2007 / 11 / 24
صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
ها قد حلّت علينا مجددا ذكرى سيد الشهداء والأحرار الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه وسلامه) بما تحمله من أريج التفاني والتضحية والإيثار في سبيل الله تعالى. إنه المجد الحسيني الخالد على مرّ التاريخ، والمتجدد بتجدد الزمان إلى الأبد.
مع أنها من أقصر المعارك وأقلّها في عدد الضحايا؛ دخلت واقعة الطف التاريخ وأصبحت أكثر الوقائع شهرة على مدى الزمان وأكثرها تفاعلا إنسانيا على الإطلاق، ذلك لأن القيم والدورس التي تحملها هذه المعركة لم يكن لها مثيل، فأدهشت العقول وحيّرت الألباب وجعلت البشر ينظرون إليها نظرة السمو الذي لا نظير له.
واحدة من تلك القيم النبيلة التي اشتملت عليها واقعة الطف هي إفناء النفس في سبيل أبي عبد الله صلوات الله عليه. لقد كان أصحاب الحسين (عليهم السلام) يسقطون صرعى على أرض المعركة، وبينما هم يلفظون أنفاسهم الأخيرة يأتيهم بعض أقرانهم فيسأل الواحد منهم عما إذا كانت له وصية في شأن أبنائه وذراريه أو ما يتعلق بشؤون دنياه من الأملاك والضياع، فلا يكون جواب الصريع إلا قوله: "أوصيك بهذا" وهو يشير إلى الحسين صلوات الله عليه!
هكذا كانوا (رضوان الله تعالى عليهم) يفنون أنفسهم في سبيل الدفاع عن الحسين وآل الحسين (صلوات الله عليهم) وهكذا ينبغي لنا نحن السائرين على دربهم أن نكون.
واليوم؛ فإن القضية الحسينية مازالت جارية، ومعركة الحق والباطل مازالت سارية، فيجب علينا أن نصطف مع الحسين وأصحاب الحسين ضد أعدائه وأعدائهم، أعداء الله ورسوله وأعداء الحق والعدل.
إن الزمان الذي نعيش فيه قد خيّم عليه أشياع الضلالة بضلالهم، واستحوذ عليه أعلام الظلم بظلمهم، حتى لم تعد نفس إنسانية في زماننا إلا وهي تئن من ظلم أو جور أو غصب حق أو فقدان عدل. ونحن السائرين على درب الحسين (عليه السلام) نحمل معنا مشاعل التنوير إلى البشرية، فينبغي لنا أن نحث الخطى أكثر في هذه السبيل، فننشر القضية الحسينية في كل مكان بكل ما أوتينا من قوة واستطاعة، لأنها السبيل إلى إنقاذ البشر مما قد غلّهم وحبسهم.
وإحدى أهم السبل لنشر القضية الحسينية وتنبيه البشر إليها هي إحياء الشعائر الحسينية بكل تنوعاتها وأشكالها، بما فيها شعيرتا إسالة الدماء والدخول في النار، فإنهما من أكثر ما يهز الوجدان، وأكثر ما يترك على النفس من أثر.
واللازم أن يتم إخراج هذه الشعائر من نطاقها المحلي الشيعي الضيق وتموضعها المحدود داخل الولايات الشيعية، إلى المساحات العالمية الرحبة لتشهد الأقوام المختلفة شعائر الحسين (عليه السلام) وتتساءل عن مكنونها وجوهرها وكنهها، والتساؤل أول خيط الهداية الذي يجب أن يستغل من نشطاء المبلغين في تقديم الإجابات المؤثرة التي تقود الناس إلى نور الحسين عليه وعلى أهل بيته وأصحابه آلاف التحية والثناء.
نسأل الله تعالى أن يوفق الأمة الإسلامية جمعاء لذلك. والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين جميعا ورحمة الله وبركاته.
ياســــــر الحبيــــــب
محرم 1428 - لندن