أحيت هيئة خدام المهدي عليه السلام مساء الخميس التاسع من ربيع الأول لسنة 1441 من الهجرة النبوية الشريفة احتفالا مباركا على الهواء مباشرة عبر قناتي فدك وصوت العترة عليهم السلام بمناسبة هلاك الطاغية الثاني عمر بن الخطاب لعنه الله، وخلال هذا الحفل المبارك - الذي تضمّن إلقاء عدد من القصائد والأهازيج من قِبل بعض الشعراء والحضور الكرام كانت للشيخ الحبيب كلمة أثبت فيها نفاق عمر ابن الخطاب لعنه الله من الكتاب والسنة، كما أبطل حديث أن الشيطان يخاف من عمر وأن الإيمان بهذا الحديث المكذوب يستلزم الكفر بكتاب الله تعالى، وأخيرا أثبت سماحته شرعية الابتهاج بهلاك عمر والسخرية منه حيث كانت سيرة الصحابة والسلف الصالح.
أولا: إثبات نفاق عمر بن الخطاب "لعنه الله" من الكتاب والسنة، وبالأخص من صحيح البخاري:
بدأ سماحته قائلا: "في هذه الذكرى من كل عام ينقسم من ينتسب إلى الإسلام إلى فريقين، فريق مستبشر وفريق ساخط، ونحن المسلمون الرافضة من الفريق الأول الذي يستبشر في هذه الذكرى ويفرح ويبتهج ويقيم الاحتفالات الكبرى التي فيها ما فيها من بيان جرائم الطاغية الثاني ومساوئه، وصب اللعنات عليه وفضحه ودعوة الأمة إلى البراءة منه والسخرية منه إلى ما هنالك مما تعارف عليه المؤمنون في هذه الذكرى السعيدة، والفريق الآخر الساخط، هو الذي لا يزال مخدوعا بهذه الشخصية، ولا يزال يكن لها شيئا من الاحترام وهم بقايا الفرقة البكرية".
ثم أثبت الشيخ الحبيب أن الفريق الأول هو الأقرب إلى روح الإسلام ومنهجه، لأنهم يعادون الظالمين والمنافقين، وأن الإسلام هو قوة عظيمة في مقارعة الظلم وتحدي الظالمين، وهو قوة تطهيرية للمجتمعات البشرية من رموز الفاسدين والكافرين والمنافقين.
ثم وجه سماحته سؤلا للمخالفين، حيث قال ما مضمونه: "نقول بملىء الفم، أننا واثقون من سلامة موقفنا الشرعي لأنه إنما يتأسس على كون عمر بن الخطاب منافقا، وهذا ثابت لدينا بالكتاب والسنة النبوية، فهل سألتم أنفسكم وبحثتم أكثر وأكثر في شخصية عمر، هل هو مؤمن ام منافق؟!".
وذكر سماحته أدلة عديدة في إثبات نفاق الطاغية الثاني عمر بن الخطاب لعنه الله، فمن مصادرنا المعتبرة ما جاء في تفسير القمي "رضوان الله تعالى عليه"، حول الآية الشريفة التي تصف حال المنافقين الذين تآمروا على رسول الله صلى الله عليه وآل" في غزوة الأحزاب، بعدما أقبل عملاقة المشركين للقتال، فظهر الجبن على أصحابه وصاروا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وقدموه بين أيدي المشركين.
تقول الرواية: (فوافى عمرو بن عبد ود، وهبيرة بن وهب، وضرار بن الخطاب، إلى الخندق وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد صف أصحابه بين يديه، فصاحوا بخيلهم حتى طفروا الخندق إلى جانب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فصاروا أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" كلهم خلفه وقدموه بين أيديهم، وقال رجل من المهاجرين وهو "فلان" لرجل بجنبه من اخوانه: أما ترى هذا الشيطان عمرو، لا والله ما يفلت من يديه أحد فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا). (تفسير القمي م 2 ص 182).
(وقال رجل من المهاجرين وهو فلان) هكذا المدوَّن في تفسير القمي من النساخ، وإلا فالعلامة المجلسي "رضوان الله تعالى عليه" لمَّا نقل هذه الرواية ذكر أن "فلان" هو الثاني -أي عمر بن الخطاب- لعنه الله.
هنا نجد بالدليل القاطع أن الطاغية عمر لعنه الله لم يكن مؤمنا بالله بل كان منافقا وقد نزلت فيه هذه الآية الشريفة ومن على شاكلته من المنافقين. هذه الحقيقة لابد أن تحفظها الأجيال وتعرف أن هنالك مؤامرة على حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وتكررت المؤامرات على حياته الشريفة من قبل هؤلاء المنافقين الذي هم من "الطابور الخامس" كما يصطلح عليهم اليوم.
وما جاء عن العترة الطاهرة "عليهم السلام" يكفينا لإثبات نفاقه عليه اللعنة وسوء العذاب، ونحن في غنى عن ذكر ما جاء من طرق مخالفينا، فجميع المسلمين يؤمنون بحديث الثقلين "كتاب الله وعترة أهل البيت عليهم السلام" ووجب عليهم اتباع أقوالهم وأفعالهم، إلا انه كما تعلمون في هذه المناسبة دائما ما نلزم المخالف بما يلتزم به.
فنذكر تفضلا ما يثبت نفاق هذا الطاغية الملعون في مصادر مخالفينا. وكيف بهم لم ينتبهوا إلى حقيقة صنمهم الثاني في أصح الكتب لديهم، كما أن كثير من دعاة الشيعة أيضا لم يلتفتوا إلى هذا الأمر، ونحن في هذا المقام نثبت لكل من يشاهدنا أن عمر بن الخطاب لعنه الله منافق من صحيح البخاري، وذلك في حادثة مشهورة قبيل فتح مكة عن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وهو حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب كتابا إلى قريش وأعطاه إلى امرأة ليخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أتى هذا الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بمعجزة من السماء فبعث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام فخافت المرأة وسلَّمت الكتاب إليه.
تقول الرواية: (... فقال: رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تعجل عليَّ، إني كنتُ امرأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ –يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا- وَلَمْ أكن من أنفسها، وكان مَن معك من المُهاجرين مَن لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببتُ إذا فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عندهم يدًا يحمون قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ؟ ...) (صحيح البخاري، حديث رقم 4274).
لاحظوا هنا أن عمر لعنه الله اعترض على كلام رسول الله صلى الله عليه وآله رغم أنه قد صدقه، وقال دعني أضرب هذا المنافق، فالذي لا يصدِّق النبي وينقض كلامه مباشرة في وجهه، فهذا لا يكون إلا منافقا.
أيضا يُنقل في البخاري حديثا آخر في مثل هذه الحادثة، حيث أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بعد جواب حاطب، أن لا يقولوا له إلا خيرا، ولكن في المقابل نجد كيف أن عمر بن الخطاب لعنه الله قد استجاب لهذا النداء النبوي، بقوله: (إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ).(صحيح البخاري، حديث رقم 6259).
هذا لحن القول من عمر لعنه الله دال على نفاقه وأنه غير معتقد برسول الله صلى الله عليه وآله، لو كان مؤمنا حقا لصدَّق رسول الله ولما رد عليه وعصاه، بل لقال سمعنا واطعنا!
ثانيا: إبطال حديث أن الشيطان يخاف من عمر، وأن الإيمان به يستلزم الكفر بكتاب الله:
قال سماحته: "المشكلة عند البكرية في الركام الهائل عبر القرون من الأكاذيب، اصطنع عبر التاريخ للتمجيد بهذه الشخصيات الملعونة أمثال عمر وأضرابه من المنافقين، حيث ربوا أجيالهم على أن صنمهم عمر يخاف منه الشيطان!، حيث كذبوا والعياذ بالله على النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (إن الشيطان يخاف منك يا عمر!!)".
ثم طرح سماحته عدة تساؤلات: "أيها المخالف، كيف تسطح عقلك؟! لما لا تعيد النظر في هذا الركام من الأكاذيب؟ اعرضها على عقلك وعلى القرآن الكريم وعلى الوجدان والضمير، هل لقونك أن الشيطان يفر من سيدك عمر؟! ولا يفر من رسول الله؟! هل النبي يقبل بعمل المعاصي ويقعد في مجالس الشياطين -أهل الغناء واللهو والطرب-؟ إذا لم يكن الشيطان حاضرا في تلك الجلسة، فكيف يقول رسول الله (إن الشيطان ليخاف منك يا عمر)؟ وإذا قلت لا يمكن أن يكون الشيطان حاضرا بحضور رسول الله، فعليك رفض هذه الفضيلة العمرية المكذوبة المزورة وتنزيه ساحة نبيك من هذا الباطل، فالإيمان بهذا الحديث يستلزم الكفر بكتاب الله تعالى (والعياذ بالله).
لقد شهد سيدكم عمر على نفسه بأن الشيطان استزله فجعله يهرب من معركة أحد كأنه أروى (أنثى التيس)، كما جاء في تفسير الطبري، تفسير الآية الشريفة (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ) سورة آل عمران.
حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه قال: خطب عمر يوم الجمعة فقرأ "آل عمران "، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى قوله: "إنّ الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان"، قال: لما كان يوم أحد هزمناهم، ففررتُ حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنـزو كأنني أرْوَى) (تفسير الطبري م 6 ص 272).
نرى هنا أن الشيطان لم يفر من عمر بل استزله! فأنت أيها المسلم بين أمرين، إما أن تصدِّق بكتاب الله أو تصدِّق برواية الكهنة البكرية. إن عليك أيها المخالف أن تنفض هذا الركام العفن الذي يمس القرآن وينقضه، حتى تصبح مسلما حقا تتبع سادة الطاهرين عليهم الصلاة والسلام.
ثالثا: إثبات أن الابتهاج بهلاك عمر والضحك عليه من سيرة "الصحابة والسلف":
بين سماحته أن الإسلام يأمرنا بالمجاهدة ضد المنافق والغلظة عليه، فلا حرمة له في الإسلام، وأن هذا الابتهاج قائم ومتأسس على ثبوت كون عمر بن الخطاب لعنه الله منافقا فلا احترام له، ولا ينبغي أن يمتعض أحدا من الاحتفال بهلاك عمر عليه اللعنة.
نعم يجب ألا يتعدى هذا الاحتفال المبارك الحد الشرعي، بحيث نأتي بشخص يرقص ويتمايل -مثلا-، فلا يطاع الله من حيث يعصى، بل علينا أن نحيي احتفالا إسلاميا بالضوابط الشرعية، ولا بأس أن تلقى الأشعار والأهازيج والسخرية من الطاغية وإطالة اللسان عليه، كما ينبغي للمخالفين أن لا يثير حفيظتهم هذا لأنه متأسس على ما صدر في الكتاب والسنة عندنا وعندهم على حد السواء كما تقدم ذكره من إثبات نفاقه.
ونضيف على هذا، أن الفرح والسرور بهلاك عمر والسخرية منه كان من هدي الصحابة والسلف، وهذا ما تلتزمون به في مصادركم المعتبرة، فقد نقلنا سابقا أن أحد الصحابة وهو (أبو الجهم) كان قد فرح واستبشر بهلاك عمر بن الخطاب لعنه الله وجعل يحتبش في بيته (يقفز على رجليه من شدة الفرح).
تقول الرواية أن أبو الجهم (ابتَنَى دارًا، وكان شديد العَارِضة، فكان عمر بن الخطاب قد أشرف عليه وأخافه حتى كَفّ من غَرْب لسانه عَنِ الناس، فلما مات عمر، سُرّ بموته. قال: وجعل يومئذ يُخَنْبِش في بيته). (تاريخ الذهبي م 5 ص 285).
ثم ذكر سماحة الشيخ رواية أخرى أقوى من الأولى والتي تثبت أن السخرية من عمر بن الخطاب لعنه الله حقا من سيرة وهدي الصحابة والسلف الصالح.
روي عن الزهري، أن عمر بن الخطاب أتى الغائط، ثم أستطاب بالماء بين راحلتين، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يضحكون ويقولون: توضأ كما توضأ المرأة. (كتاب مصنف ابن أبي شيبة، حديث رقم ١٦٢٧، ومسند الفاروق لابن كثير، م ١ ص ١٣٥).
لم يكن الطاغية عمر لعنه الله بتلك القداسة التي يتصورها أتباعه في الزمان المتأخر بل كان (الصحابة) يضحكون عليه ويستهزؤون به لأنه كان يتوضأ (يستنجي) كمثل المرأة! هل هنالك إهانة أعظم من هذه؟!
فإذا قلتم يا أهل الخلاف، أن هذا فعل لا أخلاقي، فتصبح الصحابة لا أخلاق لهم! وبهذا القول تصبحون (رافضة)، لأن الرافضة دائما يستهزؤون بالصحابة المنافقين ومنهم سيدكم عمر لعنه الله، فالباب مسدود في وجوهكم.
ثم وجه سماحته كلمة أخيرة للمخالفين ختم بها هذا الاحتفال المبارك:
ينبغي أن لا تثيروا النعرات وألا تلاحقوا الناس في أديانهم، وتحكموا عليهم بالسجن والقتل، لا داعي إلى هذه المبالغة والغلو وجعل عمر بن الخطاب شخصية مقدسة لا تمس، عليكم أن تعيدوا النظر لتكتشفوا أن عمر (منافق) من أصح كتبكم! والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.