الاجتماعي مع ابناء الطائفة البكرية ولكنّ هذا لا يعني أن نعتبر رموز الباطل الذين يتبعهم المخالفون عدولا. وهذا لا يجعلنا نتنازل عن موقفنا من أبي بكر وعمر وبقية طواغيت القوم.
فإذا الاعتقاد شيء والسلوك الاجتماعي مع العوام شيء آخر.
ما يُشاع من أنه ليس بين اولائك الظلمة وبقية المرجعيات سوى الاحترام هو محض كذب ودعاية كاسدة يروجها إعلام أولائك الطواغيت فلا تنخدع أخي بما يروجه الظلمة لكي يصرفوا الناس عن الالتفات للحقيقة والتنقيب عن جرائمهم فأنت رجل قد اهتديت لنور آل محمد عليهم السلام لأنك بحثت ونقبت عن الحقائق بالدليل والبرهان ولم تغتر بما يشيعه حزب الظلمة من كون العلاقات بين أهل البيت عليهم السلام ومن ظلموهم كانت علاقات طيبة وديّة ملؤها الاحترام والتقدير.
أما قولك أنّ الشيخ يتخذ تلك المواقف العلنية من المنحرفين طلبا للشهرة ففي هذه شطحت بكم الظنون أيها الفاضل فمن ذا يطلب شهرة يكون ثمنها تعريض حياته للخطر؟
لا يمكن لمنصف أن ينكر ما يتمتع به الشيخ الحبيب من مقومات شخصية تخوّله بأن يصير من أثرياء المجتمع ومشاهيره لو أراد ذلك وكان من طلاب الدنيا وبطرق قصيرة سهلة بعيدا عن هذا العناء كله.
هنا تجدون رداً سابقا للشيخ الحبيب على كلامكم حين وجه له أحدهم ذات الاتهام في رسالة نصها..
"الرسول الكريم ص لم ينهج هذا الطريق الخطير الذي تنتهجه باسمه.لا تاخذك النشوة والقليل من الشهرة السيئة الى ان تفكر بانك وصلت الى معرفة الحقائق .استخدم وجودك فى لندن لنشر دين الله عز وجل واتق الله فى دين الله وازدد علما .والسلام عبد الرحمن"
من37:37 الى57:28
نسأل الله تعالى لكم نفاذ البصيرة وتمام الاستقامة والتوفيق للتي هي أقوم وحسن العاقبة بشفاعة محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
14 شعبان 1433 هـ