10 شعبان المعظم 1446
في حدثٍ يسلط الضوء على قوة الأفكار في اختراق أعتى الحواجز، وصلت رسالةٌ مُفاجئة إلى مقر منظمة (رافضة) الثقافية التابعة لاتحاد خدام المهدي عليه السلام في "أرض فدك الصغرى"، لكن المرسل هذه المرة لم يكن من النخب الفكرية، بل من زنزانة مُظلمة في سجن "مارتن" الإصلاحي بفلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقضي السجين (C. J) وهي الأحرف الأولى من اسمه؛ يقضي عقوبةً طويلة بسبب انخراطه في تنظيم داعش البكري الإرهابي.
الرسالة تكشف تفاصيل مثيرة عن رحلة تحوُّل السجين الأمريكي من عضوية تنظيم "داعش" الإرهابي إلى داعية للتشيع، بفضل محاضرات الشيخ الحبيب.
كشف (C. J) في رسالته المُفصلة كيف كانت أفكار تنظيم "داعش" تسيطر عليه حيث يقول: «لقد كنت في السابق عضوًا في جماعة إرهابية تسمى داعش، وأنا الآن أدرك أنني كنت مخطئًا تمامًا. لقد كنت أؤمن بأفكارهم المتطرفة وأفكارهم الكارهة للبشرية، ولكن بعد أن تعرفت على تعاليم الشيخ الحبيب، تغيرت حياتي تمامًا. لقد كنت أؤمن بأن داعش تمثل الإسلام الحقيقي، ولكنني الآن أدرك أنهم كانوا بعيدين كل البعد عن الإسلام الصحيح. بعد أن تعرفت على تعاليم الشيخ الحبيب، أدركت أن الإسلام الحقيقي هو دين سلام ومحبة وعدل. لقد كانت هذه التعاليم هي التي أنقذت روحي من الضلال. كانت أفكار وتوقعات هذا الشيخ حاسمة في تحسين فهمي للإسلام الحقيقي. أهم هذه الأفكار كانت قوة قانون السماء (الذي يحمل كل حكمة أو حكم في نقطة واحدة) وسلسلة الفيديو التي توضح كيف تم تزييف الإسلام، والتي كان لدي وصول محدود إليها. بعد مشاهدة هذه السلسلة شعرت وكأن النور قد أضاء في حياتي. أخيرًا، تم الكشف عن الحقيقة الكاملة للإسلام لي».
ولم يكتفِ (C. J) بتحوّله الشخصي، بل حوّل زنزانته إلى منصةٍ لنشر التشيع، حيث يضيف في رسالته: «لقد حاولت مشاركة تعاليم الشيخ الحبيب مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يستمعون؛ لقد تعرفوا على شخصية "سيدة الجنة" التي لم تكن معروفة من قبل. أنا الآن أشارك تعاليم الرافضة وفهمهم للإسلام مع أي شخص يستمع. إن أعظم دليل على صدق هذا الدين هو أنه يعرض نفسه بنفسه ويظهر على مدى الثلاثين عامًا الماضية بشفافيته المتقدمة ومناقشاته الصريحة. لذلك أنا مدين بخلاص روحي الأبدي وخلاص أولئك الذين سيتم تأثرهم بأفعالي لمؤسستكم والعمل الرائع الذي تقومون به».
لم تكن رسالة (C. J) مجرد شكرٍ عابر، بل تضمّنت طلباتٍ عملية تعكس عمق تحوّله. فقد طلب الحصول على كتب الشيخ الحبيب مترجمة للإنجليزية، مثل " الفاحشة الوجه الآخر لعائشة» والتي لم تُنشر إلا بالعربية حتى الآن. كما كشف عن معاناة السجناء الشيعة في الوصول إلى محتوىً ديني موثوق، قائلاً: "البودكاست المتاح هنا يخدم كل الفرق الإسلامية إلا الشيعة.. حتى تطبيق (Edovo) التعليمي يفتقر لمحتوى شيعي معتمد". وأضاف: «هل يمكن أن تتبرعوا بأي كتب لي؟ أو هل هناك أي فرصة للتواصل مع الشيخ ليكون لدينا قوة في إيماننا؟ في الواقع، كتبت هذه الرسالة منذ حوالي عام ونصف ولم أتلق أي رد. الصبر الذي أظهرته في هذه المسألة كان اختبارًا صعبًا، ولكن خلال هذا الوقت كنت أقرأ المطبوعات لفهم الإسلام بشكل أفضل. لقد كان هذا الأمر حاسمًا في تحولي إلى الإسلام الشيعي. إذا كان بإمكانكم التبرع بأي كتب، مع أن المؤسسة الإصلاحية هنا لا تسمح بذلك بسهولة وتقوم بإزالة أي مواد تتعارض مع توجهاتهم. أنا دائمًا أتصرف كمكتبة شيعية هنا».
هذا وقد أرسل مكتب الشيخ الحبيب رسالة جوابية موقعة من مدير المكتب محمد أبو سلطان نقل فيها سرور سماحته البالغ وترحيبه الحار بالأخ الأمريكي أخا في الإسلام والإيمان.
وبعد تهنئته على اكتشافه الإسلام الحقيقي، قال مدير المكتب في جوابه: «إن سماحته يدعو الله تعالى أن يثبتك على هذا الطريق المستقيم، وأن يزيدك علمًا وبصيرة. ويقدِّر الجهود التي تبذلها لتعريف الآخرين بحقيقة الإسلام النقي، وحثهم على نبذ الإرهاب الذي نشره الطغاة الفاسدون من خلال كشف الإسلام المزيف. ويسأل الله تعالى أن يكتب لك عظيم الثواب على هذا السعي المبارك، وأن يجعل جهودك سببًا لهداية المزيد من الناس إلى نور الحق. كما يدعو سماحته الله سبحانه وتعالى أن يعجل بعودتك إلى الحرية قريبًا، وأن يمن عليك بنعمة الاستقرار والنجاح. ويوصيك بأن تتوجه دائمًا إلى إمامنا الحجة المهدي عليه السلام، وتخاطبه بثقة وإيمان، فهو يسمعك ويراك. وببركته، ستنال حريتك من جديد، وستصبح إن شاء الله إنسانًا ناجحًا ومرموقًا في مجتمعك».
ليست قصة (C. J) الأولى من نوعها. ففي سنة 2010، أرسل شابٌ من حائل بالجزيرة المحمدية رسالة إلكترونية لموقع "القطرة" يحكي فيها كيف تحوّل من مقاتلٍ في تنظيم القاعدة بالعراق إلى شيعيٍ رافضي بفضل محاضرات الشيخ الحبيب. كما جاء في الرسالة المنشورة بعنوان: "بفضل الله ثم بفضل محاضراتكم تشيعت بعدما كنت إرهابيا في تنظيم القاعدة».
وهكذا استطاع الشيخ الحبيب بتوفيق من الله اختراق أكثر البيئات تطرفا وعداوة للتشيع، ووصل تأثيره حتى إلى أعماق السجون في الغرب منتشلا الأفراد من من براثن الانضمام للتنظيمات البكرية الإرهابية إلى نور الإسلام الحقيقي واتباع محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام.
ويؤمن سماحته بأن مستقبل العالم هو الإسلام والتشيع والرفض، لكنه يلوم الشيعة على تقاعسهم وتثاقلهم عن العمل وتوفير المزيد من الإمكانات البشرية والمادية لتحقيق هذه الغاية المثلى، والتي لو توفرت لحققت إنجازات عالمية أعظم مما تحقق حتى الآن.
وفي سياق متصل، لا يزال الشيخ الحبيب منقطعا عن جلساته البحثية والحضور العملي في أرض فدك الصغرى، حيث آثر الانصراف إلى التحقيق والتأليف لحين قيام الوطن المهدوي، الأمر الذي أدى إلى إحساس جمهور الرافضة بفراغ كبير إثر غياب سماحته.
وبينما تُعلّق منظمة (رافضة) آمالها على رسائل مثل رسالة (C. J) كـ"انتصارات لافتة» في معركة الأفكار والتغلغل الإيماني الثقافي في البلاد الغربية، تظل الأسئلة ملحّة: هل ستنجح المنظمة في تعميم نموذجها وتلوين مساحات أكبر في الغرب بلون التشيع والرفض؟ وهل سيعود الشيخ الحبيب لقيادة المرحلة الجديدة على الرغم من اشتراطاته الصعبة والمكلفة؟
الأمر الوحيد المؤكد هو أن رسالةً من زنزانةٍ بسجن إصلاحي في فلوريدا، كفيلةٌ بإثبات أن نور آل البيت عليهم السلام لا تحده الحدود ولا تحبسه القضبان.
لمشاهدة التقرير الخبري: