أقيم احتفال مبارك بمناسبة ذكرى ميلاد الصديقة الطاهرة (عليها السلام) وهلاك الطاغية الأول أبي بكر (لعنه الله) في مسجد السبط الثالث المحسن الشهيد (عليه السلام) على أرضد فدك الصغرى.
اُفتتح الاحتفال المبارك بتلاوة آيات عطرة من القرآن الكريم تلاها الأستاذ محمد غضبان، ثم ألقى الدكتور ماجد العبيدي كلمة مقتضبة رائعة حول السيدة الزهراء (عليها السلام). كما ألقى سماحة الشيخ الحبيب كلمة علمية استدلالية حول ثورات الزهراء (عليها السلام) ضد الظالمين منذ أن كانت جويرية. ثم ألقى الأخ ”نجم الحسن“ قصيدة شعرية باللغة الأورودية، وتبعه الأخ حسن القرعاوي في إلقاء كلمة باللغة الإنكليزية تحدث فيها حول حجاب الزهراء (عليها السلام) وأوصى الأخوات المؤمنات بالالتزام بالحجاب الإسلامي الكامل. ثم تحدث الشيخ عباس آغائي، واختتم الاحتفال المبارك بأهازيج شعرية ألقاها الرادود السيد صالح الموسوي، ووُزّعت بعدها جوائز على الحضور الكريم التي منها تذكرتي سفر إلى النجف ومشهد. وكان قد تخلل الحفل أبيات شعرية شعبية تُعرف ”بالهوسات“ ألقاها عريف الحفل الأستاذ فائز الجبوري.
ابتدأ سماحة الشيخ الحبيب كلمته برفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام المولى صاحب الأمر بمناسبة ميلاد سيدة الإسلام والمسلمين السيدة الزهراء عليها السلام، فثنّى التبريكات بمناسبة ذكرى هلاك الطاغية الأول أبي بكر (زاد الله عذابه).
قال سماحته أن هناك من يتكسّب باسم الثورة ويُطلق عليهم في الاصطلاح ”ثوريون“ وما أن يصلوا إلى الثورة وينتصروا فإنهم ينسون مبادئ الثورة التي ثاروا من أجلها، وهنالك صنف آخر يشاركون في الثورة متأخرين فلا ينالون منها إلا شيئا يسيرا، ولم تكن الزهراء (عليها السلام) من أحد الصنفين من الثوريين.
ثم أضاف سماحته أن مجرد خروج الزهراء (عليها السلام) من بيتها فإنها تحدث ثورة تهز الدنيا - وهذه الثورة تتجدد في كل زمان وفي كل حين - ولولا ثورة الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر لما كنّا نعرف شيئا عن الدين، فإن المؤمنين يعيشون من بركات تلك الثورة التي خرجت فيها على أبي بكر (لعنه الله).
فعلق الشيخ بقوله: ”هذا يدل على أن الزهراء (عليها السلام) كانت ثورية منذ صغرها، فقد واجهت أعتى كفار المشركين في زمانهم، كيف لا تكون كذلك وهي بنت أبي القاسم محمد (صلوات الله عليه وآله)؟!. وفي هذا رد أيضا على من يقول أن السب لا يجوز وكأنهم - المعترضين - أكثر أخلاقية من القرآن الكريم وكأنهم أكثر أخلاقية من النبي وآله (عليهم السلام)!“.
ثم أضاف الشيخ: ”من قال أن السب قبيح مطلقا؟! هناك حديث شريف رواه الفريقان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية، ويرويه الصدوق في عقاب الأعمال، وقال صاحب منهاج الكرامة الذي يُرجع إليه في حال الاشتباه في مسألة: وسب أهل غير الإيمان من شرائط الإيمان“.
وقال الشيخ أيضا أن الزهراء (عليها السلام) ابتدأت منهجها بسب الكفار والمشركين، فهل تأخذ أحد الغيرة إذا ما سببنا أبا جهل؟! لا، لأن ليس له أتباع، فتأخذ ذلك البعض الغيرة على أبي بكر لأن له أتباع، فيجب أن يكون المؤمن غليظا على الكفار والمشركين.
وأكمل الشيخ: ”نحن لا نقول بسب عوام المخالفين، فأولئك يجب توعيتهم، أما رموزهم الظالمين فيجب البراءة منهم“. وروى الشيخ حديثا يرجع سنده إلى الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) أن الله جل شأنه يخاطب ملائكته بأنه زوّج فاطمة بنت محمد بعلي (عليهم السلام)، فجعل الله عليا وفاطمة حجة على خلقه، ففاطمة الزهراء (عليها السلام) حجة، وذلك يعني أن أفعالها وأقوالها وتقريراتها حجة.
وأكمل الشيخ: ”حينما نرى فاطمة الزهراء تسب أبا جهل وتحقّره، فهذا الفعل حجة، وحينما تحقّر أبا بكر وتقول: إنه من أعجاز قريش وأذيالها، فقولها حجة ونقتدي به. فثورة الزهراء (عليها السلام) هي ثورة لله تسقط فيها رموز الكفر والنفاق، وهذا مسارنا الذي خطته لنا فاطمة الزهراء “.
وقال الشيخ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاحب أعظم ثورة في الجاهلية حينما ثار على ملة أهل الجاهلية وأسقط أصنامهم ورموزهم وقياداتهم، والزهراء كذلك قامت بأعظم ثورة في الإسلام. فإن ثورة الزهراء (عليها السلام) هي ثورة على الذين حرفوا دين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأمروا في يوم السقيفة الأسود.
وخاطب الشيخ المؤمن قائلا: ”كن دائما ثائرا متمردا على الباطل.. كن دائما ثائرا متمردا على الطغيان.. واعلم أنه حينما يقولون لك اسكت فاعلم أنه قول باطل وشيطنة.. لا يجوز لك السكوت إلا في حالة واحدة فقط وهي أن تسكت كاستراحة محارب“.
كما قال الشيخ أن ثورة الزهراء (عليها السلام) ارتكزت على شيء وهو الحق في الأولوية، فحينما ثار النبي على الجاهلية ثار بارتكاز أن الحق يُمتلك بالأولوية، حيث ادّعى أهل الجاهلية أنهم أولى الناس بإبراهيم فنهض إليهم صلى الله عليه وآله وتلا: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ»، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الأولى بإبراهيم، فينبغي على أهل الجاهلية أن يطيعوه لا أن يطيعهم، وينبغي عليهم أن يعلّمهم دين إبراهيم لا أن يعلمونه، فحينما ثارت الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر قالت أنها هي الأولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) لا هو لعنه الله، حيث قالت: ”اعلموا أني فاطمة وأبي محمد“.
وذكر الشيخ مقاطع من خطبة الزهراء (عليها السلام) في المسجد للاحتجاج على أبي بكر وعلّق قائلا: ”الوحدة الإسلامية التي يريدونها على حساب الزهراء لا نريدها فإننا نركلهم ووحدتهم، والوحدة التي نقبلها هي التي عرفتها الزهراء في خطبتها، ومن محاسن الأمر أن يوافق ولادة الزهراء هلاك أبي بكر، وكأنه بولادة الزهراء يموت أبي بكر، ونرى الآن تخافت ذكر أبي بكر ودونكم أفواج المتشيعين“.
ثم يذكر الشيخ رد أبي بكر (لعنه الله) الذي كان رده سياسي محنّك يخاف الثورة على سلطانه، ثم ذكر الشيخ رد الزهراء عليه، ومنه: ”وهدر فنيق المبطلين“، فيعلق الشيخ: ”وهذه شهادة الزهراء (عليها السلام) على أن أبا بكر من المبطلين“. ثم قال: ”قال أبو بكر قولا فيه إهانة لم يقلها أحد في حقها منذ بداية التاريخ إلى يومنا هذا الذي أنا واقف فيه أمامكم، فالإهانة التي وجهها أبو بكر لعنه الله إلى السيدة الزهراء عليها السلام لم يقلها الخوارج ولا الكفار والمشركين. اقرأوا في كتاب ”السقيفة وفدك“ للجوهري: ”ما هذه الرعة (الإنصات) إلى كل قالة؟! أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! ألا من سمع فليقل ومن شهد فليتكلم، إنما هو ثعالة (ثعلب، ويشبّه أمير المؤمنين به) شهيده ذنبه (ذيله، ويشبّه الزهراء بذيل الثعلب).. مُرِبُّ (الإمام علي) لكل فتنة هو الذي يقول كرُّوها جذعة بعد ما هرمت (يُعرّض بعلي بن أبي طالب عليهما السلام)، يستعينون بالضعفة و يستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت ولو قلت لبحت، إني ساكت ما تركت“. فكان من رد أبي بكر (لعنه الله) على الزهراء (عليها السلام) أنه شبّه الزهراء بأم طحال، وهي امرأة زانية مشهورة بالزنا في الجاهلية - التي أحب أهلها إليها البغي. فيعلق الشيخ: ”لا يرد على الزهراء بهذا الرد إلا ابن زنا، فهو (أبو بكر لعنه الله) وليد سلمى بن صخر ذات الراية الحمراء وأبوه تزوجها زواج سفاح فهي ابنة أخيه“.
ثم ذكر الشيخ قول ابن أبي الحديد المعتزلي الوارد في شرح النهج ج16 ص214: ”قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري وقلت له: بمن يعرض؟ فقال: بل يصرح. قلت: لو صرح لم أسألك! فضحك وقال: بعلي بن أبي طالب. قلت: هذا الكلام كله لعلي يقوله! قال: نعم، إنه الملك يا بني“.
فوجّه الشيخ خطابه قائلا: ”على المؤمنين أن يحموا هذا التشيع ويستمروا في ثورتهم التي تفضح أبا بكر وأضرابه، والمطلوب هو أن نمضي جميعا بكل ثقة تحت راية مولانا صاحب الأمر، ونحارب الرموز التي حاربت رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) ونسقّطها. فنحن كنّا نريد أن نشهد عصرا نتنفس فيه، وأن نجاهر بظلامة الزهراء ونسمي الأشياء بمسمياتها، وأن نبين من ظلم الزهراء، فلم لا تمدون يد العون؟! حيث قالت الزهراء: قاتلوا أئمة الكفر، فينبغي ”كنس“ الرموز الباطلة، فإننا لم نتدخل في ثوراتكم السياسية الحمقاء، فلِمَ التدخل في ثورتنا؟! ولا نريد منكم شيئا إلا تركنا وثورتنا، فإننا نبني مشاريعنا باعتمادنا على المؤمنين، ونحن نحلّكم إن وقعتم في ضيق أن تبرأوا منّا، وقد فعلتم“.
ثم ختم الشيخ كلمته: ”إننا نعلم ما يُحاك ضد هذه الثورة المباركة ضد الظالمين، ونعلم ما يُحاك عند حواشي المراجع، وعند الحكومة البريطانية. إننا لن نسمح لكم أن ترجعونا إلى الوراء بعدما تنفسنا الصعداء، فإننا نريد أن نبذل هذه الرقبة للزهراء عليها السلام، فما شأنك؟! أنا أحذّر من يريد أن يخرّب ما بيننا وبين المراجع الكرام أن لا يجبروننا على توجيه بوصلة الحرب إليهم. من يريد أن يخرّب بيننا وبين المراجع أقول لهم: نجوم السماء أقرب إليكم، فلا تجعلوننا نتوجه إليكم وتعرفون ما نصنع. سيأتي اليوم الذي تتمرد فيه الأمة الإسلامية على أبي بكر لعنه الله، وسيأتي اليوم الذي ستحرر فيه فدك الكبرى. سيأتي اليوم الذي ستسمعون فيه على منابر مكة والمدينة: أشهد أن عليا ولي الله“.