تحت عنوان "المواجهة"، عُقِدت الجلسة السادسة من الدورة الحالية لجلسات سماحة الشيخ ياسر الحبيب البحثية يوم السبت الثاني والعشرين من شهر شوال المكرم لسنة 1444 للهجرة. وكان وراء هذا العنوان المثير موعد ضُرِب مع الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، لمناظرة الشيخ ياسر الحبيب في الموقف الشرعي من شخصية أبي موسى الأشعري. وفي لحظات تحلّقَ فيها الآلاف لمتابعة البث الحي للقنوات التابعة لاتحاد خدام المهدي عليه السلام عبر البث الفضائي وعبر الانترنت، ابتدأ مدير الحوار علي الإبراهيمي – بعد الترحيب بالضيفين – بالتوجه بطلبه من الشيخ الحبيب أن يطرح ملخص دعواه على مسامع الدكتور كريمة، الذي انضم للحوار عبر الهاتف.
افتتح الشيخ الحبيب حديثه بإبداء أسفه على انقسام الأمة في مواقفها من المنافقين رغم نهي الله سبحانه إيانا عن التفرُّق في ذلك، مستشهداً بجزء الآية الكريمة: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا). ثم قام سماحته بتلخيص البحث الذي أثبت فيه على مدار جلستين نفاق أبي موسى الأشعري، وشهادة حذيفة بن اليمان – رحمه الله – على كونه من أصحاب العقبة الذين حاولوا اغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله. وانتهى بدعواه في ذلك إلى وجوب براءة المسلمين من أبي موسى الأشعري، إذ ثبت نفاقه بالأثر الصحيح.
وعلى مدار ثلاث مداخلات قدمها الدكتور أحمد كريمة، في سجال كلامي أعطي لكل من الضيفين فيه الفسحة في الوقت، تطرّق الدكتور إلى ما يقرب من عشر نقاط متفرقة، لم يكن أي منها ذا علقة بموضوع البحث! فمن خطابيات عدالة الصحابة إلى إنشائيات الأخلاق الأزهرية، ومن اتهام الشيعة باتباع عبد الله بن سبأ وبالتعصب لكسرى إلى إنكار الطعن في الصحابة دون الصهاينة والعلمانيين، بقيت جبهة الدفاع عن أبي موسى الأشعري خالية أمام هجمات الشيخ الحبيب العلمية. وكان مبلغ الدكتور كريمة أن وصم كل رواية تطعن في أبي موسى بالإسرائيلية، ولم يدم به المقام ليشرح كيف خرج تلك الإسرائيليات كبار محدثيهم في صحاحهم، حتى أعلن انسحابه من الجلسة!
توالت اتصالات المشاهدين بعد انسحاب الدكتور من الجلسة، وكان جلها من المصريين الذين أعربوا عن استيائهم من الصورة التي أخزى بها كريمة أتباع مذهبه أمام العالم. ففي رسالة غاضبة شديدة اللهجة وجهتها الأخت مي من الإسكندرية، عبّرت عن امتعاضها من لغة خطب الجمعة والإنشائيات التي ملها الشعب المصري من رجال الأزهر الذين عبثوا بمصير البلد وخيراته، ثم انتهى بهم الأمر ليظهروا بهذا المظهر الهزيل الذي "كسفهم" أمام الشيعة! وفي اتصال آخر طلب البشير محمد من أسوان من علماء البكرية تحديد موقفهم: إن كان كريمة لا يمثلكم فأين من يمثلكم عن الدفاع عن الصحابة؟ وإن كان يمثلكم وهو بهذا المستوى فعلى دينكم السلام!
وأبدى سماحة الشيخ الحبيب في جوابه على أحد المتصلين قناعته التامة بأن كلّ من بلغ من أهل الخلاف مبلغاً في العلم بالحديث فإنه لا يسعه إنكار أمرين: وجود زمرة في من يسمونهم "الصحابة" تحوم حولهم شبهة النفاق ومنهم من تتأكد فيه، وأحقية أهل البيت صلوات الله عليهم بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وأنَّ وصيتَه فيهم. واستذكر شخصية الشيخ حسن شحاته – رحمه الله –الفريدة من نوعها، التي دفعته لإيثار الهدى والحق على كل ما كان بين يديه من زخرف الدنيا، فضُيِّق عليه في عيشه حتى مضى إلى ربه شهيداً سعيداً.
وأكّد الشيخ الحبيب أن باب المناظرة والحوار لا زال مفتوحاً مع علماء أهل الخلاف، شريطة أن يتسم ذلك بصبغة علمية تقود إما لتثبيت الحق مع أحد الطرفين، أو بيان وجهتي النظر بصورة واضحة ومنصفة يُجعل الحكم من بعدها في ذلك للمشاهد. ووعد في ختام الجلسة بالاستمرار في السعي في فضح المنافقين وتبصير الأمة بسوء أحوالهم، حتى يعودوا منهم إلى أحضان العترة الطاهرة. وأثنى على النصيحة التي قدمها مدير المكتب محمد أبو سلطان إلى الباحثين عن الحق من أهل الخلاف بالاستماع إلى السلاسل البحثية الثلاث: كيف زيف الإسلام، أكذوبة عدالة الصحابة، أهل السنة أم أهل الخدعة.