الشيخ الحبيب: قادرون على إعادة بناء مقامات الأئمة عليهم السلام في البقيع وتحقيق ما عجز عنه الآخرون!

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

8 شوال المكرم 1439

الشيخ: في مثل هذه الأيام قبل خمس عشرة سنة؛ في آخر سنة لنا في الكويت قبل السجن والهجرة؛ قمنا بمبادرة تخص البقيع، حيث المقامات المهدومة لأئمتنا صلوات الله عليهم. وجّهنا رسالة مكتوبة إلى معظم أئمة الجوامع والشخصيات الشيعية البارزة في البلد من مختلف الأجنحة والتيارات؛ ومنهم أعضاء مجلس الأمة، وقد سُلِّمَت لكثير منهم باليد. دعوناهم فيها لتكثيف جهودهم والضغط لإعادة بناء المقامات الشريفة، ورفع هذه الظلامة عن آل محمد صلوات الله عليهم. طلبنا منهم أمورا كان منها؛ تخصيص خطبة الجمعة في ذلك الأسبوع لأمر البقيع، وتعليق لافتات التنديد والاستنكار على المساجد والحسينيات، وإقامة ندوات تغطيها الصحافة، وإرسال الرسائل الاحتجاجية للنظام السعودي، والتصريح في الإعلام.. إلى غير ذلك من أمور يفترض أن تكون من البدهيات العملية في مثل هذه الذكرى الأليمة، كما يفترض أن لا يخالف عليها أحد، إذ القضية قضية الأمة جمعاء، ومَن لا يعيش همَّ البقيع فلا يمكن أن يكون شيعيا حقيقيا.

كانت نتيجة المبادرة صفرا! لم يستجب أحد! لم يتفاعل أحد! لم يخطب أحد! لم يصرح أحد! لم يتحرك أحد!

وكنا نحن الجهة الوحيدة التي قامت بهذه الأمور بقدر استطاعتها. علّقنا لافتة كبيرة سوداء على مبنى الهيئة خُطَّت فيها عبارات التنديد بالوهابيين النواصب لما أقدموا عليه من هدم للبقيع، وقد حوكمنا عليها عند الدولة إذ ضُمَّت إلى ملف القضية! وعقدنا ندوة في الديوان حضرها بعض عناصر أمن الدولة الذين قاموا «بواجبهم» في رفع التقارير فحوكمنا على ذلك أيضا! ونشرنا في (مجلة المنبر) ما استطعنا نشره إحياءً لقضية البقيع، ورفدنا موقعا إلكترونيا يسمح بإرسال الرسائل الاحتجاجية للنظام السعودي. ثم لم تمضِ إلا أيام معدودة حتى اعتُقلنا وأودعنا السجن في القضية الرئيسية التي ضُمَّتْ إليها القضايا الأُخَر.

نستذكر هذا ونذكِّرُ به الآن حتى لا يتوهم المؤمنون أننا لم نمد أيدينا من قبل للجهات والتيارات الشيعية الأخرى للتعاون على بر آل محمد عليهم السلام ونصرتهم والذب عنهم. قد بادرنا ومددنا أيدينا فقوبلنا باللامبالاة! لم نجد إلا أمواتًا في صورة أحياء! وإلا نيامًا في ظاهر أيقاظ! لكلٍّ منهم أجندته وأولوياته واهتماماته وحساباته؛ وليس فيها ما يمكن أن نعول عليه حقًّا في نصرة أئمتنا عليهم السلام وتغيير الواقع الكئيب. ولئن بقيت الأمة رهينة أجندات هؤلاء الأموات وحساباتهم الدنيوية؛ فلن يُبنى البقيع حتى بعد ألف سنة قادمة!

مذ ذاك تعلمنا الدرس جيدا: لن نعتمد - بعد الله وأوليائه - إلا على أنفسنا. نتميز عن كل هؤلاء الذين «رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطُبع على قلوبهم فهم لا يفقهون». نجاهد بأموالنا وأنفسنا؛ نتحدى ونواجه الصعاب، ونمضي بالعمل التغييري للواقع غير مستوحشين، ولو كنا منفردين. أجندتنا: آل محمد! أولوياتنا: آل محمد! اهتماماتنا: آل محمد! حساباتنا: آل محمد!

ونحن قادرون بعون الله؛ وبرعاية حجته في أرضه عجل الله فرجه؛ على أن نحقق ما عجز عنه الآخرون، وأن نستعيد ما أضاعه الآخرون. كل ما علينا هو أن نتوجه إلى الله بنبينا وأئمتنا، وأن نستعيد الثقة في أنفسنا، وأن نضحي ونتباذل، ونجتهد ونثابر، ونجتمع ونتعاضد، لا نخاف لومة لائم، ولا نعبأ بصياح أو نباح، من هنا أو هناك.
هكذا يمكن أن يتغير العالم على أيدي الرافضة الأحرار. والله مولانا وهو خير الناصرين.

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp